أثير في اجتماع الهيئة العليا لحزب الوفد الأسبوع الماضي، موضوع التفضيل والاختيار بين الأنظمة البرلمانية والأنظمة الرئاسية والنظام المختلط. ونظراً لتنوع الآراء وأهمية هذا الموضوع، فقد تم تأجيل البت فيه إلي جلسة مقبلة. وبداية أريد أن أوضح، أنه لا يوجد بين الأنظمة السياسية، ما يسمي بالنظام المختلط بين البرلماني والرئاسي. الأنظمة السياسية المعروفة عالمياً وعلمياً ولها مدارسها وفقهاؤها، هما النظامان البرلماني والرئاسي، أما ما تطبقه بعض الدول من نظام مختلط للحكم بين البرلماني والرئاسي، فهذا النظام يوضع حسب رغبة كل دولة وبمعني أوضح حسب رغبة كل حاكم، وبالتالي فلا يوجد نظام مختلط يطابق النظام الآخر، لانه لا توجد قواعد أو مبادئ تطبق في هذا النظام، وإنما هي ترجع لإرادة الحاكم أو إرادة واضعي الدستور.. ففي هذه الحالة يتم اقتباس بعض مبادئ النظام البرلماني والبعض الآخر من النظام الرئاسي حسب هوي الحاكم. تماماً كما كان يحدث بالنسبة للأنظمة الاقتصادية بما يسمي الاشتراكية. فلم يكن في الماضي ما يعرف بالنظام الاشتراكي، الأنظمة الاقتصادية المعروفة، والتي لها مدارسها وفقهاؤها، هما النظام الرئاسي والنظام الشيوعي، أما ما يسمي بالنظام الاشتراكي، فهذا نسج خيال الحكام نتيجة خلطهم بين هذين النظامين حسب هواهم ومزاجهم. نعود للتفصيل والتوضيح بين النظام البرلماني والنظام الرئاسي. وغني عن البيان، فالنظام البرلماني يقوم أساساً علي أن الذي يدير البلاد بالفعل، هو الحزب الذي يفوز بالأغلبية البرلمانية، «وبطبيعة الحال بشرط أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة» أما رئيس الدولة في هذا النظام، فيعتبر رئيساً شرفياً، اختصاصاته بسيطة ومحدودة، ففي هذا النظام، الشعب يختار الحزب الذي يريد أن يحكم البلاد ولا يختار شخصاً واحداً، كما هو حاصل في النظام الرئاسي، وإنما هو يختار حزباً وهذا الحزب هو الذي يشكل الحكومة، وبالتالي هذا الحزب هو الذي يدير البلاد. ومن هنا، جاء المبدأ الوفدي القديم (الشعب مصدر السلطات) لان الشعب هو الذي يختار حكامه بنفسه. وأبرز الدول التي تطبق هذا النظام، إنجلترا ودول الشمال الأوروبي والهند وإسرائيل. أما في النظام الرئاسي، فرئيس الدولة أيا كانت تسميته - ملكاً أم أميراً أم رئيس جمهورية - هو الذي يدير البلاد بشبه انفراد ويعاونه البعض من الوزراء بالإضافة إلي البرلمان. ومن أبرز هذه الدول التي تطبق هذا النظام، أمريكا وفرنسا وبعض الدول الأوروبية وأمريكا الجنوبية، التي يغلب علي أنظمتها الطابع شبه الرئاسي المختلط ما بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني. ومع الأسف الشديد، فإن جميع دول العالم الثالث تطبق الأنظمة شبه الرئاسية أو ما يسمونه بالأنظمة المختلطة، لأن الحكام في ظل هذه الأنظمة يسهل عليهم السيطرة علي كل مقاليد الحكم، فسرعان ما ينقلب الحاكم إلي ديكتاتور. بمجرد أن يتولي الحكم في هذه الدول ويلتف من حوله المستفيدون والمنافقون والمفسدون، ينقلب إلي دكتاتور. وهذا هو ما تم في جميع دول أفريقيا والدول العربية، دونما نظر لتسمية رئيس الدولة. هذا بطبيعة الحال علي عكس النظام البرلماني، كما سبق أن أوضحنا فالحاكم فيه هو رمز للدولة وله اختصاصات محدودة، كإعلان حالة الحرب وإعلان حالة الطوارئ في المحن الكبري والكوارث. خلاصة كلامي. إن جميع الدول المتخلفة بما فيها مصر والتي تعج بالأمية، لا يصلح معها النظام الرئاسي ولا ما يسمونه بالنظام المختلط. بداية الإصلاح في مصر لابد أن يبدأ بتطبيق النظام البرلماني، حتي يعي الشعب مفهوم الديمقراطية ويعي حقوقه السياسية ويعرف ان الكلمة كلمته والرأي رأيه، في هذه الحالة فقط يمكن أن نرجع إلي نظام الحكم الرئاسي أو المختلط، لأن الشعب في هذه الحالة سيكون هو الحارس علي كافة حقوقه، ولا يستطيع الحاكم أن يستبد به أبداً.