من حسنات المشروع الجديد لقناة السويس، إنشاء مزارع سمكية بمساحات كبيرة لتغطي جانباً من عجز البروتين السمكي.. وهذه المزارع ستكون غير بعيدة عن بحيرة المنزلة التي كانت مساحتها قبل عام 1952 تتراوح بين 410 آلاف و407 آلاف فدان.. ولكنها أخذت في التناقص حتي أصبحت عام 52 حوالي 345 ألف فدان.. ويقال ان المساحة الآن أقل من 170 ألف فدان.. والسبب تجفيف شواطئها واستصلاحها للزراعة.. سواء بمعرفة الحكومة عن طريق طلمبات أولاد حمام وطلمبات السرو.. أو بمعرفة الأهالي.. كما ساءت حالة مياه البحيرة، التي كانت- زمان- مياهاً حلوة عندما كان يمر بها أكثر من فرع من فروع الدلتا، القديمة.. ودليلنا هو قاع هذه البحيرة.. الذي أغلبه من الطمي والطين والرمال.. وبمرور الزمن صارت مياه البحيرة مالحة خصوصاً بجوار مناطق البواغيز التي تصلها بالبحر المتوسط.. أو مياهاً بين بين بجوار المناطق التي تصب فيها المصارف، سواء من الصرف الزراعي أو الصحي. وانهارت أسماك بحيرة المنزلة- كماً ونوعاً- والمجرم الحقيقي هنا المسئول عن تلويث البحيرة هو مصارف بحر البقر وحادوس ورمسيس والسرو وأبوجريدة وفارسكور.. وهي محملة بمياه الصرف الصحي غير المعالج من محافظاتالشرقية والدقهلية والقاهرة والقليوبية والإسماعيلية.. مع ضعف حركة المياه بالبحيرة.. بسبب تآكل البواغيز. ولأسباب عديدة انهار انتاج البحيرة من الأسماك وأتذكر تنوع أسماكها أيام كنا نذهب للصيد علي أطراف البحيرة من منطقة غيط النصاري ومنطقة شطا بجوار مدينة دمياط.. كانت غنية بكل أنواع العائلة البورية التي تنسب إلي جزيرة بورة في وسط البحيرة ومنها: الجرانة والطوبارة والبوري نفسه، والسهلية، وكذلك بوري المياه العذبة. وكانت البحيرة غنية بأسماك القاروص والوقار والدنيس وهي أفضل أنواع الأسماك مع سمك موسي «الغطيان» وتليها في الجودة أسماك اللوت والبياض وقشر البيض، ثم الشيلان، والقراميط، والبني، والشفش أما أنواع البلطي- ويطلق عليها الدمايطة وأبناء بورسعيد «الشبار» فهي كثيرة، منها الصغير والمتوسط والكبير.. والأبيض والأخضر.. والأخضر المائل للحمرة، منها ما يصلح مشوياً.. ومقلياً أو صينية بالطماطم.. والكبير يصلح لعمل الصيادية.. أو الشوربة البيضاء «مستكة وشيبة» ومنها نوع صغير يسميه الدمايطة «الشر» بكسر الشين ويفضلون أكله عندما يكون مبطرخاً أو مليئاً بالبطارخ.. وحجم الواحدة لا يصل إلي خمسة سنتيمترات ويباع الكيلو بأكثر من 40 جنيهاً.. بينما سعر البوري الممتاز يدور حول 30 جنيهاً. والأسماك- في موسم التفريخ- تخرج من البحيرة إلي البحر المتوسط لتنفض بطاريخها وعندما يتحول إلي زريعة أي أسماك إصبعية تعود الأمهات إلي البحيرة.. ومعها صغارها.. وأفضل وقت لصيدها عندما تخرج من البحيرة عبر البواغيز وهي مبطرخة.. طمعاً في بطارخها التي يباع الكيلو منها الآن بأكثر من 500 جنيه.. أو وهي تعود مع صغارها لتنمو داخل البحيرة ولكن هذه المرة الهدف هو «صغارها» أي الزريعة التي تباع الملعقة أو «المغرفة» بالشيء الفلاني. المهم بعد أن قتلنا البحيرة سواء بالتقلص أو بالصرف نحاول أن نعوض ما فقدناه من أسماك البحيرة.. نحاول انشاء مزارع صناعية للأسماك حول حواف البحيرة.. وحول غيرها، وبذلك انتشرت المزارع السمكية حول البحيرات، وفي مجري النيل عند دمياط ورشيد.. ولم يعد المهتمون بهذه الثروة يكتفون بزراعة أسماك البلطي.. بل منهم الآن من يزرع ويربي أسماك البوري والدنيس والقروص، وهؤلاء من هواة تصدير هذه الأصناف الممتازة.. المطلوبة في أسواق أوروبا، وبالذات إيطاليا وفرنسا. والمصري عموماً يعشق البلطي.. وان كنت أعشق أسماك المياه المالحة وأفضل القاروص علي الوقار.. والدنيس هذه السمكة النظيفة، وبالمناسبة كلما زاد حجم بطن السمكة كان هذا دليلاً علي عدم جودة لحمها.. لأنها تأكل كل ما تجده، علي عكس الدنيس تلك السمكة «النزيهة» وأفضل الجرانة علي البوري كبير الحجم، ولذلك يباع سعر «السهلية» بضعف سعر البوري الكبير رغم صغر حجم سمكة السهلية التي يعود أصلها إلي شمال خليج السويس، وبعد فتح القناة أيام «إسماعيل»، دخلت السهلية إلي البحيرات المُرة وبحيرة التمساح.. ثم تقدمت إلي البحر المتوسط شمالاً. وأقول لهواة الأسماك: الحجم الصغير أفضل، بدليل انه أغلي ولذلك فإن سعر البربوني السويسي.. أو الحجري الأحمر صغير الحجم ألذ من الحجم الكبير من نفس البربوني. هنا أتمني علي من سيدير المزارع السمكية الجديدة أن يختار الأصناف الجيدة مثل الدنيس والقاروص والوقار.. والجمبري.. إيه رأيكم.