أثارت دعوة أحد كبار كتاب المقالات فى جريدة يومية كبرى لحل مشكلة أطفال الشوارع عن طريق القتل حالة واسعة من الغضب الشعبى. استند الكاتب فى دعوته إلى ما سماه بالتجربة البرازيلية لمواجهة أزمة أطفال الشوارع عن طريق اصطيادهم وقتلهم بدم بارد. الجدير بالذكر أن التجربة البرازيلية للقضاء على ظاهرة أطفال الشوارع تعد من أهم ثلاث تجارب عالمية، وهو الأمر الذى حفز المجلس القومى للأمومة والطفولة إلى عقد مؤتمر فى مصر فى يناير من العام الماضى لعرض التجربة للاستفادة منها، وتم تنظيم مؤتمر حضر فيه ممثلو وزارات الصحة والسكان، والشئون الاجتماعية، والصناعة، والقوى العاملة والهجرة، والإعلام، إلى جانب خبراء من دول البرازيل والهند والمملكة المتحدة والسعودية والسودان، بحضور ممثلى جمعيات المجتمع المدنى واليونيسيف. المؤتمر لم يكشف أبدا عن التجربة التى سردها الكاتب فى الجريدة الكبرى، وإنما تقديم الحماية الاجتماعية للأسر والأفراد فى الحالات التى تسببت فى تلك الظاهرة كالفقر أو التمييز أو الأسر التى تعرضت سواء لانتهاكات أو للتفكك الأسري، بالإضافة إلى توفير السكن المناسب لهم وتوفير المشروعات الصغيرة والتى تكفل لهم دخلا مناسبا وتوفير نظام صحى وتعليمى مناسبين وتوفير كافة الأنشطة الترفيهية، إلى جانب التعامل مع هؤلاء الأطفال من خلال أشخاص مؤهلين. وخلال المؤتمر أكدت الدكتورة ديزى كوزاسترا رئيسة المنظمة العالمية للأسرة بالبرازيل أن التجربة البرازيلية التى استمرت لمدة 5 سنوات وتم تطبيقها على مدينة كوريتيبا البرازيلية، والتى كان عنوانها "الأطفال لا يريدون مؤسسة خيرية.. الأطفال يريدون المستقبل" فى القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع، حيث يبلغ تعداد المدينةالبرازيلية نحو 2 مليون و700 ألف نسمة، وأسفرت نتيجتها بعد تطبيق السياسات العامة الشاملة للحماية الوطنية والطفولة والشباب والأمن بالتعاون مع منظمات المجتمع المدنى والسلطة الحالية، أسفرت عن القضاء وبشكل تام عن الظاهرة حيث أصبح عدد أطفال الشوارع هناك "صفر". وأوضحت الدكتورة كوزاسترا سبل تمكين وتوظيف الشباب فى وضعية الشارع، حيث أنه تم كتابة دستور جديد للبرازيل فى عام 1988 وذلك بعد تحول الحكم من العسكرى إلى المدنى يضمن نظاما وطنيا للضمان الاجتماعى وموجه من قبل سياسة وطنية للحماية الاجتماعية وذلك من أجل توحيد الخدمات التى يتم تقديمها لأطفال الشوارع والمواطنين بشكل عام مع إصدار قانون المساعدات الاجتماعية. وأكدت أن بلادها قد تمكنت من القضاء على المركزية على المستويين القومى والمحلى وتطبيق العمل بشكل لا مركزى، مما ساهم وبشكل كبير فى إنجاح هذه التجربة من خلال وضع مفاهيم أساسية ومنظمة على جميع المستويات. وأوضحت كوزاسترا أن بلادها منذ عام 2008 تمكنت من تطوير السياسات العامة، مما ساهم فى وضع خطة عمل شاملة فى عام 2010 ولمدة 10 سنوات، يتم قياس وتقييم عملها بعد مرور خمس سنوات، معتمدة على الاهتمام بمنظومة الأسرة كمسئول اجتماعي.