اليوم الثاني للتصويت بالبحيرة.. إقبال لافت من الناخبين منذ فتح اللجان    الإدارية العليا تتلقى 159 طعنا على نتائج المرحلة الثانية لانتخابات النواب    سعر الدولار اليوم الخميس 4 ديسمبر 2025 في مصر    اليوم.. إطلاق إعلان القاهرة الوزارى لحماية البحر المتوسط فى COP24    سعر الذهب يتراجع 10جنيهات اليوم الخميس 4 ديسمبر.. وعيار 21 يسجل هذا الرقم    وزير الكهرباء يبحث مع إيميا باور الإماراتية زيادة التعاون بمجالات الطاقة المتجددة    استشهاد 5 فلسطينيين وإصابة 32 آخرين في عدوان الاحتلال على خان يونس    «دفاع الشيوخ» تشيد بمجال التسليح بمعرض إيديكس 2025    لماذا أصبح الأميرال أوشاكوف راهبًا؟    بيراميدز يخسر جهود زلاكة أمام بتروجت    الأهلى يتوصل لاتفاق نهائى مع حسين الشحات.. اعرف التفاصيل    مانشستر يونايتد يستقبل وست هام في مباراة خارج التوقعات بالبريميرليج    طقس معتدل الحرارة بكفر الشيخ اليوم الخميس 4 ديسمبر 2025    استمرار الغلق الكلي لمحور 3 يوليو.. تعرف على البدائل    «الأعلى للأمناء»: منهج البرمجة والذكاء الاصطناعي يجهز جيل المستقبل    تأجيل محاكمة والد المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته بالإسماعيلية لجلسة 25 ديسمبر    فيدرا تدعم منى زكي بعد الانتقادات بسبب فيلم الست: ممثلة تقيلة وموهبتها تكبر مع كل دور    رمضان 2026| سوسن بدر تتعاقد علي «توابع »ل ريهام حجاج    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة «الألف يوم الذهبية»    أسعار البيض اليوم الخميس 4 ديسمبر2025    بوتين يعلن معارضته لبعض نقاط الخطة الأمريكية للحرب في أوكرانيا    محافظ الدقهلية ينعى الحاجة سبيلة صاحبة التبرع بثروتها لصندوق تحيا مصر    وزير الرى يكلف بإعداد مقترحات للإسراع من إجراءات صرف تعويضات نزع الملكية    حبس شبكة تستغل الأطفال في التسول بالقاهرة    وفاة سعيد عبد الواحد مرشح مجلس النواب عن دائرة إمبابة    وزير العمل يستقبل مدير مكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة لبحث تفعيل التعاون في الملفات المشتركة    انتخابات مجلس النواب 2025..إقبال لافت في الساعات الأولى لانتخابات مجلس النواب بسوهاج    فيديو.. متحدث الوزراء: عملية تطوير القاهرة التاريخية شاملة ونراعي فيها المعايير العالمية    هل وجود الكلب داخل المنزل يمنع دخول الملائكة؟.. دار الإفتاء تجيب    اليوم.. انطلاق الجولة الثانية من دور المجموعات ببطولة كأس العرب    كتيب عن المتحف المصرى الكبير.. طالب يلخص الحكاية فى 12 صفحة.. صور    الصين تساعد فلسطين ب 100 مليون دولار لتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة    المنيا.. حين تعود عاصمة الثقافة إلى مسرحها الأول    تعليم البحيرة تصدر تعليمات مشددة للتعامل مع الحالات المرضية المشتبه بها داخل المدارس    عبد الحميد معالي يهدد بفسخ تعاقده مع الزمالك    "مشهد لا يُنسى" بورسعيد تُشيّع بطلها الصغير يوسف محمد فى لحظات الدموع والدعاء والوداع .. إنهيار والدته وحزن أصحابه وذويهم.. والده يؤكد على الحضور: "بالله عليكو ما تسيبوا حق إبني".. فيديو و صور    بعد إلغائه لغياب تقنية الVAR.. البدري ومصطفي في مواجهة حاسمة الليلة بنهائي كأس ليبيا على ستاد القاهرة    لو عندى نزلة برد أعمل إيه؟.. الصحة توضح خطوات التعامل والوقاية    «ما تسيبوش حقه».. نداء والد السباح يوسف محمد خلال تلقى العزاء (فيديو وصور)    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    وسائل إعلام: ماكرون سيعلن عن تعديلات على العقيدة النووية الفرنسية مطلع العام القادم    الصحة: خدمات شاملة لدعم وتمكين ذوي الهمم لحصولهم على حقوقهم    أحمد حمدي يكتب: هيبة المعلم    نائب وزير المالية: تمويل 100 ألف مشروع جديد للانضمام للمنظومة الضريبية| فيديو    وزير الخارجية الفنزويلي: استقبلنا رحلات جوية حملت مواطنين مرحلين من الولايات المتحدة والمكسيك    حلمي عبد الباقي يكشف إصابة ناصر صقر بمرض السرطان    جمال شعبان يُحذر: ارتفاع ضغط الدم السبب الرئيسي للفشل الكلوي في مصر!| فيديو    محمد رجاء: لم يعد الورد يعني بالضرورة الحب.. ولا الأبيض يدل على الحياة الجميلة    موعد صلاة الفجر.....مواقيت الصلاه اليوم الخميس4 ديسمبر 2025 فى المنيا    مشاجرة بين طالبات وزميلتهم تتحول إلى اعتداء بالضرب عليها ووالدتها    حريق بجوار شريط السكة الحديد بالغربية.. والحماية المدنية تُسيطر على ألسنة اللهب    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية، راحة سريعة بطرق آمنة    الحكومة: تخصيص 2.8 مليار جنيه لتأمين احتياجات الدواء    احذر.. عدم الالتزام بتشغيل نسبة ال5% من قانون ذوي الإعاقة يعرضك للحبس والغرامة    هل يجوز لذوي الإعاقة الجمع بين أكثر من معاش؟ القانون يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعمر الأزهرى الشيخ معوض عوض إبراهيم يفتح قلبه ل«الوفد»:
أسوا أيام مصر كانت فى عهد عبد الناصرو"السادات" أقل سوءًا
نشر في الوفد يوم 15 - 09 - 2014

رغم تجاوزه عامه المائة مازال يحتفظ بذاكرة قوية راصدة للأحداث. بل إنه متابع جيد لكل ما يجري على أرض الواقع في الداخل والخارج. عاصر 7 رؤساء و4 ثورات, أقدم خريج أزهري وأكبر المحدثين في العالم الإسلامي سنًا مما يجعله شاهدًا على العصر.
قال عن نفسه عندما بدأ القرن الثانى من حياته (لما تذكرت الماضي تمنيت أن يعود شبابي لأكرر مسيرة طلب العلم من جديد, فالله سبحانه وتعالي لا يضيع أجر العاملين , وكل ما تمنيته حققته.. فقد تمنيت أن أقابل المؤمن والفاجر , أما المال فقد كفاني إياه الغني الحفيظ.. لست غنيا ولكن حسبي بيتي وبعد ذلك أنا غني بتقوي الله, أصدقاء العمر توفوا.. لكن أصحابي هم كل شخص يزورني ويتذكرني بكل خير وهم والحمد لله بالآلاف.
لا يعرف الكثيرون الشيخ معوض بسبب اختلال معايير القيم، وموازين التقييم، لأننا أصبحنا نلهث وراء من يدَّعون العلم، وأكثرهم من الطحالب التى تطفوا على السطح، بفتاوى نشاز، ورؤى عليلة، وقد شقيت بهم المنابر والمساجد، وهو فى الوقت نفسه لا يسعى للشهرة بل على العكس ربما يهرب من الاضواء.
عشق الكلمة منذ طفولته، أحب الشعر والأدب وأبدع فيهما، حرص على حفظ القرآن الكريم صغيرًا، ووهب نفسه للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة كتابةً وقولًا وعملًا، وعلى امتداد عمره ظلّ مرشدًا ومعلمًا داخل مصر وخارجها في العديد من البلاد العربية والإسلامية وإلى نص الحوار:
باعتبارك شاهداً على العصر.. كيف تقيم الفترة السابقة؟
- محمد نجيب كان «رجل طيب», لم يعمل حساباً لمن حوله ولذلك نجحوا فى الاطاحة به, وأسوأ أيام مصر كانت مع جمال عبدالناصر ثم سيئ الذكر مبارك, مهما حدث لنا الآن.. اسألوا آباءكم وهم يؤكدون أن ما نمر به هو خير وأهون بكثير مما كان , تخيلوا أن أيام الأزمة الاقتصادية العالمية في الثلاثينيات وخلال الحربين العالميتين الأولي والثانية كانت أحوال الناس فيهما أفضل بكثير من أيام العدالة التي فرضها علينا عبد الناصر وأيام الرخاء التي أوهمنا بها مبارك, مرة شيخ بالإسكندرية بعدما فرغ من خطبة الجمعة نزل من علي المنبر وقال للملك فاروق «يا جلالة الملك.. عاهدني علي العمل بكتاب الله», فابتسم الملك وأهدي الشيخ «شال كشمير» وقام بترقيته , ربما كان الملك فاروق يخلط بين عمل صالح بآخر فاسد وحسابه عند الله.. لكن دلني علي عمل صالح واحد فعله مبارك لوجه الله؟
ما الفرق بين ثورتي 1952 و2011 من وجهة نظركم؟
- ثورة 1952 دبرها وقدرها وقررها ضباط أرادوا السلطان أو الحكم وتحويل مصر من الملكية إلى الجمهورية أي أن فيها مطامع دنيوية. أما ثورة 2011 فقد صنعها الله وكانت روحانية منذ بدايتها بدليل السلوكيات غير المسبوقة في ميدان التحرير. وقد قام بها الشباب تصديا للظلم والظالمين ولم يستهدفوا حكما وإنما استهدفت اقتلاع عصبة الشر التي نهبت البلد وأفقرت أهله.
كيف تفسر الهجوم الشديد على الأزهر الشريف؟
- الأزهر سيظل مؤسسة كبرى للعلوم الشرعية، التى تشمل «القرآن والسنة»، وسيظل الأزهر شريفاً حتى قيام الساعة، وغداً سيكون أشد شرفاً ويوم أن أنشئ الأزهر حرص «المعز لدين الله الفاطمى» على أن يكون الأزهر متماشياً مع أهداف الدولة الفاطمية فى الفتوى وغيرها، ولما تولى صلاح الدين الأيوبى أمور الدولة فتح أبواب الأزهر الشريف على مصراعيها للمذاهب الأربعة، وعقيدة سلف هذه الأمة، التى نشرها الرسول «صلى الله عليه وسلم» بكل أمانة وصدق، ولا بد أن يفصل الناس بين مؤسسة الأزهر الشريف والمنتمين إليها، فهناك أخطاء لبعض علماء الأزهر، لأننا بشر، والبشر ليسوا معصومين من الخطأ، وهنا ليس العيب فى المؤسسة ذاتها، ولكن العيب فى المنتمين إليها.
وأؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين لم ولن تستطيع «أخونة الأزهر»، فالأزهر قلعة علمية عريقة أكبر من جماعة الإخوان مهمها علا شأنها، فالولاء فى الأزهر لدين الله وليس للجماعة، ومن الصعب أن يحدث ذلك.
رغم مقابلتك للشيخ حسن البنا وأنت طالب وإعجابك به لم تنضم للاخوان.. فسر لنا ذلك؟
- نعم قابلت الشيخ حسن البنا مرة، وأنا فى معهد طنطا، ثم قابلته بعد ذلك فى لقاءات سريعة، وكثرت مقابلاتى له بعد أن عينت واعظًا فى محافظة أسوان، وكنت سعيدًا بذلك العالم الجليل والمرشد العام، ومؤسس جماعة الإخوان المسلمين، ولكن فى البداية أنا طالب أزهرى أعشق العلم والعلماء، ولذلك لم أفكر ولو للحظة واحدة فى أن أنضم لجماعة الإخوان المسلمين، فالعلم عندى أهم بكثير من الجماعات والأحزاب، وأشرف كل الشرف أننى أحد أبناء الأزهر الشريف، وهذا يكفينى شرفاً، وأفضل من انضمامى لجماعة الإخوان المسلمين، ولى تجربة فريدة من نوعها مع الأحزاب السياسة، فأنا كنت أحب مصطفى باشا النحاس عندما كنت أكتب القصائد فى جريدة «الجهاد الوفدية»، وكنت أرى فى «أحمد ماهر» و«النقراشى» و«إبراهيم عبد الهادى» الرجولة والشهامة، ولما حدث الخلاف داخل الوفد وكنت لا أعلم من الظالم ومن المظلوم، تركت الأحزاب نهائياً، وانشغلت بالعلم والعلماء، الذين هم ورثة الأنبياء.
كيف ترى وجود الاقباط فى مصر؟
- الأقباط شركاء معنا فى هذا الوطن الكبير، وكفى ما حدث فى الماضى، فمصر وطن للجميع «أقباطا ومسلمين»، ولهم ما لنا، وعليهم ما علينا.
ما علاقتكم بالرئيس الراحل السادات؟
- قابلته مرتين.. الأولي حينما كان يتزوج بجيهان قبل الثورة في بورسعيد وكنت وقتها واعظا للمدينة , كان هناك احتفال خاص بالثورة الجزائرية ودعاني المحافظ ضمن المتكلمين وكان السادات حاضرا , وعندما ذكر اسمي وقمت لأتكلم خرج معظم الأجانب الذين كانوا جالسين لأنني ارتدي ملابس الأزهريين , ويومها تبادلنا الحديث وكان معجبا جدا بحديثي , لكني أذكر له موقفا مضادا.. فعندما دعيت مع مجموعة من العلماء لزيارة اليمن رفض السادات وكان وقتها رئيسا لمجلس النواب أن يركب معنا الطائرة لأنه يدخن البايب , ونحن ندري ماذا كان به , ولذلك كنا نرفض ذلك , وفي مطار القاهرة عندما التقينا رفض أن يلقي علينا السلام.. بعض زملائي كانوا أكثر صبرا مني وطلبوا أن نذهب للسلام عليه, فأقسمت بالله ألا أذهب للسلام عليه لأنه بدأ بالاستخفاف بنا , هو تكبر علينا لكنني اعتززت بالله وبالأزهر الذي قام بتربية رجاله , وفي اليمن دعانا الرئيس السلال إلي الافطار وقال للسادات «خير ما أهدته لنا مصر هم علماء الأزهر» وفجأة وجدنا السادات وكأنه تنبه لوجودنا , فقام ليسلم علينا في أماكننا, فابتسم زملائي وقالوا لي «لأنك اعتززت بالله.. أعزك الله».
لك موقف لا ينسى مع الملك حسين.. احك لنا تفاصيله؟
- كان الملك حسين يعاملنى معاملة خاصة ويقربنى منه أينما ذهب , وفى احدى المناسبات رأيت الجميع يقبل يده اذا سلم عليه , وعندما جاء الدور على لأسلم عليه رفضت تقبيل يده وسط ذهول وغضب الجميع , ولكن ذلك لم يحرك فى ساكنا.
عاصرت قيام إسرائيل وحتى الآن.. برأيك كيف يتم التعامل معها؟
- نهاية إسرائيل أمر حتمي على يد المسلمين ولكن متي يتم ذلك هذا يتوقف علينا نحن عندما نكون مسلمين حقيقيين نحمل هم الأقصى ولا نضحك أو حتى نبتسم حتى يتحرر مثلما كان يفعل صلاح الدين الأيوبي حيث استحيا أن يضحك أو يبتسم والأقصى أسير في يد الصليبين.
أما بدايتها فقد عاصرتها وتعجبت من حمق العرب حين فرطوا في فلسطين كلها حين انقسموا على أنفسهم ولم يحسنوا قراءة الخريطة الدولية بعد قرار التقسيم وأصبح أصحاب الأرض يستجدون اليهود حتى يسمحوا لهم بالعيش في أرضهم التي اغتصبوها بمؤامرة دولية ليس لها مثيل في التاريخ الإنساني حيث تم توظيف الدين لخدمة الأطماع السياسية. وعلى العرب أن يتعلموا من دروس التاريخ حتى لا يكرروا أخطاء الماضي لان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. ولن نستعيد فلسطين كاملة ونحرر الأقصى إلا بالوحدة والتعاون.
ارتبطت بالشعر والأدب في سن صغيرة جدًا.. ونشرت لك بعض القصائد وأنت مازلت طالبًا.. حدثنا عن هذه المرحلة؟
من حسن حظي أني ولدت في هذا القرن، قابلت العقاد مرة واحدة في العام الذي جئت فيه إلى القاهرة، وقد نشر لي قصيدة في جريدة «الجهاد» سنة 1933 وأنا طالب بالصف الثالث الثانوي.
وقد عرفت العقاد مبكرًا، وعزمت بيني وبين الله وأنا طالب في المرحلة الثانوية إن أتيت إلى القاهرة أن أزور ثلاثة: العقاد، والشيخ محمد رفعت، وحسن البنا، فلما شاء الله أن حضرت إلى القاهرة طالبًا بكلية أصول الدين، ذهبت إلى مجلة الدستور التي كان يصدرها الحزب السعدي، وقابلت العقاد وقال لي «أنت معوض الذي كنت أنشر له قصائد الشعر»، وكان أمرًا عجيبًا أنه كان جالسًا على كرسيه لكنه أطول مني وأنا واقف، وسألني عن الكلية التي التحقت بها، فقلت له إنني منتسب لكلية أصول الدين، وعندي فراغ أريد أن أشغله في الصحافة، لعل عائدًا منها يعود علىّ وأشتري منها كتبًا تزيدني فهمًا وعقلًا وعلمًا ومعرفةً، فقال لي «أنت في كلية أصول الدين وهي كلية تربي العقل، وأطلب منك أن تصرّ على البقاء فيها، ولا يبهرك بريق الصحافة»،
واعتبرت هذا الكلام خيرًا لي من كنوز قارون، فازدادت حرصًا على طلب العلم وفي العام التالي الذي نُشرت فيه قصيدة «استعذاب العذاب»، نشرت لي جريدة السياسة الأسبوعية قصيدة بعد صدور كتاب «حياة محمد» للدكتور محمد حسين هيكل -رحمه الله، وكنت وقتها طالبًا بالصف الرابع الثانوي بمعهد الدراسات الإسلامية بطنطا، وقد أرسلت القصيدة كنوع من الإشادة بالدكتور هيكل عن هذا الكتاب، وظننت أنها لن تنشر لأني مازلت ناشئًا، وهيكل كان قمة من قمم السياسة والأدب، لكن ذات يوم فوجئت بمدرس البلاغة محمد فهمي وكان ضعيف البصر طويل الجسم يناديني قائلًا: «يا واد يا معوض يا داهية، أنا شوفتلك يا واد»، فظننت أنه رأى لي رؤية، ولأننا كنا نعيش حالة من الخوف من الله والبعد عن المعاصي، كنا نؤمن بالرؤية التي نراها لأنفسنا أو نراها لغيرنا، أو يراها آخرون لنا، فقلت له بلهفة «خيرًا يا أستاذ»، فقال «رأيت لك قصيدة في مجلة السياسة الأسبوعية»، ولأنه كان بيني وبين زملائي تنافس في الأدب فقد أخذوا جميعهم يسألونني كيف فعلت ذلك؟.
وماذا عن لقائك بالشيخ محمد رفعت وحسن البنا فى نفس المرحلة العمرية؟
- الشيخ محمد رفعت قابلته بعد أسبوع من المجيء إلى القاهرة، أردت أن أزوره، لأني سمعت عنه الكثير، فلما ذهبت إلى صلاة الجمعة، وجلست وراء الشيخ، وجدت الناس يستقبلون قراءته بالتكبير والتهليل، فقلت لهم: يأيها الناس إن الشيخ رفعت جدير بهذا التهليل والتقدير، لكن الله يقول {وإذا قُرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}، فإذا بالشيخ يلتفت ببصره نحوي، ويدعو لي دعوة كأني أسمعها الآن قائلا «فتح الله عليك»، فظللت وفيًا لهذا الشيخ، الذي سمعه رجل في كندا لا يعلم اللغة العربية إلا في الإذاعات الموجهة، فدخل القرآن الكريم إلى قلبه، وإذا به يأتي إلى القاهرة، ويقابل مدير الإذاعة ويخبره عن استماعه للشيخ محمد رفعت قيثارة السماء، وظل هذا الكندي في مصر إلى أن تعلّم اللغة العربية وتذوّق القرآن الكريم، ثم اعتنق الإسلام، وأبى أن يعود إلى بلده إلا وقد أصبح داعيًا إلى الله.
ماذا يفعل شباب الأمة فى عصر فتن وانعدام القدوات؟
- الفتن التي تواجه الشباب كثيرة وهي موجودة في كل عصر، رأيناها في بيت عزيز مصر وقد واجه يوسف عليه السلام منها ما واجه، ولكننا مع ذلك رأينا بيوت الطهر والعفاف في بيت آسيا وفي بيت مريم عليها السلام، والحق دائما ظافر منتصر، وعلى الشباب أن يميزوا بين ما ينفع وما يضر وما يسوء وما يسر وما يضل وما يهدي في وسائل الإعلام مرئية ومسموعة وألا يقبلوا كل ما يقال في بعض الجامعات وفي مؤسسات التى تحمل اسم العلم والأدب وما هي من ذلك في شىء ولهذا عظم المصاب وجل الخطب في هوية المسلم وثقافته.
ونحن نجد العذر لبعض الشباب في الضياع الذي يعيشونه لأن الذين يناط بهم أمر التوجيه والإصلاح يحتاجون إلى توجيه وإصلاح وقارورة الدواء قريبة منهم في الإسلام كتابا وسنة وهدي رجال ونساء يناط بهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الاقتداء والتأسي.
لكن الأمور تداخلت فما عاد هؤلاء يعرفون الغث من الثمين ولا النافع من الضار فكيف نرجو بهم صلاحا ونؤمل توجيها وإرشادا وفاقد الشيء لا يعطيه.
المخرج وطريق النجاة لهؤلاء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم القائل: ستكون فتن كقطع الليل المظلم … قالوا: وما المخرج يا رسول الله؟ قال: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم القائل: ستكون فتن كقطع الليل المظلم … قالوا: وما المخرج يا رسول الله؟ قال: كتاب الله وسنتي…
الظلم والاستبداد من أمراض المجتمع التى تفشت فى الأمة.. هل هناك روشتة إسلامية؟
- كثرة الظلم والشدة في غير مكانها يقابلها ضعف ونقصان في دين كثير من الناس، وقديما قالوا: العدل إن دام عَمَّر والظلم إن دام دَمَّر.
وما كانت القسوة دائما بالأسلوب ولا المنهج الذي يصلح من فساد ويقيم من عوج ويجمع من فرقة وانقسام.
وما يخفى على الذين يتولون الأمور بغير الرحمة والعدل أن كتاب الله عز وجل وهو يهدي للتي هي أقوم يقول: «إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون» النحل: 90. وهي آية يستضىء بها جبين الأبرار ويسخط الله بها ما يجهل به المبطلون من أعذار.
وهي أيضا من عجائب القرآن الكريم ؛ فالله يجمع الخير كله في أمور ثلاثة ويجمع الشر كله في أمور ثلاثة.
والذين يتولون أمر الناس بالقسوة هم في غفلة ساهون وهم في ريبهم يترددون وقد عرفوا ما صنع ثمود وعاد وأصحاب الأخدود وأصحاب الأوتاد حتى باءوا بالخذلان.
وترى الله عز وجل ينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، والبغي داخل في المنكر، والمنكر من الفحشاء لا ريب.
فمتى يستيقظ النوام؟ وينتهي عن غيه وتسلطه أولئك الذين غفلوا عن أن الزمان بالناس قلب، فكم صار الأقوياء ضعفاء، وأحرز الضعفاء من عون الله ما صاروا به أقوياء، يقهرون الباطل ويمحق الله بهم البغي والزور ولله عاقبة الأمور.
ازدياد نسبة الفقر من أبرز معوقات التنمية البشرية بين المسلمين.. كيف ترى ذلك؟
- الفقر مع شناعته -كما قالوا- مدرسة العصاميين، والفقر والغنى من قضاء الله عز وجل وقدره، فالغني لا يبقى غنيا والفقير لا يبقى فقيرا، كما أن الأمير لا يبقى أميرا والخفير لا يبقى خفيرا.
واقرأوا التاريخ؛ فكم يروي من أمور الناس غنى وفقرا أعاجيب.. والفقر مع الإيمان بالله غنى، والغنى مع الفساد والطغيان شغل بال وسوء أعمال، وعقبى تخيب معها الأماني والآمال.
ويوم كان الناس يعرفون هذه الحقيقة، فيتعاونون على البر والتقوى، ويتواسون في العسر واليسر، كانت الحياة خيرا وبركة.
الفقر الذي يهدد العالم الآن سببه الربا الذي يقول الله فيه: « يمحق الله الربا ويربي الصدقات».
فالله هو الخلاق العظيم الذي قسم الأرزاق ودعا الناس إلى السعي والعمل وألا يحملوا هم الرزق فقال: « وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها.. ».
ولكن الناس غفلوا عن هذه الحقائق الإلهية فكانت النتيجة كما قال الشاعر:
ونحن لا نكره المال، بل نطلبه دائماً من حسان الوجوه وشريف الأعمال، ونبتغي الرزق كما أمر الله تعالى.
ولو أننا أخرجنا زكاة المال ما بقي في الدنيا جائع ولا عار ولا مسكين، ولخرت للجنوب المضاجع، ولغابت عن العيون المدامع، ولغدا الناس وراحوا يشكرون الله عز وجل على أنعمه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.