اليوم .. الكنائس تختتم صوم السيدة العذراء باحتفالات روحية وشعبية واسعة    «العربية للعلوم » تفتح أبوابها للطلاب بمعرض أخبار اليوم للتعليم العالي    «تربية حلوان» تطرح برنامج معلم اللغة الإنجليزية للمدارس الدولية واللغات    تعرف على سعر الذهب اليوم الخميس.. عيار 21 يسجل 4555 جنيها    جامعة القاهرة تطلق استراتيجة للذكاء الاصطناعي بمؤتمر CU-AI Nexus 2025    هل يتم دفع ضريبة عند إعادة بيع الذهب؟.. توضيح من الشعبة    رينو أوسترال... تكنولوجيا متطورة وفرصة تمويل استثنائية من ألكان للتمويل    إيران: العقوبات الأمريكية على قضاة بالجنائية الدولية تواطؤ في إبادة وقتل الفلسطينيين    كامل الوزير يزور السعودية لبحث عدد من الملفات    القدس للدراسات: الحديث عن احتلال غزة جزء من مشروع «إسرائيل الكبرى»    واشنطن تبرم صفقة مع أوغندا لاستقبال اللاجئين    "رياضة الدقهلية" تكرم مركز اللياقة البدنية الفائز بالمركز الثالث على مستوى الجمهورية    مقتل أخطر 6 عناصر إجرامية فى مواجهات أمنية بأسوان    نتيجة تحليل المخدرات للسائق المتهم بالدهس بكورنيش الإسكندرية    شيرى عادل تنضم لأسرة فيلم حين يكتب الحب    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    لا أستطيع أن أسامح من ظلمنى.. فهل هذا حرام؟ شاهد رد أمين الفتوى    نجاح أول عملية استئصال ورم بتقنية الجراحة الواعية بجامعة قناة السويس    مستشفيات جامعة قناة السويس تواصل ريادتها بعملية ناجحة لإصلاح الصمام الميترالي بالمنظار    جيش الاحتلال يعلن إصابة جندي بنيران المقاومة شمال غزة    لبنان.. بدء المرحلة الأولى من تسليم سلاح المخيمات الفلسطينية    أول رد رسمي على أنباء توقف أعمال الحفر في ستاد الأهلي    7 عروض أجنبية في الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    محمد الشناوي غاضب بسبب التصرف الأخير.. مهيب يكشف تفاصيل حديثه مع حارس الأهلي في عزاء والده    تخفيضات تصل إلى 50%.. موعد انطلاق معارض أهلًا مدارس 2025- 2026    لجنة الحريات بنقابة الصحفيين تعلن تضامنها مع الزملاء بصحيفة "فيتو" بشأن بيان وزارة النقل    195 عضوًا بمجلس الشيوخ يمثلون 12 حزبًا.. و3 مستقلين يخوضون الإعادة على 5 مقاعد في مواجهة 7 حزبيين    الاتحاد السكندري ل في الجول: تأجيل مكافأة الفوز على الإسماعيلي لما بعد مباراة البنك الأهلي    القصة الكاملة لتحويل بدرية طلبة للتحقيق: بدأت بتجاوزات وانتهت بمجلس التأديب    أحدث ظهور لنادية الجندي بإطلالة صيفية جريئة على البحر (صور)    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    رغم قرار رحيله.. دوناروما يتدرب مع سان جيرمان    تقرير: رابيو يعرض نفسه على يوفنتوس    جني جودة تحصد 3 ذهبيات ببطولة أفريقيا للأثقال وشمس محمد يفوز في وزن + 86كجم    فانتازي يلا كورة.. انخفاض سعر ثنائي مانشستر سيتي    خالد الجندى ب"لعلهم يفقهون": الإسلام لا يقتصر على الأركان الخمسة فقط    جولة لرئيس شركة الأقصر لمتابعة العمل بمحطة المياه الغربية.. صور    "جهاز الاتصالات" يصدر تقرير نتائج قياسات جودة خدمة شبكات المحمول للربع الثاني    فتح: مخططات نتنياهو للاجتياح الشامل لغزة تهدد بارتكاب مجازر كارثية    جنايات بنها تنظر أولى جلسات محاكمة المتهم بخطف طفلة والتعدى عليها بشبين القناطر    وكيل صحة الإسماعيلية تفاجئ وحدة طب أسرة الشهيد خيرى وتحيل المقصرين للتحقيق    الجامعة المصرية الصينية تنظم أول مؤتمر دولي متخصص في طب الخيول بمصر    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    جامعة أسيوط تعلن مواعيد الكشف الطبي للطلاب الجدد    وزير الثقافة يعلن محاور وأهداف المؤتمر الوطني «الإبداع في زمن الذكاء الاصطناعي»    مستخدمًا سلاح أبيض.. زوج ينهي حياة زوجته ويصيب ابنتهما في الدقهلية    «الصحة»: وفاة شخصين وإصابة 18 في حادث تصادم طريق «الإسكندرية - مطروح»    «الأرصاد» تحذر من حالة الطقس يومي السبت والأحد.. هل تعود الموجة الحارة؟    كيفية صلاة التوبة وأفضل الأدعية بعدها    نائب وزير الصحة يبحث مع رئيس الأكاديمية العربية للنقل البحري سبل التعاون    رفضه لجائزة ملتقى الرواية 2003 أظهر انقسامًا حادًا بين المثقفين والكتَّاب |السنوات الأولى فى حياة الأورفيلى المحتج    مديريات التعليم تنظم ندوات توعية لأولياء الأمور والطلاب حول البكالوريا    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    الداخلية: تحرير 126 مخالفة للمحال المخالفة لقرار الغلق لترشيد استهلاك الكهرباء    هل يوجد زكاة على القرض من البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    أخبار مصر: اعترافات مثيرة ل"ابنة مبارك المزعومة"، معاقبة بدرية طلبة، ضبط بلوجر شهيرة بحوزتها مخدرات ودولارات، إعدام سفاح الإسماعيلية    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    وزارة الأوقاف تطلق صفحة "أطفالنا" لبناء وعي راسخ للنشء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عسل أسود
نظام غير لائق اجتماعيا
نشر في الوفد يوم 26 - 08 - 2014

لم يكن عبدالحميد شتا ذلك الشاب النابه الا تعبيراً صادقاً عن قلبنا الموجوع، وحلمنا المدفون، تحت مقاييس عفنة، توغلت في مجتمعنا وتحولت الي اخطبوط سيطر
علي جميع مفاصله، عبدالحميد الذي انتحر في منتصف تسعينات القرن الماضي عندما رسب في امتحان وزارة الخارجية بدعوي ان والده غير لائق اجتماعيا فقط لمجرد كونه رجلاً بسيطاً بينما نجح من كان هو يدرس لهم «كورس» دخول الامتحان فقط لأنهم من أبناء الأكابر ومن اصحاب كروت التوصية وكأن الفقر في بلادنا اصبح جريمة مخلة بالشرف، ونفض المجتمع الملىء بالفساد والاستبداد يده من بناء الوطن وركز من يتولون زمام أموره فقط علي نهب عقوله وسرقة ثرواته، الي ان جاءت ثورة يناير فتصورنا زوراً وبهتاناً، ان عهد الظلم الاجتماعي وبيع الوطن مجانا للاقطاعيين الجدد قد ولي إلي غير رجعة، لنكتشف اننا اشترينا «التروماي» وابتعنا الوهم، لقد مات ولم تصل صرخة انتحاره الي المسئولين منذ مبارك وحتي الآن فأصبحنا جميعا «عبدالحميد شتا» وإن اختلفت الأسباب والدوافع، فدائما النتائج واحدة، «مزيد من القهر الاجتماعي، والانحيازات غير العادلة، واهدار طاقات ابناء الوطن».
ذكريات تلك الحادثة الأليمة عادت تجري أمامي عندما علمت أن مجلس القضاء الأعلي اشترط لقبول أي عضو بالهيئات القضائية أن يكون والده حاصلين علي مؤهلات عليا، وهو ما يمثل جريمة مكتملة الأركان يمارسها للأسف من اختارهم الله ليكونوا عنوان عدله في الأرض، وتزويراً مفضوحاً وخداعاً مكشوفاً لا ينطلي علي عقل طفل صغير، فهل جميع من حصلوا علي مؤهلات عليا منزهون عن الهوي ولا يرتكبون أي جريمة مخلة بالشرف «كذب وافتراء»، وكأن الفقراء الذين يمثلون 40% والبسطاء الذين يزيدون على 60% من الشعب المصري يجب محاكمة أولادهم رميا بالرصاص لأنهم «أولاد البطة السوداء» وهو تشكيك مرفوض في هؤلاء الذين يمثلون الشرف والامانة والصدق والأخلاق المصرية الحقيقية، وكأن أغلب كبار القضاة الآن أولياء أمورهم كانوا أقطاعيين وليسوا مجرد موظفين وعمال وفلاحين وطنيين ومحبين لوطنهم استفادوا من ثورة يوليو وما أقرته من عدالة اجتماعية فأصبحوا في مواقعهم الآن، وبدونها لظلوا أُجراء لدي الباهوات والباشوات، للأسف نسي كبار رجال العدالة أمثالهم ولم ينظروا إلا لمصالحهم الضيقة، وناضلوا ليس من أجل اقرار العدل، بل لوضع نظام يُقَسم أبناء المجتمع إلي طبقات وفئات، لنجد انفسنا أمام شباب نابغين حاصلين علي تقديرات امتياز وجيد جدا ولا يلتحقون بالهيئات القضائية، بينما بعض ابناء القضاة و«المَرضي عنهم» يتم قبولهم حتي لو حاصلين علي تقدير مقبول وهو ما وصفه المستشار احمد الزند قبل سنوات «بالزحف المقدس»، مؤكدا أن أحداً لن يستطيع وقف دخول أبناء القضاة للهيئات القضائية حتي لو لم تنطبق عليهم الشروط العامة وكأن «علي رأسهم ريشة» فيما يبدو، وصدق الرجل رغم عدم عدالة قضيته.
الحقيقة أن عقارب الساعة بدأت تعود للوراء، بما ينذر بكارثة لن يستطيع المجتمع تحملها، فالعدالة الاجتماعية التي ضاعت طوال العقود الأخيرة، لم تزد على كونها شعاراً عادت لتطالب به ثورة يناير لكن دون جدوي، فالفساد ينخر في أكبر مؤسسات الدولة وأعرقها، والواسطة والمحسوبية وكروت التوصية مازال لها الكلمة الأولي والأخيرة، ولا عزاء لملايين البسطاء الذين ينفقون أعمارهم لتعليم أولادهم ثم يجدونهم باعة جائلين علي رصيف الحياة او غرقي في هجرة غير شرعية، أو دهسهم قطار البطالة، وتصورت أنني أهذي عندما تذكرت قصة أحد الضباط الكبار الذي دخل الكلية «الفنية العسكرية» في عهد الرئيس عبدالناصر دون ان يتقدم للالتحاق بها، لمجرد أن مدير الكلية كان تأتي له نتيجة الثانوية العامة بتفاصيل درجات كل طالب فاكتشف تفوقه في علوم الحاسب والرياضيات فتم استدعاؤه واقناعه بخدمة الوطن في هذا الموقع، فهل يمكن أن يتكرر ذلك الآن أم احتاج الي مراجعة الطبيب ليتأكد من سلامة قواي العقلية!!.
قالوا «لا يمكن ان تصل سيارة الي حيث تريد طالما «تانك» البنزين معيب» لكن الأخطر أن تتعرض لحادث ربما يودي بحياة كل من فيها، فمصر التي قامت بثورتين في أقل من 3 سنوات رفضا لسياسة الافقار الممنهجة التي كانت تمارس ضد المصريين، ورفضا للقهر والظلم وتصنيف المواطنين واهدار حقوق الملايين لن تتحمل أبدا عودة تلك الممارسات الشاذة من جديد، والوطن لن يتحمل الانفجار مرة أخري فربما لا يمكن السيطرة علي ما يسببه ذلك من خسائر، المصريون لن يقبلوا ان يحكموا مرة أخري من اصحاب الحظوة والنفوذ و«المرضي» وآل بيت السلطة، المصريون لم يخرجوا للموت إلا أملاً في عدالة اجتماعية ومساواة في الحقوق والواجبات، تصبح واقعاً يعيشه الجميع وليس مجرد شعارات، الشعب لم يضع دستورا ويخرج بالملايين ليصوت عليه ثم يكتشف أنه مجرد بنود براقة لا تقدم ولا تؤخر، ومن الخطأ غير المقبول أن ندعي أن كل حاصل علي مؤهل عال شريف ومواطن صالح، وغير الحاصلين عليه فسدة وغير شرفاء لا يحق لأولادهم الوظائف العليا في البلاد، وهو ما يحدث للأسف مع الهيئات القضائية وكلية الشرطة والخارجية وغيرها من المؤسسات الرئيسية في الدولة وكأن الوطن للأغنياء فقط.
بوضوح وبدون مواربة اذا كان ذلك هو معيارنا في العمل فانتظروا الانهيار، واذا كانت هذه طريقة تصنيفنا للمصريين فانتظروا ملايين المهاجرين والعملاء والخونة والكافرين بالوطن، انتظروا حرائق لن تتوقف ولن يستطيع أحد اخمادها، وبهذا المنطق لما كان الرؤساء عبدالناصر والسادات ومبارك والسيسي وصلوا لحكم مصر فأهلهم من البسطاء ولم يكونوا من الحاصلين علي مؤهلات عليا وكل ما كانوا يملكونه الشرف والعمل واستكمال احلامهم عبر اولادهم، والملايين يحلمون مثلهم، فلا تقتلوا أحلام الوطن ولا تغتالوا طاقاته، وننتظر ان يتدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي لوقف تلك المهزلة، وبناء مصر التي تسع الجميع بالعدل والمساواة والعمل، مصر التي نحلم بها معا ولا تصنف الناس علي أساس انتفاخ جيوبهم وارصدتهم في البنوك حتي لا نجد أنفسنا أمام نظام غير لائق اجتماعيا!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.