يحرص كل الصائمين فى رمضان على أن يكون صيامهم مقبولاً، وعلى عدم ارتكاب فعل يبطله، خاصة بغير عمد، فيلتبس الأمر لدى الكثيرين حول بعض الأمور، وهل من الطبيعى فعلها، أم أنها مكروهة أم أنها تبطل الصوم؟ وفى هذا الموضوع نقدم لكم بعض الفتاوى التى قدمتها دار الإفتاء المصرية حول أشيع الموضوعات التى تلتبس لدى الصائمين، حول مبطلات الصيام أو الاشتباه فى إبطاله. وكما هو المعروف فى البداية أن من أكل أو شرب عمدًا فى نهار رمضان، فقد أفطر بإجماع العلماء، وعليه قضاء يوم فقط فى بعض المذاهب، وقضاء يوم مع الكفارة فى بعض المذاهب، والكفارة صوم 60 يومًا متتابعة أو إطعام 60 مسكينًا إن لم يستطع الصوم، والجميع متفق على أن من أكل أو شرب عامدًا فى نهار رمضان مذنب وآثم لانتهاك حرمة الصوم. أما من أكل أو شرب ناسيًا فإن صومه يبطل فى مذهب الإمام مالك، ويجب عليه إمساك بقية يومه وعليه القضاء فقط، أما عند غير مالك، فإن الأكل أو الشرب ناسيًا لا يبطل الصوم وليس فيه قضاء، وصيامه صحيح، وهو المرجح. ومن مبطلات الصيام أيضًا الجماع فى رمضان، ومن يفعل ذلك فعليه القضاء والكفارة فى جميع المذاهب، ولكن بعض المذاهب ترى أن الكفارة تكون على الزوج والزوجة معًا، والبعض الآخر يرى الكفارة على الزوج فقط، أما الزوجة فعليها القضاء فقط، وإن كان الإثنان شريكين فى الإثم والمعصية. ويعد "تعمد القيء" من مبطلات الصوم، وكل ما يصل إلى الجوف من السوائل أو المواد الصلبة فهو مبطل للصوم، وإن اشترط الحنفية والمالكية فى المواد الصلبة الاستقرار فى الجوف. أما بالنسبة للمرأة بشأن وضع الكحل فى رمضان، فإنه إذا وضع نهارًا ووجد أثره أو طعمه فى الحلق، أبطل الصوم عند بعض الأئمة، وعند أبى حنيفة والشافعى – رضى الله عنهما – أن الكحل لا يفطر حتى لو وضع فى نهار رمضان، ويستدلان على ذلك بما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، من أنه كان يتكحل فى رمضان، وهو المترجح أيضًا، وبالطبع فإن الحيض والنفاس من مبطلات الصوم. وهناك بعض الأمور التى يحتار بها الصائمون، وهل ما إذا كانت تبطل الصيام، أم أنها جائزة، وعلى سبيل المثال، وضع القطرة فى العين، وقد اختلف العلماء حول هذا الأمر، فذهب الحنفية فى الأصح، والشافعية فى ظاهر كلامهم، إلى أن قطرة العين لا تفسد الصوم، معللين ذلك بأن التقطير فى العين لا ينافى الصوم، وهو الإمساك عن الطعام والشراب، وإن وجد طعم القطرة فى حلقه، وبأن العين ليست منفذًا مفتوحًا عندهم. وذهب المالكية والحنابلة إلى أن التقطير فى العين مفسد للصوم إذا وصل إلى الحلق، لأن العين عندهم منفذ ولو لم يكن معتادًا، والذى نذهب إليه هو عدم فساد الصوم بالتقطير بدواء أو محلول فى العين (مثل القطرة التى قد تدخل العين أثناء وضع العدسات اللاصقة)، وإن وصل إلى الحلق، لأن العين ليست منفذًا مفتوحًا، وليس معنى وجود القطرة فى الحلق أن العين منفذ، لأن وجود الطعم فى الحلق لا يعنى أنه وصل من خلال منفذ مفتوح، فقد يصل إلى الحلق عن طريق الجلد. وبشأن دهان الكريمات المرطبة على الجلد أو الزيوت فى الشعر، أو الكريمات فى منطقة البطن، فذهب الحنفية والشافعية والدردير من المالكية إلى أن دهن الرأس والبطن لا يفطر ولو وصل جوفه بتشرب المسام، لأنه لم يصل من منفذ مفتوح، ولأنه ليس فيه مناف للصوم، فهو نوع ارتفاق وليس من محظورات الصوم كما نص عليه المرغينانى فى "الهداية". وذهب المالكية إلى أنه لو وجد طعمه فى حلقه وجب عليه القضاء فى معروف المذهب، لأنهم عملوا بقاعدتهم القائلة "وصل مائع للحلق ولو من غير الفم مفطر"، والذى نذهب إليه هو قول قول الشافعية والحنفية من عدم الإفطار بالادهان، لما ذكروه من الأدلة القوية الصحيحة. أما بشأن تناول الحقن، والمحلول الملحى والجلوكوز والمانيتول، فإنها جميعًا لا تفسد الصوم، لعدم دخولها من منفذ مفتوح، لأنها تدخل عن طريق الجلد، فهى كأنها تشربها الجلد، ولا فرق بين أن يتشربها الجلد وبين حقنها. ومن أكثر الأمور التى تحير الفتيات عما إذا كانت مفطرة أم لا، هى وضع زبدة الكاكاو، ولكنها لا تفسد الصوم ما لم تبتلع بل تشربتها الشفاه.