الزراعة: ذبح أكثر من 9800 أضحية مجانا في المجازر الحكومية خلال أول أيام عيد الأضحى    وزير التموين: استمرار عمل المجمعات الاستهلاكية خلال أيام العيد    سعر الفراخ اليوم الحمعة 6 يونيو 2025    لبنان.. إسرائيل منعت تفتيش مبنى بضاحية بيروت قبل قصفه    كل أهداف الترجى التونسى فى كأس العالم للأندية (فيديو)    بن شرقي وزيزو وإمام.. عودة الثلاثية التاريخية بعد غياب 1053 يومًا    مباراة المغرب ضد تونس مباشر اليوم.. الموعد والمعلق والقنوات الناقلة    بوروسيا دورتموند يحاول التعاقد مع بيلينجهام قبل مونديال الأندية    ترعة السنطة تبتلع شابا في عمر الزهور.. انتشال جثة طالب غرق قبل وصول الإسعاف    حاملًا سلاحًا في بوستر «7DOGS».. ويُعلق: «زيزو مش في الفيلم.. أنا في الأهلي»    أرقام موسم عيد الأضحى في 10 سنوات: تامر حسني الأكثر استمرارية وكريم وعز يتصدران الإيرادات    جولات العيد في المنيا.. وكيل وزارة الصحة تتفقد عددا من المستشفيات وتطمئن على جاهزيتها    البنك المركزي وضرورة تطوير منظومة إدارة الاحتياطي النقدي    السعودية: 10 آلاف نشاط توعوى و34 مليون رسالة خلال يومي التروية وعرفة    مصرع طفل سقط من علو في أكتوبر    رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني: مقترح ويتكوف منحاز بشكل فاضح ضد حماس    وزيرة العدل الأوكرانية: أمامنا عام واحد لتلبية شروط التمويل الأوروبي الكامل    حسين لبيب: تتويح الزمالك ببطولة كأس مصر نتاج عمل جماعى.. صور    محافظ الإسماعيلية يتفقد المجمع الطبى بحى ثالث فى أول أيام عيد الأضحى    التأمين الصحي في كندا    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    الهيئة الوطنية للإعلام تنعى الإذاعية هدى العجيمي مقدمة برنامجي مع الأدباء الشبان وإلى ربات البيوت    ياسر جلال يحتفل بالعيد مع الفنان مصطفى أبو سريع بفيديو كوميدي    السينما والمسرحيات.. أشهر أفلام عيد الأضحى التي لا غنى عنها في البيوت المصرية    أمين "الجبهة الوطنية" يؤدي صلاة عيد الأضحي مع أهالي قريته بالغربية (صور)    بالفيديو| مها الصغير تغني "علي صوتك" ومنى عبدالغني تشاركها الغناء    حمزة العيلي يكشف تأثير فيلم «إكس لارج» على الجمهور وأجره المتواضع في العمل    محافظ الدقهلية يزور الأطفال الأيتام في أول أيام عيد الأضحى    رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يلتقي نظيره البرازيلي في جنيف    نسب وأرقام.. أول تعليق من حزب الأغلبية على «القائمة الوطنية» المتداولة ل انتخابات مجلس الشيوخ    جاسمين طه زكي: نشأت في بيت سياسي ودخولي الإعلام قوبل باستهجان    من الصلاة والأضاحى للاحتفالات.. بلاد العرب تستقبل عيد الأضحى.. ألعاب نارية وكرنفالات.. زيارة المقابر فى الكويت.. المغرب بدون "النحر" للمرة الأولى و"الرومى" بديل الأضحية.. مشهد مهيب للصلاة بالمسجد الحرام    الصحة: إجراء 2 مليون و728 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    باكستان تدين الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    السياحة تشكل غرفة عمليات لتلقي الشكاوى خلال إجازة عيد الأضحى    مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى من حديقة الميريلاند    عيد الأضحى في حديقة الأزهر.. 15 صورة توثق بهجة العائلات والأطفال    مراسلة "القاهرة الإخبارية": المصريون يقبلون على الحدائق العامة للاحتفال بعيد الأضحى    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    جوزيه بيسيرو يهنئ الزمالك بعد الفوز بلقب كأس مصر    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    محافظ بني سويف يؤدي شعائر صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    المثلوثي: جمهور الزمالك نمبر 1.. وناصر منسي: سنبني على تلك البطولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعمر الأزهرى الشيخ معوض:
الجماعة فشلت فى (أخونة الأزهر) لأنه أكبر منها
نشر في الوفد يوم 23 - 12 - 2013

رغم تجاوز عمره المائة عام الا انه مازال يحتفظ بذاكرة قوية راصدة للأحداث. بل إنه متابع جيد لكل ما يجري على أرض الواقع في الداخل والخارج. عاصر ستة رؤساء و ثلاث ثورات, أقدم خريج أزهري وأكبر المحدثين في العالم الإسلامي سنًا مما يجعله شاهدًا على العصر.
قال عن نفسه عندما بدأ القرن الثانى من حياته (لما تذكرت الماضي تمنيت أن يعود شبابي لأكرر مسيرة طلب العلم من جديد , فالله سبحانه وتعالي لا يضيع أجر العاملين , وكل ما تمنيته حققته .. فقد تمنيت أن أقابل المؤمن والفاجر , أما المال فقد كفاني إياه الغني الحفيظ .. لست غنيا ولكن حسبي بيتي وبعد ذلك أنا غني بتقوي الله , أصدقاء العمر توفوا .. لكن أصحابي هم كل شخص يزورني ويتذكرني بكل خير وهم والحمد لله بالآلاف .
لا يعرف الكثيرين الشيخ معوض بسبب اختلال معايير القيم، وموازين التقييم، لأننا أصبحنا نلهث وراء النكرات ممن يدَّعون العلم، وأكثرهم من الطحالب التى تطفوا على السطح، بفتاوى نشاز، ورؤى عليلة، وقد شقيت بهم المنابر والمساجد، وهو فى الوقت نفسه لا يسعى للشهرة بل على العكس ربما يهرب من الأضواء .
عشق الكلمة منذ طفولته، أحب الشعر والأدب وأبدع فيهما، حرص على حفظ القرآن الكريم صغيرًا، ووهب نفسه للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة كتابةً وقولًا وعملًا، ، وعلى امتداد عمره ظلّ مرشدًا ومعلمًا داخل مصر وخارجها في العديد من البلاد العربية والإسلامية وإلى نص الحوار:
** باعتبارك شاهد على العصر .. كيف تقيم الفترة السابقة؟
* محمد نجيب كان رجل طيب , لم يعمل حساب لمن حوله ولذلك نجحوا فى الإطاحة به,و أسوأ أيام مصر كانت مع جمال عبدالناصر ثم سييء الذكر مبارك , مهما حدث لنا الآن .. أسألوا آباءكم وهم يؤكدون أن ما نمر به هو خير وأهون بكثير مما كان , تخيلوا أن أيام الأزمة الاقتصادية العالمية في الثلاثينيات وخلال الحربين العالميتين الأولي والثانية كانت أحوال الناس فيهما أفضل بكثير من أيام العدالة التي فرضها علينا عبد الناصر وأيام الرخاء التي أوهمنا بها مبارك ,مرة شيخ بالإسكندرية بعدما فرغ من خطبة الجمعة نزل من علي المنبر وقال للملك فاروق يا جلالة الملك .. عاهدني علي العمل بكتاب الله , فابتسم الملك وأهدي الشيخ شال كشمير وقام بترقيته , ربما كان الملك فاروق يخلط بين عمل صالح بآخر فاسد وحسابه عند الله .. لكن دلني علي عمل صالح واحد فعله مبارك لوجه الله ؟
**ما الفرق بين ثورتي 1952 و2011 من وجهة نظركم؟
ثورة 1952 دبرها وقدرها وقررها ضباط أرادوا السلطان أو الحكم وتحويل مصر من الملكية إلى الجمهورية أي أن فيها مطامع دنيوية. أما ثورة 2011 فقد صنعها الله وكانت روحانية منذ بدايتها بدليل السلوكيات غير المسبوقة في ميدان التحرير. وقد قام بها الشباب تصديا للظلم والظالمين ولم يستهدفوا حكما وإنما استهدفت اقتلاع عصبة الشر التي نهبت البلد وأفقرت أهله.
**كيف تفسر الهجوم الشديد على الأزهر الشريف؟
أسوأ أيام مصر كانت فى عهد عبد الناصر
*الأزهر سيظل مؤسسة كبرى للعلوم الشرعية، التى تشمل «القرآن والسنة»، وسيظل الأزهر شريفاً حتى قيام الساعة، وغداً سيكون أشد شرفاً ويوم أن أنشئ الأزهر حرص «المعز لدين الله الفاطمى» على أن يكون الأزهر متماشياً مع أهداف الدولة الفاطمية فى الفتوى وغيرها، ولما تولى صلاح الدين الأيوبى أمور الدولة فتح أبواب الأزهر الشريف على مصراعيها للمذاهب الأربعة، وعقيدة سلف هذه الأمة، التى نشرها الرسول «صلى الله عليه وسلم» بكل أمانة وصدق، ولا بد أن يفصل الناس بين مؤسسة الأزهر الشريف والمنتمين إليها، فهناك أخطاء لبعض علماء الأزهر، لأننا بشر، والبشر ليسوا معصومين من الخطأ، وهنا ليس العيب فى المؤسسة ذاتها، ولكن العيب فى المنتمين إليها.
وأؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين لم ولن تستطيع «أخونة الأزهر»، فالأزهر قلعة علمية عريقة أكبر من جماعة الإخوان مهمها علا شأنها، فالولاء فى الأزهر لدين الله وليس للجماعة، ومن الصعب أن يحدث ذلك
**رغم مقابلتك للشيخ حسن البنا وأنت طالب وإعجابك به لم تنضم للإخوان .. فسر لنا ذلك؟
* نعم قابلت الشيخ حسن البنا مرة، وأنا فى معهد طنطا، ثم قابلته بعد ذلك فى لقاءات سريعة، وكثرت مقابلاتى له بعد أن عينت واعظًا فى محافظة أسوان، وكنت سعيدًا بذلك العالم الجليل والمرشد العام، ومؤسس جماعة الإخوان المسلمين،ولكن فى البداية أنا طالب أزهرى أعشق العلم والعلماء، ولذلك لم أفكر ولو للحظة واحدة فى أن انضم لجماعة الإخوان المسلمين، فالعلم عندى أهم بكثير من الجماعات والأحزاب، وأشرف كل الشرف أننى أحد أبناء الأزهر الشريف، وهذا يكفينى شرفاً، وأفضل من انضمامى لجماعة الإخوان المسلمين، ولى تجربة فريدة من نوعها مع الأحزاب السياسة، فأنا كنت أحب مصطفى باشا النحاس عندما كنت أكتب القصائد فى جريدة «الجهاد الوفدية»، وكنت أرى فى «أحمد ماهر» و«النقراشى» و«إبراهيم عبد الهادى» الرجولة والشهامة، ولما حدث الخلاف داخل الوفد وكنت لا أعلم من الظالم ومن المظلوم، تركت الأحزاب نهائياً، وانشغلت بالعلم والعلماء، الذين هم ورثة الأنبياء .
**كيف ترى وجود الأقباط فى مصر ؟
* الأقباط شركاء معنا فى هذا الوطن الكبير، وكفى ما حدث فى الماضى، فمصر وطن للجميع «أقباطا ومسلمين»، ولهم ما لنا، وعليهم ما علينا.
**ما علاقتكم بالرئيس الراحل السادات ؟
*قابلته مرتين .. الأولي حينما كان يتزوج بجيهان قبل الثورة في بورسعيد وكنت وقتها واعظا للمدينة , كان هناك احتفال خاص بالثورة الجزائرية ودعاني المحافظ ضمن المتكلمين وكان السادات حاضرا , وعندما ذكر اسمي وقمت لأتكلم خرج معظم الأجانب الذين كانوا جالسين لأنني ارتدي ملابس الأزهريين , ويومها تبادلنا الحديث وكان معجبا جدا بحديثي , لكني أذكر له موقفا مضادا .. فعندما دعيت مع مجموعة من العلماء لزيارة اليمن رفض السادات وكان وقتها رئيسا لمجلس النواب أن يركب معنا الطائرة لأنه يدخن البايب , ونحن ندري ماذا كان به.. , ولذلك كنا نرفض ذلك , وفي مطار القاهرة عندما التقينا رفض أن يلقي علينا السلام .. بعض زملائي كانوا أكثر صبرا مني وطلبوا أن نذهب للسلام عليه , فأقسمت بالله ألا أذهب للسلام عليه لأنه بدأ بالاستخفاف بنا , هو تكبر علينا لكنني اعتززت بالله وبالأزهر الذي قام بتربية رجاله , وفي اليمن دعانا الرئيس السلال علي الإفطار وقال للسادات خير ما أهدته لنا مصر هم علماء الأزهر وفجأة وجدنا السادات وكأنه تنبه لوجودنا , فقام ليسلم علينا في أماكننا , فابتسم زملائي وقالوا لي لأنك اعتززت بالله .. أعزك الله
**لك موقف لا ينسى مع الملك حسين .. احكى لنا تفاصيله؟
*كان الملك حسين يعاملنى معاملة خاصة ويقربنى منه أينما ذهب , وفى إحدى المناسبات رأيت الجميع يقبل يده إذا سلم عليه , وعندما جاء الدور على لأسلم عليه رفضت تقبيل يده وسط ذهول وغضب الجميع , ولكن ذلك لم يحرك فى ساكنا .
**عاصرت قيام إسرائيل وحتى الآن .. برأيك كيف يتم التعامل معها؟
*نهاية إسرائيل أمر حتمي على يد المسلمين ولكن متي يتم ذلك هذا يتوقف علينا نحن عندما نكون مسلمين حقيقيين نحمل هم الأقصى ولا نضحك أو حتى نبتسم حتى يتحرر مثلما كان يفعل صلاح الدين الأيوبي حيث استحيا أن يضحك أو يبتسم والأقصى أسير في يد الصليبين.
أما بدايتها فقد عاصرتها وتعجبت من حمق العرب حين فرطوا في فلسطين كلها حين انقسموا على أنفسهم ولم يحسنوا قراءة الخريطة الدولية بعد قرار التقسيم وأصبح أصحاب الأرض يستجدون اليهود حتى يسمحوا لهم بالعيش في أرضهم التي اغتصبوها بمؤامرة دولية ليس لها مثيل في التاريخ الإنساني حيث تم توظيف الدين لخدمة الأطماع السياسية. وعلى العرب أن يتعلموا من دروس التاريخ حتى لا يكرروا أخطاء الماضي لأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. ولن نستعيد فلسطين كاملة ونحرر الأقصى إلا بالوحدة والتعاون .
الأقباط شركاء معنا فى هذا الوطن الكبير، وكفى ما حدث فى الماضى
**ارتبطت بالشعر والأدب في سن صغيرة جدًا.. ونشرت لك بعد القصائد وأنت مازلت طالبًا.. حدثنا عن هذه المرحلة؟
**من حسن حظي أني ولدت في هذا القرن، قابلت العقاد مرة واحدة في العام الذي جئت فيه إلى القاهرة، وقد نشر لي قصيدة في جريدة «الجهاد» سنة 1933 وأنا طالب بالصف الثالث الثانوي.
وقد عرفت العقاد مبكرًا، وعزمت بيني وبين الله وأنا طالب في المرحلة الثانوية إن أتيت إلى القاهرة أن أزور ثلاثة: العقاد، والشيخ محمد رفعت، وحسن البنا، فلما شاء الله أن حضرت إلى القاهرة طالبًا بكلية أصول الدين، ذهبت إلى مجلة الدستور التي كان يصدرها الحزب السعدي، وقابلت العقاد وقال لي «أنت معوض الذي كنت أنشر له قصائد الشعر»، وكان أمرًا عجيبًا أنه كان جالسًا على كرسيه لكنه أطول مني وأنا واقف، وسألني عن الكلية التي التحقت بها، فقلت له إنني منتسب لكلية أصول الدين، وعندي فراغ أريد أن أشغله في الصحافة، لعل عائدًا منها يعود علىّ وأشتري منها كتبًا تزيدني فهمًا وعقلًا وعلمًا ومعرفةً، فقال لي «أنت في كلية أصول الدين وهي كلية تربي العقل، وأطلب منك أن تصرّ على البقاء فيها، ولا يبهرك بريق الصحافة»،
واعتبرت هذا الكلام خيرًا لي من كنوز قارون، فازددت حرصًا على طلب العلم و في العام التالي الذي نُشرت فيه قصيدة «استعذاب العذاب»، نشرت لي جريدة السياسة الأسبوعية قصيدة بعد صدور كتاب «حياة محمد» للدكتور محمد حسين هيكل -رحمه الله، وكنت وقتها طالبًا بالصف الرابع الثانوي بمعهد الدراسات الإسلامية بطنطا، وقد أرسلت القصيدة كنوع من الإشادة بالدكتور هيكل عن هذا الكتاب، وظننت أنها لن تنشر لأني مازلت ناشئًا، وهيكل كان قمة من قمم السياسة والأدب، لكن ذات يوم فوجئت بمدرس البلاغة محمد فهمي وكان ضعيف البصر طويل الجسم يناديني قائلًا: «يا واد يا معوض يا داهية، أنا شوفتلك يا واد»، فظننت أنه رأى لي رؤية، ولأننا كنا نعيش حالة من الخوف من الله والبعد عن المعاصي، كنا نؤمن بالرؤية التي نراها لأنفسنا أو نراها لغيرنا، أو يراها آخرون لنا، فقلت له بلهفة «خيرًا يا أستاذ»، فقال «رأيت لك قصيدة في مجلة السياسة الأسبوعية»، ولأنه كان بيني وبين زملائي تنافس في الأدب فقد أخذوا جميعهم يسألونني كيف فعلت ذلك؟.
**وماذ عن لقائك بالشيخ محمد رفعت وحسن البنا فى نفس المرحلة العمرية؟
*الشيخ محمد رفعت قابلته بعد أسبوع من المجيء إلى القاهرة، أردت أن أزوره، لأني سمعت عنه الكثير، فلما ذهبت إلى صلاة الجمعة، وجلست وراء الشيخ، وجدت الناس يستقبلون قراءته بالتكبير والتهليل، فقلت لهم: يأيها الناس إن الشيخ رفعت جدير بهذا التهليل والتقدير، لكن الله يقول {وإذا قُرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}، فإذا بالشيخ يلتفت ببصره نحوي، ويدعو لي دعوة كأني أسمعها الآن قائلا «فتح الله عليك»، فظللت وفيًا لهذا الشيخ، الذي سمعه رجل في كندا لا يعلم اللغة العربية إلا في الإذاعات الموجهة، فدخل القرآن الكريم إلى قلبه، وإذا به يأتي إلى القاهرة، ويقابل مدير الإذاعة ويخبره عن استماعه للشيخ محمد رفعت قيثارة السماء، وظل هذا الكندي في مصر إلى أن تعلّم اللغة العربية وتذوّق القرآن الكريم، ثم اعتنق الإسلام، وأبى أن يعود إلى بلده إلا وقد أصبح داعيًا إلى الله.
**ماذا يفعل شباب الأمة فى عصر فتن وانعدام القدوات؟
*الفتن التي تواجه الشباب كثيرة وهي موجودة في كل عصر، رأيناها في بيت عزيز مصر وقد واجه يوسف عليه السلام منها ما واجه، ولكننا مع ذلك رأينا بيوت الطهر والعفاف في بيت آسيا وفي بيت مريم عليها السلام، والحق دائما ظافر منتصر، وعلى الشباب أن يميزوا بين ما ينفع وما يضر وما يسوء وما يسر وما يضل وما يهدي في وسائل الإعلام مرئية ومسموعة وألا يقبلوا كل ما يقال في بعض الجامعات وفي مؤسسات التى تحمل اسم العلم والأدب وما هي من ذلك في شىء ولهذا عظم المصاب وجل الخطب في هوية المسلم وثقافته.
ونحن نجد العذر لبعض الشباب في الضياع الذي يعيشونه لأن الذين يناط بهم أمر التوجيه والإصلاح يحتاجون إلى توجيه وإصلاح وقارورة الدواء قريبة منهم في الإسلام كتابا وسنة وهدي رجال ونساء يناط بهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الاقتداء والتأسي.
لكن الأمور تداخلت فما عاد هؤلاء يعرفون الغث من الثمين ولا النافع من الضار فكيف نرجو بهم صلاحا ونؤمل توجيها وإرشادا وفاقد الشيء لا يعطيه.
المخرج وطريق النجاة لهؤلاء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم القائل: ستكون فتن كقطع الليل المظلم … قالوا: وما المخرج يا رسول الله؟ قال: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم القائل: ستكون فتن كقطع الليل المظلم … قالوا: وما المخرج يا رسول الله؟ قال: كتاب الله وسنتي…
**الظلم والاستبداد من أمراض المجتمع التى تفشت فى الأمة .. هل هناك روشتة إسلامية؟
*كثرة الظلم والشدة في غير مكانها يقابلها ضعف ونقصان في دين كثير من الناس، وقديما قالوا : العدل إن دام عَمَّر والظلم إن دام دَمَّر.
وما كانت القسوة دائما بالأسلوب ولا المنهج الذي يصلح من فساد ويقيم من عوج ويجمع من فرقة وانقسام.
وما يخفى على الذين يتولون الأمور بغير الرحمة والعدل أن كتاب الله عز وجل وهو يهدي للتي هي أقوم يقول: " إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون " النحل: 90. وهي آية يستضىء بها جبين الأبرار ويسخط الله بها ما يجهل به المبطلون من أعذار.
وهي أيضا من عجائب القرآن الكريم ؛ فالله يجمع الخير كله في أمور ثلاثة ويجمع الشر كله في أمور ثلاثة.
والذين يتولون أمر الناس بالقسوة هم في غفلة ساهون وهم في ريبهم يترددون وقد عرفوا ما صنع ثمود وعاد وأصحاب الأخدود وأصحاب الأوتاد حتى باءوا بالخذلان.
وترى الله عز وجل ينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، والبغي داخل في المنكر، والمنكر من الفحشاء لا ريب.
فمتى يستيقظ النوام؟ وينتهي عن غيه وتسلطه أولئك الذين غفلوا عن أن الزمان بالناس قلب، فكم صار الأقوياء ضعفاء، وأحرز الضعفاء من عون الله ما صاروا به أقوياء، يقهرون الباطل ويمحق الله بهم البغي والزور ولله عاقبة الأمور.
**ازدياد نسبة الفقر من أبرز معوقات التنمية البشرية بين المسلمين .. كيف ترى ذلك؟
الفقر مع شناعته- كما قالوا- مدرسة العصاميين، والفقر والغنى من قضاء الله عز وجل وقدره، فالغني لا يبقى غنيا والفقير لا يبقى فقيرا، كما أن الأمير لا يبقى أميرا والخفير لا يبقى خفيرا.
واقرأوا التاريخ؛ فكم يروي من أمور الناس غنى وفقرا أعاجيب.. والفقر مع الإيمان بالله غنى، والغنى مع الفساد والطغيان شغل بال وسوء أعمال، وعقبى تخيب معها الأماني والآمال.
ويوم كان الناس يعرفون هذه الحقيقة، فيتعاونون على البر والتقوى، ويتواسون في العسر واليسر، كانت الحياة خيرا وبركة.
الفقر الذي يهدد العالم الآن سببه الربا الذي يقول الله فيه: " يمحق الله الربا ويربي الصدقات".
فالله هو الخلاق العظيم الذي قسم الأرزاق ودعا الناس إلى السعي والعمل وألا يحملوا هم الرزق فقال: " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها.. ".
ولكن الناس غفلوا عن هذه الحقائق الإلهية فكانت النتيجة كما قال الشاعر:
ونحن لا نكره المال، بل نطلبه دائما من حسان الوجوه وشريف الأعمال، ونبتغي الرزق كما أمر الله تعالى .
ولو أننا أخرجنا زكاة المال ما بقي في الدنيا جائع ولا عار ولا مسكين، ولخرت للجنوب المضاجع، ولغابت عن العيون المدامع، ولغدا الناس وراحوا يشكرون الله عز وجل على أنعمه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.