أثار برنامج «الراقصة» مع عرض أولي حلقاته علي فضائية «القاهرة والناس» ردود فعل سلبية وموجة من الغضب لدي بعض رجال الدين، وبعض المؤسسات الدينية الذين تقدموا ببلاغات تطالب بوقفه، في الوقت الذي أعلن البرنامج تأجيل عرض حلقته الثانية حداداً علي شهداء مصر من رجال الجيش والشرطة الي أجل غير مسمي. وحتي الآن لا نعلم إن كان من أجل الشهداء أم من أجل مرور موجة الغضب. والأزمة الحالية تطرح سؤالاً هل الرقص الشرقي الذي عرفناه منذ بداية القرن الماضي في أفلام السينما مع تحية كاريوكا وسامية جمال ونعيمة عاكف وغيرهن اصبح مادة مبتذلة لا تناسب العرض، أم أن الوقت الحالي لا يحتمل هذا النوع من البرامج بسبب حالة الحزن علي ضحايا الإرهاب. والغريب أن البرنامج يتم الإعداد له من ايام المعزول مرسي ولكن جهة الإنتاج اضطرت وقتها لتأجيله بسبب تطرف وتشدد الطبقة الحاكمة وقتها، ومن المفترض ان الظروف تغيرت في الوقت الحالي مع وجود الرئيس السيسي، في هذا التحقيق سألنا مجموعة من النقاد عن رأيهم في مضمون برنامج «الراقصة» وإذا ما كان يستحق هذه الموجة من الهجوم و الغضب عليه أم لا؟ الناقد طارق الشناوي قال : الرقص هو أحد الفنون التي عرفها مجتمعنا منذ سنوات بعيدة، وتعودنا علي استقباله ومشاهدته كباقي الفنون الأخري مثل الغناء أو التمثيل، ولذلك من غير المعقول أن نأتي حاليا ونجرم هذا الفن أو نريد منعه، وإلا فعلينا أن نمعنه أيضا من الأفلام السينمائية، فنحن نواجه الإسفاف والمواد غير اللائقة سواء علي مستوي الاغنية أو السينما أو الدراما والفن بوجه عام، ولكن وجود برنامج مسابقات في الرقص لا يستحق هذه الموجة من الهجوم والمطالبة بمنع عرضه، بالإضافة أن هناك أيضا برامج مسابقات لتقديم مطربين ومذيعين وفنانين والرقص هو فن مثل هذه الفنون يجب ان يأخذ حقه. وأشار «الشناوي» ان الشيء الأهم في هذا الموضوع هو الاتجاه من جديد لنغمة حجب الافكار ومنع العرض وقال: نحن الآن نتطلع لإصلاح أخطاء الماضي فلابد أولا أن ننظر الي المادة المقدمة وإذا وجدناها غير لائقة فوقتها نطلب بعرضها ولكن فكرة منع الرقص فهذا غير صحيح اطلاقا، وفي نهاية التسعينيات صدر قانون بحذف مشاهد الرقص من كافة الأعمال السينمائية و لكن هذا القانون لم يستمر، لأن الرقص مادة تدخل في مضمون السينما، وكان هذا قرارا حكيما من جهة انتاج البرنامج بوقف العرض في الفترة الحالية لأن فعلا الظروف غير مناسبة بسبب حالة الحزن وكان من الخطأ عرضه في الوقت الحالي لأن هناك مجموعة من الناس تعيش حالة من الحزن والغليان علي أرواح شهدائها. ومن جانبها أكدت الناقدة ماجدة موريس أن هناك نوعا من المزايدة والعند مع البرنامج وقالت: البرنامج هو برنامج مسابقات كباقي البرامج الأخري مع العلم أن معظم هذه البرامج يوجد بها ما لا يناسب تقاليد مجتمعنا دون ذكر أسماء، وفكرة منع الرقص هي فكرة مرفوضة لأنه فن كباقي الفنون الأخري، ونشاهده باستمرار علي شاشات التليفزيون من خلال السينما القديمة والحديثة، ولابد أيضا أن نوقف نغمة بلاغات النائب العام، فنحن نتطلع الي عودة الاستقرار، لذلك أناشد من قاموا بتقديم هذه البلاغات أن يتركوا الحكومة تواجه الإرهاب وتنمي المشروعات التي تفيد مصر. وأكدت «ماجدة» أنها لا تدافع عن البرنامج و لكن المزايدة مرفوضة خاصة في الوقت الحالي، وأشارت الي أن الرقص الشرقي هو من أهم الفنون التي اشتهرت بها مصر وقالت: الناس من مختلف انحاء العالم يأتون الينا لتعلمه ونحن نجرمه ونمنعه، صحيح أن علينا منع الابتزال فيه ولكن يجب ان نتعامل معه كباقي الفنون الأخري. الناقدة خيرية البشلاوي أشارت الي أن هذه النوعية من البرامج أفضل بكثير من برامج السياسة التي أصابت الشعب بالملل والخوف وقالت: البرنامج من الواضح انه برنامج مسابقات كباقي البرامج التي تنتمي الي هذه النوعية ، فهي من شأنها الترفيه عن الناس والربح لجهة الانتاج في نفس الوقت ، بالاضافة الي ان الرقص ليس غريبا علينا أو شيئا مخلا لم نشاهده من قبل ، وعلينا مراجعة دفاتر السينما منذ بدايتها وحتي الآن. واضافت «البشلاوي»: هذه البرامج أفضل من الأفلام الهابطة والمسفة التي انتشرت في السنوات الماضية، ولكني أري ان التوقيت الخاطئ لعرض البرنامج هو السبب في موجة الهجوم الذي تعرض له في ظل الضحايا والشهداء الذين فقدهم الوطن مؤخراً. جدير بالذكر أن كلاً من الشيخ خالد الجندي والشيخ مظهر شاهين، والدكتور أحمد كريمة ، والدكتورة آمنة نصير، أصدروا بيانًا أدانوا خلاله إذاعة برنامج «الراقصة»، على قناة «القاهرة والناس»، والذي عرضت حلقته الأولى مساء الاثنين. وقال العلماء في بيانهم إنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام ما وصفوه بالتحدي السافر والهجمة الشرسة على الإسلام وأخلاقياته، وتتعرى النساء في البرنامج ، لافتين إلى أن دورهم هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، معتبرين أن مثل هذه البرامج ضد توجهات السيد عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، حسب قولهم. وأكد البيان أن الموقعين عليه سيتخذون كل الإجراءات القانونية والدعوية لوقف البرنامج، لحماية المجتمع والدين من الانحراف، حَتّى في الفَتَاوَى، وكَذَا العُنفَ بكُلّ صورِه، وندينُهُ بشدّةٍ، فنَحنُ نُريدُهَا (وَسَطِيَّةً) بغيرِ إِفراطٍ أَو تَفريطٍ، مشيراً الي ان البعضُ يعمل عَلَى إحرَاجِ الدَّولةِ إزاء التَّحَدّي الرَّاهِن، الذي يُزايد فيِهِ المُتَطَرّفُونَ عَلَى دِيننا وأَخلَاقِنَا وهو ما يدفعهم للتقدم ببلاغات للنائب العام لوقف عرض البرنامج.