افتتاح أول مدرسة للتكنولوجيا التطبيقية والصناعات الدوائية بالإسماعيلية (صور)    «الضرائب» تكشف حقيقة وجود زيادة جديدة في أسعار السجائر    موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025.. متى يتم تغيير الساعة في مصر رسميا؟    الإدارية العليا : وضع اليد لا يكسب حقًا في تملك أراضي الدولة دون جدية الاستصلاح    الجمود السياسي في واشنطن يوسع نفوذ ترامب على الإنفاق الفيدرالي وسط استمرار الإغلاق الحكومي    إعلام عبري: إصابة 12 جنديا في حادث طرق عملياتي على حدود غزة    مرموش يشارك في خسارة مانشستر سيتي أمام أستون فيلا    المصري يتعادل مع الزمالك خارج ملعبه بهدف لكل منهما    داري يرفض الرحيل إلى الدوري الليبي ويتمسك بالبقاء في الأهلي    مُسعف وسائق يعثران على 115 ألف جنيه بحوزة مصابين في حادث تصادم بقنا    ضبط المتهم بإصابة 3 أشخاص في حفل خطوبة بسبب غوريلا.. اعرف التفاصيل    القضاء الإداري يرفض إلغاء عمومية النادي الأهلي    هيثم نبيل: لم أتوقع كل هذا النجاح لدوري بمسلسل "لينك"    وزير الصحة: منظومة "التأمين الشامل" تغطي 73% من سكان السويس    البابا تواضروس يكلف الأنبا چوزيف نائبًا بابويًّا لإيبارشية جنوب إفريقيا    خبير سياحي: افتتاح المتحف المصري الكبير حدث تاريخي ومنصة تسويقية عالمية لمصر    حالة الطقس غدًا الإثنين .. شبورة مائية كثيفة وأجواء خريفية مائلة للبرودة    أستون فيلا ضد مان سيتي.. السيتيزنز يتأخر 1-0 فى الشوط الأول.. فيديو    الهجرة الدولية: نزوح 340 شخصا بولاية شمال كردفان السودانية    وزير الخارجية يتابع استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    بسبب خلافات بينهما.. إحالة مدير مدرسة ومعلم بالشرقية للتحقيق    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي بمنوف    القوات المسلحة تدفع بعدد من اللجان التجنيدية إلى جنوب سيناء لتسوية مواقف ذوي الهمم وكبار السن    وزير الخارجية ونائب الرئيس الفلسطيني يناقشان التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر إعادة إعمار غزة    تجهيز 35 شاحنة إماراتية تمهيدًا لإدخالها إلى قطاع غزة    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين جراء هجمات روسية على منطقة خاركيف    إطلاق مبادرة "افتح حسابك في مصر" لتسهيل الخدمات المصرفية للمصريين بالخارج    التنسيقية تشارك في فعاليات الاحتفالية الكبرى "وطن السلام"    تامر حبيب يهنئ منة شلبي وأحمد الجنايني بزواجهما    «بينشروا البهجة والتفاؤل».. 3 أبراج الأكثر سعادة    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    محافظ المنوفية يتفقد إنشاءات مدرسة العقيد بحري أحمد شاكر للمكفوفين    محمود عباس يصدر إعلانًا دستوريًا بتولي نائب الرئيس الفلسطيني مهام الرئيس «حال شغور المنصب»    وزير الصحة يتفقد مجمع السويس الطبي ويوجه بسرعة الاستجابة لطلبات المواطنين    مدير الكرة بالزمالك يحذر شيكو بانزا من إثارة غضب الجماهير    مساعد وزير الثقافة يفتتح مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    المرشح أحمد حسام: "شرف كبير أن أنال ثقة الخطيب وأن أتواجد ضمن قائمته"    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    الشوربجى: الصحافة القومية تسير على الطريق الصحيح    الموعد والقنوات الناقلة لمباراة ريال مايوركا وليفانتي بالدوري الإسباني    منح العاملين بالقطاع الخاص إجازة رسمية السبت المقبل بمناسبة افتتاح المتحف    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    حصاد أمني خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا تهريب وتنفيذ 302 حكم قضائي بالمنافذ    مصدر من الأهلي ل في الجول: فحص طبي جديد لإمام عاشور خلال 48 ساعة.. وتجهيز الخطوة المقبلة    الأهلي يشكو حكم مباراة إيجل نوار ويطالب بإلغاء عقوبة جراديشار    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    اتحاد التأمين يوصى بارساء معايير موحدة لمعالجة الشكاوى تضمن العدالة والشفافية    «الداخلية» تكشف حقيقة اعتداء وسرقة «توك توك» بالإسماعيلية    عمرو الليثي: "يجب أن نتحلى بالصبر والرضا ونثق في حكمة الله وقدرته"    الكشف على 562 شخص خلال قافلة طبية بالظهير الصحراوى لمحافظة البحيرة    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    بحفل كامل العدد.. صابر الرباعي وسوما يقدمان ليلة طربية في ختام مهرجان الموسيقى العربية    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مصرع شخص في حريق شقة سكنية بالعياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د . يوسف مكي يكتب : العراق من الاحتلال الى التقسيم
نشر في الوفد يوم 17 - 06 - 2014


د . يوسف مكي
تسارعت الأحداث في العراق، في الأيام الأخيرة بشكل دراماتيكي . وكانت النتيجة حتى الآن خروج ثلاث محافظات هي نينوى والأنبار وصلاح الدين عن سيطرة الدولة العراقية، وشمول الانتفاضة ثلاث محافظات أخرى، جميعها تقع ضمن ما أطلق عليه المحتل الأمريكي في المثلث السني .
هناك روايتان عن القوة السياسية التي تصدرت المشهد، وقادت عملية سلخ المحافظات التي أشرنا لها عن المركز في بغداد . رواية حكومية تقول، إن جميع ما جرى في المحافظات، التي خرجت على الدولة العراقية هو من فعل تنظيم داعش الإرهابي . وبالتأكيد فإن مثل هذا الاتهام، يتيح لحكومة بغداد، بزعامة نوري المالكي، تعاطفاً دولياً وإقليمياً وعربياً، ويبرزه كضحية لقوى الإرهاب . وهو بذلك يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في التصدي للإرهاب، وتقديم ما يجب لنصرته في المواجهة العسكرية مع داعش .
الرواية الأخرى، التي تعبّر عن موقف الثوار، وتنفي ضلوع تنظيم داعش في كل ما جرى مؤخراً، في نينوى وصلاح الدين، إنما جرى، من وجهة النظر هذه، ثورة شعبية، قادتها العشائر العراقية . والدافع لهذه الثورة، هو الخلاص من نظام الاستبداد والفساد المدعوم من طهران، والمعتمد على سياسة الإقصاء والتهميش للمكوّن السني .
وعلى هذا الأساس، فإن ما جرى من وجهة نظر الثوار، هو خطوة أولى على طريق تحرير العراق بأكمله من الحكم الحالي، الذي يمثل أحد إفرازات الاحتلال الأمريكي للعراق عام ،2003 خاصة أن معظم من يقودون العملية السياسية الآن، هم ممن عادوا إلى العراق على ظهور دبابات الاحتلال .
وأياً يكن الموقف من التفسيرين، وسواء كان ما جرى عملاً إرهابياً أو ثورة شعبية فإن العبرة في النتائج .
أدى الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 إلى تفكيك الدولة العراقية، وتصفية هياكلها . وكان أبرز ما أقدمت عليه قوات الاحتلال، هو حل الجيش العراقي . وفي حينه اعتبر وزير الدفاع الأمريكي، رونالد رامسفيلد ما جرى بأنه فوضى خلاقة، وأن حرق الجامعات والمكتبات والمتاحف من قبل الغوغاء، هو تعبير عن الحرية لشعب لم يتعود ممارستها من قبل . وتلا ذلك تشييد عملية سياسية، هندس لها وقادها المندوب السامي الأمريكي بول بريمر، تأسست على القسمة وتوزيع مصادر القوة السياسية حصصاً بين المذاهب والأقليات .
وكان من نتائج حل الجيش العراقي، حدوث فراغ سياسي أمني في بلاد السواد، عوضت عنه ميليشيات الطوائف المسكونة بالكيدية وهواجس الانتقام من التاريخ . يضاف إلى ذلك، أن غياب الجيش غيّب حالة التكافؤ في القوة، بين دولة المركز والحركة الكردية في الشمال، التي ظلت تحت حماية الطيران الأمريكي من مطالع التسعينات . والنتيجة أن الشمال الكردي أصبح يحظى بما تحظى به الدول المستقلة، وصار يمارس سلطته بمعزل عن المركز . وأصبحت مسألة الإعلان عن انفصال الشمال، مسألة وقت، ورهن لتسويات وتوافقات إقليمية ودولية .
لم يكتف المحتل الأمريكي بحل الدولة العراقية، وتفكيك مؤسساتها، وتشكيل نظام قائم على أساس القسمة بين الطوائف والأقليات، بل عمد إلى خلق ظروف مواتية لتقسيم العراق إلى ثلاث دول: دولة كردية في شمال العراق، ودولة شيعية في الجنوب ودولة سنية فيما عرف بالمثلث السني . وقد توجت هذه الخطوات، بتقديم نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن مشروع قرار إلى الكونغرس الأمريكي يدعو إلى تقسيم العراق . وقد وافق الكونغرس على ذلك وأصدر قراراً غير ملزم به .
إن التطورات الأخيرة في نينوى وصلاح الدين والأنبار، إن هي اقتصرت على المحافظات التي يشكل فيها المكون
السني أغلبية السكان، فإنها تتسق حتماً مع مشروع تقسيم العراق .
فالدولة الكردية في شمال العراق، هي أمر واقع يتحقق ولم يتبق سوى الإعلان عنه . ودولة الجنوب الشيعة لم يكن لها أن تقوم في ظل هيمنة القوى الطائفية الموالية لإيران على المركز . وبالنسبة للأنبار، كان من المستبعد قبول القوى الإقليمية، وبخاصة إيران بخروجها عن المركز . فهذه المحافظة تشكل الطريق البري الوحيد، الذي يصل العراق بسوريا ولبنان وبالتالي إلى حوض البحر الأبيض المتوسط، بما يضمن تحقيق استراتيجية إيران، التي عبّر عنها قادتها مرات عدة والتي تعتبر البحر الأبيض المتوسط عمق إيران الاستراتيجي غرباً .
هناك أيضاً الموقف التركي المرتبك والحائر تجاه ما يجري في العراق . ففي الوقت الذي يتعاطف فيه مع بعض التنظيمات الإسلامية، فإنه يخشى باستمرار، من قيام دولة كردية مستقلة على حدوده الجنوبية .
الأوضاع في العراق خطرة جداً، والأيام المقبلة ستشهد صراعاً دموياً مريراً . ولن يكون بمقدور حكومة المالكي لجم تطلعات الشعب العراقي في المحافظات التي انتفضت مؤخراً . إن المعلومات الواردة من تلك المحافظات، تشير إلى أن كثيراً من ضباط الجيش العراقي، الذي جرى حله قد ارتبطوا بالثورة، وهم معروفون بكفاءتهم وقدراتهم العسكرية، وأنهم الآن يستعدون لقيادة المواجهة ضد قوات نظام المالكي، والحرس الثوري الإيراني، المتوقع مشاركته في القتال إلى جانب قوات حكومة بغداد .
مطلوب تدخل عربي فوري، لحماية العراق من التفكيك، ومنع المجازر وشلالات الدم، التي ينتظر أن تسيل قريباً . خروج العراق من محنته لن تتم إلا بمصالحة حقيقية وبميثاق وطني يلغي العملية السياسية التي أسس لها المحتل، وتشييد عملية سياسية تستند إلى مبدأ المواطنة والندية والتكافؤ، وتأسيس جيش قوي تشارك فيه على قدم المساوة جميع مكونات النسيج العراقي للدفاع عن سيادة البلاد وصيانة استقلالها وحماية أرضها وسمائها وبحرها، وتأمين عودة العراق بلداً عربياً قوياً وشامخاً، ليمارس دوره في عملية النهضة والتقدم العربيين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.