«البائع المتجول» اسم يُطلق على الباعة الذين يقومون بعرض بضائعهم فى الطرقات وداخل محطات القطار، وينتشر الباعة الجائلون فى العديد من الدول، وتختلف بضائع الباعة المتجولين من دولة إلى أخرى .. وبسبب تأثيرهم على جمالية المدن، إضافة إلى صعوبة فرض الضوابط الصحية عليهم؛ توجد قوانين تمنع هذا الظاهرة فى معظم الدول. ويعود انتشار ظاهرة الباعة الجائلين، لندرة فرص العمل بجميع الدول، الأمر الذى يضطر بعض العاطلين عن العمل إلى العمل بهذه الوظيفة, حيث إنها لا تحتاج إلى أموال كثيرة لمزاولتها، فلا يحتاج صاحبها استئجار محلاً أو دفع ضرائب أو مصاريف أخرى، وأغلب الباعة الجائلين غير راضين عن هذه المهنة، ولكن الظروف المادية تضطرهم لمزاولتها. وأصبحت سيطرة الباعة الجائلين على معظم الشوارع والميادين مأساة حقيقية يعانى منها المواطنون، بسبب الشلل المرورى الذى أصبح يخنق الشوارع والميادين، والاضطرابات بين المارة والسيارات من ناحية، وإلقاء الباعة الجائلين نفاياتهم فى الشوارع مما يشوه منظرها الجمالى من ناحية أخرى. ويؤكد عدد من الباعة الجائلين أن هذه الأماكن تعد مصدر رزق لهم, ولا نريد تغيير هذه الأماكن الرئيسية أنه لهم "شهرة واسعة" بين الزبائن، ويتمركزون بشوارع وميادين رئيسية يكون فيها إقبال كبير من قبل الزبائن. وظاهرة "تجارة الرصيف" ظاهرة عالمية، فلا تكاد تزور أى مدينة حول العالم إلا وتجد عددًا من شوارعها مُحتل من قبل هؤلاء الباعة الجائلين. ويختلف المؤرخون فى بداية ظهور هذا النوع من التجارة، فالعديد منهم يؤكد أن بدايتهم فى الولاياتالمتحدة كانت مع قدوم المهاجرين الأوائل من أوروبا والشرق الأقصى وأمريكا الجنوبية، وتحديدًا عندما كان هؤلاء الوافدون الجدد يمارسون عمليات البيع فى الشوارع وأمام البيوت والمقاهى وحتى المتاجر، ومع مرور الوقت وتطور مفهوم البيع والشراء أصبح من المألوف مشاهدة "تجار الأرصفة" فى شوارع الولاياتالمتحدة .. هذا الحضور الطاغى أجبر الولايات على التعامل مع هذا النوع الجديد من التجارة، فأصبحت عمليات البيع تدار تحت إشراف البلديات وغرف المدن التجارية، وتعدى الأمر ذلك، حيث يمنح تاجر الرصيف ترخيصًا يؤهله لممارسة عملية البيع، ومع هذه التنظيمات الجديدة دخلت هذه التجارة منعطفًا مهمًا فى الولاياتالمتحدة، فأصبح الزائر يشاهد هؤلاء الباعة فى أكبر المدن. وأكدت التقارير أن زبائن هذه الأرصفة أغلبهم من الموظفين والسياح وأصحاب الدخول المحدودة الذين لا يستطيعون الشراء من المحلات الكبرى، أما الباعة فهم فى الغالب من بلدان عربية أو الدول المجاورة للولايات المتحدة، وتتنوع البضائع المعروضة، فجولة سريعة على منطقة "سكوير تايم"، خصوصًا فى أوقات الذروة كفيلة بإعطاء الزائر فكرة عما يباع فى هذه الأرصفة، فهنا عربات تبيع الفلافل والكباب والهوت دوج، وهناك أخرى تقدم الميداليات التى تحمل صورتك وأنت فى هذه الساحة الشهيرة، وتتحدث تقارير إعلامية أن إيرادات "تجارة الرصيف" فى أمريكا وحدها تقدر بعشرات المليارات من الدولارات ! وفى المملكة العربية السعودية قام مجلس الغرف السعودى مؤخرًا بإعداد تصور أولى لكيفية تنظيم أعمال الباعة الجائلين داخل المدن السعودية لأجل تلاشى السلبيات الناتجة عن ممارستهم للعمل بصورة غير منظمة وبحث الآليات المناسبة لذلك. وطالب التصور المبدئى، الذى أعدته ادارة البحوث والدراسات الاقتصادية بالمجلس, بتوفير ساحات بأحياء كل مدينة من مدن السعودية التى ينتشر فيها الباعة الجائلون على أن تقوم بتأجير أماكن بهذه الساحات لهؤلاء الباعة بشكل غير دائم، يومى أو أسبوعى أو شهرى، وبأسعار رمزية على أن يلحق بكل ساحة مكتب يتولى منح التراخيص بالبيع فيها، طبقًا لشروط تضعها البلديات فى ضوء النظم المعمول بها، وتحصيل الإيجارات، إضافة إلى الرقابة على المنتجات وإدارة الساحة بشكل عام. واكد التصور المبدئى أن توفير هذه الساحات فى الأحياء سيحقق إيجابيات البيع بالتجول ويعالج السلبيات الناتجة عنه ويحقق نوعًا من التنظيم لخدمات الباعة، بما يساهم فى حماية المواطن من خطر الحوادث وحماية المستهلك من التعرض للغش وحماية البيئة من التلوث وتشويه المنظر الجمالى للمدن، ويبين كذلك الجوانب الإيجابية والسلبية لظاهرة بيع المنتجات الغذائية والملابس ولعب الأطفال والساعات والعطور بواسطة الباعة الجائلين, ضاربًا المثل بكثافة أعداد الباعة الجائلين حول الحرمين الشريفين لبيع الهدايا وغيرها من المستلزمات التى يحتاج إليها المعتمرون وحجاج بيت الله الحرام . ومن ضمن تلك المضامين الإيجابية التى يحققها انتشار هذه الظاهرة، كما أسماها التصور، أنه يصل إلى المستهلكين فى أماكن وجودهم، ويوفر عليهم مشقة البحث عن مستلزماتهم، إضافة إلى أن الأسعار التى يبيع بها البائع الجائل هى فى الغالب أقل من مثيلاتها فى المحلات التجارية، وذلك لان هذا البائع لا يتحمل التكاليف الإدارية التى تتحملها المحلات التجارية من إيجارات وأجور وكهرباء، كما أن هذا النوع من التجارة قد يكون نواة لخلق رجال أعمال يعتمد عليهم اقتصاد السعودية فى المستقبل. وأكد التصور أنه بالرغم من إيجابيات هذا النوع من البيع إلا أنه يرتبط ببعض الجوانب السلبية التى تلجأ البلديات إلى محاربتها ومطاردة ممارسيها ومنها، أن كثافة وجود الباعة الجائلين على أرصفة الشوارع وتزاحم راغبى الشراء حولهم تؤدى إلى شغل الأرصفة المخصصة أصلاً للمشاة من الرجال والنساء والأطفال، ويساهم البيع بالتجوال فى زيادة التلوث البيئى وتشويه المنظر الجمالى للمدن، بالإضافة إلى أنه لا يدخل مستوى جودة وصلاحية المنتجات التى يتعامل بها الباعة الجائلون تحت حكم ورقابة البلديات. وفى الإمارات بدأت دائرة التنمية الاقتصادية فى دبى تنظيم حملات لمواجهة ظاهرة الباعة الجائلين فى أسواق الإماره بعد رصد انتشارهذه الظاهره بشكل كبير مؤخرًا، كما عزمت على إصدار رخصة تجاريه للباع' الجائلين باسم "تجوال". فيما حذر المتسوقين من التعامل مع الباعه الذين يزاولون المهنة دون ترخيص، وقالت إنه سيكون من الصعب على الدائره التحقيق فى شكاوى المستهلكين عند تعرضهم لعمليات النصب أو الاستغلال من قبل الباعة الجائلين، داعيًا المستهلكين التعامل مع المحلات التجارية التى تحمل ترخيصًا قانونيًا وتخضع بضائعه للرقابة على السلع لحماية المستهلك . وما بين مطرقة الوضع الاقتصادى وسندان الوضع السياسى المتردى، أصبح الرصيف هو الملاذ لعرباتهم ومصدر رزقهم، وسط غلاء أسعار إيجارات المحلات وعدم توفير مكان مخصص لهم من قبل الدولة، حتى بات المواطنون يتوقعون تأخر الحلول حتى الانتهاء من خارطة المستقبل بانتخاب رئيس للبلاد والبرلمان الجديد ينتظرون عودة الدولة. مقترحات لحل أزمة الباعة الجائلين: وكنتيجة لأزمة الباعة الجائلين حول العالم اتجهت الدول للبحث عن حلول للمشكلة وتوصلت للآتى: تنظيم حملات تقوم بعمل سلسلة من الدورات التدريبية تقدم لأعضائها لزيادة الوعى والثقافة القانونية وتزكية دور القانون وأهميته فى تشكيل إطار قانونى لكل خطوات الحملة السياسية، وتمكين شباب الحملة من إدراك الواقع القانونى المحيط بدائرة أجهزة الحكم المحلى. بالإضافة إلى عرض مقترحات لأماكن بديلة للباعة الجائلين لعرض بها سلعهم وإقناعهم بتخليهم عن تشويه المنظر الجمالى للشوارع والتلوث السمعى والبصرى. إلى جانب تشريع قوانين خاصة بالباعة الجائلين تمكنهم من ممارسة المهنة فى ضوابط لا ينحرف عنها أحد، وتنص على حماية المستهلك.