جاء مهرجان الإسكندرية السينمائي هذا العام جيدا الي حد كبير، وقد تخلص المهرجان من الكثير من أخطائه السابقة خاصة في مسألة التنظيم والإعاشة، وتغيير مواعيد الندوات وعروض الأفلام. فقد تمكن القائمون علي المهرجان وأخص منهم رئيس المهرجان الناقد أمين أباظة والأمين العام الصحفي والناقد محمد قناوي من تجاوز تلك الأخطاء، وكان حفل الافتتاح جيدا باستثناء طول مدة العرض المسرحي، مما لا يناسب حفل افتتاح مهرجان سينمائي، غير أن حضور نخبة كبيرة من الفنانين علي رأسهم ليلي علوي ويسرا وإلهام شاهين ومحمود ياسين ونخبة من النجوم الكبار أعطي مذاقا خاصا للافتتاح في حضور محافظ الإسكندرية، أما المكرمون هذا العام فكانوا نجوما بحق تألق بهم حفل الافتتاح.. وعلي رأسهم النجم الكبير نور الشريف، الذي حملت الدورة الثلاثون لمهرجان الإسكندرية اسمه تكريما له وكذلك نجمة الجماهير المتألقة دوما نادية الجندي، والمخرج الكبير داوود عبدالسيد، وكانت المفاجأة في تكريم الفنان محمد منير عن أعماله السينمائية.. وقد تأثر الحضور بدموعه الصادقة لحظة التكريم. وكانت مطبوعات المهرجان عن النجوم المكرمين إضافة أخري، فقد حفلت سيرة أعمالهم ومسيرتهم الفنية وقد أعدها متخصصون علي رأسهم الكاتبة الصحفية ناهد صلاح التي أعدت كتابا يعتبر مرجعا عن أعمال محمد منير السينمائية. ولعل المشكلة التي واجهت المهرجان من قبل افتتاحه هي فيلم «ڤيلا ثوما» وهو من إخراج مخرجة فلسطينية من عرب 1948، وقد هاجم البعض هذا الاختيار للفيلم الذي كان من المفروض أنه فيلم الافتتاح مما جعل إدارة المهرجان تقوم بتغييره.. باعتبار أن الفيلم ممول من إسرائيل.. وهي مسألة قابلة للنقاش وتتطلب نظرة أخري لعرب 1948 في إسرائيل.. وهو نفس ما قاله الفنان الكبير نور الشريف في ندوته وهذا الآن يحمل تجاهلا وظلما للفنانين الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية، فهم في النهاية عرب رغم حصولهم القسري علي الجنسية الإسرائيلية ولا ذنب لهم في ذلك. ويتميز مهرجان هذا العام أيضا بإقامة مسابقة للأفلام التسجيلية لشباب الإسكندرية وقدمت جوائزها في حفل الافتتاح وهو اتجاه محمود لتشجيع المواهب السكندرية الشابة خاصة وأن المهرجان هو مهرجان الإسكندرية السينمائي، وأتمني أن يستمر ذلك التوجه في السنوات القادمة. وكانت ندوة الفنان نور الشريف هي حدث المهرجان بحق، والتي حضرها عشرات الفنانين ممن زاملوا وشاركوا نور الشريف أفلامه السينمائية ومسرحياته ومسلسلاته.. فكانت مظاهرة حب لم أشهدها في أي ندوة لتكريم فنان وهي تؤكد مدي الحب الذي يتمتع به نور الشريف من محبيه، وخلالها غلبت دموع نور للحفاوة التي قوبل بها لدرجة البكاء مما جعل الكثير من الفنانين يصعدون للمنصة لعناق نور وتقبيله. وكشف «نور» الكثير في الندوة عن رحلته الفنية وبداياته وأصحاب الفضل في اكتشاف نجوميته وكانت شهادات الحاضرين ليست فقط عن فن نور الشريف بل وأيضا عن مواقفه الوطنية والإنسانية.. وما أرجوه أن تتحول الندوة بكل ما فيها الي كتاب يحمل شهادات الجميع وأن تتولي جمعية كتاب ونقاد السينما طباعة ذلك الكتاب. كما كانت ندوة الفنانة نادية الجندي أيضا حافلة بمظاهر الحب وهي تسرد بدايات مشوارها الفني خاصة أنها ابنة الإسكندرية وكيف بدأت رحلتها الفنية في سن مبكرة وتحملت الكثير من الصعاب حتي أصبحت نجمة الجماهير. كما غلبت النقاشات الفنية علي أعمال المخرج الكبير داوود عبدالسيد في ندوته. وفي النهاية لا يسعني سوي توجيه الشكر لجمعية كتاب ونقاد السينما التي تولت المهرجان خاصة من شاركوا في اختيار الأفلام وتنظيم المهرجان حتي خرج بتلك الصورة المشرفة.