يعد شهر رمضان فرصة عظيمة لتصفية الخلافات وصلة الأرحام، ونبذ المشاحنات، كما أنه يعد فرصةً رائعةً للتقرب إلى الله من خلال الإصلاح بين الناس، كما أن الصلح فى الشهر الفضيل يطهر القلوب. ولما كان الإصلاح بين الناس مستحبًا فى كل الأوقات فإنه يحبذ فى رمضان ، الذى هو فرصة لإنهاء الشقاق والنزاع، ومن فضل الإصلاح بين الناس أنها تحقق الطمأنينة والهدوء والاستقرار والأمن، وتفجر ينابيع الألفة والمحبة، فمن عظيم بركة رب العالمين وعفوه ورحمته أن يصلح بين المؤمنين يوم القيامة، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «ما عمل ابن آدم شيئًا أفضل من الصلاة، وصلاح ذات البين، وخلقِ حسن». وحث النبى صلى الله عليه وسلم على الإصلاح بين المتخاصمين وإصلاح ذات البين، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة والصلاة؟» أى درجة الصيام النافلة وصدقة نافلة والصلاة النافلة، فقال أبو الدرداء: قلنا بلى يا رسول الله، قال: «إصلاح ذات البين». فالمصلح هو ذلك الذى يبذل جهده وماله ويبذل جاهه ليصلح بين المتخاصمين، قلبه من أحسن الناس قلوبًا، نفسه تحب الخير وتشتاق إليه، يبذل ماله ووقته، ويقع فى حرج مع هذا ومع الآخر، ويحمل هموم إخوانه ليصلح بينهما. ولننظر كم بيت كاد أن يتهدّم بسبب خلاف سهل بين الزوج وزوجه، وكاد الطلاق، فإذا بهذا المصلح بكلمة طيبة ونصيحة غالية ومال مبذول، يعيد المياه إلى مجاريها ويصلح بينهما. كم من قطيعة كادت أن تكون بين أخوين أو صديقين أو قريبين، بسبب زلة أو هفوة، وإذا بهذا المصلح يرقّع خرق الفتنة ويصلح بينهما. ويقول بعض المفسرين فى تفسير فى قول الله تعالى: «إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِى إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ» (هود: من الآية 88). ولابد ان نقتنص الفرصة، والفوز بالثواب والأجر الكبير فى الشهر الكريم، والعمل على الصلح بين المتخاصمين حتى لا تأتى علينا هذه الأيام وفى قلب أحد منا ذرة من كره أو مشاحنة بينه وبين أخيه.