الكارثة الحقيقية التي أصابت القطاع السياحي ليست تراجع الحركة السياحية وتوقف التدفقات ولكن هي تدني الأسعار لدرجة يستحيل معها أن تعود الي المستوي الذي كانت عليه عام 2010 إلا بعد مضي سنوات طويلة عديدة وهذا يعني ببساطة أن مساهمة القطاع السياحي في الاقتصاد القومي قد تراجعت بنسبة أكبر من نسبة تراجع السياحة ذاتها، فإذا كانت السياحة بحسب تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات قد تراجعت بنسبة 60 و70٪ وكل من يعرف طبيعة العمل السياحي وهذه الصناعة الحساسة يدرك أن عاما واحدا من التدهور السياحي يحتاج الي أربع سنوات من الرخاء السياحي ليعوضه بمعني أننا في حاجة الي 15 عاما لتعويض خسائر هذه الصناعة خلال السنوات الأربع الماضية وحتي تستطيع صناعة السياحة أن تسدد ديونها وتقف علي أرجلها من جديد وتعود للمساهمة في الاقتصاد القومي. ولذلك مطلوب من الدولة خطة استراتيجية طويلة الأجل علي غرار مشروع «مارشال» لدعم صناعة السياحة في مصر حتي لا تنقرض. وفي إطار هذا المشروع لدعم السياحة فلابد من التصدي لظاهرة حرق الأسعار وذلك من خلال فرض حد أدني لأسعار الخدمات السياحية والإقامة ومعاقبة كل من يخالف ذلك علي اعتبار أنه يؤدي الي تخريب هذه الصناعة ويحرم من أي مساندة تقدمها الدولة أو الجهاز المصرفي لدعم هذه الصناعة. ويري الخبير السياحي حسام الشاعر رئيس غرفة شركات السياحة أن انهيار الأسعار بهذا الشكل المرعب يحتاج الي تدخل سريع من الدولة لوضع حد أدني من الأسعار وليكن لفترة معينة خاصة أن القانون أعطي الحق لوزير السياحة أن يضع تسعيرة وحدا أدني وعلي من يخالف ذلك توقع عليه جزاءات ويري «الشاعر» أن حالة استمرار هذا التدني في الأسعار لن ترتفع مرة أخري حال زيادة الطلب علي مصر خاصة أننا أصبحنا من أرخص دول العالم فلا توجد دولة علي مستوي العالم تبيع بنفس الأسعار التي تباع بها فنادق مصر الآن، الكارثة كبيرة ونحتاج تدخلا سريعا لإنقاذ السياحة من الانهيار. وفي نفس السياق يؤكد الخبير السياحي ناجي عريان نائب رئيس مجلس إدارة غرفة الفنادق أن مصر أصبحت أرخص ثالث دولة علي مستوي العالم ومطلوب تدخل سريع من الدولة.. ومطلوب من مجلس الوزراء عمل دراسة اقتصادية ليعرفوا التكلفة الحقيقية للإقامة ويضعوا ضوابط صارمة للمخالفين لإنقاذ اقتصاد البلد واقتصاد 70 صناعة تعمل حول السياحة. ويضيف قائلا: الموضوع ليس مجرد أن أدعم الطيران العارض الخدمة أصبحت سيئة والمأكولات سيئة ووصل الأمر أن متوسط بيع الغرف يتراوح ما بين 15 و20 دولارا وهناك من بيع بخمسة وسبعة دولارات فنحن في كارثة ولن يأتي لنا السائح العالي والمتوسط الإنفاق في ظل وجود السائح القليل الإنفاق.. وسائح 2010 لن يعود مرة أخري، لذلك أكد مطلوب تدخل سريع من رئيس الوزراء لوضع حد أدني لأسعار الفنادق مثلما تدخلوا في تحديد أسعار الحديد والأسمنت. ويري الخبير السياحي عادل عبدالرازق أن الفنادق هي الخاسر الوحيد من كارثة حرق الأسعار في ظل حالة المضاربة بين الفنادق لجذب أي سائح وهو الأمر الذي استغله منظمو الرحلات الأجانب، والغريب أن هذا يأتي في ظل ارتفاع أسعار المواد الخام من مأكولات ومشروبات وغيره بنسبة 15٪ وزيادة أسعار الخمور بنسبة 30٪ وزيادة أسعار الكهرباء 17٪ والمياه 10٪ الي جانب زيادة أجور العاملين فالخاسر الوحيد هو المستثمر صاحب المشروع. وطالب «عبدالرازق» القطاع الخاص والاتحاد المصري للغرف السياحية وجمعيات المستثمرين بأن يجتمعوا مع أصحاب الفنادق لوضع ضوابط صارمة علي المخالفين ومنها علي سبيل المثال أن تهدد وزارة السياحة بالإيقاف المؤقت للخدمة وأن تقوم جمعية المستثمرين بشطب اسم المخالف من الجمعية وإيقاف الخدمات المحلية حالة عدم الالتزام، وأعتقد أن بهذا نستطيع أن نعود بالأسعار وعلي وزارة السياحة أن تقيم أسعار الفنادق ذات النجوم المختلفة بالاتفاق مع الاتحاد وجمعيات المستثمرين. وبحالة من التفاؤل تقول الخبيرة السياحية أماني الترجمان إن أزمة حرق أسعار الفنادق سوف تنتهي دون تدخل من الدولة فمجرد زيادة الطلب علي شرم الشيخ والغردقة ستنتهي الأزمة خاصة أن بلچيكا سوف تبدأ إرسال وفودها السياحية بدءا من 10 أكتوبر القادم الي شرم الشيخ وأقصد بذلك انه في حالة استمرار وزيادة الطلب علي مصر ستعود الأسعار لما كانت عليه والفنادق التي تبيع بسعر عال ستفرض علي الجميع زيادة الأسعار ومن بيع بسعر متدن سيرفع سعره. وتؤكد الخبيرة السياحية الدكتورة نادية الراهب أن حرق الأسعار سببه البنوك التي أصبحت أكبر خطر يهدد الاستثمار السياحي، ومطلوب من جميع المستثمرين الاتفاق علي مبدأ واحد في تحديد الأسعار. ويقول الخبير السياحي علي غنيم: أنا ضد حرق الأسعار ولكن الظروف التي نمر بها الآن غير ملائمة لرفع الأسعار فجميع الفنادق والمنشآت السياحية والمطاعم في حالة يرثي لها طوال أربع سنوات ولديهم التزامات مالية من عمالة وكهرباء ومياه وتأمينات والحكومة لم تقدم أي شيء لمساعدة القطاع فأصبح أي فندق يحاول خطف أي سائح والكارثة أنه لا يأتي لنا سوي السائح الرخيص الذي يبحث عن البلاد التي بها اضطرابات. ويؤكد «غنيم» أن حالة عودة السياحة لن تعود لأسعار ما قبل 2011، والسبب الحقيقي لانهيار السياحة التخطيط السيئ للسياسات السابقة التي كانت تهتم بالكم عن الكيف فانهارت الأسعار لأن الطلب أكثر كثيرا من المعروض وتحولت شرم الشيخ والغردقة الي مناطق أسمنتية بسبب سوء التخطيط وعدم التنسيق بين الوزارات وبعضها.