تعليم القاهرة تعلن مواعيد العام الدراسي الجديد 2025-2026 من رياض الأطفال حتى الثانوي    20 نوفمبر أولى جلسات محاكمته.. تطورات جديدة في قضية اللاعب أحمد عبدالقادر ميدو    عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025 بعد الارتفاع القياسي    المتهم باغتيال تشارلي كيرك يمثل أمام المحكمة لأول مرة (فيديو)    جوتيريش: ما يحدث في غزة مدمّر ومروع ولا يمكن التساهل معه    وسط إشادة بالجهود الأمريكية.. السعودية ترحب بخارطة الطريق لحل أزمة السويداء    3 شهداء في قصف إسرائيلي على منزل وسط قطاع غزة    وزير الدفاع السعودي ولاريجاني يبحثان تحقيق الأمن والاستقرار    السعودية تجدد دعوتها للمجتمع الدولي إنفاذ القرارات الدولية وتنفيذ حل الدولتين    إيران: أمريكا لا تملك أي أهلية للتعليق على المفاهيم السامية لحقوق الإنسان    أكلة فاسدة، شوبير يكشف تفاصيل إصابة إمام عاشور بفيروس A (فيديو)    «الجو هيقلب» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس : انخفاض درجات الحرارة وسقوط أمطار    دون إصابات.. انقلاب سيارة نقل "تريلا" بالطريق الزراعي في القليوبية    منال الصيفي تحيي الذكرى الثانية لوفاة زوجها أشرف مصيلحي بكلمات مؤثرة (صور)    مصرع شاب وإصابة اثنين آخرين في حادث تصادم موتوسيكل وسيارة نقل بمركز بدر بالبحيرة    الصورة الأولى للشاب ضحية صديقه حرقا بالشرقية    السيطرة على حريق هائل نشب بمطعم الشيف حسن بمدينة أبوحمص بالبحيرة    محافظ جنوب سيناء يشيد بإطلاق مبادرة «صحح مفاهيمك»    أسعار الخضار في أسوان اليوم الأربعاء 17 سبتمبر    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاربعاء 17-9-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    خبير أمن معلومات: تركيب الصور بالذكاء الاصطناعي يهدد ملايين المستخدمين    رئيس جامعة المنيا يشارك في اجتماع «الجامعات الأهلية» لبحث استعدادات الدراسة    د.حماد عبدالله يكتب: البيض الممشش يتلم على بعضه !!    أسعار طبق البيض اليوم الاربعاء 17-9-2025 في قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 17-9-2025 في محافظة قنا    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    أمين عمر حكما لمواجهة الإسماعيلي والزمالك    حرق من الدرجة الثانية.. إصابة شاب بصعق كهربائي في أبو صوير بالإسماعيلية    التعليم تكشف حقيقة إجبار الطلاب على «البكالوريا» بديل الثانوية العامة 2025    زيلينسكي: مستعد للقاء ترامب وبوتين بشكل ثلاثي أو ثنائي دون أي شروط    بالصور- مشاجرة وكلام جارح بين شباب وفتيات برنامج قسمة ونصيب    "يانجو بلاي" تكشف موعد عرض فيلم "السيستم".. صورة    سارة سلامة بفستان قصير وهيدي كرم جريئة .. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    «دروس نبوية في عصر التحديات».. ندوة لمجلة الأزهر بدار الكتب    مبابي: مباراة مارسيليا تعقدت بعد الطرد.. ولا أفكر في أن أكون قائدا لريال مدريد    بسبب زيزو وإمام عاشور.. ميدو يفتح النار على طبيب الأهلي.. وينتقد تصريحات النحاس    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    انخفاض بدرجات الحرارة، الأرصاد تعلن طقس اليوم    بعد تضخم ثروته بالبنوك، قرار جديد ضد "مستريح البيض والمزارع"    مروان خوري وآدم ومحمد فضل شاكر في حفل واحد بجدة، غدا    تدريبات فنية خاصة بمران الزمالك في إطار الاستعداد لمباراة الإسماعيلي    اليوم، الفيدرالي الأمريكي يحسم مصير أسعار الفائدة في سادس اجتماعات 2025    أعراض مسمار الكعب وأسباب الإصابة به    كاراباك يصعق بنفيكا بثلاثية تاريخية في عقر داره بدوري الأبطال    4 أيام عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    سعر السمك البلطي والسردين والجمبري في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    مي عز الدين تهنئ محمد إمام بعيد ميلاده: «خفة دم الكون»    قبول الآخر.. معركة الإنسان التي لم ينتصر فيها بعد!    يوفنتوس ينتزع تعادلًا دراماتيكيًا من دورتموند في ليلة الأهداف الثمانية بدوري الأبطال    داليا عبد الرحيم تكتب: ثلاث ساعات في حضرة رئيس الوزراء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    على باب الوزير    قافلة طبية مجانية بقرية الروضة بالفيوم تكشف على 300 طفل وتُجري37 عملية    حتى لا تعتمد على الأدوية.. أطعمة فعالة لعلاج التهاب المرارة    يؤثر على النمو والسر في النظام الغذائي.. أسباب ارتفاع ضغط الدم عن الأطفال    ليست كلها سيئة.. تفاعلات تحدث للجسم عند شرب الشاي بعد تناول الطعام    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدث في الحرب العالمية الأولي1- 3
حق مصر الضائع
نشر في الوفد يوم 02 - 09 - 2014

«قد يصادفك الحظ مرة، ويفتح لك ذراعيه بفرصة العمر» وإنت وشطارتك «يا تنجح فى استغلالها، وتشد عليها بالنواجز، يا تتركها تفلت من بين يديك وتضيع، فتكون بإهمالك الخاسر خسرانا مبينا، وقد يتصادف أن تأتى الفرصة مجددا «تحدث مرة فى المليون» - وفى الغالب - ستضرب لخمة «وتضيع عليك مجددا بنزقك وأنت لا تدرى. وعندما تنتبه، أو تفيق من غفلتك – بعد فوات الآوان - ستتحسر، وتندم عليها «يوم لا ينفع الندم».
ومع اقتراب دول الحلفاء الأوروبية الاحتفال بالذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى (1914 – 2014 )، لتأبين ضحاياها. مازلنا فى مرحلة جلد الذات، «والبكاء على اللبن المسكوب». ولم نتحرك لاستغلال الفرص التى أتيحت لنا على مدى هذه السنوات لتكريم ضحايانا من الجيش المصرى المشارك فى هذه الحرب. وتذكير العالم بدور الجندى المصرى فى الحرب، وحقه فى تخليد ذكرى شهدائه، برفع علم مصر فى مقدمة أعلام الدول الأوروبية فى هذا الاحتفال.
ويبدو أن المصريين لم يتعلموا الدرس بعد، وكتب علي مصر أن تظل «فى الفرح منسية وفى الحزن ملهية». وسوف تمضى الأيام سريعا، لنفاجأ بمرور شهرى سبتمبر وأكتوبر، ونصحوا على مراسم الاحتفال يوم 11 نوفمبر القادم بإنجلترا، واصطفاف رؤساء وملوك العالم الحر أمام مقابر الكومنولث لتأبين ضحاياهم، وتجاهل أى ذكر لضحايانا من جنود الهجانة وفيالق عمال سلاح المهندسين المصريين المغلوب على أمرهم، وكانهم مجرد «أنفار وراحوا», وساعتها لا نلوم إلى أنفسنا. وحتى تأتي فرصة أخرى «ويا عالم» يتم استغلالها، أو تضيع هباءً فندخل موسوعة «چينيس» للأرقام القياسية فى حجم الفرص الضائعة، لنهتف «المصريين أهمه»!!!
فى رحلة بحث مكوكية متواصلة على مدى أكثر من 15 سنة فى دول أوروبا ومكتباتها، ومراكز الأبحاث والتوثيق التاريخى، نجح المغامر المصرى الدكتور أشرف صبرى طبيب الأعماق والغواص المحترف، بعد مرور 100 عام على الحرب، فى كشف الكثير من الحقائق المنسية، والمتعمد تجاهلها عن دور فرق الهجانة، وسلاح المهندسين بالجيش المصرى مع دول الحلفاء فى مواجهة دول المركز الإمبراطورية الألمانية والعثمانية والنمساوية المجرية بمصر واوربا وجنوب أفريقيا خلال الحرب العالمية الأولى.
وحتى اليوم لم تتوقف محاولات «أشرف صبرى» الحثيثة فى تجميع وتوثيق الوقائع والأحداث التاريخية للحرب من مصادرها الأصلية. وقد تم تسجيل الرحلة فى فيلم تسجيلى قصير، وكتاب مصور عبر 265 صفحة. ويرصد الكتاب بالصور، الزيارات التى قام بها إلى مقابر ضحايا الحرب العالمية الأولى، والجندى المجهول والمكتبات ومراكز الدراسات والبحوث والتوثيق التاريخى بدول الحلفاء. بهدف تجميع المعلومات، ودعمها بالوثائق والمخطوطات والصور الأرشيفية التى تسجل الحرب وتفاصيلها على مدى سنواتها الأربع، وما نقل عنها من شهود عيان وقادة، وما نشر من تحليل فى الصحف أو مراكز التوثيق، والبرلمانات.
شر البلية
فقط «للتسلية»، لاحت منذ أيام فرصة ثمينة لتمثيل مصر رسميا، ورفع علمها فى احتفال، أقامته بلجيكا إحدى دول الحلفاء أمام مقابر سان سيمفورين التى ضمت رفات الحرب يوم 4 أغسطس الحالى، باعتباره ذكرى انضمام بلجيكا للحلفاء فى الحرب العالمية الأولى – وكالعادة – لم نتحسب لهذه الفرصة ونستعد لها، وكما هو الحال «جلسنا القرفصاء» نندب حظنا. وبحكم أننا موعودون بضياع الفرص، مرت دون استغلالها، أو حتى بالإيحاء بشرف المحاولة. وبالتالى ليس أمامنا إلا اقتناص الفرصة الثانية، والأخيرة التى يحين موعدها فى 11 نوفمبر بعد 71 يوما لإقامة الاحتفال الكبير بإنجلترا أمام مقابر الكومنولث. خاصة بعد الحصول على اعتراف عدد من الدول التى خاضت الحرب، بصمود الجيش المصرى وبلائه بلاءً حسنا, ودوره فى إحراز النصر. ويبقى على الدبلوماسية المصرية التواصل مع باقى دول العالم، لحفظ حقنا فى تقدير ضحايانا التقدير اللائق، وتعويض مصر عن الأضرار التى لحقت بها خلال سنوات الحرب. أسوة بما حدث مع كثير من دول أوروبا. ويذكر أن مصر رغم ظروفها الاقتصادية، والفقر الذى كانت تعانيه، استقطعت جزءا من ميزانيتها الضئيلة فى تمويل نقل الجنود، واحتياجات الحرب من المؤن «المواد الغذائية»، والمعدات الحربية، وإنشاء الخنادق والطرق فى عدد كبير من خطوط المواجهة. «الله يجازى اللى كان السبب».
وقد بدأت الحرب بدخول تحالف الإمبراطورية الروسية، وفرنسا، والإمبراطورية البريطانية، إلى جانب أمريكا لمساندة صربيا تحت ما يسمى دول الحلفاء، ضد تحالف الإمبراطوريتين الألمانية، والنمساوية - المجرية تحت اسم دول المركز. وذلك عقب وقوع حادث سراييفو الذى أغتيل فيه ولى عهد الإمبراطورية النمساوية – المجرية وزوجته، على يد مواطن صربى متعصب. حيث تسبب حادث الاغتيال فى تحفز النمسا للثأر، وفرض شروط تعجيزية، تصل إلى حد فرض الوصاية على صربيا. وأدى رفض صربيا المتورطة فى الاغتيال، الي الإذعان للنمسا والاستجابة لشروطها، إلى جانب استغلال بعض الدول الفرصة، لتصفية خلافاتها، وما بين بعضها البعض من نزاعات قومية وعرقية، وأطماع استعمارية، إلى اندلاع الحرب فى أواخر يوليو 1914.
ومع دوران رحى الحرب بأيام، انتهزت الإمبراطورية الألمانية الظرف باجتياح بلجيكا فى 4 أغسطس. وتوسعت التحالفات بجر بريطانيا مصر إلى الحرب. وانضمت إلى دول الحلفاء إيطاليا، واليابان، ورومانيا، والبرتغال. وفى المقابل انضمت تركيا «الإمبراطورية العثمانية» ومملكة بلغاريا إلى تحالف دول المركز. (تحالف ألمانيا فى الحرب العالمية الثانية اتخذ اسم المحور).
دخول مصر الحرب
يرجع قرار دخول مصر إلى حرب «لا ناقة لها فيها ولا جمل»، إلى ممارسة بريطانيا الضغط على رشدى باشا رئيس وزراء مصر لجر مصر إلى فخ الحرب، ودخول جنرالات بريطانيا ومندوبها السامى على الخط بمقايضة مصر بالاستقلال مقابل دخول الحرب. وطبقا لمذكرات سعد باشا زغلول زعيم «الوفد»، نصحت قيادات بريطانيا مصر، بانها إذا شاركت مصر فى الحرب إلى جانبهم، فإنها ستشارك بريطانيا فرحها، فمن يشاركها المحنة يتقاسم معها الخير فيما بعد. وللترغيب أكثر صرح اللورد «ملنر» رئيس المستعمرات البريطانية، أن ملك بريطانيا ليس لديه نية التدخل فى الوضع السياسى المصرى. بما يفيد التعامل مع مصر كدولة ذات سيادة لها قرارها. الأمر الذى ترتب عليه استصدار «رشدى» قرارا فى 5 أغسطس 1914 بالموافقة على دخول الحرب.
التجنيد الإجبارى
أدى دخول مصر الحرب، إلى قيام إسماعيل سرى باشا وزير الحربية والبحرية والأشغال بكتابة مذكرة، إلى حسين رشدى رئيس الحكومة يطلب استدعاء الجنود الرديف «الاحتياط»، وضم أكبر عدد من المصريين للجيش. ومن هذا الوقت أصبح التجنيد إجباريا لأول مرة فى مصر. ويأتى اهتمام بريطانيا بمصر فى الحرب، لمكانتها، وموقعها ومواردها، ورغبتها فى استغلال الجيش المصرى فى تقوية نفوذها فى منطقة حوض المتوسط. إلى جانب موقع مصر الاستراتيجى الذى يربط بريطانيا بالشرق الأقصى حيث المستعمرات البريطانية فى الهند، وغيرها عن طريق قناة السويس. وطبقا لتقرير رئيس المستعمرات البريطانية، وصل حجم الجيش المصرى بعد ضم عشرات الآلاف من المصريين من خلال التجنيد الإجبارى، إلى مليون ومائتى ألف (1200000) جندى. بما يعادل 10 % من إجمالى عدد السكان البالغ 14 مليون نسمة. وكان عدد جنود الاحتياط أو «الرديف» الذى تم استدعاؤه، لا يتجاوز 12000 جندى من المدربين على الأعمال العسكرية، وخرج من الخدمة بعد قضائه 5 سنوات طبقا للقانون العسكرى المصرى فى ذلك الوقت.
وما أن بدأت مصر الانضمام للحلفاء، إلا وفوجئت بمحاصرتها من أربع جهات. فمن الشرق الجيوش العثمانية، وفى البحر المتوسط من ناحية الشمال الجيش الألمانى، وجيش السنوسى من الغرب، وجيش سلطنة دارفور فى أفريقيا من ناحية الجنوب. ومع إبحار الألمان فى المتوسط، والتقدم تجاه الإسكندرية، تم إغراق عشرات السفن البريطانية قبالة السواحل المصرية. مما دفع المصريين إلى الإقبال على التجنيد والتطوع للدفاع عن أرضهم. وأصبح الدفاع عن الوطن واجبا قوميا على كل مصرى. وتم الدفع بفرق الجيش المصرى بقيادة اللورد جنرال اللنبى، إلى كثير من الجبهات، ومنها أوروبا. وتمت زيادة عدد فرق الجيش بها أكثر من مرة. وكان أهم سلاحين للجيش استخدما فى الحرب، هما سلاح الهجانة وفيالق العمال (سلاح المهندسين الآن).
«الرديف»
وكانت إنجلترا قد عرضت فى بادئ الأمر، أن تستأجر الجنود الرديف لحماية قناة السويس من أى هجوم. ورفض السلطان حسين هذا الطب، ورد بأن الجيش المصرى جيش وطنى، لا يباع ولا يشترى. وقال : أأبى ان يقال عنى إنى أؤجر رجالى للزود عن قنالى بمال غيرى «حاشى أن يتحول الجيش المصرى إلى مرتزقة». بل يدافع عن وطنه دون مقابل. مما يؤكد أن مصر تحافظ على كرامة أبنائها.
وفى الحرب بدأت كل دولة من دول المعسكرين المتحاربين ( الحلفاء والمركز ) تصفية حساباتها وتثأر لنفسها من الدولة، أو الدول الأخرى. قامت روسيا باجتياح النمسا، ودخول ألمانيا روسيا، ثم اجتياحها بلجيكا. وتحالفت تركيا «الإمبراطورية العثمانية» الضعيفة فى هذا الوقت مع الألمان للهجوم على سيناء، واحتلال طابا، عقابا لمصر على الإفلات من قبضت الحكم العثمانى، ووجود الإنجليز على أرضها، وانضمامها إلى جيش الحلفاء، والسماح باستخدام أراضيها، لتكون أكبر قاعدة للعمليات الحربية، للانطلاق منها لتهديدها، وغزوها عبر فلسطين، وأيضا من البحر.
الثغر مستشفى للحلفاء
وبحكم وجود بريطانيا العظمى فى مصر، بدعوى حماية قناة السويس الممر المائى الحيوى، تحولت مصر إلى معسكر للحلفاء، وأصبحت الإسكندرية المستشفى الرسمى للحرب على البحر الأبيض المتوسط. وتم الاستعانة بالجيش المصرى فى حفر الخنادق، وإقامة الاستحكامات على السواحل المصرية، ونصب المدافع فى كوم الدكة والمكس، وميناء الإسكندرية. ووزع الجنود لمراقبة الحدود.
ولم يكتف جنرالات الحرب الإنجليز، بدخول مصر الحرب واستغلال جيشها، واستباحة أرضها ومياهها وأجوائها، ومؤسساتها. بل تعدى ذلك إلى إجبار مصر على تحمل نفقات وتكاليف إعاشة ومعسكرات جنودها. فقد أعلن السير وليام بونيات فى خطاباته السرية، إلى الوزير البريطانى سير ريجنالد، بان مصر مطالبة بتحمل التكلفة العسكرية لجنود فيالق العمال (نسخة من مراسلات وليام برونيات بجامعة توتنهام)، وأيضا تحمل مصر جزء من تكاليف الحرب. حيث تم رصد مبلغ 8198 جنيها لوزارة الحربية، لإنشاء معسكرات للهجانة فى شبه جزيرة سيناء (قيمة الجنيه المصرى كان أعلى من الجنيه الذهب)، وبعد 7 أيام فقط من تخصيص المبلغ، اجتمع مجلس الوزراء المصرى فى 18 نوفمبر 1915، فتح اعتماد إضافى لوزارة الحربية بمبلغ 3357 جنيها مصريا للمساهمة تحت بند احتياجات المعسكرات. ووصل المر لفتح ما بين ثلاث، وأربع اعتمادات مالية كل شهر. ومع نهاية الحرب تجاوز ما تم صرفه من الميزانية، لتمويل الحرب عدة ملايين من الجنيهات.
ادعاء الفقر
وتحت دعوى المجهود الحربى، صورة الإمبراطورية البريطانية العظمى نفسها للمصريين بأنها دولة رقيقة الحال، ومصر البلد المستعمر ميسورة الحال، وطالبت المصريين بالتبرع لها « حسنة لله «، لإنقاذ بريطانيا. وصدرت صحيفة الأهرام فى 28 أكتوبر 1915 هذه الصورة, بأن نشرت حاجة الصليب الأحمر الإنجليزى الماسة إلى كثير من الأموال، ومهما تكن خزائنه فائضة بالمال، فلابد من مال جديد تنفقه لحماية مصر من خطر الحرب، إلى أن ينتهى القتال. «ياحرام بريطانيا فقيرة». ونشرت الصحيفة أيضا، أنها تلقت كثيرا من رسائل الاستفهام من أعيان مصر، الذين يرغبون فى الإعراب عن تعاطفهم مع الإنجليز, وميلهم للتبرع للصليب الأحمر الإنجليزى، والبنك الأهلى. وإقامة بعض الحفلات لصالح الصليب الأحمر، حتى بلغت التبرعات 320 ألف جنيه. إلى جانب الإقبال على التبرع بالدم.
وفى الوقت الذى بالغت فيه بريطانيا عن حاجتها للمال، وطالبت بالتبرع، رغم علمها بتأثر المصريين بالحرب. كان انحياز «الأهرام» للمستعمر مبالغ فيه. وذلك بإفراد صفحاتها، لخداع المصريين ببث رسائل التعاطف مع المستعمر الإنجليزى. فى حين كانت الوكالة البريطانية على العكس تماما. حيث كشفت أخبارها الوضع المأساوى للمصريين، وأنهم الأكثر احتياجا، وأن الحرب تسببت فى ترك كثير من الناس بلا عمل، وزيادة حالات الضيق والشكوى، والمرض فى جميع أنحاء البلاد. ورغم أن الوكالة ممثلة للجانب الأخر كانت أرحم وأحن من «الأهرام» وطالبت بضرورة توحد المصريين، وتكاتفهم، لإسعاف إخوانهم، ومساعدتهم للتخفيف من وطأة الحياة الصعبة. «وعجبى».
احتكار القطن
وقد دفعت أطماع الإنجليز إلى إظهار وجه المستعمر السافر بنهب المزيد من خيرات مصر. حيث أصدرت السلطة العسكرية إعلانا فى 26 نوفمبر 1917، أمرت فيه جميع المصريين بأن يقدموا دوابهم لخدمة الحرب. وبعد أن زاد الناس فقرا، وضاق ذرعا من الاستيلاء بالقوة على كل ما يملكون. تدخل مجلس الوزراء المصرى فى فبراير 1918، لرفع الظلم عن المتضررين، بصرف تعويضات. وقد حالت قلة الأموال المتاحة فى الخزانة دون صرف كثير من التعويضات. كما وضعت السلطة العسكرية البريطانية، يدها على جزء كبير من المحاصيل الزراعية «مذكرات عبد الرحمن فهمى». ووصل الأمر إلى احتكار الإنجليز لإنتاج القطن بالكامل، وبمقابل ضئيل جدا. وامتدت عمليات الاستيلاء إلى كل شيء حتى المراكب الشراعية، والأشجار الخشبية ونشارتها. ولضمان مصادرة ما تبقى من غلال، ومحاصيل زراعية، أجبرت مصر على مد الجيش البريطانى بجميع متطلباته من مؤن، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، فعم الغلاء فى البلاد، وزاد السخط واصبح العيش عسيرا لدرجة جعلت الصحف لا تملك إخفاء الإشارة لهذه الشكاوى وإن كانت الإشارة على استحياء. خاصة فى ظل القبضة الحديدية المفروضة.
ومع تصاعد وتيرة العمليات العسكرية، لجأت القوات البريطانية الجوية الملكية، إلى الاستيلاء على منطقة أبى قير بالإسكندرية ونزع ملكيتها، وتحويلها إلى قاعدة جوية. وتطلب الأمر التوسع فى توفير المزيد من المستشفيات الميدانية، والخدمات الطبية، لعلاج جرحي الحرب. فتم تخصيص مستشفى الجيش المصرى بالقاهرة بكامل معداته وتجهيزاته، لاستقبال جرحى فرقة النيوزلانديين «الكومنولث» العسكرية. وقد ذكر مراسل «التايمز» بالقاهرة، أن مصر تلقت الآلاف من الجرحى البريطانيين ومرضاهم، وأن المستشفيات ودور النقاهة، والمدارس، والفنادق والكنائس والمساجد، والقصور الملكية فتحت أبوابها فى جميع أنحاء البلاد، لإقامة وإعاشة وعلاج جنود ومصابى دول الحلفاء.
بداية رحلة البحث
استدراك: بداية انطلاق الدكتور أشرف صبرى لجمع المعلومات وتوثيقها عن دور الجيش المصرى فى الحرب العالمية الأولى. اكتشافه 13 سفينة أثرية غارقة، يرجع تاريخها إلى الحرب العالمية الأولى. فى إطار رحلات الغوص التى يقوم بها بالإسكندرية منذ عام 2000 – بحكم – هوايته، وعمله كمدرب وأستاذ فى طب الأعماق. إلى جانب « فضوله « شغفه فى معرفة المزيد عن دور الجيش المصرى فى الحرب، وأيضا والد جده اللواء إبراهيم صبرى أحد ضباط سلاح الفرسان الذى استشهد فى دارفور أثناء الحرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.