محمد: بائع خبز ناشف ومؤهله بكالوريوس زراعة بصوت جهوري يهز أرجاء منطقة روض الفرج.. ينادي محمد، قائلاً «العيش الناشف» غير مبالٍ بحرارة الجو التي جعلت الجميع يمشون كالثكالي ويهرولون سريعا هرباً إلي الظل.. وما أن تقترب من هذا الشاب حتي يزداد اندهاشك بسماته وصفاته التي أجمع عليها أهل المنطقة، وجعلتهم يخصونه بالعيش الباقي أو الناشف دون غيره، فالحماسة والقوة في صوته لا تفتر رغم أنه يبدأ عمله من السابعة صباحاً حتي قبيل أذان المغرب مباشرة. الحديث الصحفي مع هذا الشاب ليس بالأمر السهل، فهو علي قدر عالٍ من العلم والثقافة، فأول كلمة قالها لي «علي فكرة أنا معايا بكالوريوس زراعة وتقديري جيد، يعني مش جاهل ولا حاجة». ويسترسل محمد في حديثه «طبعاً انتي مستغربة أزاي أنا أقبل أشتغل شغلانة، لم العيش الناشف من البيوت، بس أنا علي فكرة مبنكسفش من شغلتي ولا حاجة، صحيح كان نفسي أطلع من جلباب أبوي وأشتغل شغلة حلوة، بس الدنيا كده، بتكتب علي بياع العيش يبقي ابنه بياع عيش حتي لو صرف اللي قدامه واللي وراه عشان يعلمه ويخليه معاه مؤهل عال». وعن مهنته التى تعتبر من شهر رمضان موسم خاص بسبب الإقبال الكبير على شراء الخبز والأطعمة المختلفة، يقول: «هى مهنة ابويا وعيلتى.. بنقوم بتجميع بواقي العيش المكسور والبواقي من الوجبات لفترة طويلة من المنازل، ومن صناديق القمامة وننشفه مقابل 50 قرشا للكيلو وبعد ذلك نبيعه في السوق لأصحاب مزارع المواشي والطيور كعلف للماشية وغذاء للأسماك بالمزارع السمكية. وعن حجم المكسب من مهنته يقول «الحمدلله... هى تجارة مربحة للغاية، بس مكنتش طموحاتى، كان فى دماغى أحلام كتير، خصوصا إنى الوحيد اللى متعلم فى إخواتى وكان عندهم امل أنى هبقى حاجة كويسة، لكن أمر الله وأنا أحسن من غيرى على الأقل فى إيدى مهنة، ودا أفضل من القعدة على القهوة زى آلاف الشباب. ويقطع حديث محمد أحد المارة قائلا له: «مجتش إمبارح ليه يا حمادة، فيرد عليه مبتسما كنت عند خطيبتى بنجيب الشبكة والفرح السنة الجاية. يطالب محمد الشباب بالعمل مهما كان نوعه عملا بالحكمة «حب ما تعمل.. حتى تعمل ما تحب منتقدا وباء التكبر الذى يصيب الشباب بعد تخرجهم في الجامعة ويجعلهم ينتظرون سنوات طويلة فى انتظار الوظيفة التى لا تأتى ثم يضطرون بعد فوات الاوان الرضاء بالعمل بأى مهنة. وعن كيفية قدرته على تحمل الحر والعمل طوال النهار فى شهر رمضان يقول «العمل عبادة.. وبعدين ربنا بيعين والأجر والثواب بيكون مضاعف واليوم بيمر بسرعة لما بكون صايم ومبحسش بيه بالعكس الواحد بيحزن لما رمضان بيخلص لأن عزيمة الواحد بتقل وبيرجع يكسل ويصحى متأخر مش زى رمضان بنتسحر ونطلع نشتغل. دعاء محمد لنفسه فى الشهر الفضيل: أن ربنا يكرمه بمهنة تناسب مؤهلاته وتستغل خبراته اللى اكتسبها من الدراسة ومن العمل فى الشارع لسنوات قائلا: «نفسى ولادى يفتخروا بى وميتكسفوش من مهنتى ويعيشوا عيشة أحلى منى.