تعود ذكري حرب العاشر من رمضان المجيدة إلينا في موعدها، من كل عام هجري أو ميلادي، لتذكرنا بإمكانياتنا الذاتية العظيمة، التي كثيرا ما تطمسها أو تنحيها شوائب اجتماعية سيئة، من السهل علينا أن ندسها في القمامة، ونمضي في طريقنا إلي التقدم والرقي ببلدنا مصر الحبيبة، فكم كانوا عظماء وشجعان أبطال هذه الملحمة التي كسرت غطرسة إسرائيل، ورفعت شأن مصر عاليا، نحسب شهداءنا في تلك المعركة عند الله كما قال سبحانه وتعالي: «رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً» (سورة الأحزاب: 23) فهم حقاً رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وما عاهدوا شعب مصر عليه، من أن يحموا أرص مصر، التي هي عرضها، وأن يؤمنوا شعب مصر من أي اعتداء خارجي، أو داخلي من نبت هذا الشعب لكنه ليس من أهله، بل هو عمل غير صالح، كما قال ربنا عن ابن سيدنا نوح، عليه السلام، وهو ما يستلزم منا اليقظة والانتباه مع جيش مصر الباسل حتي ندفع عن مصر كيد الكائدين، الذين تشبعوا بأوهام باطلة، ولن تكون مصر إلا لله الحق، ثم لشعبها الذي ضاقت به الميادين والشوارع والطرقات، دفاعاً عن كيانه وهويته وإرادته التي أسقطت قوي الشر والاستبداد والتحريف عن رأس مصر، واستعادتها أبية إسلامية حقة، قائدا ودرعاً للأمة العربية كلها. وهكذا تتوالي أيام مصر أمام العالم أجمع، لتخط في صفحات تاريخها المجيد خطواتها نحو ميدان الحرية والديمقراطية، لشعب أبي لا يرضي بغير الحق بديلاً، فما أقرب من ثورته إلي الظلم والطغيان، وها هو قد تجلي علي العالم بثورتين في أقل من ثلاثة أعوام، كانت الأولي في 25 يناير 2011، وكانت الثانية في الثلاثين من يونية سنة 2013، التي صدر عقبها إعلان دستوري أوكل إلي رئيس المحكمة الدستورية العليا أمر إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية، وما كان لرئيس المحكمة الدستورية العليا، وهو المستشار العالم المقدام عدلي محمود منصور، أن يتراخي في إجابة نداء الوطن، فلم يتوان عن أداء المهمة الانتقالية، بما عهد عنه من تجرد القاضي وحيدته، وما تحلي به من حنكة وكياسة المسلم الحق، وقد ظهر ذلك جلياً لشعب مصر من خلال قراراته، وما وجهه إلي الشعب من كلمات تنم عن نبوغه الوطني، وحرصه الشديد علي علو مصر بين دول العالم، مما دعا الكثيرين من المسئولين والمواطنين إلي الثناء علي أداء هذا الرجل، وتقديم الشكر له عن أدائه هذه المهمة الوطنية القومية علي أكمل وجه. وقد أنجبت ثورة الثلاثين من يونية، وما أعقبها من فترة انتقالية، قادها هذا القاضي الجليل، دستوراً منصفاً للبلاد، ورئيساً منتخباً، أدي اليمين الدستورية أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا، وأمام شعب مصر، وأمام من في الأرض جميعا ومن في السماء، فأقسم علي احترام الدستور والقانون، وعلي رعاية مصالح شعب مصر ، وعلي المحافظة علي استقلال هذا الوطن، ووحدة وسلامة أراضيه، ليبدأ بعد هذا القسم في مباشرة الأمانة العظمي التي حمَّلها إياه شعب مصر العظيم. وإذا كانت القيادة الجديدة للدولة، والتي حازت ثقة الشعب وتأييده في الانتخابات الرئاسية، لا ننتظر نصائح من أحد، فقد أثبتت أنها سباقة إلي القرار الصائب في الوقت المناسب، الذي كان الشعب فيه ثائراً ضد من اقتنص قيادة الدولة، ولم يرع مصالحها الرعاية الحقة، ووقف الشعب الثائر يترقب موقف مؤسسات الدولة الأخري، وعلي رأسها القوتان العظميان في الدولة، وهما الجيش والشرطة، فإذا بهما يقفان موقفاً وطنياً مشرفاً جسوراً، فلم يقفا في وجه الشعب المصري الثائر، بل رفقا به، ولا ينالا منه دما، وأحق الله الحق علي أيديهم، وسيظلون بإذن الله درعاً واقياً، وسلاحاً مدافعاً عنه، ضد قوي الشر، في الداخل، أو الخارج، وحفظ الله مصر وشعبها. مستشار دكتور حمدان حسن فهمي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا