مصدر مطلع: لا صحة لما تتداوله بعض المواقع الإلكترونية بشأن التعديلات الوزارية    اليوم.. "ثقافة الشيوخ" تفتح ملف إحياء متحف فن الزجاج والنحت بالجيزة    ارتفاع أسعار الأرز والمكرونة وانخفاض العدس اليوم الاثنين بالأسواق (موقع رسمي)    التنمية المحلية: تنفيذ 5130 مشروعا بالصعيد باستثمارات بلغت 22 مليار جنيه    الخضروات ترتفع ب31.9% على أساس سنوي خلال مايو الماضي.. وتتراجع ب8.7% على اساس شهري    أمريكا تقترب من التغلب على الصين كأكبر سوق تصديري لكوريا الجنوبية لأول مرة منذ 22 عاما    بعد دراسة أبو هشيمة.. رئيس الشيوخ يوجه كافة لجان المجلس بدراسة الذكاء الاصطناعي وتأثيره على كل المجالات    وزير الخارجية الأمريكي يصل مصر لبحث وقف إطلاق النار في غزة    وزير المالية الإسرائيلى: التوصل لاتفاق مع حركة حماس "انتحار جماعي"    صحة غزة: استشهاد 40 شخصا وإصابة 218 آخرين خلال ال24 ساعة الأخيرة    يمين الوسط في الاتحاد الأوروبي يحتفل بفوزه في انتخابات البرلمان الأوروبي    تمهيدا لقصفها.. رسالة نصية تطلب من أهالي بلدة البازورية اللبنانية إخلاء منازلهم    قرار عاجل من ريال مدريد بعدم المشاركة في كأس العالم للأندية 2025    أمن المنيا: لا شبهة جنائية في انفجار أنبوبة بقرية الجندية    تأجيل محاكمة 8 متهمين بقتل شخص لخلافات تجارة المخدرات بالخانكة لأغسطس المقبل    "ربطتها في باب الحمام وهي ميتة وعملت علاقة أكثر من مرة".. اعترافات سفاح التجمع عن "أميرة"    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يعمق عملياته العسكرية شمال مدينة رفح الفلسطينية    أمين الفتوى يكشف فضل وثواب العشر الأوائل من ذي الحجة.. فيديو    "أسترازينيكا مصر" تواصل فعاليات مبادراتها لمكافحة السرطان في أفريقيا    تحمي من أمراض مزمنة- 9 فواكه صيفية قليلة السكر    "التلاعب والانتهاك".. رئيس مكافحة المنشطات يكشف مفاجأة بشأن إيقاف رمضان صبحي 4 سنوات    "أتمنى ديانج".. تعليق قوي من عضو مجلس الزمالك بشأن عودة إمام عاشور    غرفة صناعة الحبوب: المطاحن تمد المخابز بحصة كبيرة من الدقيق لاستمرار الانتاج بعيد الأضحى    علاقات تاريخية.. تفاصيل مشاركة وزيرة الهجرة في الاحتفال بالعيد القومي لإيطاليا    يوم الصحفي المصري "في المساء مع قصواء" بمشاركة قيادات "الاستعلامات" و"الصحفيين" و"الحوار الوطني" و"المتحدة"    التعليم العالي تعلن تحديث قواعد قبول طلاب الثانوية العامة والشهادات المعادلة في الجامعات للعام 2024/2025    ابني كان داخل انتخابات مجلس الشعب وقلم عمرو دياب دمره.. والد سعد أسامة يكشف التفاصيل    ضياء رشوان: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسحقنا    فنانون حجزوا مقاعدهم في دراما رمضان 2025.. أحمد مكي يبتعد عن الكوميديا    دعوة ضد التنمر، عرض مسرحية غنائية للأطفال على خشبة قصر ثقافة بورسعيد (صور)    فيديو ل مدرس الجيولوجيا يثير الجدل.. والأمن يتخذ قرارا عاجلا في الواقعة    زادت 100%.. طلب إحاطة بشأن زيادة مصروفات المدارس الخاصة    الأنبا أبرام: شعب الفيوم مضياف ولدي أصدقاء مسلمين يبادرون بالسؤال عني    أبو الوفا: اقتربنا من إنهاء أزمة مستحقات فيتوريا    لمواليد «برج الجدي».. اعرف حظك هذا الأسبوع    وزير الحج والعمرة: المملكة تواصل جهودها لخدمة ضيوف الرحمن خلال موسم الحج    في موسم امتحانات الثانوية العامة 2024.. أفضل الأدعية رددها الآن للتسهيل في المذاكرة    الفنان أيمن قنديل أمام لجنة الأورمان بالدقي للاطمئنان على نجله    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    الدفاعات الجوية الروسية: تدمير 4 مسيرات أوكرانية فوق مقاطعة بريانسك    وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من مجموعة جنوب إفريقيا للتنمية «SADC»    أخبار الأهلي : ميدو: مصطفى شوبير هيلعب أساسي على الشناوي و"هو ماسك سيجار"    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف لأربع سنوات حال إثبات مخالفته للقواعد    لميس الحديدي تعلن عن إصابتها بالسرطان    «الصحة»: خدمات كشف وعلاج ل10 آلاف حاج مصري من خلال 24 عيادة في مكة والمدينة    بعد قليل، الحكم في طعن شيرى هانم وابنتها زمردة على حكم سجنهما 5 سنوات    مناسك (4).. يوم التروية والاستعداد لأداء ركن الحج الأعظم    هل الغش في الامتحان يبطل الصوم؟.. «الإفتاء» توضح    منتخب الارجنتين يفوز على الإكوادور بهدف وحيد بمباراة ودية تحضيراً لبطولة كوبا امريكا    جالانت يتجاهل جانتس بعد استقالته من الحكومة.. ما رأي نتنياهو؟    حياة كريمة .. جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    الخشت: قافلة الجيزة الطبية استكمال لجهود الجامعة ومشاركتها للتحالف الوطني    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    الفلسطيني أمير العملة يتوج بذهبية بطولة العالم بلعبة "المواي تاي"    تركي آل الشيخ يعلن مفاجأة عن فيلم ولاد رزق ويوجه رسالة لعمرو أديب    نتائج أولية: حزب الشعب يتصدر انتخابات البرلمان الأوروبى بحصوله على 181 مقعدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى الفقي يكتب : العرب والحرب على الإرهاب
نشر في الوفد يوم 23 - 09 - 2014

لم تجد كلمة في القاموس السياسي المعاصر درجة من الغموض - خصوصاً في المناطق الملتهبة - مثلما هو الأمر بالنسبة الى كلمة «الإرهاب» ونعرض شيئاً من تصورنا في هذا السياق:
أولاً: إن العمل الإرهابي هو رسالة عشوائية من مصدر مجهول تجاه هدف محدد وهو تعبير عن غياب التكافؤ في القوى بين طرفين، إن العمل الإرهابي في خسّته ونذالته يشبه صراع «الفأر» مع «الفيل»، فالقوى غير متكافئة وليس أمام «الفأر» إلا أن يعض «الفيل» ولو في قدمه ثم يفر بعيداً، وهنا يجب أن نفرق بين «الإرهاب» و «الجريمة المنظمة»، وقد أتاحت لي فترة عملي سفيراً ومندوباً لمصر في مقر الأمم المتحدة في «فيينا» أن أتابع عن قرب تطور التعريفات المتعددة ل «الإرهاب»، والاختلاف بينها وبين أشكال «الجريمة المنظمة»، فكلاهما نوع من اللجوء الى العنف واستباحة الدماء التي تكون بريئة في الغالب، وهنا لنا ملاحظتان:
أ‌- إن اختلاط مفهوم «الإرهاب» - عمداً - بالكفاح المسلح من أجل التحرر الوطني هو احدى أكبر جرائم العصر لأنه يستهدف الخلط المتعمد بين أصحاب القضايا وهواة الجريمة، ولقد عانى «الكفاح الفلسطيني» في العقود الأخيرة من ذلك حيث عمدت «إسرائيل» إلى دمغ «المقاومة الفلسطينية» ب «الإرهاب» وهو ما يعتبر إساءة بالغة الى دماء الشهداء عبر مراحل تاريخ النضال المختلفة.
ب- إن صاحب القضية العادلة الذي يلجأ إلى «الإرهاب» إنما يقوم بالتفريط في حقوقه ويضع نفسه في سلة واحدة مع «الإرهاب الإجرامي العشوائي»، فالكفاح المسلح له شروطه، أما التعبير عن الرأي بالسلاح فهو أمر غير مفهوم يعكس الرغبة في العنف وشهوة رؤية الدماء!
إن «إرهاب العصر» يمثل نموذجاً للجرائم التي تبدو أصداؤها ذات تأثير بالغ في حياة الآمنين والأبرياء، ولكنها تعكس في الوقت ذاته ضرورة اتخاذ الإجراءات الوقائية على المستوى الدولي من خلال تعريف محدد وواضح لا يسمح بالخلط أو المغالطة، وليكن ذلك من خلال مؤتمر دولي مثل الذي دعا إليه العاهل السعودي.
ثانياً: يواجه العرب بل والعالم كله تحدياً جديداً يعيد إلى الأذهان رائحة العصور الوسطى بما كان فيها من مجازر ومذابح وما عرفته من خروقات مشهودة لحقوق الإنسان وعدوانه على الحريات من جماعات مارقة ترتدي رداء الدين وترفع شعارات هي أبعد ما تكون عن روح الإسلام العظيم، إننا أمام ردة حضارية وإنسانية لا تبشر بالخير، فمن الذي أطلق «داعش» على الإسلام والمسلمين؟ ومن الذي شجع الإرهاب لترويع الآمنين وفرض «التهجير القسري» على أبناء الأوطان بذريعة الاختلاف في العقيدة الدينية؟ إن علينا في هذه الحالة أن نسعى إلى التعرف على المستفيد من ذلك الذي يجري... إن طائرات الولايات المتحدة الأميركية وصواريخها ستعود الى المنطقة من جديد – وهي لم تتركها أصلاً – وإسرائيل هي الرابح الأكبر والمستفيد الأول الذي يراقب المشهد عن بعد ويرصد نتائجه التي تتمثل في إضعاف جيرانها وتدمير إمكانات العرب وتشويه صورة الإسلام. والمؤلم حقاً أن الذي ينفذ ذلك المخطط الخبيث هم فئة منا خرجت علينا وأساءت إلينا وجعلتنا ندفع الثمن مرتين، الأولى في ما ينالنا على أرضنا من تدمير وخراب، والثانية مما يصيبنا من تشويه أمام الآخر ويجعلنا موضع نبذ دولي على غير أساس. ألسنا نحن المطاردين في المطارات والواقفين في طوابير التأشيرات، والمتهمين عند حدوث التفجيرات؟! ألا نشعر جميعاً كمسلمين وعرب بأن أصابع الاتهام تتجه إلينا بمبرر وبغير مبرر على رغم أننا نحارب الإرهاب على أرضنا ونواجه جحافل «الخوارج» بين أقطارنا. والمدهش في الأمر أن الغرب يدرك ذلك ولكنه لا يتورّع عن توجيه اللائمة الينا، مع محاولة تمزيق صفوفنا وتشتيت جهودنا والعبث بمقدراتنا، لقد جاء وقت الصحوة الحقيقية والإفاقة الدائمة، فالمشهد لا يحتمل استمرار نزيف الدم على أرض العرب.
ثالثاً: لم تتعرض ديانة في التاريخ الإنساني كله للاستهداف والتشويه مثلما يتعرض «الإسلام» في العقود الأخيرة، إذ إن هناك من يتربص به ويعاديه من الأعماق ويعتمد في ذلك على أساليب خبيثة هي:
أ- محاولات تأويل النصوص الدينية الكريمة بما يخدم أهداف التشدد ومبررات العنف بل وغايات الإرهاب، ولقد برع في ذلك الكثيرون من أعداء الإسلام سواء عن قصد أو نقص في الفهم أو جهل بجوهر الدين وشريعته السمحاء.
ب- خروج فئات ضالّة من بين صفوف المسلمين جرى تجنيدها - بوعي أو بغير وعي - للنيل من «الإسلام» وطعنه في مقتل بتشويه صورته وتحويله أمام العالم وكأنه المسؤول عن عمليات «الذبح» و «الرجم» و «ترويع الأبرياء» و «تهجير الآمنين» في مشهد يفوق كثيراً مجازر العصور الوسطى والمآسي التي تعرضت لها الإنسانية في أزمنة ما قبل الحضارات والسابقة على تنامي حقوق الإنسان وظهور الدولة الحديثة.
ج- رغبة دفينة لدى بعض الجماعات البشرية التي تعيش في أجواء الحروب الدينية وتقسم البشر وفقاً لمعتقداتهم الروحية، وهو أمر كنَّا نتصور أننا قد تجاوزناه وأنه قد عفا عليه الزمن، ولكن يبدو أن هناك من لا ينسى وهناك أيضاً من لا يغفر!
د- شيوع الجهل وانتشار الخرافة وانخفاض المستوى الثقافي وتراجع الفكر المتقدم أمام جحافل الظلام التي تملك قوة القتل والانتقام وترفع «الرايات السود» من دون مبالاة بنزيف الدماء!
ه- إن هناك نوعاً من «العمالة غير المباشرة» حيث يجرى تجنيد بعض الشباب بدافع العقيدة ليقوموا بأعمال تخدم أعداءهم وتصب في خانة معادية للإسلام الحقيقي بحيث يحصد أعداؤه فائدة كبيرة من تشويه دين سماوي حنيف على يد أبنائه قبل غيرهم!
رابعاً: يعتبر نظام الحكم في أي دولة مؤشراً كاشفاً عن حاضرها ومستقبلها، «فالحكم الرشيد» يقف على أعمدة ثابتة من الاستقرار الناجم عن القبول العام بنظام الحكم وتركيبة السلطة والمناخ الذي يسود العلاقة بين الأفراد والدولة ويحدد في النهاية مدى حيوية النظام السياسي ودرجة تقبله، ونحن نريد هنا أن نرد على نظرية تزعم أن ظهور «داعش» وربما «القاعدة» أيضاً قبلها إنما يرجع إلى غياب «الديموقراطية» في دول المنطقة، وذلك في ظني تفسير جزئي للحقيقة، إذ إننا شهدنا «الإرهاب» يعصف بدول كثيرة لأسباب أخرى يكاد يكون معظمها منطلقاً من رغبة في التغيير نتيجة تطلع الى السلطة وبدافع من شهوة الحكم، ولكن الأمر الخطير الذي يميز معظم الحركات الجهادية في المنطقة هو أنها تستخدم الدين ستاراً وتلوذ به كغطاء لها في مواجهة الشعوب والمجتمعات لأنها تدرك أن «الدين» متجذر في هذه المنطقة كما أن معظم الأفكار التي انطلقت منها كانت ذات طابع ديني في غالبيتها أو اعتمدت على تأثير «الإسلام» في نفوس أتباعه، فجاءت تلك الحركات التي تلجأ إلى العنف وهي تضع على رأسها «عمامة الإسلام» وتتستر به وقد تكون تصرفاتها وممارساتها على النقيض مما تبديه في الظاهر وتعلنه على الناس. فالجماعات الإرهابية في أعقد صورها تبدو وكأنها تمثل توجهاً سلفياً يعود إلى «فجر الإسلام» و «ضحاه» معتمدين على ذاكرة قومية ما زالت تتذكر أن «السنوسية» حاربت من أجل تحرير «ليبيا»، وأن «المهدية» ناضلت في «السودان»، كما أن «الوهابية» ظلت إطاراً فكرياً لتفسير صحيح الإسلام في أنحاء «الجزيرة العربية» بعيداً مما لحق به من افتراءات وادعاءات بل وخزعبلات! إننا أمام مشهد جديد يجعلنا نتأمل العلاقة بين نظم الحكم في جانب وتنامي ظاهرة «الإرهاب» في جانب آخر لكي نجد أن التفسير لا يزال جزئياً وليس كاملاً.
... هذه ملاحظات تدور حول قضية القضايا في هذا العصر نستعرضها مع شعور عميق بضرورة الوعي بكل ما يدور حولنا وما ينتظر مستقبلنا بكل ما فيه من معاناة وتحديات وانكسارات.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.