لم تكن ثورة 25 يناير المجيدة، التى سطرها التاريخ المصرى والعالمى بكل مافيها من تغيرات واطراءات، بمنأى عن التأثير بالشارع المصرى، والعربى، والعالمى، ولكنها كانت صاحبة ضربات قوية فى سبل التغير للمصريين، اعتبره البعض للأسوأ، وإتاحة الفرصة لتنظيم الإخوان لركوب الموجة واعتلاء حكم مصر عبر إرهاب ممنهج، تم مواجهته بثورة عارمة من الشعب المصرى فى 30 يونيو، كان للرئيس عبد الفتاح السيسى والجيش المصرى دور كبير فيها. هذه الاطراءات والتغيرات بالشارع المصرى، لم تكن بعيدة عن عيون التجسس الرسمية لأكبر دولة فى العالم، وهى الولاياتالمتحدةالأمريكية، والتى تنظر للعالم بتقسيمات عسكرية، وأمنية، وتضع فيها مصر كرأس حربة، لتحقيق أهدافها الإستراتيجية بمنطقة الشرق الأوسط، وبالتالى تختلف أوضاع هذه الدولة الكبرى تجاه مصر باختلاف الأوضاع بها، والتى لخصها المتابعون والمحللون بأن سفارة أمريكا فى مصر أصبحت بقبضة الأمن المصرى، بعد أن كان الأمن تحت سيطرتها وأمرها، وأيضا أصبحت السفارة والقائم بأعمال السفير، فى عزلة تامة عن الواقع والخيال، دون أى لقاءات أو زيارات رسمية أو شكلية للسفارة عقب ثورة 30 يونيو. العزلة للأمريكان "العزلة للأمريكان" فى مصر، وسفاراتهم بقبضة الأمن، وفى أسوار خرسانية، وتشكيلات أمنية، بإطارها.. هكذا حال سفارة الأمريكان فى مصر بعد ثورة 30 يونيو، اقتصر دورهم على إرسال بيانات وتقارير التجسس الرسمية، تجاه إدارة البيت الأبيض، والتى تتضمن دائما نقل أخبار مغلوطة وصورة سلبية عن نظام 30 يونيو، وما أعقبه من استحقاقات انتخابية، خرج فيها الشعب المصرى، للتأكيد على الشرعية الثورية الجديدة التى قضت وعزلت تنظيم الإخوان، وهذا بخلاف ما كان يحدث طوال عام المعزول مرسى من لقاءات رسمية للسفيرة آن با ترسون، ولقاءاته المستمرة مع قيادات المجلس العسكرى السابق، بقيادة المشير حسين طنطاوى، وأيضا أعقبتها بلقاءات قيادات مكتب الإرشاد لتنظيم الإخوان، وأيضا القوى والأحزاب السياسية، وقيادات جبهة الإنقاذ، إبان عهد المعزول مرسى، هذا بالإضافة إلى الدورات التثقيفية بالجامعة الأمريكية. بهذا تكون ثورة 30 يونيو، مرحلة فاصلة للعلاقات المصرية والأمريكية، حيث يسجل التاريخ لأول مرة أن لا يكون للأمريكان سفير نشيط وله دور فعال بالقاهرة، بعد أن يغادر سفيرها، وهذه الحالة تتمثل فى مغادرة السفيرة آن باترسون أعقاب ثورة 30 يونيو، دون أن يصل سفير جديد لها، بالمخالفة للأعراف الدبلوماسية، وهو ما سيحدث بعد ما يقرب من عام و4 أشهر حيث من المنتظر أن يصل السفير الجديد، روبرت بيكر، أواخر الشهر الجارى. المخلوع والمعزول وإرضاء الأمريكان "الرئيس مبارك" كان حريص على إرضاء الأمريكان، وتحقيق مصالحهم، بهذا الكلمات أكد اللواء محمود منصور، ضابط سابق بالمخابرات الحربية المصرية، على أن الإدارة الأمريكية كانت مسيطرة ولها تدخلات فى المشهد المصرى، طوال عهد الرئيس مبارك، وهو ما رأيناه فى عهد المعزول محمد مرسى، والعمل على تنفيذ مطالبهم، وتحقيق رؤيتهم بشكل المشهد السياسيى والاقتصادى، وهو ما ظهر جليا فى دعمهم للرئيس مرسى وتنظيم الإخوان، ورفضهم لثورة 30 يونيو وتغير موقفهم منها لفترات كثيرة، وإن كانوا قد قبلوا بالأمر الواقع، حرصا على مصالحهم بالمنطقة وتحديدا فى الشارع المصرى. ودلل منصور على حديثه بتصريحات السفير نبيل فهمى، وزير الخارجية السابق، والذى أكد فيه على أن الأمريكان حتى هذه الفترة مصرون على مشاركة الإخوان بالمشهد السياسى المصرى، ومشاركاتهم فى البرلمان، بينما أكد منصور على أن الوضع اختلف بوصول الرئيس عبد الفتاح لسدة الحكم، وأصبحنا لا نرى أى دور للسفارة الأمريكية ولا يوجد لها سفير من الأساس، والعلاقات الدولية تتم فى إطار وزير خارجيتهم جون كيرى، دون أى تدخل فى الشئون الخاصة بالبلاد ويقتصر دوره على علاقات المنطقة وما يحدث فيها بأكملها دون النظر فى تفاصيل ما يحدث بمصر، والتى كانت محطتها الأخيرة مفاوضات وقف إطلاق الحرب على غزة، وما تعرض له الوزير من موقف محرج بتفتيشه قبل الدخول للقاء الرئيس. فى هذا السياق ترصد "بوابة الوفد" أبرز الزيارات الرسمية التى تمت بين الإدارة الأمريكية، والجانب المصرى، منذ ثورة 25يناير، مرورا بثورة 30 يونيو، ومغادرة السفيرة آن باترسون للبلاد، حيث تمت هذه الزيات بين الجانبين بشكل تبادلى، دون أى دور واضح للسفارة الأمريكية، خاصة أنها لا تحضن بين جنباتها سفيرا لها. زيارات المصريين للأمريكان فى الرابع من أغسطس من العام الجارى، قام المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء بزيارة لأمريكا للمشاركة فى القمة الأمريكية الأفريقية، حيث تم استقباله بمقر إقامته بالعاصمة الأمريكيةواشنطن، من قبل جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى، وتم بحث العلاقات الثنائية المصرية الأمريكية وسبل دعمها وتطويرها فى مختلف المجالات، فيما تطرق للأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط وتطورات الأوضاع فى سوريا وليبيا والعراق بالإضافة إلى بحث الجهود المصرية الأمريكية للتهدئة فى غزة. وسبقه فى الرابع والعشرون، من إبريل الماضى، من العام الجارى قيام وزير الخارجية نبيل فهمي بزيارة للولايات المتحدة والتقى برموز الجالية المصرية في منطقة خليج سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأمريكية من المتخصصين في قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة النووية والاستثمار، وأيضا مجموعة متميزة من الخبراء في مجالات التنمية ورجال الأعمال خلال غداء عمل خاص استضافة مجلس الشئون العامة في شمال كاليفورنيا، وهو الأمر الذى سبقه فيه، بعام كامل وزير الخارجية الأسبق محمد كامل عمرو بزيارة لأمريكا لمدة أسبوع، قام خلالها بإلقاء كلمة مصر أمام الجلسة الخاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة حول السلم والأمن فى أفريقيا، واصطحبها فى حينها مساعد الرئيس الأسبق للشئون الخارجية د. عصام الحداد. وفى يوليو 2011، قام اللواء محمد العصار، مُساعد وزير الدفاع وعضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق بزيارة أمريكا ، بهدف التشاور بشأن علاقات التعاون العسكرية، ومستجدات الأوضاع السياسية الداخلية في مصر عقب الثورة، هذا بالإضافة إلى لقاءات فردية لعدد من الوزراء والمسئولين. زيارات الأمريكان لمصر فى منتصف أغسطس الماضى قام النائب الأمريكي داريل إيسى رئيس لجنة المراقبة والإصلاح الحكومي بمجلس النواب الأمريكي بزيارة لمصر، استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسى، وقد استهل النائب الأمريكي اللقاء بالتأكيد على أهمية تعزيز العلاقات الإستراتيجية المصرية – الأمريكية واستثمار الرصيد الطويل من التعاون بين البلدين، كما قدم الشكر للسيسى على الجهود المصرية التي تبذل في كل من سيناء والصحراء الغربية لمكافحة الإرهاب، مؤكدا أن الإرهاب يعد خطرا مشتركا، كما التقى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول صدقي صبحي بالنائب الأمريكى، بحثا الجانبان عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وتبادل وجهات النظر حول المستجدات والمتغيرات الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية. - فى يوليو الماضى قام جون كيرى وزير الخارجية الأمريكية بزيارة لمصر استقبله الرئيس السيسى وبحثا سبل التوصل لاتفاق هدنة، وشهدت القاهرة نشاطا دبلوماسيا وجهودا مكثفة لوقف نزيف الدم الفلسطينى والعدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة، حيث أجرى الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون، وجون كيرى وزير الخارجية الأمريكية، وبورج براندا وزير خارجية النرويج محادثات مع كبار المسئولين، حول سبل التوصل لاتفاق هدنة. - وفى أواخر يونيه الماضى، قام وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بزيارة لمصر استقبله الرئيس عبدالفتاح السيسي تناولت مباحثات الجانبين مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث أكد كيري علي أهمية تطوير العلاقات مع مصر والتعاون معها في تحقيق الأهداف المشتركة لدعم العلاقات الثنائية ومواصلة العلاقات الإستراتيجية لأثرها الايجابي علي تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. كما تضمنت الزيارات أيضا قيام مستشار وزارة الخارجية الأمريكية توماس تشانون ممثلا للرئيس الأمريكى باراك أوباما على رأس وفد الولاياتالمتحدةالأمريكية لمصر فى 8/6/2014، بزيارة مصر للمشاركة في احتفالات تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي. حيث أكدت الولاياتالمتحدة تتطلعها إلى العمل مع الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي وحكومته، وضرورة مواصلة العمل في مصر من أجل الوصول إلى طريق ديمقراطي مستقر تشارك فيه كافة الأطراف. زيارة هيلارى كلينتون لمصر تعد زيارة هيلارى كلينتون هى الأولى لمسئول أمريكي إلى مصر على هذا المستوى منذ أداء الرئيس الأسبق محمد مرسى اليمين الدستورية نهاية يونيو 2012، وحملت كلينتون رسالة من الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتهنئة الرئيس والشعب المصري على انتخابه كأول رئيس مدني، فيما تعددت زيارات كبار مسئولي الإدارة الأمريكية إلى مصر عقب ثورة 25 يناير، للوقوف على أهم مستجدات الأوضاع السياسية الداخلية بمصر، وكان من بينها زيارة وزيرة الخارجية "هيلارى كلينتون" ووزير الدفاع "روبرت جيتس" خلال شهر مارس 2011 إضافة إلى زيارات كل من "مايكل بوزنر" مساعد وزير الخارجية للديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل فى مارس 2011، و"جيفرى فيلتمان" مُساعد وزير الخارجية لشئون الشرق الأدنى للقاهرة فى مارس ومايو ثم في أغسطس 2011، والتى تزامنت مع أزمة الحدود مع إسرائيل، حيث أعرب خلال الزيارة عن تعازى الشعب الأمريكى لفقدان مصريين حياتهم على الحدود فى سيناء، وأخيرا "ماريا أوتيرو" وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشئون العالمية والديمقراطية للقاهرة فى سبتمبر 2011، والتى التقت خلالها بالعديد من المسئولين المصريين وفى مقدمتهم اللواء منصور العيسوى، وزير الداخلية، وبعض ممثلى المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدنى العاملة بمصر. العلاقات الاقتصادية وفقا «لبيانات وزارة الصناعة والتجارة الخارجية»، تأتي الولاياتالمتحدة كأكبر شريك تجاري لمصر، في حين تحتل مصر المرتبة ال 52 في قائمة أهم شركاء الولاياتالمتحدة التجاريين، ويحق لمصر – من ضمن مجموعة دول نامية - الاستفادة من النظام المعمم للمزايا GSP الأمريكي والذي يسمح بتصدير بعض المنتجات المصرية إلى السوق الأمريكي وإعفائها من الجمارك. وتمثل حجم التجارة البينية بين الولاياتالمتحدةالامريكية ومصر فى عام 2014، يبلغ ستة مليارات و800 مليون دولار، كما تبلغ الاستثمارات الامريكية فى مصر 14 مليار دولار، فيما وصل اجمالى التجارة البينية إلى 9.065 مليار دولار أمريكى عام 2010، حيث بلغت الواردات المصرية من الولايات المُتحدة الأمريكية 6.837 مليار دولار، والصادرات المصرية 2.228 مليار دولار، وقد بلغ العجز 4.609 مليار دولار، حيث سجلت التجارة البينية تطوراً ملحوظاً مقارنةً بعام 2009، عندما بلغ حجم التجارة البينية 7.809 مليار دولار أمريكى، وعجز ميزان التجارة البينية 3.200 مليار دولار أمريكى عام 2009 .