فى 6 مايو الماضى، وقف المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، بمؤتمر الطروحات الأولية العامة بمشاركة 5 وزراء من المجموعة الاقتصادية وحضور 200 شركة من الشركات الحكومية والخاصة يتعهدون بالعمل على تقديم كل المساندة والدعم للبورصة بطرح حصص من شركاتها، لكن يبدو أن كل ذلك كان من منطلق الشو الإعلامى لا أكثر. بعد 4 شهور من المؤتمر وبالتحديد فى منتصف تعاملات الأسبوع الماضى، استيقظ سوق المال على قرار مجلس إدارة شركة «الدلتا للسكر» وهى شركة حكومية بالموافقة على شطب أسهم الشركة من البورصة المصرية، القرار أصاب البورصة بصدمة، وفتح مجالاً للقيل والقال، وعلامات استفهام لا نهاية لها عن أسباب الشطب، بل راح مسئولون بالشركة يقدمون مبررات غير مقنعة بالمرة لعملية الشطب، تارة بدعوى رفضها لقواعد القيد الجديدة، وأخرى سبب ارتفاع رسوم القيد إلى 500 ألف جنيه سنوياً، وثالثة بسبب اشتراط قواعد القيد الجديدة تعيين اثنين من الأعضاء المستقلين بمجلس إدارة الشركة. الكارثة فى هذه الواقعة وفقاً لمصادر خاصة ل«الوفد» أن قرار الشطب اتخذ دون الرجوع لوزير الاستثمار أشرف سلمان، وهو ما يعد تجاوزاً وعدم مراعاة لاختصاصات وزير الاستثمار الذى ما كان رئيس شركة أو مجلس إدارة يتخذ مثل هذا القرار فى عهد وزير الاستثمار الأسبق الدكتور محمود محيى الدين، دون مناقشته فى القرار بحسب المصادر. وتابعت المصادر أن الشركة تحقق أرباحاً كبيرة وصافى ربح بلغ 140.1 مليون جنيه خلال 6 أشهر، وبالتالى فإن رسوم البورصة لاتمثل قيمة للشركة مقارنة بهذه الأرباح. سألت شريف سامى، رئيس الرقابة المالية، حول ما إذا كانت الشركة تريد الهروب من الحوكمة والإفصاح الذى يعد حصن الأمان للشركات والمساهمين أجابنى قائلاً: إن الحوكمة من أهم عناصر مكافحة الفساد الذى يركز رئيس الجمهورية على ضرورة مواجهته وبتره فى كل لقاء، كما أن وجود أعضاء مستقلين فى مجلس إدارة الشركات يدعم الحوكمة التى تتطلب الإفصاح والشفافية، إذ إن العمل بها خير وسيلة لمحاربة الفساد وضمان للحفاظ على أموال المستثمرين، خاصة أن الفساد ليس رشوة فقط. وتابع أن القيد بالبورصة يلزم الشركات باتباع معايير الحوكمة من خلال الإفصاح والشفافية وهو ما يحمى أموال صغار المستثمرين، وبالتالى غير منطقى أن تقوم شركة بشطب أسهمها، كما أن شطبها يمثل عبئاً ضريبياً على صغار المستثمرين عند التخارج، حيث إن الشركة وقتها لن تتمتع بنسب الضرائب المنخفضة على المستثمرين فى البورصة. ما فعلته الشركة هو أكبر إساءة للشركات الحكومية، فمثل هذا القرار لم تتخذه أى من شركات القطاع الخاص المقيدة فى سوق الأسهم، فكل العيب على مثل هذه الشركات الحكومية أن تتهرب من قواعد القيد الجديد، ولا تريد الالتزام بالإفصاح والشفافية هكذا قال عمرو صابر، محلل أسواق المال، إذ إن أعضاء مجلس الإدارات تناسوا أن البورصة لا تقتصر على أنها مصدر للتمويل أو وسيلة سهلة لتخارج المستثمرين فقط، وإنما هى وسيلة تسويقية سهلة للتسويق لمنتجات واسم الشركة، ويقع أيضاً على تلك الشركات الحكومية عاتق اجتماعى ووطنى وهو الاستمرار فى البورصة لنهضتها لا للشطب، فعند إنشاء البورصة تم طرح الشركات الحكومية لتكون عماد البورصة وتساهم فى تشجيع الشركات غير الحكومية على القيد. لابد من تدخل الجهات الحكومية لإعادة النظر فى قرار الشطب لشركة الدلتا للسكر، إذ يعتبر إشارة سلبية للمستثمرين فى السوق. يتساءل وائل أمين، محلل أسواق المال، قائلاً إن معظم أسهم الشركة وبنسبة تتراوح من 70 إلى 80٪ هى مملوكة لجهات حكومية، فكيف لمجلس إدارة الشركة أن يتخذ قراراً كهذا فى الوقت الذى تسعى إليه الجهات المنظمة للسوق لجذب مزيد من الشركات وطرح حصص من أسهم الشركات الحكومية؟ وتابع أن الشطب عند اتخاذه يتم شراء الأسهم من مالكيه بأحد سعرين إما أعلى سعر خلال شهر من تاريخ قرار المجلس بالشطب أو متوسط سعر تداول السهم خلال 3 شهور السابقة للقرار وخلال الشهر السابق للقرار كان أعلى سعر 11.70 ومتوسط سعر آخر ثلاثة أشهر هو 11 جنيهاً إذن سيتم التنفيذ على السعر الأعلى وهذا أمر يثير الدهشة، إذ إن السهم ارتفع سعره بعد القرار ووصل إلى مستوى 13 جنيهاً، وهو ما يثير العديد من علامات الاستفهام. كما أن سهم الدلتا للسكر يعد من الأسهم الدفاعية داخل السوق وفقاً ل«أمين» إذ إنه من فئة الأسهم التى تلائم المستثمر طويل الأجل، وتوجد نسبة كبيرة من حاملى السهم يمتلكونه منذ عدة سنوات وعملية التخارج تضر بصغار المستثمرين، حيث إن سعر تداول السهم فى عام 2008 وصل إلى مستوى 30 جنيهاً وخلال عام 2009 كان سعره عند مستوى 17 جنيهاً وخلال عام 2010 عند مستوى 16 جنيهاً وعام 2012 عند مستوى 15 جنيهاً، وبالتالى حملة السهم خلال تلك السنوات السابقة سيتكبدون خسائر تتراوح من 50 إلى 20٪ تقريباً. قرار الشطب يثير العديدمن علامات الاستفهام كما قال صلاح حيدر، محلل أسواق المال، خاصة أن المبررات بإلزام قواعد القيد الجديدة بضم عضوين مستقلين عن الشركة فى مجلس الإدارة أو زيادة الرسوم السنوية إلى 500 ألف جنيه لا تدعو إلى اتخاذ قرار الشطب، فالعديد من شركات قطاع الأعمال العام يلتزم بتلك القواعد ولم تبد اعتراضها. والشركة تعد أوائل الشركات المدرجة فى السوق منذ عام 1992، وهيكل المساهمين يعود بشكل كبير إلى القطاع العام، إذ تضم شركة السكر والصناعات التكاملية المصرية بمساهمة 55.73٪ هيئة الأوقاف المصرية بحصة 8.09٪، مصر للتأمين 6.96٪، شركة الصناعات الكيماوية المصرية 6.46٪، بنك الاستثمار القومى 6.28٪، بالإضافة إلى مصر لتأمينات الحياة 6.03٪ أى أن نسبة التداول الحر 10.5٪ لذلك فإن تساؤلات عديدة تدور حول أسباب شطب الشركة من سوق الأسهم. إذن على البورصة بحسب قول محمود جبريل، خبير أسواق المال، إعادة النظر فى الرسوم المقررة على الشركات، حيث إن مبلغ 500 ألف جنيه المقررة تعد قصم ظهر للشركات المقيدة، سواء شركات أو صناديق استثمار على حد تعبيره، فدور البورصة هو التيسير والتسهيل على الشركات حتى تتمكن من الاستمرار فى القيد بالسوق، وليس هروبها.