رأت وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة انه لا يجوز أن يكون جميع المواطنين سواسية أمام القانون كما ينص الدستور!، وانه لابد أن يكون للبعض الاستثناء من قانون يسري علي جميع المواطنين فعمدت إلي وضع مشروع قانون بشأن التصالح في مخالفات البناء الحكومية، ويقضي الاستثناء الذي رأته الوزارة بقصر التصالح علي كل من أقام أعمالاً بالمخالفة لأحكام القوانين المنظمة للبناء في المدن والمجتمعات العمرانية الجديدة فقط دون غيرهم ممن ارتكبوا ذات المخالفات في غير هذه المدن دون أي تبرير لهذه التفرقة!، رغم اتحاد الفئتين في المراكز القانونية علي نحو يستوجب إخضاعهما لقاعدة قانونية واحدة يتحقق من خلالها التكافؤ في المعاملة القانونية، واحترام مبدأ المساواة بين قاطني المدن بالمجتمعات العمرانية الجديدة وغيرهم من المقيمين خارج نطاق هذه المدن!، وكان لابد أن يرفض قسم التشريع برئاسة المستشار مجدي العجاتي نائب رئيس مجلس الدولة المشروع بقرار قانون الذي أعدته وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة ومراجعته كما طلبت الوزارة!، وقد صرح المستشار مجدي العجاتي نائب رئيس مجلس الدولة لزميلنا يوسف الغزالي بأن مشروع القرار بقانون الذي أرسلته الوزارة يجعله عرضة للقضاء بعدم دستوريته!، وأشار المستشار العجاتي في تصريحه لزميلنا إلي أنه قد سبق لقسم التشريع الموافقة علي مشروع متكامل بشأن التصالح في مخالفات البناء بوجه عام دون تفرقة بين مخالفات مباني الحكومة والمباني الخاصة داخل المجتمعات العمرانية وخارجها!، علي نحو يوحد المعاملة بين جميع المواطنين الذين ارتكبوا مخالفة أو أكثر أياً كان موقع العقار المخالف إذا توافرت شروط إتمام هذا التصالح، وأهمها سلامة المبني وعدم مخالفته لشروط الارتفاع أو خطوط التنظيم. والواضح من هذا الكلام المنشور في جريدة «الوفد» أمس أن وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة لم تمرر القرار بقانون الذي أرسلته إلي قسم التشريع بمجلس الدولة لمراجعته علي الشئون القانونية بالوزارة أو أي مستشار قانوني بها!، وهو يحمل هذا الاستثناء الصارخ بالقسمة التي ابتدعها بين المواطنين، والتفرقة التي حدت بقسم التشريع بمجلس الدولة لرفض مراجعته!، حيث لم يجد قسم التشريع فيما وصله من الوزارة ما يستحق عناء المراجعة!، فأمام قسم التشريع بمجلس الدولة ما هو أجدر بالمراجعة وعدم تبديد الوقت فيما لا طائل من ورائه!، خاصة إذا كان ما أرسلته الوزارة مهدداً بالحكم بعدم دستوريته!، وفيما يبدو فإن وزارة الإسكان ليس لديها علم بأن قسم التشريع بمجلس الدولة قد سبق له مراجعة قانون متكامل بشأن التصالح في مخالفات البناء يخلو من عوار يهدده بعدم الدستورية!، وهذا القانون المتكامل قد رأي المستشار مجدي العجاتي نائب رئيس مجلس الدولة تذكير الوزارة به إذا كانت لم يتصل بعلمها هذا القانون الذي سبقت مراجعته!، ولكن السؤال المهم الذي لا يفوتني توجيهه إلي وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات الجديدة عما عساها تكون الأسباب التي دفعتها لكي تستثني المجتمعات والمدن الجديدة من سائر خلق الله بإتاحة التصالح لهم فيما يرتكبونه من المخالفات لأحكام قوانين منظمة لعمليات البناء!، ثم تسرع الوزارة في إرسال ما قررته إلي مجلس الدولة لمراجعته، وقد فاتها أن تعود إلي السوابق في موضوع التصالح لتعرف أن استثناء فئة دون أخري من المصريين أمر غير جائز دستورياً!، خاصة أن الذين يخالفون أحكام قوانين البناء يعرفون جيداً أنهم مخالفون أينما كانوا وأن التصالح بوجه عام هو ما يدفع هؤلاء إلي المخالفة بخلق أمر واقع ينتظرهم بعده تصالح يحقق لهم مزايا ينشدونها!