الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء رجل طيب. ولا يصلح أبداً أن يكون رئيساً لحكومة دولة في حجم مصر. ربما كان ينفع أن يكون مدرساً، لكن رئيس وزراء فلا وألف لا. والتخبط الذي ظهر به الدكتور شرف في عمله كرئيس للوزراء منذ مارس الماضي، أفقد المنصب هيبته وقوته. وسيكون ذلك عبئاً كبيراً علي من سيخلفه في المنصب الرفيع. وإذا كان سوء اختيار رئيس الوزراء لأعضاء حكومته يمثل فشلاً له، فإن الفشل الأكبر في عدم مقدرته علي اختيار وزراء آخرين غيرهم. وما شهدته مصر خلال الأيام الأربعة الماضية أظهر تخبطاً واضحاً في مجلس الوزراء. فكيف يتم الاعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة ثم يلغي التشكيل في اليوم التالي، وتصدر الأوامر للوزراء القدامي للعودة إلي أعمالهم مرة أخري، ثم البدء في مشاورات جديدة بعد أقل من أسبوع من المشاورات التي سبقتها. والواضح أن أي حكومة سيشكلها الرجل من المؤكد أن الفشل حليفها.. ولا أدري لماذا يصر الرجل علي البقاء في منصبه؟ ولماذا يسكت المجلس العسكري عن أخطائه الشنيعة؟! وقبل أيام أصدر شرف بوصفه رئيساً لمجلس الوزراء قراراً تم الإعلان عنه رسمياً بجعل يوم الأحد القادم أجازة رسمية في البلاد بمناسبة الذكري 59 لثورة 23 يوليو عام 1952. ويبدو أن شرف قد نسي أن هناك ثورة قد قامت في مصر قبل شهور قليلة وتحديداً في 25 يناير 2011. وهذه الثورة وغيرها من الثورات في العالم أسقطت النظام السابق، ومادام النظام السابق يُعد امتداداً طبيعياً وحقيقياً لثورة يوليو، فإن ثورة يناير قد أنهتها ولا معني أن يتم الاحتفال بالثورة القديمة التي أفرزت نظاماً سيئاً فاسداً، كما يقول أنصار الثورة الوليدة.. ويبدو أن الدكتور شرف قد كشف عن نفسه وأظهر حقيقته، وأنه من فلول النظام السابق. ولمَ لا؟! فقد كان الرجل وزيراً للنقل في حكومة الدكتور أحمد نظيف. وقد كان أحد أعضاء الحزب الوطني الحاكم «المنحل». ويبدو أن الرجل قد مثَّل علينا دور الثائر، وانطلي علي عقولنا أنه أهل للثقة، فجاء إلي أعلي المناصب محمولاً علي الأعناق ليتقلد المنصب ويجلس علي الكرسي الذي جلس عليه سعد زغلول، ومصطفي النحاس، واسماعيل صدقي، وجمال عبد الناصر، وزكريا محيي الدين، وأنور السادات، وعبد العزيز حجازي، وعاطف صدقي، وكلهم من العظماء. فأين شرف من هؤلاء؟! ويبدو أن الدكتور عصام شرف نفسه لا يعلم حدود مهمته «المؤقتة» وبالتالي فإنه يوجه وزراءه توجيهاً خاطئاً مبنياً علي فهمه الخاطيء لحدود عمله. وقد ظهر ذلك بوضوح في تصريحات الوزراء الذين اختارهم مؤخراً. فقد خرج علينا كل منهم وهو يتحدث عن خطط طويلة الأجل للعمل في الوزارات التي تم ترشيحهم لها، وهم لا يعلمون أنهم وزراء مؤقتون في حكومة مؤقتة. لقد ذهب شرف بحكومة مصر إلي أبعد مما يتمني العدو. وأصبح الاصدقاء علي سبيل الدعابة يعيروننا بأننا بلد بلا حكومة، رغم ان في البلد وزراء من عينة شرف!! [email protected]