لم تستطع حكومة عصام شرف أن تنحني أمام العواصف التي تعرضت لها بعد اندلاع مليونية 8 يوليو وظهرت عارية من الحماية وتلقت ضربات موجعة من الثوار حتي سقطت في مواجهة القوي الشعبية الرافضة لها ولم تنجح سياسات رئيس وزراء الميدان في اعادة شحن رصيد المحبة بينه وبين الشارع.. ولم يجد شرف غير الجفاء والإصرار علي رحيله. صباح يوم الاثنين الماضي لم يكن يوما عاديا بالنسبة لشرف الذي استيقظ حاملا أسماء 12 وزيرا جديدا مرشحين للإقالة، بعد إذن من المجلس العسكري بإجراء تعديل وزاري لتهدئة الميدان الثائر.. وهم: الدكتور سمير الصياد وزير التجارة والصناعة واللواء محسن النعماني وزير التنمية المحلية والدكتور أشرف حاتم وزير الصحة والدكتور عماد أبوغازي وزير الثقافة والمستشار محمد عبدالعزيز الجندي وزير العدل واللواء منصور العيسوي وزير الداخلية والمهندس عبدالله غراب وزير البترول ووزير البيئة اللواء ماجد جورج والدكتور حسن العطيفي وزير الري والمهندس عاطف عبدالحميد وزير النقل وفصل وزارة التجارة الداخلية عن وزارة التضامن الاجتماعي وتعيين وزير جديد لها. وحسب المعلومات التي حصلت عليها «الوفد الأسبوعي» فإن شرف عرض تغيير 7 وزراء فقط في مايو الماضي علي المجلس العسكري لم يكن بينهم وزير الداخلية ويحيي الجمل وطرح أسماء علي المجلس العسكري للوزراء الجدد ولكن المجلس طلب إرجاء التغيير. وفي يوم الأربعاء قبل الماضي قرر المجلس فجأة منح شرف الضوء الأخضر لاقتراح التعديل. وفي صباح الاثنين الماضي وبعد أن انهي شرف مشاورات التعديل الوزاري توجه الي ائتلافات شباب الثورة وعرض عليهم بعض الأسماء التي تلقي قبولا لديهم خاصة بعد ان تلقي من الثوار تعديل وزاري كانوا قد وضعوه أثناء المليونية الأخيرة وتشمل عددا من الوزراء الذين لقوا ترحيبا في الميدان في حكومة جديدة واستقر شرف في البداية علي عدة أسماء وردت إليه من ميدان التحرير منها: الدكتور يوسف زيدان وعلاء الأسواني لوزارة الثقافة والدكتور ممدوح حمزة للإسكان رغم أن بعض قوي التحرير اختاروه رئيسا للوزراء إلا أن شرف رشحه للإسكان واختيار الدكتور محمد غنيم رئيس معهد الكبد بالمنصورة أو الدكتور محمد ابوالغار للصحة والدكتور رأفت رضوان وزير للمالية. وبعد أن استمع شرف الي ائتلاف شباب الثورة ومطالبهم وألمح الي إمكانية اختيار بعض الأسماء من الواردة من قلب الميدان في التغيير الجديد توجه الي مقر وزارة الدفاع والتقي المجلس العسكري ودارت بينهما مناقشات استمرت ما يقرب من 4 ساعات عرض خلالها بعض الأسماء المرشحة للوزارات الجديدة ولكن المجلس اعترض علي بعض الأسماء واحتدمت المناقشات إلي أن استقر الطرفان في النهاية علي تأجيل التعديل الذي كان مقررا إعلانه صبيحة اليوم الثاني لمدة أسبوع لإنهاء المشاورات حول الوزراء الجدد. وعلمت «الوفد الأسبوعي» أن جانبا كبيرا من المناقشات دارت حول خروج يحيي الجمل وكان هناك من يري ضرورة لبقائه وهناك من طالب بالاستغناء عنه وأيد شرف الحل الأخير علي اعتبار انه يتحمل جزء من الغضب الشعبي علي حكومته. ودار جانب آخر من المناقشات حول وزير الداخلية منصور العيسوي الذي رأي شرف ضرورة تغييره لاعتراضه علي تنفيذ قرار إنهاء خدمة الضباط المتهمين بقتل الثوار الا بعد صدور احكام نهائية ضدهم وكان هناك من يري ضرورة منحه الفرصة الأخيرة للإعلان عن حركة الشرطة وقياس مدي رضا الشارع عنها وبالتالي الإبقاء عليه الا ان الرأي استقر علي أن التاجيل لمدة أسبوع سيتيح التعرف علي رأي الشارع في الحركة الجديدة وبالتالي تحديد الموقف النهائي من العيسوي. ولكن الورطة الحقيقية التي عاشها شرف انه اضطر الي ابلاغ بعض الوزراء المستبعدين بقرار إقالتهم وهو ماتسبب في حالة من الارتباك داخل بعض الوزارات حتي أن بعض موظفي الوزارات اضطروا الي التعبير عن مشاعرهم نحو التعديل، فموظفو العدل استقبلوا نبأ إقالة المستشار محمد عبد العزيز الجندي بالزغاريد وحسب تأكيدات الدكتور محمد الجوادي أستاذ العلوم السياسية ، فإن هناك وزراء لن يتم إقالتهم علي الإطلاق حتي لو تم تغيير شرف نفسه ولكل واحد منهم اسبابه فوزير الزراعة ايمن ابو حديد جاء لحماية بعض المصالح التي تحيط بها الشبهات وللحفاظ علي مصالح إسرائيل في التعاون الزراعي مع مصر، كما أن وزير المالية سمير رضوان من المحتمل أن يتم الإبقاء عليه رغم أخطائه الفادحة حتي يكمل عمل الموازنة الجديدة اللهم اذا قرر المجلس العسكري الاستجابة لمطالب الثوار ورفض بنود هذه الموازانة.. كما أن وزير الخارجية الجديد السفير محمد العرابي لن يرحل لأنه جاء ليحقق مطالب دول الخليج بعد أن شعروا بالغضب من تعيين الدكتور نبيل العربي الوزير السابق. وفجر الجوادي مفاجأة بقوله إن 5 وزراء في حكومة شرف ثبت تروطهم في موقعة الجمل وأن قاضي التحقيق سيأمر بالقبض عليهم فور خروجهم من الوزارة، مشيرا إلي أن وزارة شرف تميزت بأنها طبقية فيها وزراء من ايام حكومة نظيف وأخري من أيام شفيق ومجموعة جديدة سيتم تغييرها. الجوادي يري أن العيسوي هو أفضل وزير في حكومة شرف لأنه لم يأت بتعليمات من جهاز أمن الدولة المنحل مثل شرف نفسه الذي جاء نتيجة صفقة مع الجهاز القديم وهو من طلب منه الذهاب الي ميدان التحرير للحصول علي البيعة من الثوار وهو الذي سعي الي حرقه بعد أن تم حل الجهاز.. ورفض الجوادي تعيين ممدوح حمزة وزيرا قائلا إنه لا يعبر إلا عن نفسه ولا يلقي قبولا في ميدان التحرير. وأضاف: هناك مشاورت مع الدكتور فاروق العقدة علي تولي وزارة اقتصادية أو مالية إلا أنه حتي هذه اللحظة يصر علي الرفض كما أن وزير العدل القادم سيكون احد مستشاري مجلس الدولة يحظي بقدر من الإجماع. الصورة حتي هذه اللحظة ضبابية عند المجلس العسكري فهو يستعين ببعض المستشارين الذين ليسوا علي درجة من الكفاءة في إبداء النصح وعليه أن يتوجه الي أصحاب المشكلة انفسهم وهو الشعب المصري ليعرف منه مطالبه ولا يعتمد علي ذوي المصلحة. الدكتور مصطفي عبد الخالق أستاذ العلوم السياسية يؤكد أن المجلس العسكري لم يقتنع برؤية شرف للتعديل الوزاري ولذلك فضل التأجيل لأنه يدرك أن تلك الخطوة بمثابة الكارت الأخير له اذا احترق فسيخرج من اللعبة السياسية الي الأبد ولن يستطيع التعويض مرة أخري ولذلك اعترض خلال الساعات التي قضاها مع شرف والجميع في انتظار الإعلان عن التشكيل الذي أبلغ به البعض رسميا إلا أن المجلس العسكري رأي التأجيل لأنه يريد أن يأتي بوزراء شباب أصحاب أعمار سنية منخفضة وتتمتع بقبول في الشارع. وقال: إن المجلس لم يحسم قراره باختيار وزير داخلية من العسكر لأنه يخشي الصدام مع جهاز الشرطة الذي لن تقبل بعض قياداته العمل تحت رئاسة قيادة من الجيش وحتي إن حدث ذلك فهو احتمال ضعيف جدا وأنه سيخرج القيادات التي يمكن أن تعترض في الحركة وسيختار وزير عسكري لعدة أشهر يستطيع هذا الوزير أن يجدد الدماء ويسلم الوزارة الي قيادة شابة سيتم التوافق عليها داخل الجهاز. وأشار عبد الخالق الي أن المجلس لن يقترب من باقي الوزارات السيادية وسيرشح أسماء تتمتع بالقبول السياسي علي باقي الوزارات الصغيرة ليرضي الثوار وحتي يحقق المطالب السبعة التي وعد بتحقيقها، ومن المحتمل ان يضع اثنان من رجال القوات المسلحة في الوزارة الجديدة علي حساب حصة الشرطة التي لن تكون لها مكان في الوزارة الجديدة الهم اذا تم اختيار وزير داخلية فقط.