مرور 66 عاماً على النكبة العربية وقيام إسرائيل على الأرض الفلسطينية له معان متعددة، منها نجاح الكيان الصهيونى فى الاستمرار فى قلب الأمة العربية كشوكة ومخلب وناب للاستعمار ليلعب دوراً خطيراً فى تمزيق الوطن العربى، ومنع أو تعطيل دول من النمو والازدهار. وأظهر الاستمرار الإسرائيلى فشل الأنظمة العربية «القومية» فى تنفيذ الوعود والاتفاقيات والخطب الرنانة التى ألهبت مشاعر الجماهير والتى أطلقوها لشعوبهم طوال السنين باعتبار وجودهم مرهوناً بتحرير فلسطين وبإزالة آثار العدوان، إلى آخر الشعارات الرنانة. وكشفت النكبة أن الشعب الفلسطينى مازال موجوداً وصامداً فى الداخل والخارج يقاوم الكيان الصهيونى الاستعمارى، وهذا الصمود بمثابة رسالة إلى كل شعوب العالم عامة وإلى الشعوب العربية والحكام العرب خاصة، بأنكم فشلتم فى إدارة النكبة فشلاً ذريعاً، وأن إسرائيل مازالت هى المنتصرة مادامت أنها متواجدة فى قلب الأمة العربية منذ ستة وستين عاماً مع أن القضية الفلسطينية هى الهم العربى الأول. جاء يوم الخامس عشر من مايو 1948 من أكثر الأيام حزناً فى تاريخ العرب والمسلمين، لأنه يوم النكبة العربية بقيام دولة الكيان الصهيونى «دولة إسرائيل» فى قلب الأمة العربية ومنذ هذا التاريخ تباينت العلاقات العربية مع هذا الكيان المحتل بعض الدول اعتبرتها عدواً لدوداً وهددت بإلقائها فى البحر، ودول أخرى وصفتها بالورم السرطانى الذى يجب بتره، ودول تعاملت معها بمنطق الصديق وبعضهم يلعنها فى العلن ويطلب ودها فى السر بعيداًعن الشعوب العربية التى عاشت بعيداً عن إدارة النكبة وهى إدارة خاطئة للمقاومة فى المنطقة العربية سواء كان ذلك فى مرحلة الملكية أو فى المراحل التى تناوب فيها المحسوبون على الثورات العسكرية فى المنطقة. والحقيقة الثابتة التى لا ينكرها أحد أن إسرائيل أصبحت فى قلب الأمة العربية، ولها قوة عسكرية وسياسية واقتصادية، وتحاول من خلال هذه القوى أن تكسب نفوذاً أو تأثيراً فى المحيط العربى سواء على مستوى دول الجوار، وما يتجاوزها فى المجال الأفريقى والآسيوى والأوروبى أيضاً.. وبالرغم من أن الانتصارات العسكرية الأولى كانت فى صالح إسرائيل، إلا أن العرب استطاعوا أن يلحقوا بإسرائيل هزيمة عسكرية فى أكتوبر 1973 اعترفت بها إسرائيل ذاتها، ونتج عن هذا انسحاب إسرائيل من سيناء ولأول مرة فى تاريخ إسرائيل أن تنسحب من أراض احتلتها بالقوة العسكرية، وبعد أن رفضت بعض الدول العربية الصلح بين إسرائيل وأكبر دولة عربية فى المنطقة، إلا أن تقارباً فى هذا الوقت من النهج الذى سارت عليه مصر من هذه الدول التى سبق ورفضت الصلح، إلا أن الحلول التى تطرح هى حلول معلبة تدور كلها حول جزء من الأرض المغتصبة هنا أو هناك بعد أن بلغت الأراضى التى اغتصبتها إسرائيل أكثر من 80٪ من الأراضى الفلسطينية. وعلى الرغم من هذا مازالت المفاوضات هزيلة تدور على أساس تحقيق فتات محتمل، وإن كان الوضع الحالى لا يمكن أن يحدث توافقاً بين الدول العربية المنكفئة على مشاكلها الداخلية وبين فصائل فلسطينية منقسمة أو متجزئة وبين وحش إسرائيلى، ولم يجعله وحشاً إلا ضعف الشأن العربى، وإذا كان «الوفد» يقوم بإحياء هذه النكبة فليس الهدف إقامة مأتم أو حائط مبكى عربى بل لمعرفة كيف تم إدارة النكبة العربية خلال ستة وستين عاماً وهى تاريخ الأزمة العربية التى بها الكثير من الإخفاقات وقليل من الانتصارات، حتى تتعرف الأجيال القادمة على ما قدم آباؤهم وأجدادهم من تضحيات من أجل مقاومة الاحتلال الإسرائيلى وتحرير كامل للأرض. فى البداية أو كما يقال «الكتاب يقرأ من عنوانه» وكانت أول القصيدة كفر يا عرب!! لأن إدارة النكبة مليئة بالقصص والحكايات التى تفقد العقل اتزانه، كما يشيب لها الجنين فى بطن أمه!! ومنها ما كشفه الأستاذ محمد حسنين هيكل فى مجلة «آخر ساعة» العدد 667 عام 1949 من مهازل القيادة العربية فى حرب فلسطين، وعندما تم اختيار قائد عام الجيوش العربية وكان الجنرال إسماعيل صفوت باشا الذى تم استدعاؤه من بغداد لتعهد إليه الجامعة العربية بقيادة جيوش التحرير العام والكارثة أنه فى اليوم التالى لوصوله إلى القاهرة حدثت واقعة أفقدت الشعوب العربية الثقة فى كفاءته العسكرية وهذه الكارثة للأسف مسجلة فى محاضر الشرطة المصرية، وتتلخص فى أن الجنرال إسماعيل صفوت كان يتجول فى شوارع القاهرة وفى شارع إبراهيم باشا الجمهورية حالياً رأى بعض الغلمان على ناصية الطريق المؤدى إلى كلوت بك يلعبون لعبة «الثلاث ورقات» فوقف الجنرال يتفرج عليهم وعليه تم استدراج قائد عام الجيوش العربية لتحرير فلسطين، ،وإنقاذ الأراضى المقدسة من الصهاينة المحتلين إلى المشاركة فى لعبة الثلاث ورقات!! وبالطبع خسر الجنرال 45 جنيهاً وكانت كل ما معه من أموال. وحينها شعر «الجنرال» أنه سرق أو على الأقل سقط فى فخ عصابة من المتشردين، وحاول أن يسترد نقوده ولم يستطع وجرى بعضهم ولم يتردد الجنرال فى أن يجرى وراءهم واستطاع أن يمسك بأحدهم وصاح فى الشوارع يستدعى رجال الشرطة الذين جاءوا واقتادوا الجميع إلى قسم الشرطة وتم تحرير محضر رسمى بالواقعة، لكن الجامعة العربية تدخلت بثقلها لمنع النشر فى الصحف، رفقاً بسمعة الجنرال ومحاولة منها للإبقاء على هيبة منصبه كقائد عام لجيوش التحرير العربية لإنقاذ الأراضى المقدسة والمغتصبة من إسرائيل. إسرائيليات فى قبضة المتطوعين العرب ويكشف «هيكل» أيضاً سراً جديداً عن الرجال الذين قاموا بإدارة الصراع العربى الإسرائيلى، ولكنه سر يثير القرف والغثيان فى مجلة «آخر ساعة» العدد 764 ويتعلق بالمتطوعين العرب بعد أن انتهوا من معركة «كفر عصيون» وحينها نجحوا فى أسر 143 فتاة إسرائيلية كن يحاربن فى صفوف الهاجاناه الإسرائيلى، وتم نقل الأسيرات إلى مدينة الخليل بحثاً عن مأوى لهن، فاقترح الشيخ الجعبرى وكان من مشايخ فلسطين بوضع الأسيرات فى مخزن يملكه. وتمت الموافقة على هذا الاقتراح، ولكن بعد أن وصل خبر الأسيرات إلى الملك عبدالله ملك الأردن، حينها قرر نقلهن إلى عمان وكلف بهذه المهمة صاغاً من الأردن يدعى حكمت مهيار كى يتسلم الأسيرات وينقلهن من الخليل إلى عمان، ولكن حدثت المفاجأة عند التوقيع على تسلم الأسيرات، وجد الضابط الأردنى أن عدد الأسيرات 140 فتاة وحينها لم يستطع الشيخ الجعبرى تفسير أين اختفت الأسيرات الثلاث ولماذا؟! الجلسة المغلقة مازلنا مع الأسرار التى يكشفها هيكل عن كيفية إدارة الصراع العربى الإسرائيلى حيث كشف فى العدد 11 من مجلة الكتيب «وجهات نظر» 1999 سراً خطيراً وعجيباً ربما يذهل العقل العربى وهو أن العاهل المغربى الراحل الملك محمد الخامس كان يترك المخابرات الإسرائيلية الموساد تتجسس على مؤتمرات القمة العربية التى عقدت فى الدار البيضاء، بما فى ذلك الجلسات المغلقة والسرية للملوك والرؤساء العرب!! الجماهير المنهكة وفى سياق كشف أسرار النكبة العربية نلقى الضوء على موقف من مواقف أحد القادة العرب الذين يخاطبون شعوبهم بكلام يشعل الحماسة فى نفوسهم ثم يعتذرون عنه فى الخفاء، وينكرونه تماماً، بل يؤكدون عكسه ويصرحون بصفاقة بأنه كان كلاماً للاستهلاك المحلى لخداع الجماهير المنهكة المغلوبة على أمرها فى عالم أضناه الشوق إلى العدل والحنين إلى الحرية، وما نقصده مهيب الركن كما كان يطلق عليه الشعب العراقى، وأسد العرب، كما يحلو للبعض أن يصفوه، بعدما تم إعدامه. وقد جاء فى كتاب «الخيانة العربية الكبرى» للمفكر الإسلامى أحمد رائف أن السفير السعودى فى أمريكا «بندر بن عبدالعزيز» تلقى مكالمة تليفونية من حكومته تخبره بأن الرئيس «صدام حسين» طلب مبعوثاً من السعودية يصلح واسطة بينه وبين أمريكا، فتم ترشيح السفير السعودى لهذه المهمة، وفى 5 أبريل 1990 قابل السفير السعودى «صدام» الذى أخبره بأن المسئولين فى أمريكا بالغوا بشدة فى رد فعلهم تجاه خطابه الذى ألقاه أوائل أبريل وهدد فيه بقصف إسرائيل إذا ما حاولت أن تقدم على عمل عدائى ضد العراق، ولوَّح أنه من الممكن أن يستخدم الأسلحة الكيماوية فوصفت الخارجية الأمريكية هذا الخطاب بأنه تحريضى وغير مسئول ومهين، وأكد «صدام» للسفير السعودى أن كلماته قد أسيئ فهمها، وأصبحت تعنى أنه ينوى توجيه ضربة هجومية ضد إسرائيل مع أنه لا يفكر فى هذا نهائياً!! ثم اعترف للأمير «بندر» بأنه كان يتمنى لو جاء خطابه مختلفاً عما حدث، ولكن الخطاب كان موجهاً إلى القوات المسلحة، وفى حفل عام وسط مشاعر ملتهبة بين تصفيق وهتاف الجماهير. المستويات العليا واعترف «صدام» بأنه لو هاجمته إسرائيل فلن يصمد أكثر من 6 ساعات، وعندما هاجمت إسرائيل العراق عام 1981 ولم يرد عليها تذرع بأنه كان فى حرب مع إيران، وأخيراً قال إنه يريد أن يؤكد للرئيس بوش الأب أنه لن يهاجم إسرائيل وعلى الأمريكان أن يتصلوا بإسرائيل لكى يؤكدوا أنها لن تهاجم العراق!! وحينها استفسر الأمير بندر هل الرئيس صدام يريد أن يكون الحديث للأمريكان من جانب السعودية بوصفه ملاحظات خاصة ويتم إبلاغها إلى «بوش» على أنها وجهات نظر سعودية؟ ورد صدام أنه يريدها رسالة منه إلى الرئيس بوش، وغادر الأمير بندر وجاءته تعليمات من الرياض بأن يستخدم علاقاته الشخصية مع المستويات العليا فى واشنطن لكى يبلغ رسالة صدام مباشرة إلى الرئيس بوش، وعلق بوش متسائلاً عندما وصلته الرسالة: إذا لم يكن هذا الرجل يعنى حقيقة ما أعلنه، فلماذا بحق السماء يذهب هنا وهناك ويقول هذا الكلام؟ متطوعون بلا تنظيم ويشير اللواء إبراهيم شكيب، المؤرخ العسكرى، الباحث المتخصص فى النزاع العربى الإسرائيلى، إلى أن جامعة الدول العربية قامت بتعيين البكباشى أحمد عبدالعزيز قائداً عاماً لقوات المتطوعين المصريين والليبيين لإنقاذ فلسطين، وقام بجمع المعلومات اللازمة من المخابرت العامة والجامعة العربية والشيخ أمين الحسينى، مفتى فلسطين، ثم أجرى استطلاعاً لهذه المنطقة يومى 26 و27 أبريل 1948 ورفع تقريراً إلى أمين عام الجامعة العربية تضمن أن القوات المتطوعة لا تصلح من ناحية التنظيم والتجهيز والتسليح لتحقيق المهمة التى كلف بها، وأوضح الحد الأدنى لها من التسليح، وأمر قواته بالتحرك إلى العريش ووصلها يوم 27/4/1948، وهذه القوات حمت الجانب الأيمن للجيش المصرى، وسار بقواته حتى وصل إلى مشارف الخليل. العصابات الإرهابية وعن الوضع الداخلى فى مصر يصفه اللواء شكيب: مع انفجار المشاعر الوطنية طالب بالاشتراك فى حرب فلسطين وتدخل الجيوش العربية لإنقاذها، وقد هون الإنجليز الأمر على الملك فاروق ورئيس الوزراء النقراشى باشا الذى كان يرفض دخول الجيش إلى فلسطين، إلا أن قرار الحكومات العربية الاشتراك فى هذه الحرب دفع الملك فاروق الذى كان يتطلع إلى زعامة العالمين العربى والإسلامى إلى أن يصدر أوامره فى 11 مايو إلى وزير الحربية بإعداد الجيش لدخول فلسطين، وفى 15 مايو أرسلت الخارجية المصرية مذكرة إلى سفارات الدول بالقاهرة، أكدت فيها أن تدخلها فى فلسطين لن يوجه ضد يهود فلسطين بل ضد العصابات الإرهابية. إنجاز بكل المقاييس وعن دور القوات المصرية فى الحرب الفلسطينية، أكد اللواء إبراهيم شكيب أن القوات المصرية كانت حوالى 9300 مقاتل وعندما بدأت المعارك فى 15 مايو حقق الجيش المصرى إنجازاً بكل المقاييس وتحرك من العريش إلى غزة ثم إلى المجدل ولكن المشكلة أن الجيش كان يتحرك بأوامر من القاهرة وليس حسب رؤية القائد العام للقوات المصرية، والتحرك كان حسب ما يأتى فى الإشارات إلى اللواء أحمد المواوى. يقول: نريد الاستيلاء على المجدل اليوم ثم إشارة أخرى تطالبه بالاستيلاء على دير سنيد ثم أشدود وهكذا والقائد العام ينفذ، وخلال 26 يوماً أصبحت خطوط مواصلات الجيش المصرى 400 كيلو متر وطالت أكثر مما يجب وبعدت عن القاعدة والمناطق التى احتلتها داخل فلسطين تحتاج إلى عدد كبير من القوات للحفاظ عليها، وكانت النتيجة أن الموقع الذى يحتاج إلى كتيبة حتى تحافظ عليه يضعون له فصيلة وهكذا. الأسلحة الفاسدة وعن نتائج حرب فلسطين على المنطقة العربية يقول الفريق يوسف عفيفى، أحد الضباط الأحرار الذين قاتلوا فى فلسطين، إن حرب فلسطين خلفت آثاراً واضحة على جميع المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، وحملت فى طياتها إرهاصات الثورت الانقلابية التى حدثت فى الشرق الأوسط خلال السنوات العشر التالية عليها وعجلت بالانقلابات العسكرية بدءاً من الانقلابات السورية «حسنى الزعيم» وعبدالكريم الخاوى والشيشكلى مروراً بالثورة المصرية فى يوليو 1952 وطرد جلوب الإنجليز من عمان 1956 وثورة العراق فى 14 مايو 1958 وحركة السودان فى نوفمبر 1958، والآثار الاقتصادية كانت المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، ومنعها من المرور فى قناة السويس وخليج العقبة، والنتائج الاجتماعية ظهور مشكلة اللاجئين وإعادة التوزيع الديموغرافى للسكان والحديث عن قضية الأسلحة الفاسدة. علامة النهاية وعن نتائج هذه الحرب على إسرائيل يؤكد الفريق عفيفى أنها أفادت إسرائيل دولياً، حيث شجعت الدول المترددة على الاعتراف بإسرائيل بل وقبولها عضواً فى الأممالمتحدة مع إجهاض أى محاولة لبريطانيا لرسم سياسة الشرق الأوسط بالتنسيق مع الجامعة العربية، بعدما عانت من الجمود وبالطبع حلت أمريكا محل الوجود البريطانى فى الشرق الأوسط، وزادت هذه الحرب من الهوة بين كثير من الدول فى العالم العربى، وأكدت وجود الدولة الإسرائيلية مما زاد من إحساس الإسرائيليون بالتفوق فى مواجهة العرب مجتمعين وشجعهم هذا على الاستمرار فى استخدام القوة من أجل تحقيق أهدافهم غير عابئين بأجهزة الأممالمتحدة وقراراتها، مما جعل قضية تحقيق السلام بدون مساندة ولم يعمل من أجلها أحد من الغرب، وهذا كان علامة النهاية للنظام القديم فى الشرق الأوسط. علاقة فوقية وعن إدارة الصراع العربى الإسرائيلى الذى دائماً يميل نحو إسرائيل يؤكد السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق وأيضاً شغل نائب سفير مصر فى إسرائيل، أنه عند استرجاع المعارك العربية الإسرائيلية يتأكد أن العرب دخلوا فترات الصراع وهم مهزومون من قبل أن يبدأ الصراع، ويذكر فترة 1967 وما بينها وبين 1973 كان يوجد دعايات أن الجيش الإسرائيلى لا يقهر وإننا لن نستطيع العبور ونحتاج قنبلة ذرية ولهذا عاش العرب تحت ضغط نفسى رهيب أصاب البعض بالهزيمة، وأيضاً يشير إلى أن العلاقة بين مصر وإسرائيل حتى 25 يناير 2011 كانت علاقة فوقية ولم تكن علاقة شعبية، لأنه لم يكن للرأى العام المصرى دور فى هذه العلاقة، وكانت اتفاقيات من أعلى ثم تهبط إلى القاع.. ولكن بعد ثورات مصر يوجد وضع استراتيجى جديد وتأكدت إسرائيل بشكل كامل أن الشعب المصرى أصبح هو السيد وله السيادة، وأصبح صاحب القرار، وهذا يستدعى منهم إعادة الحسابات بما يتلاءم مع هذا التغيير، ولا ينفى أن إسرائيل يساندها الغرب وأمريكا تدرس الوضع المصرى الجديد. كى لا ينسى الأحفاد ويشير د. إبراهيم البحراوى، الخبير الاستراتيجى فى الشئون الإسرائيلية، إلى القوى الكبرى المتآمرة مع الصهيونية واستخدامها مجلس الأمن لفرض الهدنة على العرب فى حرب 1948 وكانت فى حقيقة الأمر فرملة وتحجيم للهجوم العربى الساحق والناجح الذى كاد أن يقتلع المشروع الصهيونى من جذوره، ولهذا يطالب بأن نذكر ذلك التاريخ للأجيال القادمة ليعرفوا أن البسالة وروح الشهادة وحدهما لا يكفيان فى مواجهة الآلة العسكرية المدججة بالسلاح والتى تستخدم منهج التخطيط العلمى والجمع بين التآمر الخفى والقمع الظاهرى ويحث على ضرورة بذل جهد إبداعى لوضع استراتيجى طويل المدى يمكن الوطن العربى من الإفلات من قبضة الحصار المفروض عليه والتى تفرض عليه سقفاً للنمو والتنمية. ويسترجع عام 1948 قائلاً: هذا العام فجأة وبعد الاطمئنان إلى قدرة الحركة الصهيونية ومؤسساتها ومنظماتها من السيطرة على البلاد أعلنوا قيام دولة إسرائيل والتحضير لبناء قوة الردع الإسرائيلية بالتحالف مع إنجلترا وفرنسا وبناء مفاعل «ديمونة» فى الخمسينيات، وصولاً للمشاركة مع القوات الإنجليزية والفرنسية فى العدوان الثلاثى على مصر 1956 الذى استهدف وقف عملية التنمية بعد استرداد الموارد الوطنية بتأميم قناة السويس ومحاولة منع بناء السد العالى، بسحب البنك الدولى تمويله بضغوط أمريكية إسرائيلية، ثم قامت شبكة مصالح جديدة بين إسرائيل وأمريكا أسفرت عن مؤامرة يونية 1967 واحتلالها لسيناء والضفة الغربيةوغزة والجولان ونشطت أفكار إسرائيل الكبرى، ولأنها حالة الانتصار والنشوة التى ترتبت على الهزيمة العربية المنكرة.. إلى أن قامت حرب أكتوبر وتلتها معاهدة السلام واستعادة مصر على إثرهما سيناءالمحتلة، ومع هذا لم نستثمرها كما ينبغى لتحقيق النهضة الشاملة فى كل الأنشطة.