يحتفل العالم بأعيد الكريسماس ورأس السنة الميلادية الجديدة، وهي مناسبة رائعة تجمع الشعوب على شيء واحد هو وداع عام مضى. بآلامه وأحزانه وحلوه ومره وانتظار عام جديد يحدوه الأمل في أن يكون أفضل وأجمل وأسعد من سابقه. وفي "أم الدنيا" مصر تتعدد مظاهر الاحتفال بهذه الأعياد التي لا يجد ملايين المسلمين أي حرج في مشاركة إخوانهم المسيحيين في هذه الفرحة التي تحمل بين ثناياها أحلاما وطموحات يتمنى الجميع تحقيقها. فعلى سبيل المثال تزدحم الشوارع والميادين بباعة الطراطير والبلالين والأقنعة الذين يجذبون الأطفال والكبار أيضا للشراء بسبب الألوان المبهرة التي يصنعون منها هذه الألعاب والتي تنتظرها الأسرة من العام للعام. أما على شاطئ النهر الخالد "النيل" فيمكنك مشاهدة آلاف الأسر التي قررت تحدي برودة الطقس الشديدة بقضاء ليلة ممتعة على تلك المقاعد المتهالكة التي يوفرها باعة الحمص والذرة المشوي "الحمام" لإغراء المارة بقضاء وقت ممتع مقابل جنيهات معدودة. في حين يفضل ملايين المصريين الاحتفال بهذه الأعياد بطريقة عملية وموفرة جدا وهي التوجه إلى جزيرة القطن "السرير" وأمامهم طبق من الفول السوداني المملح واللب السوبر إلى جانب بعض الحلوى واليوسفي ليحتفلوا بالكريسماس في ظل دفء "اللحاف" والبطانية. وإن كانت مظاهر الاحتفال السابقة رغم بساطتها إلا أنها للأسف غير متاحة لعشرات الملايين الآخرين من المصريين ممن لا يجدون أي فائض لديهم لأي شكل من أشكال الترفيه بل قد لا يجدون ثمن الفول والخبز لتناول العشاء في هذه الليلة وغني عن القول أن هؤلاء البشر لا يسمعون ولا يستمتعون بشيء اسمه أعياد الكريسماس أو رأس السنة. وإلى جانب هؤلاء الغلابة المستورون تجد مئات الآلاف الآخرين من المهمشين الذين ليس لديهم مأوى سوى أرصفة الطرقات وليس لديهم غطاء يحتمون به من برد الشتاء القارص والذين ينتظرون هذه الأيام أيضا لاستدرار عطف الأغنياء عبر التسول حينا والبحلقة في الطعام أحيانا أخرى لعلهم يظفرون بجنيه من هنا أو بقايا "ساندويتش" من هناك. وإلى جانب مشاهد البؤس هذه نجد على الجانب الآخر من الحياة في مصر مشاهد قد لا تراها في باريس ولا لندن ولا حتى نيويورك، حيث تتسابق الفنادق والكازينوهات الليلية على "زغللة" أعين الأغنياء لاستضافتهم في الليلة "الموعودة" وتقرأ أصنافا من الأطعمة تدفعك للاعتقاد أنها في بلد غير بلدنا ، كما تتلألأ مداخل هذه الأماكن بصور الراقصة "فلانة" والمطربة "علانة" واللتين تضمنان للزبائن قضاء ليلة ولا في الأحلام ليحس أنه يطير في كوكب تاني وطبعا كله بحسابه. عموما وبما أننا على أعتاب العام الجديد فإننا "نستنهز" تلك المناسبة وندعوكم للاحتفال معنا على طريقتنا الخاصة والتي تختلف تماما عن جميع الطرق الأخرى، حيث إننا ومن واقع مهنة البحث عن المتاعب التي ننتمي إليها ومن باب القرش الأبيض ينفع في اليوم اللي بالك منه فإننا قررنا الاكتفاء بمتعة المشاهدة واوعوا حد منكم يفهمنا غلط.