هل هناك حل آخر غير إلغاء الدعم لسد العجز في الموازنة العامة؟ سؤال يجب الإجابة عنه.. فعندما يتم إلغاء جزئي للدعم علي الطاقة يقال إن الفقراء هم المتضررون وعندما يتم الإبقاء عليه يقول لك الأغنياء هم المستفيدون من الدعم.. هذه العبارات متكررة منذ عهد السادات وكل حكومات مبارك عملت علي إلغاء الدعم من حكومة المرحوم الدكتور عاطف صدقي وحتي حكومة أحمد نظيف وحتي في عهد الإخوان فحكومة قنديل كانت تعمل لإلغاء الدعم علي الوقود تحت نفس المبرر ويوجد عشرات بل المئات من تصريحات مسئولي هذه الحكومة وجماعة الإخوان وحزبها تؤيد الغاء الدعم فكل الحكومات وخبراء الاقتصاد أجمعوا علي إلغاء الدعم. وطوال تلك الفترة لم يخرج علينا أي خبير اقتصادي أو محلل من الذين نراهم علي شاشات الفضائيات أو في الصحف ليقول لنا عن بديل آخر لسد العجز المزمن في الموازنة العامة الذي يرتفع كل عام. وكلما زاد دعم الطاقة زاد معه العجز.. حتي إن العجز في موازنة هذا العام بلغ 240 مليار جنيه كما أن الدين المحلي وصل إلي مرحلة الخطر والتضخم في زيادة مستمرة هذا ما تعلنه الحكومة والكل يجمع أن الحل هو إلغاء الدعم في بلد أكثر من نصفها فقراء والملايين من شعبها يسكن في مناطق عشوائية أو في المقابر أو خيم الإيواء أو في بيوت بلا أسقف أو مياه شرب. نريد حلاً بعيداً عن إلغاء الدعم أو فرض ضرائب علي المواطنين الغلابة أو الاستدانة من الخارج نريد حلاً بدون أن يكون المواطن مهما كانت درجة غناه هو مطمع الحكومة فهل نجد خبيراً يقول لنا ماذا نفعل كي نعالج هذه الأزمة؟ هل عنده وصفة تجعل الدولة قادرة علي سد هذا العجز المزمن في الموازنة العامة؟ فالكلام عن ترشيد الإنفاق الحكومي مهم ولكن كم سيوفر هذا الترشيد من أموال؟ وهناك من يقول مكافحة الفساد توفر هذا المبلغ وعلي رأسها وقف الرشوة الصغيرة والعمولات في المشروعات الكبري ولهؤلاء أقول إن مكافحة الفساد عملية لا تتم بين يوم وليلة أو في عام أو اثنين أو ثلاثة لكنها تحتاج إلي عقود من الزمن وتحتاج إلي التصدي لأسباب الفساد والوقاية منه من خلال سلسلة تشريعات وإجراءات علي الأرض من زيادة الأجور ودعم استقلال الأجهزة الرقابية والقضاء وحريه تداول المعلومات، فمكافحة الفساد تعتمد علي الوعي والارتقاء بمستوي الأخلاق للشعب كله من أصغر مواطن حتي أكبر مسئول، فالالتزام الأخلاقي للمواطنين هو حجر الأساس لعملية التصدي للفساد وغيرها من الاجراءات التي تشير إلي أننا دولة جادة في مكافحة الفساد فليس العبرة بالقبض علي مسئول هنا أو هناك فقط لكن نريد قوانين تحاسب الفاسد والمفسد معا. قد يكون قرار إلغاء جزء من الدعم علي الطاقة قراراً قاسياً رغم توقع حدوثه والإعلان عن خطه إلغاء هذا الدعم خلال 5 سنوات يحتاج من الحكومة الحالية بالدعوة إلي مؤتمر اقتصادي قومي يشارك فيه كل من يفهم في الاقتصاد من كافة الجامعات والأحزاب والمجتمع المدني ومراكز الأبحاث والدراسات الاقتصادية يقوم هذا المؤتمر بالبحث عن بديل آخر غير إلغاء الدعم خاصة في ظل عدم قدرة الحكومة علي تنظيم الأسواق كما يبحث هذا المؤتمر سبل تنشيط الاقتصاد المصري ذاتياً بدون البحث عن التمويل الخارجي وإن كان الأمر لا محالة من إلغاء الدعم فيجب أن يضع هذا المؤتمر إليه لمراقبة تنفيذ خطة الحكومة في السنوات الخمس القادمة والرقابة علي الأسواق وإعادة سلطة الحكومة في تنظيم الأسواق وضمان حصول جميع العاملين في القطاعات المختلفة علي أجر عادل والارتقاء بمستوي الخدمات المقدمة للمواطنين.