يبدو أن مهام وزارة الإعلام غير واضحة لدي الكثيرين من المصريين وحتمية أو عدم حتمية وجودها أضحت بالتالي لديهم محلا للخلاف! وزارة الإعلام موجودة في بعض الدول وغير موجودة في البعض الآخر.. غاب عن الجميع أو فاتهم أن وزارات الإعلام توجد في الدول التي لا يكون فيها وظيفة أو مسمي المتحدث الرسمي لرئيس الجمهورية والمتحدث الرسمي لرئيس الحكومة.. أما في الدول التي لا تتبع هذه المنظومة فيوجد بها وزراء إعلام تكون مهمتهم إبلاغ كل وسائل الإعلام من صحافة وإذاعة وتليفزيون والوسائل المتاحة الأخري من اجتماعات ومؤتمرات بكل الاجتماعات الرئيسية وبنتائج المشاريع والمواضيع المهمة التي ناقشتها الحكومة أو التي تزمع تنفيذها بمعني أنها حلقة الوصل بين الحكومة السلطة التنفيذية والشعب، في آخر وزارة في الحقبة الليبرالية كان فريد باشا زعلوك وزيرا للدعاية والإعلام! ولكن الوزارة منذ خرجت من رحم أحرار يوليو 52 حُملت بأثقال إعلام جويلز النازي إبان الحرب العالمية الثانية وفُرضت عليها مسيرة يوليو جعلت جل وكل واجباتها حصار الصحافة والإذاعة وكل وسائل الإعلام لتسير في خط ديكتاتورية مجموعة 23 يوليو إذعانا بألا يكون فيه مجال لحرية الرأي أو انتقاد السلطة، إن دستور 2014 لا ينص علي وزارة الإعلام ولم يلغها إلا بالنص ولا بالدلالة! وليس معني أنه نص علي تشكيل هيئة وطنية للإذاعة والتليفزيون والمجلس الوطني للإعلام فإن هذا - مرة أخري أكرر - لا يعني إلغاء وزارة الإعلام سواء نصا أو بالدلالة!! المشكلة أن مجموعة 23 يوليو جعلوا من أهم مهام الوزارة أن تسخر كل إمكاناتها المادية والشخصية لتدعيم نظام الحاكم. إن ما أبداه د. أسامة الغزالي حرب في عموده بأهرام 22/6/2014، بخصوص الأستاذة الجليلة درية شرف الدين آخر وزراء الإعلام من أنها أقيلت هو وصف غير دقيق وغير علمي لأن الإقالة لا تكون إلا في وجود المنصب، أما عندما يلغي المنصب فهذه ليست إقالة - نكرر - لا بنص ولا بدلالة! وبهذا الصدد ماذا عن إنشاء نقابة للإعلاميين؟! هل الإعلامي هو كل من يتخرج في كلية الإعلام - جامعة القاهرة أم يضم معهم خريجو الكليات الأخري التي ابتدعت أقساما للإعلام بها؟! مع الفوارق الضخمة في المجاميع للملتحقين بها من الثانوية العامة أم هم من العاملين بالتليفزيون ومنهم ومنهن خريجون من كل الكليات أو معاهد كالتربية البدنية والأشغال مثل كلية الاقتصاد المنزلي وكليات التربية الموسيقية النوعية وغير النوعية؟ إن الحفاظ علي تراث الإذاعة من أغان رائدة منذ البداية حتي الآن والأفلام، والأهم من هذا وذلك الأحاديث الفريدة لقمم الفكر كطه حسين والعقاد وفكري أباظة هي أساسا من مهام وزارة الثقافة قبل أن تكون مهمة وزارة الإعلام.. إلغاء وزارة الإعلام كان ضرورة لوجود متحدثين رسميين لرئاسة الجمهورية ورئاسة الوزارة.. ومع ذلك أنوه هنا علي أنني كتبت في صدر مقالي في 7/7/2004 تحت عنوان وزارة واحدة حقيقية لا وزارتين يقودهما وزير واحد هذه الفقرة ناديت في أكثر من مقال بإلغاء أكثر من وزارة ومنها وزارة الإعلام - لم يكن هناك وقتها متحدث رسمي باسم رئيس الجمهورية وآخر باسم رئيس الوزراء، وهو أمر تحتمه ضرورة ومنطق علمي ما كان ينبغي تجاوزه لأسباب لا تخفي علي أقل الناس إدراكا وعلما، فصالح الوطن والمواطن مقدم علي مصالح أي منظومة للحاكم! ليس مقبولا ولا عدلا أن يتجاوز عدد الوزراء بمصر أربعة أمثال ما هو بأكبر دولة بالعالم! لقد ابتدع هذا التضخيم حاكم مصر الأسبق جمال عبدالناصر لتدعيم أركان نظامه وجعل من اختلاق هذه الوزارات المترهلة الباب العالي الذي يمر منه تحديدا أهل ثقته فقفز بعدد وزارات حكومة مصر بعد أن كانت لا تزيد علي عشر وزارات أو ما يزيد بقليل لتكون أكثر من ثلاثين وزارة، رحم الله عصرا كانت تطاول أعناق المصريين فيه عنان السماء، أبدلت بعصر كبلت فيه إرادة المصريين وأعناقهم بلقمة العيش!!