الظاهرة الأوضح فى السوق الفنية المصرية حاليًا هى انتشار الأفلام الشعبية فى الفترة الأخيرة خاصة بعد ثورة يناير، وتصدر صورة الراقصة والبلطجى البوسترات الدعائية لهذه الأفلام، وهو ما يشكل حالة من استغلال المنتجين لحالات الكبت لدى الجمهور من أجل جذبهم إلى السينمات لتحقيق أرباح مادية كبيرة من خلال أفلام لم تكلفهم الكثير، لدرجة أن أهم جزء من الفيلم حاليًا صار هو «البرومو» أو الإعلان التليفزيونى، والذى يصور قبل تصوير الفيلم، ويجب أن يكون خليطًا من الأغنية الشعبية والمشاهد الراقصة فى وصفة متكررة بدأها السبكى منذ سنوات طويلة، لكن زاد الاهتمام بها فى السنوات الثلاث الأخيرة .. وعلى الرغم من وجود الراقصة فى السينما المصرية منذ عشرات السنين إلا أنها لم تظهر بهذا الشكل الذى يتم المتاجرة به مثلما يحدث فى الوقت الحالى؛ فشهدت السينما المصرية طوال تاريخها وجود عدد كبير من الراقصات اللاتى لم يتم استغلالهن بهذا الشكل أمثال سامية جمال وتحية كاريوكا وسهير زكى اللاتى كن يتم توظيف رقصاتهن فى السياق الدرامى للأفلام، ووقفت معظمهن بطلة لأغنيات العديد من النجوم الكبار . المتبع الآن فى الأفلام الجديدة هو أن يقوم المنتج بتصوير برومو يحتوى على مشاهد حميمية أو بها عُرى تجذب أنظار المشاهدين، مثلما شاهدنا ظهور هيفاء وهبى فى برومو فيلمها الجديد «حلاوة روح»، والذى حقق مشاهدة وصلت إلى 3 ملايين مشاهد على اليوتيوب، وكذلك نجاح صافيناز فى برومو فيلم «القشاش» وظهورها فى مشهد الفرح فقط على نغمات أغنية «على رمش عيونها»، والذى ساهم فى ترويج الفيلم بشكل كبير، جعل السبكى يستعين بنفس الراقصة فى فيلمه الجديد «سالم أبو خته» ووضعها فى الإعلان الدعائى أيضا بعد أن أصبحت هى قنبلة الرقص الشرقى فى مصر، وهو الدور الذى كانت تلعبه سابقًا الراقصة دينا فى أفلام السبكى . الأمر لم يتوقف على شركتى دولار والسبكى، فهناك عدد من المنتجين بدأوا البحث عن راقصات جدد للظهور فى بروموهات الأفلام، من أجل تقديم دعاية بأجسادهن للأفلام من أجل جذب أكبر كم من الجمهور، وتحقيق الأرباح دون النظر إلى مضمون الفيلم، بعضهم استعان براقصات معروفات على الساحة مثل شاكيرا وشمس وصوفيا، وآخرون استعانوا بوجوه جديدة، مثل الشركة المنتجة لفيلم «ظرف صحى»، والتى استعانت براقصة تدعى «بارديس»، وقامت بترويج سيشن صور دعائى لها لتصبح معظم أخبار الفيلم فى الفترة الأخيرة حول هذه الراقصة، والتى وصفها زوار المواقع الاجتماعية بأنها «صافيناز الثانية». استغلال الراقصة ونجاحها فى الفترة الأخيرة جعل منتجى البرامج يفكرون فى تطوير طرق استغلال هذا النجاح عن طريق ظهور قنوات جديدة للرقص فقط، إنتاج برنامج مسابقات للرقص الشرقى على شاشة قناة «القاهرة والناس»، كانت سترأس لجنة تحكيمه دينا، قبل أن يوقفوا عرضه احتراما للظروف التى تمر بها البلاد وحالات الموت والعنف فى الشارع. وعن ظاهرة استغلال الراقصات فى برومهات الأفلام و البرامج تقول الناقدة خيرية البشلاوى إن ثنائى «الراقصة والمطرب» موجود منذ زمن بعيد فى الأفلام، لكن مع انحدار ذوق المجتمع و معاناتنا من ثقافات هابطة تحول الرقص من فن مهذب ولغة جسد نستمتع به إلى سلعة رخيصة «وطُعم» للمراهقين من أجل استغلال حالات الكبت التى لديهم. البشلاوى اتهمت التدنى الشديد فى الذوق العام بأنه السبب وراء انتشار هذه الظاهرة، حتى أصبح الترويج للجنس يتم على المكشوف فى ظل الانحطاط السينمائى والثقافى، وأصبح المنتج يهتم بالأرباح فقط دون الأخلاق، وأضافت ساخرة: «لم يعد السلاح فى أيدى الإرهابيين فقط، بل أصبحت هناك قنابل جسدية على الشاشة مثل صافيناز»، مختتمة بأنها ترفض أيضًا قيام برامج مسابقات للرقص لأن هدف منتجيها سيكون الربح وتقديم لغة سوقية للغرائز وليس لغة جسد وفن يحترم. على الجانب الآخر قالت الفنانة نجوى فؤاد إن ظهور الراقصة فى الأفلام ليس عيبًا، ولا يسبب مشكلة ولا توجد إساءة لها، بل هى ترى أنه من الطبيعى أن يستغل المنتج نجاحها مثلما رأينا فى الفترة الأخيرة، لكنها تعتبر المشكلة هى عدم تخصيص الأفلام، فأصبحنا ندخل السينما، ولا نعرف إن كان الفيلم أكشن أم كوميدى أم غيره، أما عن ظهور برنامج مسابقات للرقص فأوضحت أن الوقت الآن غير مناسب، فالوضع الاقتصادى والأمنى والسياسى لا يسمح بذلك، ويجب الانتظار لهدوء الأوضاع، بعدها لا أعترض على وجود مثل هذه البرامج.