حل البلاء العظيم بتركيا يوم أن سوغت حكومة أردوغان لنفسها التدخل غير المقبول والمرفوض فى الشئون الداخلية لدول المنطقة فى مسعى حثيث منها لتقويض شرعيتها وصولا إلى هدمها. ولاغرابة فلقد نصب الطاغية «أردوغان» نفسه مبعوثا للعناية الإلهية ومنح لدولته صلاحية إسقاط الأنظمة. ولاشك أن هذه الحكومة قد ضلت الطريق عندما تجاهلت حقائق التاريخ ودور مصر القومى ومواقفها الناصعة حيال القضية الفلسطينية والقضايا العربية وهى مواقف لاتقبل المزايدة. ونتيجة لذلك سقطت عن أردوغان الموضوعية عندما بادرت حكومته وأصدرت أحكاما مطلقة ضد مصر مدفوعة بأغراض ونوازع مريضة. لقد رأينا كيف أن تركيا أردوغان قد شكلت منفذا حيويا للمتطرفين والمرتزقة ممن توجهوا نحو سوريا للانضمام إلى «داعش» ومنظمات شيطانية أخرى على غرارها بعد أن منحتهم حكومة «العدالة والتنمية» دعما لوجستيا وأمدتهم بالسلاح بشكل ممنهج، فشاركت بذلك فى سفك دماء الشعب السورى وبالتالى باتت تركيا بذلك دولة داعمة للإرهاب. لم تتورع حكومة أردوغان عن المتاجرة بالقضية الفلسطينية ومن ثم مارست النفاق السياسى، فعلى حين تنتقد علنا إسرائيل فى المؤتمرات الانتخابية إلا أنها تقدم لها الامتيازات خلف الكواليس. بل إن كل المؤشرات تكاد تجزم بحميمية العلاقات التى تربطها بإسرائيل ويكفى للتدليل على ذلك من الغائها تأشيرة دخول الأراضى التركية للإسرائيليين. بحيث يحق للإسرائيلى دخول الأراضى التركية دون الحصول على تأشيرة. بينما هذا الحق لم يمنح للفلسطينيين. ولايفوتنا التنويه هنا بأن حجم التبادل التجارى بين تركيا وإسرائيل قد بلغ مستويات قياسية لم تتحقق من قبل عبر مسيرة الجمهورية. ومن ثم فإن أردوغان يكذب عندما يدعى بأن لاتطبيع مع إسرائيل مع استمرار القصف الجوى. وعلى العكس تماما فشهية إسرائيل ووحشيتها ارتفعت وتيرتها فى ظل حزب العدالة والتنمية الحاكم على مدى اثنى عشر عاما من وجوده على رأس السلطة فى البلاد. هذا فضلا عن التعاون العسكرى مع إسرائيل الذى وصل إلى أعلى معدلاته مقارنة بحكومات سابقة. وفى ظل حكومة أردوغان تتحرك تركيا اليوم يحدوها الأمل فى استعادة حلم الخلافة العثمانية والهيمنة على شئون الدول العربية التى تصنفها على أنها دول قاصرة اقتصاديا وسياسيا. ولهذا رأينا التصاق تركيا اليوم بداعش على أمل أن تكون دولة الخلافة التى أعلنتها «داعش» فى 29 يونية الماضى طريقا لبلوغ العثمانية من تحقيق هدفها فى الوصول إلى إمبراطورية الخلافة العظمى.