طوال خمسين عاماً وزيادة هي مجموع عمري في الدنيا لم يمر عام واحد دون أن أخسر مالاً أو ترقية أو عرضا ما من أعراض الدنيا وأغراضها ولم تؤثر في نفسي كل هذه الخسارات بشيء، ولكن خلال كل هذه السنين الطوال لم أصطدم ولو لمرة واحدة بكارثة انهيار مثل أعلي انتقيته بنفسي واخطرته لها حتي جاءت الضربة والصدمة من إبراهيم محلب ذلك الرجل الذي كم راهنت عليه وخضت من أجله ودفاعاً عنه معارك كلامية وكتابية بالغة الضراوة كنت مؤمنا فيها بكل حرف قلته أو كتبته، ولكن محلب أبي إلا أن يخذلني ويطعنني مثلما فعل مع ملايين غيري بقرارات إشعال الأسعار وحرق ملايين المصريين. إبراهيم محلب الذي عرفته قبل سبع سنين مضت وقت أن كان في ذروة مجده المهني رئيساً للمقاولون العرب وعضوا مقاتلاً داخل الجناح الإصلاحي بلجنة سياسات الحزب الوطني ومتنمرا متربصاً بمقعد وزارة الإسكان الذي حرمه من حقه الطبيعي فيها طوال عشر سنين في تولي وزيرين بالغي التداخل مع دائرة صنع واتخاذ القرار هما سليمان والمغربي، ولم تلبث هذه العلاقة التي بدأت هادئة وحذرة بحكم أنها بين مرؤوس متناهي الصغر ورئيس كبير لامع لايحيط به أو يقترب منه سوي الكبار، لم تلبث هذه العلاقة أن لفها دثار من الألفة والدفء بلغا الذروة وقت أن كان الرجل منفياً في المملكة السعودية أثناء عام القحط الفاشستي الإخواني حتي عاد مرفوع الرأس متقلداً حقيبة وزارة الإسكان التي طالما تمنيت أن يتولاها باعتبارها الأكثر مثالية وواقعية لمحلب وأنها ملعبه الذي يستطيع من خلاله أن يقدم نفسه وجهده وفكره ومشروعه الإسكاني للشعب الذي يحتاج إليه وإلي مجموعة منتقاه من رجال مثله وهبوا أنفسهم لإنقاذنا. هذا الابراهيم المثالى يا سادتي أنعيه إليكم ومن قبلكم أنعيه إلي نفسي بعد ان رضي وقبل عن طيب خاطر – فهكذا تشير الشواهد – قبل أن تمسك كفه التي كم بنت وشيدت وحنت وربتت علي أكتاف تسعين الفاً من ابناء المقاولون العرب ، قبل أن تمسك نفس الكف بسكين صدئة ليذبح بها تسعين مليونا دون ذنب ارتكبناه سوي أننا فقراء بينما نحن نحدق في عينيه بدهشة واستنكار بالغين سائلين من غير كلام لم قبلت ان تكون حبل المشنقة الذي التف حول أعناقنا. هل نسي محلب مئات الألوف من الجالسين في ذل وانكسارعلي أرصفة شوارع وميادين مصر كلها منتظرين من يأتي ليستخدمهم في هدم أو بناء مقابل مايشتري ربع دجاجة اقتاتت علي علف مسرطن وغرفة طبيخ ماسخة من غير طعم وحفنة أرز مكونين في النهاية وجبة ساخنة تحلم بها ملايين الأسر المصرية وها أنت تطيح بحلمهم ليدخل دائرة السراب. هل نقل إليك يا محلب أي من أجهزتك المعاونة والرقابية كيف تكون سخونة دمع أم لاتجد ما تطهوه لابنائها وكيف تكون نظرات الأب المكسورة قاتلة وذابحة بعد أن حبسه الفقر واعجزه الضنك مانعيه إياه ان يدخل علي أهل بيته حاملاً عشرة أرغفة وهل نقلت اليك الكاميرات الخفية المشاجرات والدم الذي يسيل بسبب هذه الأرغفة وغموسها بين الجيرن والأقارب. ملايين معي يسألونك يا محلب ألم يذكرك أحد أن للحكومات واجباً ودوراً اجتماعياً تجاه شعوبها وأنها ليست تاجرا يبيع لشعبه المهدم الكهرباء والدقيق والغاز والسولار وان لنفس الحكومات عملاً محدداً لم تقوموا به حتي اليوم يتمثل في توفير الأمن وجذب المستثمرين وإصلاح حال السياحة وقبل هذا كله وبعده محاربة الفساد والمفسدين الذين يعيشون أزهي عصورهم في ظل مايقارب الدعم والتأييد للمتجاوزين والتهديد لكل من يفكر في معارضة الفاسدين وأعوانهم وأذنابهم. حتي أسبوعين مضيا كنت أحسبك يا محلب واحداً منا تستند علينا ونستند عليك حتي نخرج جميعاً من الحفرة الصغيرة التي كنا فيها فإذا بك تأخذ بأيدينا فعلاً وتخرجنا من هذه الحفرة لتلقي بنا في غيابات جب لايعلم سوي الله وحده قراره ونهايته. أنعي إليكم يا حرافيش مصر محلب الذي تعشمنا فيه خيراً لم نجده ومن قبله انعى إليكم سذاجتى المفرطة وظنى الآثم وجهلى غير المحدود بالدنيا والناس بعد ان تآمرت نفسى على نفسى وأقنعتنى أن محلب رجل المرحلة وحليف الشعب فإذا به رجل التقارير الخادعة التى تنقل الأرقام الصماء وتحجب قراءة وفهم وتحليل الغضب العارم القادم لا محالة ليضيع عليك فرصة ذهبية كانت ملك يديك هى ان يكتب التاريخ اسمك بمداد وحروف من نور وفخار ولكنك ضيعت الفرصة وألقيت بها بعيداً بعد ان اخترت قوائم منزوية واهنة يكتبها التاريخ علي هوامش صفحاته تحمل عنوان هؤلاء هم أعداء الشعب. ارفع يا رئيس وزراء المصريين الذين ثاروا على مبارك واطاحوا بعصابة الإخوان، ارفع عليهم الأسعار كما شئت ولكن أرجو ألا يكون قد فات اوان مقدرتك على اتقاء دعوة المظلومين وقانا الله لهيبها فى الدينا والآخرة. إن العين لتدمع وإن القلب ليجزع وإنى على فراقك يا محلب الذى عرفته واحببته لمن المحزونين.