تعالت الأصوات فى الفترة الأخيرة عقب الاجتياح الإسرائيلى لغزة، وطالب الكثيرون أحباء وأعداء مصر باتخاذ موقف لصد هذا العدوان، وكانت جماعة الإخوان من أكثر المتشدقين فى هذا الموقف، تزايد على المخابرات المصرية وعلى رجال الجيش المصرى، وبالرغم المبادرة التى طرحتها مصر وقابلتها إسرائيل لوقف العدوان، إلا أن حركة «حماس» رفضت تلك المبادرة دون حساب لقوتها على الأرض أمام قوات الجيش الإسرائيلى. وزايدت قطر الصغيرة على موقف مصر وحاولت أن تبرز نفسها على أنها البديل الأقوى صاحب القرار فى المنطقة وتقدمت بمبادرة لوقف العدوان، وقبلتها حماس لكن لم تقبلها إسرائيل وكانت صفعة للقطريين وبالتالى لجماعة الإخوان الإرهابية التى تزايد على موقف مصر دائماً. كان وزير خارجية القطرى «خالد العطية» حاول تفادى تلك الصفعة قائلاً: إنه ليس هناك مبادرة قطرية خاصة لوقف إطلاق النار في غزة، وأن بلاده قامت فقط بنقل مطالب الشعب الفلسطيني، الذي أكد أنه لم يقبل بحالة الحصار الطويل بغزة في ظل عدم اهتمام المجتمع الدولي. ونشر موقع «والا» العبري التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» جانباً من بنود ما سمي بالمبادرة القطرية المنافسة للمبادرة المصرية، وقال: إنها قد حظيت بموافقة حماس والفصائل، وبمباركة تركية وأمريكية قبل عرضها على إسرائيل. الموقع اغتنم الفرصة لتحرير سيناريو يوحي بوجود نية مبيتة عند القطريين والأتراك لتحييد مصر، ومنعها من لعب أي دور لا في تحقيق التهدئة ولا في إدارة العملية في السنوات القادمة، وقد استشهد الموقع ببعض بنود المبادرة القطرية التي تشي بهذه النية، ومنها على وجه التحديد البند الذي يقترح أن تتولى الولاياتالمتحدة بدلا عن مصر ليس فقط ضمان الاتفاق كما حصل في الهدنة السابقة، وفي جميع التوافقات السرية التي تمت بين الكيان الصهيوني وحماس، وتولي الولاياتالمتحدة دور الوسيط بين إسرائيل وحماس. ويقول الموقع الإسرائيلى بعض بنود المبادرة القطرية تبدو جيدة في قراءة أولية تتوقف عند عبارات رفع الحصار، لولا أنها تضمر أكثر من فخ للمقاومة، إلا أن حماس وافقت عليها وهو ما يدل على وجود نية لإبعاد مصر عن القضية الفلسطينية. ويضيف الموقع الإسرائيلى أن أخطر ما في المبادرة أن تكون حماس والفصائل قد صادقتا عليها بهذا المحتوى الذي يهب للمقاومة وأهل غزة السم في العسل، ويقودهم إلى عداء وعزلة ليس فقط مع مصر بل مع حلفاء للقيادة المصرية الجديدة من دول الخليج، فمن الخطأ الاستراتيجي أن توافق فصائل المقاومة على تجريد مصر من أداء دور الوسيط والضامن، فيما أن أهم بند من المبادرة القطرية يشترط فتح معبر رفح بصورة دائمة لا أرى كيف يمكن تفعيله أو فرضه على القيادة المصرية وقد استبعدت بالكامل من العملية وأهينت جهارا عبر رفض الفصائل للمبادرة المصرية، أو كيف يمكن أن يفعل قرار بناء ميناء بحري لا نعلم تحت أية وصاية سوف يدار إلا عبر آلية شبيهة بتلك التي أدير بها معبر رفح من قبل بوجود مراقبين من الكيان الصهيوني. اللغم الثاني المدرج في المبادرة القطرية سوف ينسف المصالحة الفلسطينية الأخيرة بإبعاد الحكومة الفلسطينية المشكلة مؤخرا من جميع الترتيبات الخاصة برفع الحصار المالي والاقتصادي عن القطاع، ويعيد إحياء الشكوك عند سلطة أبومازن التي قد تقرأ مثل القيادة المصرية نية مبيتة قطرية تركية أمريكية لإفشال المصالحة وتحييد مصر والسلطة، ودخول تركية مجددا كلاعب إقليمي في أهم وأخطر قضايا العرب بعد أن فقد الطرفان الرهان في سورية لصالح إيران، وفي مصر لصالح السعودية والإمارات. وأشار الموقع إلى أن حماس تكون قد استدرجتها قيادتها السياسية المقيمة بالدوحة لتكون شريكا في لعبة إقليمية خطرة وغير مضمونة، سوف يكون لها مردود سلبي على المقاومة أولاً، خاصة على الأوضاع المأساوية لأهل غزة، وتمنع مستقبلاً إعادة توجيه الدور المصري الذي لا يمكن لأي فلسطيني عاقل أن يتجاهله إلا إذا كان قد وطن نفسه لعداوة مفتوحة مع الجارة مصر، واستعد لقطع جسور التواصل مع حلفاء مصر في الخليج، وربما مع بقية الأنظمة العربية التي سوف تجد في اصطفاف حماس مع المحور التركي القطري، ومن خلاله مع التنظيم الدولي للإخوان، فرصة للتنصل من الحد الأدنى من الدعم السياسي والمالي لغزة المتدني أصلاً، وربما نفض اليد من القضية الفلسطينية. من ناحية أخرى الملاحظ للشأن القطرى تجاه الاجتياح الإسرائيلى لغزة يلاحظ أن قطر لم تقم بدور مهم أو غير مهم ضد إسرائيل ولم نسمع عن قوافل اغاثة قطرية دخلت غزة. ولم يخرج موقف قطر خارج الإدانة الشديدة والاستنكار لسلسة الغارات التي يشنها الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة التي أسفرت عن سقوط عدد من الشهداء وإصابة آخرين من أبناء الشعب الفلسطيني. تقول الكاتبة والمحللة الإسرائيلية المعروفة «فيزين رابينا» مقالتها المطولة المنشورة يوم السبت الماضى على موقع «معاريف» تحت عنوان هناك سبب للقلق فأمريكا في طريقها للاعتراف بحماس، وقالت: إنه منذ أسبوع قبل كتابة مقالتها اتصل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، برئيس الوزراء الإسرائيلي «نتنياهو» وعرض عليه خدماته الجيدة الخاصة بالتوسط بين إسرائيل وحماس. وتتساءل الكاتبة ماذا اقترح كيري على نتنياهو؟.. وتجاوب فى ذات الوقت قائلة: في هذه المرحلة بقيت تفاصيل اقتراح كيري سرية لكن لا يتوجب على الإنسان أن يكون خبيراً مطلعاً على الأسرار حتى يخمن ويقدر هوية الوسيط المقترح أمريكياً, فمن سيكون غير الشريك الاستراتيجي الأهم للولايات المتحدةالأمريكية ويمتلك علاقات حميمية مباشرة مؤثرة مع حماس إنها بكل بساطة «قطر». كما تحدثت الكاتبة عن الوثيقة قالت: إنها تسربت من الخارجية القطرية تتكون من ثماني صفحات يتضح منها بأن حواراً يدور منذ فترة بين أمير قطر والإدارة الأمريكية يتعلق بهوية وشخصية وريث «أبومازن» وأن خالد مشعل أحد ثلاثة أسماء مطروحة وليس مجرد واحد من مجموعة بل يشكل اسماً مفتاحياً في هذا المخطط. وتشير الكاتبة إلي أنه وفقا للنموذج الأمريكي فإن مشعل لم يكن الوريث الوحيد بل جزءا من قيادة جماعية تضم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الى جانب شخصيات أخرى مقربة من قطر مثل جبريل الرجوب لكن في هذا الوضع الأسماء هي الشيء غير المهم بل إن بداية مشاركة حماس هو المهم لأنه يؤشر إلى أفكار ورؤى تنضج حاليا في أروقة البيت الأبيض. وتطرح الكاتبة سؤالاً مهما وهو هل تقرب الأزمة الحالية المتفجرة بين حماس وإسرائيل هذا اليوم الموعود يوماً تسيطر فيه حماس على غزة والضفة الغربية؟.. هل نشهد أمام أعيننا ولادة محور جديد يتكون من الولاياتالمتحدةوقطر وحماس؟.. يبدو أن اقتراح كيري ضم قطر للوساطة يؤشر إيجابياً إلى الجواب على هذه الأسئلة المهمة ويبدو أن الجواب عن هذه الأسئلة هو «نعم» خاصة أن قطر ليست فقط حليفاً للولايات المتحدة بل هي الوسيط المفضل لدى حماس.