تلقى الطريق الدائرى - حزام العاصمة - الكثير من تعظيم الشأن والتوقير لكونه قد امتد ليحزم القاهرة بحيث أصبح هو المنقذ لشوارع القاهرة ومختلف منافذها من الضلال الذى أصبح سمة عامة للمرور فى شوارع القاهرة بحيث أصبحت كل ساعات المرور فيها ساعات ذروة!، ولكن هذا «الدائرى» العزيز قد تدهورت أحواله ولم تمض عليه سنوات داهمته فيها أمراض شيخوخة جعلته آية من القبح!، بل أصبح المسرح الوحيد لحوادث طرق تنتهى بالموت العنيف عادة لضحاياها!، ومن أسف شديد أن هذا الدائرى قد ترك نهبا لفوضى تسللت إليه منذ إنشائه، وأول ما داهمه من الفوضى أن المبانى المخالفة والعشوائية قد أحاطت به حتى أصبح تزاحمها على إحاطة الدائرى كأنه أصبح المقصود لذاته!، وقد تركت عشوائيات البناء وضيق الدروب والحوارى بينها بحيث أصبحت متاخمة لسور الدائرى متحدية القانون الذى نص على أن تكون المبانى بعيدة عن هذا السور بمسافة 50 مترًا على الأقل. لكن المبانى انطلقت تزاحم سور الدائرى حتى أصبحت تلامسه!، ولم يجد الذين لعبوا بأسوار الدائرى من يرده عنه فكان عدوانهم على السور همجيًا إلى الحد الذى جعلهم يقدمون على هدم السور فى كثير من أجزائه - خاصة فى الحارات والدروب التى وجد فيه الفوضويون عائقا أمام مشروعاتهم التجارية فراحوا يهدمون فى مواضع كثيرة منه!، فهذا منفذ هدم السور لحساب صاحبه الذى يقوم بإصلاح وبيع إطارات الكاوتش!، وهذا منفذ آخر أتاحت فتحة هدم له فى السور لفتح محل لبيع الشاى والدخان، وجلوس بعض قائدى السيارات للتدخين وتعاطى صنوف الكيف بالنهار والليل، وقد تواطأت على نهر الطريق الدائرى نفس شاحنات النقل ذات الجرار التى تتهادى مسرعة بحمولاتها التى تتجاوز الحد الأقصى لها بحيث إذا أفلتت بعض الحمولات إلى نهر الطريق فإنها تغلق الطريق بالكامل، حتى يتسنى لسيارة ناقلة أخرى الوصول إلى موقع الحادث تحمل بعضا مما يخفف الحمولة!، أما صيانة الطريق الدائرى فإنها تتكلف الملايين نتيجة ضعف أرضية الدائرى فى بعض المواضع مما يجعل الصيانة فى هذا الموضع تستغرق الشهور!، وفى شهور الانفلات والفوضى «الثورية» التى عاشتها مصر فإننى قد شاهدت بنفسى سلخانة أقيمت على الطريق تذبح الخراف والعجول وتبيع اللحوم للمارة الذين أوقفوا سياراتهم على الأجناب. أخيرًا.. قرأت - وكم قرأت مرات - عن استعدادات تجرى لاسترداد كرامة الطريق الدائرى بعد أن آل الاشراف بالكامل على الطريق الدائرى إلى الهيئة العامة للطرق والكبارى، وقد قال رئيسها مؤخرا لجريدة «الشروق» منذ يومين إن الهيئة قد قررت تنفيذ حملة أمنية صارمة ومكبرة خلال الأيام القليلة القادمة لإزالة التعديات على الطريق الدائرى، والتى تشمل المبانى والأكشاك ومحال إصلاح الكاوتش والمقاهى تحت عنوان «حملة استعادة كرامة الطريق الدائرى»، والذى تحول إلى مقالب لكثير من أنواع الزبالة تلقى بها سيارات النقل وعربات الكارو حتى أنها تعيق سير السيارات، مع اختلاق واصطناع مواقف لسيارات الأجرة على الأجناب من مختلف أشكال وألوان سيارات الأجرة، كذلك سوف يتم إزالة جميع المبانى والورش والجراجات غير القانونية الموجودة على الطريق الدائرى، والتى لم تحصل على أية تراخيص من هيئة الطرق والبناء، وسوف تقطع الكهرباء والمياه عن المبانى المخالفة، تمهيدا لإخلائها وازالتها بالكامل. وقد أنهى اللواء سعد الجيوشى بقول مشدد: «أى حد مخالف هنغرمه بالقانون.. ومش هنسيب أى مخالفات على الطريق الدائرى، فزمن الحكومة الضعيفة انتهى»!، ونحن نأمل أن يكون العزم الذى يقصده اللواء الجيوشى من النوع الذى يأخذ بثأر الطريق الدائرى والذى يجعله هبة للقاهرة وليس العكس!.