بدأت الحكومة تطبيق الموازنة المالية للعام 2014-2015 التى قللت العجز فى الميزانية إلى نحو 60 مليار جنيه بناء على طلب من رئيس الجمهورية، «عبد الفتاح السيسى» بهدف جذب الاستثمارات والعمل على خفض تكلفة التمويل للقروض الخارجية، وسعيا لوقف الدعم لمن لايستحق، بزيادة لأسعار الطاقة للصناعات كثيفة الاستهلاك مثل الحديد والأسمنت، ،وإعادة هيكلة الدعم فى الكهرباء لغير محدودى الدخل ، وتصحيح منظومة الضرائب ، وترشيد الإنفاق الحكومى فى الوزرات ومؤسسات الدولة المختلفة، وإصدار قرار جمهورى بجعل الحد الأقصى للعاملين بأجر لدى مؤسسات الدولة لا يتجاوز 42 ألف جنيه شهرياً، وبعد قليل من بدء هذه الاجراءات، اتجهت حكومة المهندس «ابراهيم محلب «إلى القيام بما يشبه حملة علاقات عامة لشرح الضرورات التى حتمت على الدولة اتخاذ مثل تلك الخطوات والنتائج المتوقعة التى يمكن أن تترتب عليها ، والسعى لمحاولة السيطرة على الانفلات فى الأسعار، الذى يمكن أن تشهده الأسواق، نتيجة الزيادة فى أسعار المحروقات والكهرباء، فاجتمع رئيس الوزراء مع أعضاء المجلس الاعلى للثقافة، والتقى بممثلى وسائل الإعلام والصحافة، وطالبهم بالعمل على زيادة وعى المواطنين والتجار بأهمية الا يستغل أحد الزيادة فى اسعار المواد البترولية لزيادة مفتعلة فى أسعار السلع، التى لن تتأثر بهذه الزيادة إلا إذ سعى المضاربون والمحتكرون وأباطرة السوق السوداء إلى استغلال الموقف بتعظيم مكاسبهم بالربح الحرام ، الذى تتحمل تبعاته الطبقات الفقيرة . ولأن الحكومة تتوقع أن يلجأ هؤلاء التجار إلى زيادة أسعار الاستهلاك الشعبى فى الخضر والفاكهة واللحوم والزيوت، والسكر والشاى والبقوليات وغيرها من الاحتياجات الأساسية التى تستخدم الطاقة،اجتمع رئيس الوزراء بعدد من كبار تجار الخضر والفاكهة، وكبار منتجى ومصنعى السلع الغذائية، ورؤساء الغرف التجارية ورؤساء جمعيات النقل البرى ، لبحث طرق ضبط اسعار المواد الغذائية، والتصدى لصور الشره والاستغلال، ولحث المنتجين وصناع السلع الغذائية ، وقطاع النقل البرى الذى يشارك كقطاع خدمى فى هذا المجال، على التعاون فى ضبط الأسعار والسوق ، وتأكيده على أن الزيادة فى أسعار المواد البترولية ، لاتفرض على المواطنين اعباء جديدة. وفى هذا الاجتماع تعهد التجار وأصحاب شركات النقل بعدم رفع الأسعار ، بل قدموا اقترحات لرئيس الحكومة بتخفيض الأسعار خلال الفترة المقبلة، وبقيام الغرف التجارية فى المحافظات، بإنشاء معارض للسلع الغذائية ، بالتعاون مع وزارة التموين، لطرح السلع المختلفة بأسعار مناسبة. وسبق هذا اللقاء اجتماع آخر لرئيس الوزراء مع عدد من كبار منتجى الزيوت والدواجن والالبان وممثلى السلاسل التجارية الموجودة فى مصر بحضور وزير التموين دكتور «خالد حنفى» وكان من اللافت للنظر ، أن معظم تلك السلاسل هى شركات عربية تعهدت أن تتحمل الزيادة فى أسعار الطاقة دون أن تحملها للمستهلك، كما تعهدوا جميعاً خلال الاجتماع، بعدم زيادة أسعار منتجاتهم، بل وتوفير السلع الغذائية للمواطنين بأسعار مخفضة تتناسب مع دخلهم ، كما قدموا عروضاً على الهواء مباشرة أثتاء المؤتمر الصحفى الذى عقوده عقب اجتماعهم مع رئيس الوزراء، للتخفضيات التى ادخلوها على أسعار منتجاتهم. وكان وزير التموين قد أعلن أن الوزارة قد خفضت الأسعار – المعروضة بطبيعة الحال فى المجمعات الاستهلاكية- بنسبة 25% ، موضحاً أن الزيادة فى سعر الوقود لن تؤثر على ارتفاع السلع الغذائية إلا فى حدود 2% فقط، وأن الحكومة اتخذت الاحتياطات لمنع هذا التأثير. وبطبيعة الحال فإن تلك الخطوات سوف تمنح المجمعات الاستهلاكية، ميزة تنافسية لبيع السلع بأسعارها دون زيادة، ومحاصرة الزيادات التى قد يفرضها تجار السوق السوداء والمضاربون والمحتكرون الذين حولوا «الثورة» إلى «ثروة» وإلى تجارة وشطارة ، بسرقة السيارات، واخفاء السلع ، واحتكار توزيعها، وتهريب البنزين والسولار وأنابيب الغاز، وفى هذا السياق ، جرى انتقام إلهى من المولى عز وجل لأحد المواطنين ، حين شب حريق ضخم فى بيته بإحدى القرى قبل عدة أسابيع ، فالتهم البيت عن آخره ، وقضى عليه وعلى حياة أسرته وأبنائه، ثم تبين لسلطات التحقيق، أن البيت كان يحتوى على مخزن لتخبئة المواد البترولية المهربة! ومن بين تلك الاحتياطات التى اتخذتها الحكومة لضبط الأسعار فى السوق ، قيام هيئة السلع الغذائية بضخ كميات هائلة من السلع الغذائية المنخفضة السعر فى المجمعات الاستهلاكية، ورفع السلع الخاضعة لمنظومة التموين من عشرين سلعة إلى مائة سلعة خلال فترة وجيزة، وضخ سلع غذائية بأسعار اقل من السوق لنحو 25 ألف بقال تموينى، وإحكام الرقابة على مهربى المواد البترولية ، وتشديد العقوبات عليهم، بعد الخطة التى أعلنتها الحكومة لإعادة هيكلة الدعم على المواد البترولية، ليرتفع سعر لتر البنزين 92 من جنيه و85 قرشاً إلى 2جنيه و85 قرشاً، ولتر البنزين 80 من جنيه و90 قرشاً إلى 2جنيه وعشرة قروش، وهو ما يوفر للموازنة الجديدة للدولة نحو ستين مليار جنيه، لخفض العجز فى الميزانية العامة للدولة من 12% إلى 10% كما طالب الرئيس «السيسى» بعد رفضه التصديق على ميزانية الحكومة ومطالبته بتعديلها . بدأت معاول الهدم ، وحشد الجهود الدعائية من قبل أعداء ثورة 30 يونية، لاستغلال اجراءات التقشف الحكومية، ورفع الدعم عن الجهات غير المستحقة،لإثارة السخط الاجتماعى لدى بسطاء المواطنين، ظنا من هؤلاء أن الجماهير التى احتشدت فى هذه الثورة ، سوف تندم على المشاركة بها، وتطالب بعودتهم إلى السلطة، معتمدين فى ذلك على أن بعض من أقلقهم هذه الاجراءات، ينظرون إليها نظرة ضيقة، تقودها مخاوف مشروعة أن تمس مستوى معيشتهم، دون أن يتوقفوا أمام جوهرها المتمثل فى كونها محاولة لترشيد الدعم بحيث لا يصل إلا لمستحقيه، ولو أنهم تأملوا فى بعض الأسئلة التى يطرحها مسئولو الحكومة ، وعدد من بعض كبار الاقتصاديين، لاكتشفوا حقيقة الاستثمار السياسى، الذى يحاول دفعهم لاتخاذ موقف هو ضد مصالحهم، وضد مصالح ثورتهم ومستقبل وطنهم، وهم يستطيعون أن يدركوا جوهر هذه الاجراءات ، لو أنهم استجابوا لنداء الرئيس» السيسي» تحمل صعوبات العامين القادمين كى تواصل بلادهم الانطلاق للأمام، ولو أنهم أجابوا عن بعض تلك الأسئلة ، ومن بينها: لماذا تتحمل الدولة دعم البنزين الذى تستهلكه سيارات السفارات والاغنياء وكبار التجار والمستثمرين والمصانع ذات الاستخدام الكثيف لكل أنواع الطاقة؟ّ! ولكى يذهب الدعم لمستحقيه على الدولة أن تكثف الرقابة على الأسواق، وأن تنشط جمعيات حماية المستهلك فى هذا المجال أيضاً، وأن يلعب المواطن دوراً إيجابياً فى التصدى لشره التجار بالمقاطعة والتحرك للإبلاغ عن المتلاعبين بألاسعار، والمحتكرين للسلع، كى تجتاز بلادنا التحديات التى تواجهها بنجاح وسلام وأمان، اللهم آمين.