كان الرئيس السيسي قد أعلن علي الملأ أن مصر في ضائقة مالية خانقة، وانه قد بدأ بنفسه فتبرع بنصف الحد الأقصي لراتبه وما ورثه عن أبيه لصندوق «تحيا مصر» الذي رأي «السيسي» انه سيكون تحت رعايته شخصياً لإحصاء ما يصله من التبرعات تحت اشراف البنك المركزي، وبعد اعلان الرئيس أن الصندوق في حاجة إلي مبلغ 100 مليار جنيه علي المصريين جميعاً. أشار الرئيس إلي ضرورة أن يراعي الأثرياء ورجال الأعمال المصريون الحاجة الماسة إلي هذا التبرع العاجل من أجل مصر إذ عليهم أن يكونوا الأوائل والمبادرين إلي تقديم تبرعاتهم المناسبة لدخولهم وثرواتهم، ولا يبقي عليهم إلا التبرع، وقد سارع المواطنون إلي التبرع بمبالغ تناسب دخولهم وأقواتهم البسيطة تلبية لدعوة الرئيس، كما ان هناك رجال أعمال بادروا إلي تقديم تبرعات تناسبهم، وكذا تبرع الكثير من كبار موظفي الدولة- سبقهم رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، وكان آخر ما أعلن تبرع موظفي وزارة الخارجية بنصف راتب شهر، وكذلك فعل مساعدو وزير الخارجية، وقد كان لافتاً أن هناك رجال أعمال أثرياء قد تبرعوا وبقي آخرون لم تجد دعوة الرئيس عندهم صدي إيجابياً بالتبرع حتي الآن!، مما حدا ببعض حملة الأقلام إلي التساؤل عما آخر هؤلاء عن الاستجابة- لعل المانع خير!- وإن لم يخل ما كتبه هؤلاء من بعض اللوم علي هذا التقاعس من جانب من انتظرت الناس أن يكونوا سباقين إلي المشاركة فيما دعا إليه الرئيس!، خاصة أن الرئيس السيسي قد أعلن عن مشروع مصر القومي لحفر قناة السويس الثانية الموازية للقناة التاريخية الأولي التي بقيت علي حالها منذ انشائها فلم تتبعها مشروعات تمثل قيمة مضافة لها، الأمر الذي لابد أن يتحقق في هذا الفرع الجديد للقناة، وكان ضمن ما أشار إليه الرئيس في كلمته يوم الإيذان ببدء المشروع انه لن ينفذ إلا بأيدي المصريين وأموالهم، وأن تكون هناك للمشروع أسهم وسندات تباع للمصريين فقط، وأشار الرئيس إلي أن الشركات المصرية العملاقة هي التي ستقوم بانجاز المشروع خلال عام واحد فقط بدلاً من أعوام أربعة، وقال مبتسماً إن علي هذه الشركات أن تبدأ العمل وهي تعلم انه ليست هناك الأموال الجاهزة التي ستدفع لهم حالياً، وقد ذهب الرئيس بعد خمسة أيام إلي موقع المشروع للمرة الثانية في الفجر للاطلاع علي بدء العمل الذي سوف يكون تحت اشراف القوات المسلحة. لكنني أتصور أن يكون لصندوق «تحيا مصر» بضخامة الأموال المطلوبة له النظام الأساسي الذي تكون لديه المواد المطلوب نشرها عن سير مشروع الصندوق ومدي تواصل التبرعات الواردة إليه لقياس الاستجابة المصرية والعربية لدعوة الرئيس، فهناك رجال أعمال من المصريين يعنيهم أن يعرفوا أوجه الإنفاق التي سوف تذهب إليها تبرعاتهم، وقد لاحظت أن أحد رجال الأعمال قد أعلن عن تبرعه بمبلغ 250 مليون جنيه لبناء وتجهيز عدد من المدارس، وهو ما يعني رغبته في أن يكون تبرعه لمشروع محدد، وهو ما يحدث من جانب بعض الدول والهيئات الدولية التي تقدم بعض المنح والهبات والتبرعات التي لا ترد، مشترطة أن يكون الإنفاق منها علي مشروعات محددة كمشروعات الصرف الصحي ومد خطوط المياه العذبة وإدخال الكهرباء وما إلي ذلك، ومن هنا فلم أجد وجهاً للعتاب علي بعض أصحاب الأموال الذين تأخروا حتي الآن عن المساهمة في صندوق «تحيا مصر» حيث من هؤلاء من لا أتصور أن يبخلوا بالأموال عندما تتطلب الضرورة أن يقفوا إلي جانب مصر كما عبر عن ذلك الرئيس السيسي. ولهؤلاء أن يأخذوا كفايتهم من الوقت لدراسة حجم تبرعهم وأي المشروعات يفضلون أن تذهب إليه تبرعاتهم!، والرئيس السيسي نفسه أتصور انه يثق في أن صندوق «تحيا مصر» سوف تصله التبرعات بين يوم وليلة!، لكنه يثق في وصول الصندوق إلي المطلوب.