ستظل بورصة النيل مثاراً للجدل بين المستثمرين إلى أن تفرض الشركات المقيدة بها قوتها على سوق الأوراق المالية، بأنها شركات ذات مركز مالى قوى، ووزن ثقيل فى السوق الرئيسى مثلها مثل الشركات الكبرى فى السوق. بورصة النيل التى تضم 16 ورقة مالية من الشركات الصغيرة والمتوسطة لاتزال غير مقنعة لبعض المستثمرين وتواجه انتقادات بالجملة، تتمثل فى أن إدارة البورصة تتجاهل مبدأ المساواة بينها والشركات المتداولة بالسوق الرئيسى، ولا تشدد الرقابة على أسهمها. بعض المستثمرين يعتبرون أن بورصة النيل «فتى مدلل لرئيس البورصة»، وبالتالى نادراً ما يتم إيقاف التعامل على أسهم الورقة المالية التى تشهد صعوداً كبيراً، خاصة أن أسهمها شهدت فى الجلسات الماضية نشاطاً، وصعوداً كبيراً، وهو أمر لم يرض عدداً من المستثمرين، معتبرين ذلك الارتفاع مضاربات وتلاعبات على هذه الأسهم، والبورصة لم تقم بالدور الرقابى المطلوب، وهى الاتهامات والانتقادات التى رفضتها مصادر خاصة ل«الوفد» بالبورصة جملة وتفصيلاً، معتبرة إياها اتهامات ظالمة ولا أساس لها من الصحة، إذ إن إدارة البورصة بحسب المصادر تقوم بنفس الدور المتبع فى السوق الرئيسية، وتتخذ كافة الإجراءات الضرورية نحو شركات بورصة النيل، من استفسارات فى حالة الارتفاعات غير المبررة، وكذلك إلغاء عمليات واتخاذ إجراءات قانونية ضد الشركات المخالفة، وأنها لا تكيل بمكيالين فى اتخاذ الإجراءات ضد المتجاوزين. الدكتور محمد عمران، رئيس البورصة، الذى وصفها بأنها المارد القادم فى الاقتصاد، وبالتالى قام بزيادة فترة التداول والعمل على تطوير السوق يعتبر دائماً أن بورصة النيل هى الحضانة التى ستساهم فى تحويل الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى كيانات عملاقة فى المستقبل لتخدم الاقتصاد الوطنى. إذن المراقب لحركة مؤشرات السوق الثلاثة والتى تضم المؤشر الثلاثينى والسبعينى ومؤشر المائة وبمقارنة أداء هذه المؤشرات بحركة مؤشر بورصة النيل يتبين أن الارتفاع الذى شهدته الأسهم ببورصة النيل فى الجلسات الماضية أمر طبيعى، فى ظل رغبة عدد من المستثمرين استثمار جزء من محافظهم المالية بهذه السوق الذى لم يشهد نمواً منذ بداية العام، والبعض الآخر، أراد أن يعوض خسائره التى تكبدها فى الشركات المقيدة بالسوق الرئيسية بالتعامل على أسهم شركات بورصة النيل. وبتحليل مؤشرات السوق يتكشف أن المؤشر الرئيسى إيجى إكس 30 حقق منذ بداية العام حتى الآن مكاسب بلغت نحو 2900 نقطة تعادل نسبة 43٪ إذ كانت مستويات المؤشر مع مطلع العام 6811 نقطة ووصل حتى جلسة الخميس الماضى إلى مستوى 9728 نقطة، والأمر نفسه بالنسبة للمؤشر السبعينى الذى سجل هو الآخر نمواً بلغ 74 نقطة بنسبة 13.5٪، حيث بدأ العام على مستوى 549 نقطة ووصل إلى مستوى 623 نقطة، ومؤشر المائة الذى يضم شركات الثلاثينى والسبعينى حقق مكاسب بلغت نحو 211 نقطة تعادل نمو 22.6٪، إذ كان مستواه مع مطلع العام 932 نقطة ووصل إلى 1143 نقطة. وبتحليل مؤشر بورصة النيل يتبين أنه الوحيد الذى لم يحقق نمواً أو مكاسب، بل حقق تراجعاً بلغ نحو 293 نقطة تعادل نسبة تراجع 25.3٪، إذ بدأ المؤشر مطلع عام 2014 على مستوى 1158 نقطة ووصل إلى مستوى 865 نقطة فى الجلسات الماضية. سألت الدكتور معتصم الشهيدى، خبير أسواق المال، حول سبب نشاط سوق بورصة النيل خلال الجلسات الماضية وارتفاع أسهم شركاته، أجابنى قائلاً: إن بعض المستثمرين وجدوا ضالتهم فى شركات بورصة النيل فى محاولة منهم لتعويض جزء من خسائرهم التى تكبدوها فى السوق الرئيسى، وكذلك اقتناع البعض الآخر بأن أسهم مؤشر الثلاثينى والسبعينى وصلت إلى مستويات عالية من الأسعار، لا تتطلب المغامرة والشراء. مؤشر بورصة النيل الوحيد الذى سجل تراجعاً منذ بداية العام بنسبة تجاوزت 25٪ وبالتالى فإن إقبال المستثمرين على أسهم السوق أمر طبيعى، إذ يرى البعض أن هناك فرصاً استثمارية فى أسهم السوق، بحسب الشهيدى. إذن بعد الارتفاعات التى شهدها المؤشر الرئيسى للبورصة خلال العام الماضى بدعم من التطورات السياسية المتلاحقة والتطور الاقتصادى الواضح وفقاً لتحليل محمد النجار، خبير أسواق المال، جاءت بورصة النيل مخالفة لأدداء تلك المؤشرات ففى الوقت الذى ارتفع فيه المؤشر الرئيسى مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة إلا أن مؤشر بورصة النيل شهد بمفرده انخفاضاً، رغم محاولته الارتفاع مدعوماً بالارتفاعات المتتالية فى المؤشرات الرئيسية لسوق المال إلا أن تلك الارتفاعات لم تشفع له بدعم المستثمرين خلال الفترة لأسباب عديدة منها الفنية ومنها الاقتصادية ومنها المالية. وتابع أن المؤشرات المالية للشركات لم تبعث بعد على استقرار تلك الشركات فمضاعفات ربحيتها لاتزال مرتفعة، ولاتزال عملياتها التمويلية تواجه المزيد من التقلبات من ناحية وعدم الثقة من القطاعات المالية من ناحية أخرى، كما أن هياكلها الإدارية لاتزال هياكل عائلية وتعتمد بصفة شخصية على خبراتها القديمة بدون اللجوء إلى توسعاتها فى استقطاب الخبرات الأخرى. وعلى المستوى الاقتصادى، بحسب النجار، فلاتزال تلك الشركات تعتمد على أسواقها منفردة بدون الدخول فى شركات واضحة المعالم مع شركات كبيرة تتفاعل معها كما أن أسواقها لاتزال أسواقاً محلية بنسبة كبيرة لم تتطرق بعد إلى توسعاتها الإقليمية أو حتى المحلية داخل حدود البلاد، كما أنه على المستوى الفنى فلاتزال البورصة تركز فى التعامل معها على أنها سوق أصغر للسوق الكبيرة فى البورصة المصرية ولا تعتمد على جذبها للاستثمارات الجديدة الداعمة للسوق، لذا فإن أى ارتفاعات فى بورصة النيل لا تعدو كونها محاولة للحفاظ على مستوياتها مع ارتفاعات السوق. شريحة من المستثمرين أصبحوا فى موقف لا يحسدون عليه بعدما فقدوا أموالهم، وكذلك عدم المغامرة بالاستثمار فى أسهم ارتفعت بنسب كبيرة وهو ما يجعل الوضع مخاطرة استثمارية يقول عمرو صابر، محلل أسواق المال، إن هذه الشريحة اضطرت إلى الدخول فى أسهم بورصة النيل والتى تحظى بقلة عدد أسهم الشركات المدرجة بها مما يجعلها من السهولة أن ترتفع بسيولة قليلة. كما أن معظم تلك الشركات، وفقاً ل«صابر»، اتجهت إلى التوسع من خلال البورصة وبعضها يسير فى إجراءات زيادة رأسمال شركته من خلال البورصة، رغم أنها شركات صغيرة إلا أنها قد يكون لها مستقبل جيد على أن تشهد رقابة صارمة وأن تلتزم مجالس إدارات تلك الشركات بالقوانين المنظمة لسوق المال، بالإضافة إلى أن هناك عدداً كبيراً من تلك الأسهم قد حقق ارتفاعات قياسية فى بداية العام الجارى، وخاصة تحققت تلك الارتفاعات عند بداية الإدراج ومن ضمنها سهم الدولية للثلج الجاف، الذى يعد أهم الألغاز الذى يتطلب من إدارة البورصة القيام بالإجراءات اللازمة للحفاظ على أموال المتعاملين فى السوق، إذا ما كان السهم يحتوى على أخبار جوهرية تؤثر على حركة السهم من عدمه. إذن وجدت تلك الشريحة من المتعاملين فى بورصة النيل الأمل الذى قد تتحقق من خلاله الأرباح التى لم تصبهم فى ظل الارتفاع الصاروخى للمؤشر الرئيسى فى فترة قصيرة وبعدد قليل من الأسهم، هكذا قال صابر.