تباينت آراء القيادات الحزبية وفقهاء القانون، حول النظام الأفضل لحكم مصر بعد الثورة، هل هو النظام الرئاسى، الذى كان معمولا به من قبل، أم البرلمانى، أم نظام يجمع بين الاثنين، وهو ما درج على تسميته ب«المختلط». قال الدكتور إبراهيم درويش، الفقيه الدستورى، إن مصر تعيش غيبوبة كاملة، ومشاكل متداخلة، ومحاولات قفز على السلطة من بعض القوى، فضلا عن المشاكل الاقتصادية والتعليمية، إلى جانب غياب الأمن، فى ظل وجود ما سماه وزارة تعطيل الأعمال القائمة الآن. وأضاف: كل هذا يجعلنا نفكر فى طبيعة النظام السياسى الأفضل لمصر، فى ظل دستور متروك ليد القدر، وسيأتى الدستور الجديد الذى ستضعه لجنة من مجلس الشعب، ليزيد من صلاحيات السلطة التشريعية، وكان يجب أن يتضمن الدستور الحالى 20 مادة فقط، 5 للحريات، و5 للسلطة التشريعية، و5 للسلطة التنفيذية، و4 للقضائية، وواحدة للقوات المسلحة، ثم يتم انتخاب لجنة تضع الدستور من الفقهاء والحكماء، ويتم الاستفتاء عليه، وبعدها تأتى انتخابات مجلس الشعب والرئاسة. وأوضح درويش أنه لا يمكن نقل نظام حكم من أى دولة إلى مصر، فكل دولة لها نظامها وفق بيئتها الخاصة، وأفضل شىء للبلاد هو أن نأخذ بعض العناصر من النظام البرلمانى وأخرى من الرئاسى، ولابد من انتخاب نائب فى نفس ورقة انتخاب الرئيس، حتى لا نترك البلد فى مهب الريح. وأكد الدكتور وحيد عبد المجيد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن أى نظام لابد أن يكون مرتبطا بالأهداف التى نريد تحقيقها، وأهم هدف الآن هو الحد من تغول السلطة التنفيذية، على ألا يكون هذا من خلال تغول السلطة التشريعية. وأضاف أن النظام البرلمانى لا ينفع مصر الآن، لأنه سيسمح بتغول السلطة التشريعية، ويحتاج أحزابا قوية، غير موجودة الآن، لذلك فالنظام الأفضل هو الأقرب للنظام الفرنسى، لأنه يفصل بين السلطات، ويوزع السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية ورئيس وزراء حقيقى، مشيرا إلى أن مصر لم يكن بها نظام رئاسى، بل نظام الفرد المطلق. وقال الدكتور عصام العريان، المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين: «إن النظام الأفضل لمصر ستحدده الجمعية التأسيسية التى ستضع الدستور، وتطرحه على مجلس الشعب ليتم الاستفتاء عليه»، وأضاف: الشعب كره النظام الرئاسى الذى تحول فى مصر إلى نظام شبه ملكى أو فرعونى، لكن هناك من يرى أنه الأفضل، ومن يرغب فى النظام البرلمانى، لكننى أرى أن النظام المختلط أفضل، بشرط بحثه جيداً من خلال حوار حقيقى. وأكد الدكتور محمد أبوالعلا، القيادى بالحزب الناصرى، أن النظام المختلط الذى يجمع بين الرئاسى والبرلمانى، الأفضل لمصر، وقال: «رغم أننى كنت أفضل البرلمانى، لكن ضعف الأحزاب القديمة، وعدم ممارسة دورها، بالإضافة إلى عدم خبرة الأحزاب الجديدة فى العمل السياسى، جعلنى أقطع بأن النظام البرلمانى سيكون من نصيب فلول الحزب الوطنى وجماعة الإخوان المسلمين لأنهم الأكثر تنظيماً». وأضاف أن النظام المختلط، يوزع السلطات بين مؤسسات الدولة، ويحد من سلطات الرئيس لصالح البرلمان. وأيد علاء عبدالمنعم، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، النظام المختلط، لأن النظام الرئاسى ينتج ديكتاتوراً، على حد قوله، خاصة فى ظل الثقافة المصرية التى ترفع دائما من شأن الحاكم، وأضاف: «لو اخترنا البرلمانى فسنكون غير مستعدين له، لأن الأحزاب ليست بالقوة التى تساعد على تشكيل برلمان وحكومة قوية، لذلك أؤيد النظام المختلط الأقرب إلى الفرنسى». وقال طارق الملط، المتحدث باسم حزب الوسط: إن النظام المختلط، هو ما نحتاجه فى هذه المرحلة، لكننى أرى أن نستمر به لدورتين رئاسيتين أو ثلاث فقط، لأننا لابد أن نحترم ثقافة الشعب الذى يرتبط بالكاريزما الرئاسية، وبعدها نعتمد النظام البرلمانى. وأضاف أنه خلال المدتين أو الثلاث، سيكون المواطن اعتاد على أن هذا الرئيس ليس إلا موظفاً، وبعدها نطبق النظام البرلمانى، وستكون الأحزاب الجديدة والقديمة وقتها استعدت له. وأكد الدكتور ثروت بدوى، الفقيه الدستورى، أن النظام الوحيد الذى يحقق الديمقراطية فى مصر هو البرلمانى، لأن جميع الدول التى أخذت بالنظام الرئاسى انقلبت إلى الديكتاتورية وحكم الفرد، ما عدا أمريكا، لأن لها ظروفها الخاصة، فكل ولاية لها حاكمها، وأضاف أن النظام المختلط يعنى فساداً مختلطاً، لأن هذا النظام سيأخذ السيئ من النظامين البرلمانى والرئاسى، اللذين لا يمكن أن يجتمعا أبداً. وقال نبيل زكى، المتحدث باسم حزب التجمع: إن النظام البرلمانى هو الأمثل لمصر، لأننا منذ 7 آلاف عام نخضع لحكم الفرد المطلق، مهما تغيرت الظروف وتنوع الحكام، فراعنة أو ملوك أو رؤساء. وأضاف أن مصر تحتاج رئيسا يكون مجرد رمز، على أن تكون السلطة فى يد البرلمان، ويشكل الحكومة حزب الأغلبية، وبذلك تتخذ الحكومة القرارات، ولا تنتظر التوجيهات من أعلى.