هل تذكرون أو تتذكرون بعد أن قامت الثورة وجاء بالبلاد عهد جديد إن كان التساؤل الحائر كالآتي: هو نبدأ بصياغة الدستور؟.. أم تكون البداية انتخابات البرلمان ثم في النهاية يكون انتخابات رئيس البلاد؟.. واختلفت وقتها الآراء إلي أن استقر بها المسار إلي أن تكون البداية مع الدستور فتمت علي خير وجه صياغته باباً باباً ومبدأ مبدأ، وتم الاستفتاء بالنجاح. ثم جاء دور انتخابات رئيس البلاد وتقدم اثنان للمعركة الرئاسية وكانت معركة هادئة برهن فيها الشعب المصري علي قدرته علي الاختيار، وتم اختيار الرئيس عبدالفتاح السيسي ووجه الشكر علي حسن قيامه بدوره الوطني الحر «الصباحى» وانتهت المعركة الرئاسية بخير بين «فرسي الرهان». ثم جاء دور مجلس النواب لتكتمل الصورة وتتم «الثلاثية المنشودة» وما بقي إلا دور مجلس التشريع، مجلس الحق والعدل والقانون، ولقد اختلفت في شأنه الآراء من «ناحية صياغة الشكل». ذهب رأي إلي اعتناق أن الانتخاب الفردي هو الأصلح واعتادت عليه البلاد في عصرها البرلماني الذهبي، إلي أن جاء دور سيطرة القائمين علي الحكم، سيطرة الاتحاد الاشتراكي إبان حكم جمال عبدالناصر ثم احتكار الحزب الوطني الديمقراطي إبان حكمي الرئيس السادات ومن بعده المخلوع حسني مبارك، والذي في عهده ونهاية عهده «التزوير الفاضح في اختيار ممثلي الشعب» في مجلس الشعب وكانت واقعة التزوير الجماعي أحد الأسباب الرئيسية في اشتعال وقود الثورة. ثم جاءت قافلة الإخوان وتم الانتخاب بصورة غير معهودة وهي «الثنائية التي حارت فيها البرية» فرد من مختلط القائمة النسبية، ولم يكتب للمجلس الوليد أن يكمل مدته بل طعن علي هذه الازدواجية بالبطلان لمخالفتها، من حيث التطبيق إلي نصوص الدستور. ثم كانت الثورة الأخيرة التي ذهبت بالإخوان إلي «ستائر النسيان» وتمت صياغة دستور جديد، واختيار رئيس جديد وما بقي من خارطة الطريق إلا إكمال الثلاثية المختارة من قبل الشعب الصبور. وحتي الآن وبعد مرور أيام وليال وأسابيع وشهور والاختلاف علي أشده ما بين تقسيم الدوائر الانتخابية، وطبيعة وشكل الاختيار القادم وأسلوبه هل هو النظام الفردي أم بالقائمة «المغلقة» وهي حديثة العهد في حياتنا البرلمانية، وفات الميعاد ولم يصل أولو الأمر إلي تحديد الصورة الأخيرة لتقسيم البرلمان أو لأسلوب الاختيار، وبدأ الجميع، أي كل الجهات تتساءل ما هو سبب التأخير، ولماذا لم يحسم الأمر بعد «فوات ميعاده حسب نصوص الدستور». ويا هل تري هو الغد أم بعد الغد، هل هو قبل العيد أم بعده، أم حسب بعض الاتجاهات المتشائمة لابد من «تأخير الانتخابات البرلمانية نظراً لظروف البلاد الأمنية»، وهي - لعمري - حجة واهية تطيح بقدسية الدستور، وستظل الحكاية ما نراه وتدور في فلك المجهول.. «إلي أن يقضي الله فيها أمره». ومتي يأتي ذلك الموعد المنشود، أم نردد عن الغد المجهول ما كنا نردده في عهد مبارك البائد: ما غد يا من تصوره لي شيئاً رائعاً عجبا ما له عين ولا أثر هو كالأمس الذي ذهبا وإلي لقاء قريب آت لا ريب فيه تفتتح فيه إرادة الأمة أبواب برلمانه الوليد.