المظاهرات السلمية والمطالب الفئوية حق مشروع ولا خلاف علي ذلك ولكن كيف يمكن تنظيم هذه الحقوق وكيفية ممارستها في دولة خرج شعبها بثورتين كان العنوان الأبرز لهما عيش «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية» مما أدي الي شلل تام في كافة مرافق الحياة ونحن لا ننكر مطالب بعض الفئات إلا أنه تم استغلالها بشكل سيئ وفي أغلب الأحيان تخرج مثل هذه التظاهرات بدعوي حق يراد به باطل، والآن هل تتحمل مصر مثل هذه التظاهرات في ظل ظروفها الحالية؟ فالاقتصاد منهار والأمن غير مستقر وهناك ترد وانهيار في كافة المجالات فمع كل هذا فهل يمكن أن نؤجل هذه التظاهرات والمطالب الفئوية لمد عام حتي تلتقط مصر أنفاسها ونتجه إلي العمل والإنتاج؟ الآن كثرت المبادرات التي تنادي بوقف الاعتصامات والإضرابات لمدة عام كمهلة للرئيس الجديد وحكومته حتي يتسني لها العمل دون ضغوط سياسية أو فئوية كانت سببا في إفشال الحكومات السابقة. «ادوا فرصة لمصر» تحت عنوان «ادوا فرصة لمصر» أطلق البعض مبادرة لعمل هدنة لمثل هذه الاعتصامات والإضرابات والمطالب الفئوية لإعطاء فرصة لحكومة «محلب» الجديدة للوقوف علي قدميها وتنفيذ خارطة طريق الرئيس السيسي التي أعلن عنها في حفل تنصيبه للخروج بالبلد من محنتها. المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء الذي تم تكليفه بتشكيل الوزارة الجديدة وجاء القرار استكمالا لمهمة «محلب» باعتباره أنشط رئيس وزراء تولي المسئولية ليس بعد الثورة فحسب بل منذ عقود طويلة. وقال «محلب»: روح التفاؤل تسود الجميع وأن مصر نفذت خطوتين في خارطة الطريق وهما إنجاز الدستور واختيار الرئيس ولم يتبق سوي مجلس النواب وأنا علي ثقة أيضا من أن مصر ستعبر أزمتها وستنجح في تحقيق الانتصار علي أعدائها وسيتحقق المستحيل برجال مصر الشرفاء الذين بذلوا جهودا وقدموا تضحيات جساما خلال الفترة الماضية. جاء ذلك في تصريحات لرئيس مجلس الوزراء علي إحدي الفضائيات، مضيفا أن الأمة العربية كلها مستهدفة من وراء هذه المؤامرة والتي يحاولون من خلالها تمزيق الشعوب ودفعها الي مواجهة شاملة بين أبنائها ليكون الثمن الفادح فيها هو أمنها واستقرارها. وأوضح رئيس مجلس الوزراء أن التاريخ لن ينسي وقفة أشقائنا أبناء الخليج والأمة العربية الي جانب مصر، قائلا: إن الشعب المصري أصيل ولا ينسي كل من يمد يده إليه في ساعة الشدة والأزمة مشيرا الي أن وقوف الأشقاء الي جانب مصر يؤكد الحقيقة التي تقول إن أبناء الأمة يعرفون أن مصيرهم مشترك ومستقبلهم واحد والمخاطر التي تهددهم هي مخاطر مشتركة. وأضاف: أن شعب مصر يستحق حاضرا ومستقبلا أفضل مما يعيشه الآن مشيرا الي أن المصريين عانوا وتحملوا وصبروا كثيرا وأظن - ومازال الكلام علي لسان رئيس الوزراء - أنه حانت اللحظة بعد ثورتين عظيمتين أن يجد المصريون حلا لمشاكلهم في الأمن والاقتصاد، في الحرية والكرامة، في العدل الاجتماعي وإنهاء مشاكل الفقر والبطالة. وعن الاعتصامات والإضرابات والمطالب الفئوية قال: عندما يعطي الناس ثقتهم للمسئول ويكون علي قدر هذه الثقة وعندما يتواصل معهم ويسمعهم ويسمعونه وعندما يكون صادقا معهم ويشرح لهم الظروف التي تمر بها البلاد في هذه الفترة الصعبة وعندما يقر بحقوقهم المشروعة وقتها سينتهي كل شيء، مؤكدا أصالة الشعب المصري وطيبته وأنه يمكن التفاهم معه بسهولة ويسر، فهم الأكثر حرصا علي بلدهم، مشيرا الي أن مصر تعيش ظروفا استثنائية فهي بلد يواجه مؤامرات من الداخل ومؤامرات من الخارج وقوي الشر لا تريد له أن يتقدم بل تسعي الي تمزيق أوصاله وإثارة الفتنة علي أراضيه وهذه المعركة ليست مقصورة علي مصر والدفاع عن الشعب المصري فقط بل هي معركة ندافع فيها عن الأمة بأسرها. وأشار الي أن الدولة متمسكة بالحفاظ علي العمالة وتنمية الشركات علي أعلي مستوي عالمي ولدينا في خطتنا برامج مكثفة للتدريب في الداخل والخارج بهذه الشركات بحيث تعود مرة أخري قلاعا صناعية كما كانت قبل ذلك موضحا أن الحكومة ستعمل علي توفير كافة الإمكانات لهذه الشركات لتساعد علي هذا النهوض، المهم أن تصطف جموع العاملين لحماية مؤسساتهم ووقف الإضرابات لأن استمرارها يزيد الأوضاع سوءا وتدهورا، ويدفع الأمور الي مزيد من التأزم، مضيفا أن هذه الشركات ملك للشعب فيجب الحفاظ عليهاوأن استمرار الاضطرابات يهدد وجود هذه الشركات من الأساس. وأعلن أنه سيبذل كل الجهد من أجل العمال وحل مشاكلهم ولكن عليهم أن يصبروا فهم صبروا سنوات طوالا وكانوا مضرب الأمثال في الوطنية والوفاء وأنه شخصيا يدرك مدي تضحياتهم وجهدهم.. كذلك يطالبهم بالصبر لإعطاء فرصة للحكومة لالتقاط الأنفاس والسعي لحل المشاكل بهدوء. تركة ثقيلة المهندس حسب الله الكفراوي وزير الإسكان الأسبق قال: أرحب بهذه المبادرات التي تدعو الي وقف المظاهرات والمطالب الفئوية وكل وطني مخلص يرحب بذلك، مضيفا أن التركة ثقيلة وأن الرئيس السيسي وضع عشر نقاط بمثابة برنامج عمل وخطة مدروسة تتناول كل ما يحتاجه الوطن وأبرزها العدالة الاجتماعية والحريات. وعن القلة التي تحاول إفشال خطة الدولة قال عنهم وزير الإسكان الأسبق: «دول ناس مش عاوزين البلد» وأن الدولة أثبتت خلال الفترة أنها ترصدهم وترصد مخططاتهم وعليها أن تفضح هؤلاء حتي يكفوا عن تخريب البلد، موضحا أنه لا مكان لمخرب أو مجرم بيننا. عهد جديد أحمد عودة نائب رئيس حزب الوفد عضو الهيئة العليا أوضح أن مصر مرت بفترات عصيبة وهي الآن بعد نجاح ثورتي يناير و30 يونية بدأت عهدا جديدا بعد إزاحة نظامين فاسدين فاشلين وهي الآن في مرحلة إعادة بناء مصر الحديثة، وأن هذه المرحلة بظروفها التي نعيشها تتطلب أن نقدر الظروف الاقتصادية والاختناقات والأزمات ونحتاج الي وقت لاستعادة مصر أنفاسها والوقوف علي قدميها. وناشد نائب رئيس حزب الوفد أصحاب الحق أن ينتظروا فترة لن تطول للحصول علي حقوقهم وعليهم ألا يكونوا سببا في تعطيل الإنتاج أو المرور. وطالب «عودة» بأن تكون هناك أساليب ردع قوية لمنع القلة التي تحاول عرقلة مسيرة الوطن فلا مجال للتهاون في بناء مسيرة الوطن فمصر أهم من أي شيء وفوق الجميع. التوقيت الملائم المهندس حسام الخولي سكرتير عام مساعد الوفد قال: الحقوق مصانة والحريات مكفولة ولكن متي يتم استخدام هذا الحق، وناشد كل صاحب ضمير وطني أن يحدد التوقيت والظروف الملائمة للمطالبة بحقه وأن مصر في الوقت الحالي بحاجة الي العمل والإنتاج حتي يحصل أصحاب الحقوق علي حقوقهم وليست بحاجة الي تعطيل العمل ووقف الإنتاج. النائب السابق حمدي الفخراني طالب بتعليق كل التظاهرات والمطالب الفئوية لمدة عام حتي تتمكن الدولة من الانطلاق وتحقيق الأمن والاستقرار، مضيفا أن الدولة بحاجة الي العمل والإنتاج وبالوضع الحالي لن يمكن تحقيق أي مطالب فئوية. وتساءل «الفخراني»: إذا لم ننتج فمن أين نأتي بزيادة الأجور؟ ومن أين نحقق مطالب الفقراء ونوفر لقمة عيش كريمة؟ فهل يمكن أن نؤجل هذه التظاهرات لنمكن الدولة من تحقيق خطتها حول التنمية؟ أم أن هناك فريقا آخر يعمل علي عرقلة جهود الدولة لتحقيق ذلك؟ وهل ستقف الدولة مكتوفة الأيدي تجاه هؤلاء؟ أسئلة بحاجة الي تفعيل علي أرض الواقع خلال الفترة القادمة.