حسم المرشح الرئاسي المشير المتقاعد عبد الفتاح السيسي الموقف من جماعة «الإخوان» بكل وضوح في حواره التلفزيوني المطول قبل أيام. بدون لف أو دوران قال السيسي إنه لا مكان للإخوان في مصر إذا انتخب رئيساً (وهو المتوقع)، بعد ما فعله الإخوان ( وما يفعلونه) بشعب مصر.. من ترويع وتدمير وقتل وإرهاب. ويرتبط تصريح السيسي المهم، بتصريحات أخرى ترافقت معه، يرفض فيها أي تدخل خارجي في الشأن المصري، ويقرر فيها أنه ليس مديناً لأحد إلا لشعب مصر. وفي هذا قال السيسي إنه رفض طلباً للسفيرة الأميركية السابقة لتأجيل الإجراءات التي اتخذت في 3 يوليو الماضي ليوم أو اثنين فقط. في الحرب على الإرهاب.. قال السيسي إن الخطر ليس على مصر والعرب فقط، بل على العالم كله، وإذا لم تعِ أوروبا بالذات حجم الخطر بعد أن بدأ العائدون من سوريا نشاطهم في أنحاء أوروبا وغيرها، فإن العواقب ستكون وخيمة. وكان لافتاً تركيز السيسي على موضوع تجديد الخطاب الديني باعتباره جزءاً أساسياً من المواجهة مع الإرهاب الذي تقوده جماعة الإخوان وحلفاؤها من الجماعات المتطرفة، والقصة هنا أكبر من تغيير خطاب، لأنها تعتمد على تغيير الظروف التي تجعل من هذا الخطاب او ذاك قابلاً للتصديق من جانب المجتمع. والقضية هنا بالغة التعقيد، فلم يعد الأمر مرتبطاً فقط بالغني والفقر، ولكننا رأينا من هم في ظروف معيشية واجتماعية ووظيفية معقولة، ومع ذلك ذهبوا في طريق الإرهاب إلى آخره .. بدءاً من بن لادن وليس انتهاء بكل قيادات الإخوان. ثقافة الإرهاب مرتبطة بخطاب ديني يتاجر بالإسلام ويسيء إليه، وهذا الخطاب المتخلف يستفيد من كل الظروف المحيطة لكي يفتح أبواب الفتنة على مصراعيها. والنقطة المركزية التي ينبغي أن نتوقف عندها طويلاً هي: لماذا نتقدم مرات في طريق مواجهة هذا الخطر ثم ننتكس؟! لا نريد أن نعود للتاريخ القديم، ففي تاريخنا الحديث ما يكفي. قبل نصف قرن كنا في موقع آخر. كان المد القومي العربي يصعد، وكانت مصر تقود حركة تحرر أسقطت بالفعل الاستعمار القديم في الوطن العربي، وكانت موجة من التقدم تسود الوطن العربي ومعها تطلعات لا نهاية لها. ما الذي حدث بعد ذلك؟!. تم استدعاء ما يسمونه « الإسلام السياسي» لكي يخوض المعركة ضد العروبة باعتبارها «شعوبية كافرة»، وضد العدالة الاجتماعية باعتبارها «خروجاً على الإسلام»، وضد الشعوب العربية المناضلة من اجل الحرية والوحدة والتقدم باعتبارها مجرد مجتمعات «جاهلية» لا بد من قتالها! وعلى مدى قرابة أربعين عاماً حقق التحالف الجديد القديم بين خوارج الأمة واعدائها الكثير، وقدموا أهم خدمة للمشروع الصهيوني حين حولوا المواجهة من قتال ضد استعمار عنصري غربي إلى صراع أديان لا ينتهي! معركة تجديد الخطاب الديني جزء من معركة شاملة على عقل الأمة. معركة تحتاج لثورة شاملة في التعليم وفي الثقافة، وجهد في مكافحة الفقر والتمييز، ووعي كامل بضرورة الانفتاح على العصر وليس الهروب إلى كهوف العصور الوسطى. وتحتاج المعركة إلى الإجابة عن سؤال أساسي: لماذا ندور في مكاننا منذ قرون؟ لماذا نطرح اليوم نفس الأسئلة التي طرحت قبل قرن من الزمان؟ ولماذا يقع شبابنا في حبائل خوارج الأمة، من الإخوان إلى القاعدة، بعيدا عن صحيح الدين ووسطية الإسلام؟! لم يعد لدى الخوارج ما يخفونه بعد أن أعماهم الوصول للسلطة في بعض الدول. هذه المرة نعرف أننا ندفع ثمناً كبيراً لإنقاذ أوطاننا وعروبتنا وإسلامنا من خوارج العصر، وتآمر الأعداء معهم، بعد أن انكشفت كل الوجوه وسقطت كل الأقنعة! نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية