اقتراح الأحزاب السياسية بتشكيل لجنة من ممثلى رؤساء الأحزاب الفاعلة فى المجتمع وأساتذة العلوم السياسية، للبحث عن توافق وطنى عام بشأن قانون الانتخابات المزمع إصداره والذى تصر الدولة على أن يكون بنسبة80٪ للفردى و20٪ للقائمة، ومتضمنة كوتة ضمن العشرين بالمائة أيضاً.. هذا الاقتراح جيد ومهم فى ظل هذه الظروف الراهنة التى تمر بها البلاد.. وكما قلت سابقاً ومازلت أكرر أن القانون لو صدر بهذا الشكل فإنه يعنى ذبح الأحزاب السياسية، وتدمير دورها كما كان يحدث أيام الحزب الوطنى ونظام مبارك. الأخطر فى ذلك أن نسبة الفردى كفيلة تماماً لأن تعيد إلينا برلمان 2010 الذى كان بمثابة كارثة وكان أحد الأسباب الرئيسية فى اندلاع ثورة 25 «يناير».. ثم إن نسبة العشرين فى المائة للقائمة شملت كوتة للمرأة والإخوة المسيحيين وعمال وفلاحين وذوى الاحتياجات الخاصة طبقاً لما هو وارد فى الدستور. والملاحظ فى هذه النسبة للقائمة أن الهدف منها ليس الأحزاب السياسية وإنما تخصيصها للكوتة وحسب.. والهدف إذن بات واضحاً ولا لبس أوشك فيه وهو إجراء الانتخابات بالفردى مما يهدد بكارثة،. والذين يزينون إجراءها بهذا الشكل يتذرعون بضعف الأحزاب وهذه حجة واهية وحتى لو كانت ضعيفة فلماذا لا يتم تقويتها، ومنحها الفرصة فى إطار بناء الدولة الكبرى الديمقراطية. وكيف تكون هناك ديمقراطية بدون تداول للسلطة، والذى لا يتأتى إلا بوجود أحزاب سياسية، والفردى ينتج برلماناً صاحب منافع لأن الذين وصلوا فيه إلى قبة البرلمان بالأموال، ومن الممكن إذن أن يتم تشكل الحكومة على هوى هؤلاء الأفراد، ولا يكون للرئيس تأثير خاصة لو علمنا أن سلطات الرئيس مقيدة وليست واسعة.. كما كان سابقاً.. ووفقاً للدستور!! مشروع القانون كما قالت الأحزاب يشوبه عوار فى جوانب كثيرة ويتعارض مع فلسفة الدستور وروح نصوصه، ثم إن قانون الانتخابات سياسى ويصيغه قانونيون لا أن يفرضه رجال القانون وكانت الأحزاب على حق عندما ناشدت الرئيس عدلى منصور الذى اقترب من الخروج من القصر الرئاسى، ومناشدة الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسى تأجيل إصدار هذا القانون الذى تجرى به الانتخابات حتى يتم تشكيل لجنة وطنية تصل إلى توافق وطنى فى هذا الشأن. إذا كانت الدولة ورجالها يخشون من القائمة أن تفرز الخلايا النائمة للجماعات الإرهابية، فهذا القانون بنظامه الحالى المقترح لن يقصى تياراً بعينه، وإنما يضيف إليه كل القوى السياسية، ويجعل الساحة خاوية تماماً أمام الفاسدين الذين يغدقون الأموال فى سبيل أن يصلوا إلى البرلمان ولا أكون مبالغاً فى الرأى لو أجريت الانتخابات على هذه الشاكلة، أن نجد داخل مجلس النواب كل الفاسدين فى مصر الذين بسببهم قامت ثورتان عظيمتان. ولا أعتقد أبداً أن أحداً يرضى بعودة الفساد مرة أخرى للبلاد.. والذى يثير فعلاً أن المستشار محمد أمين المهدى وزير العدالة الاجتماعية لديه إصرار غريب وعجيب على ألا يستمع الى مقترحات الأحزاب ويرفض آراءهم بزيادة نسبة مقاعد القوائم، رغم أن العشرين فى المائة ابتلعتها «الكوتة» لماذا هذا التعنت والإصرار الشديد على الاستمرار فى سياسة تهميش الأحزاب هل تعود مرة أخرى إلى نظام الفساد أيام «مبارك» واتخاذ الأحزاب ديكوراً فحسب أم ماذا؟!.. لا تغفلوا الأحزاب ولا تتجاهلوها، ولكن نغمة أنها «ضعيفة»، فالأحزاب ليست مسئولة عن أنظمة فاسدة ديكتاتورية فعلت هذا، وقوة الأحزاب لن تأتى إلا بالتمثيل فى البرلمان حتى يكون هناك تداول حقيقى للسلطة.. أما هذه النغمة والتذرع بأنه لا توجد أحزاب فهذا كلام فارغ يردده أصحاب الهوى والمصالح الشخصية والنفعية.