المادة الثانية من مشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية سمحت كما قلنا للمجرمين وللمجانين والمرضى النفسيين والمفصولين من عملهم بسبب جرائم مخلة بالشرف، بالترشح لتمثيل الشعب المصرى أو تمثيل أهل دائرتهم أو قريتهم فى البرلمان القادم، برلمان الثورة، ومن بين الذين سمحت لهم بالترشح المحجور عليهم، حيث رخصت المادة لمن يرفع عنه الحجر بحكم قضائى أن يعد أوراقه ويتقدم للجنة الانتخابات لكى يمثل أهل الحى تحت قبة البرلمان. حيث جاءت الفقرة على النحو التالى بالمادة: «يُحرَم مؤقتًا من مباشرة الحقوق السياسية الفئات الآتية:1 المحجور عليه، وذلك خلال مدة الحجر». والحجر لغويا هو المنع، واصطلاحا: هو منع شخص من تصرفه القولي، أو منع الإنسان من التصرف القولي، وقد أخذ الحجر من قوله تعالى: «ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا، وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم النساء 5». ويقع الحجر على السفيه والمعتوه والمجنون، وقد صنف القانونيون أسباب الحجر فى نوعين، الأول: نقص الأهلية ويتمثل فى السفه والعنة أو المعتوه، والثانى: عدم الأهلية وهو الجنون، والسفيه عند الفقهاء هو الإنسان الذى يتصرف في أمواله على غير مقتضى العقل والشرع، وفى التعريف اللغوى هو الجاهل الأحمق، والمعتوه عند الفقهاء: هو من كان قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير، وتعريفه اللغوى هو ناقص العقل لا عديمه، ولدى بعض القانونيين هو: الذي اختل شعوره بحيث يكون فهمه قليلا وكلامه مختلطا وتدبيره فاسدا». لاضطراب وتشوش عقول وحماقة هؤلاء أمرنا الله عز وجل أن نمنع عنهم أموالهم ولا نأخذ بقراراتهم ونضع أوصياء عليهم لكى لا يبددوا أموالهم او يدمروا أسرهم، وهو ما أخذت به القوانين فى جميع بلدان العالم، حيث خصصت بعض المواد لهؤلاء السفهاء وناقصي الأهلية تحت عنوان الحجر أو الولاية على النفس والمال. والقانون المصرى مثل غيره اعتنى بهذه الفئة ناقصي الأهلية، وذلك فى القانون رقم 118 لسنة 1952، حيث منح المشرع رخصة إقامة دعوى الحجر على الابن أو الأب أو الأخ فى حالة إصابته بنقص الأهلية، فقد نصت المادة 65 على التالى: «يحكم بالحجر علي البالغ للجنون أو للعته أو للسفه أو للغفلة ولا يرفع الحجر الا بحكم وتقيم المحكمة علي من يحجر عليه قيما لإدارة أمواله وفقا للأحكام المقررة في هذا القانون». لكى لا نسترسل فى تعريفات وقوانين واصطلاحات فالسؤال الذى يجب ان نطرحه، إذا كان المحجور عليه هو السفيه والمجنون والمعتوه والغافل، وإذا كان الله عز وجل أمرنا ان نحجر عليه، وإذا كان القانون أقر بمنعه من التصرف قولا او فعلا، فلماذا سمح له المشرع أن يتقدم بأوراقه للترشح فى انتخابات البرلمان بعد رفع الحجر عنه؟، كيف نثق فى أنه قد تعافى تماما من نقص الأهلية؟، وإذا كنا نخاف على امواله وأسرته ونتشكك فى ادارته السليمة لها بعد رفع الحجر عنه، فكيف نثق فيه ونمنحه مسئولية إدارة شئون وطن تحت قبة البرلمان؟، من المستفيد من برلمان يضم السفيه والمعتوه والغافل والمجنون والمومس وتاجر المخدرات والحرامى والمزور والمرتشى والقواد والقاتل والنصاب والمدلس؟، فى أى وطن سمح لهؤلاء المشاركة فى اتخاذ القرار؟، ماذا خططت اللجنة التى وضعت مشروع القانون لكى تجهض برلمان الثورة وتجعل أغلبيته أدوات طيعة فى يد الحكومة ورئيس الجمهورية؟.