إبراهيم عيسى: الفكر السلفي معطل للاقتصاد المصري وخطر على الدولة    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9 مايو في محافظات مصر    "قتلوا مدنيين".. بايدن يعلق على قرار أمريكا وقف تصدير السلاح لإسرائيل    زعيمان بالكونجرس ينتقدان تعليق شحنات مساعدات عسكرية لإسرائيل    مصدر: حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية منفتحون نحو إنجاح الجهود المصرية في وقف إطلاق النار    ملف رياضة مصراوي.. تأبين العامري فاروق.. تأهل ريال مدريد.. وقائمة الزمالك    الزمالك يشكر وزيرا الطيران المدني و الشباب والرياضة لدعم رحلة الفريق إلى المغرب    "دوري مصري ومنافسات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    نقل زوجة شريف رمزي إلى المستشفى بعد تعرضها لوعكة صحية مفاجأة    بعد إصدار قانون التصالح| هذه الأماكن معفاة من تلك الشروط.. فما هي؟    انتخاب أعضاء مجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    إعلام فلسطيني: غارة إسرائيلية على حي الصبرة جنوب مدينة غزة شمالي القطاع    التابعي: الزمالك يمكنه حصد الكونفدرالية وأنصح هذا اللاعب بعدم التهور    محافظ الإسكندرية يكرم أبطال سلة الاتحاد عقب فوزهم بكأس مصر    صفقة سوبر على أعتاب الأهلي.. مدرب نهضة بركان السابق يكشف التفاصيل    ميدو يوضح رأيه في اعتراض الزمالك على حكام نهائي الكونفدرالية    إعلام إسرائيلي: تصريح بايدن حول وقف شحنات الأسلحة "زلزال قوي" للعلاقات بين البلدين    نقابة الموسيقيين تنعي كريم عبد العزيز في وفاة والدته    6 طرق لعلاج احتباس الغازات في البطن بدون دواء    تعرف على سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الخميس 9 مايو 2024    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: 4 دول من أمريكا الجنوبية اعترفت خلال الأسبوع الأخير بدولة فلسطين    رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    محمد فضل: جوزيه جوميز رفض تدريب الأهلي    نماذج امتحانات الثانوية العامة 2024 بصيغة «PDF» لجميع المواد وضوابط اللجان    إنتل تتوقع تراجع إيراداتها خلال الربع الثاني    موعد إجازة عيد الأضحى 2024 في السعودية: تخطيط لاستمتاع بأوقات العطلة    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    العظمى بالقاهرة 36 درجة مئوية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 9 مايو 2024    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    سواق وعنده 4 أطفال.. شقيق أحمد ضحية حادث عصام صاصا يكشف التفاصيل    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    عيار 21 الآن بعد الزيادة.. أسعار الذهب بالمصنعية اليوم الخميس 9 مايو بالصاغة (آخر تحديث)    نبيل الحلفاوي يكشف سبب ابتعاد نجله عن التمثيل (تفاصيل)    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 9 مايو: مارس التمارين الرياضية    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    توفر مليار دولار سنويًا.. الحكومة تكشف أهمية العمل بجدول تخفيف الأحمال (فيديو)    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح استرازينكا    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    وكيل الخطة والموازنة بمجلس النواب: طالبنا الحكومة بعدم فرض أي ضرائب جديدة    بالصور.. «تضامن الدقهلية» تُطلق المرحلة الثانية من مبادرة «وطن بلا إعاقة»    التحالف الوطنى يقدم خدمات بأكثر من 16 مليار جنيه خلال عامين    رئيس جامعة القناة يشهد المؤتمر السنوي للبحوث الطلابية لكلية طب «الإسماعيلية الجديدة الأهلية»    وزير الخارجية العراقي: العراق حريص على حماية وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة    «زووم إفريقيا» في حلقة خاصة من قلب جامبيا على قناة CBC.. اليوم    عبد المجيد عبد الله يبدأ أولى حفلاته الثلاثة في الكويت.. الليلة    مستشهدا بواقعة على صفحة الأهلي.. إبراهيم عيسى: لم نتخلص من التسلف والتخلف الفكري    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة الآن لمن أصابه كرب.. ب5 كلمات تنتهي معاناتك    رئيس لجنة الثقافة: الموقف المصرى من غزة متسق تماما مع الرؤية الشعبية    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    طالب صيدلة يدهس شابا أعلى المحور في الشيخ زايد    متحدث الصحة يعلق على سحب لقاحات أسترازينيكا من جميع أنحاء العالم.. فيديو    الكشف على 1209 أشخاص في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رضوان السيد
شباب مصر ..أسقط للأبد الحكم الأصولى المدعوم من الغرب..الإسلام السياسي..خطر على الدين قبل الدولة

وسط عالم تتخاطفه الأحداث من كل جانب جاءت الحوارات , محاولة لترتيب أفكارنا والدوران فى فلك وعى جديد, لعلنا نصل الى القدرة على اعادة التفكير فى الاسئلة المطروحة على الساحة العالمية .
فالحوارات التى نقدمها حول المستقبل بمثابة حفر معرفى فى أذهان النخبة العالمية الذين قبلوا بشجاعة تحدى الاجابة على أسئلة محورية وشاملة حول الموضوعات الاكثر أهمية وحيوية على الساحة العالمية المعاصرة وارتدادتها على المحيط المصرى والعربى , ونتوقف عمدا عند محطات فكرية ذات دلالة فى السياق التاريخى والحضارى منها التجربة الديمقراطية... ونتاجات الحداثة... وحوار الحضارات والتعددية الثقافية فى مواجهة العولمة.... ولا يمكننا أن نغفل هذه الثلاثية التى تثير جدلا صعودا وهبوطا ,كرا وفرا ,وهى الدين بالمعنى العام ,والعلمانية ,والاسلام السياسى بوجه خاص . فجاءت حوارات المستقبل محاولة لقراءة هذا الوضع المتفجر بالاسئلة المتشابكة.باختصار هى قراءات متأنية فى زمن متعجل .

..وكما شدت فيروز (مرق زمن الحكى .. ووصل زمن البكى). .فمن جبل لبنان تحرك «الفتى..رضوان السيد» يحمل حلما الى بلد الأزهربمنحة دراسية, ومن الأزهر الى المانيا حيث حصل على الدكتوره فى الفلسفة من جامعة توبنغن ثم بيروت حيث يعمل أستاذا للدراسات الإسلامية بالجامعة اللبنانية ' وعبر هذه الرحلة كان زمن الحكى يمتد, علما وثقافة ودراسة وخبرة ,ثم يصل زمن (البكى) فى منتصف السبعينيات حيث الحرب الاهليةاللبنانية, ليزداد ضيفنا نضجا وخبرة وألما وشهرة ..هذا المفكر الذى استنار بعنصري - الأزهر الشريف والفكر الغربى - عقد أواصر مفككة بعقل لامع يفتخر به كل لبنانى و عربى . وعاد الرحالة المتجول بين بلدان العالم الى العرب حاملا أفكاره وأحزانه وافراحه (الشحيحة).وها نحن الان نستحضره فى حوار ونستحضر معه تاريخا يقف على قدمين ,تاريخ من التأمل والتعبير الحر والحضور اللامع تمثل فى مؤلفاته الأمة والجماعة والسلطة ,ومفاهيم الجماعة فى الاسلام , وكتابه الأروع الاسلام المعاصر وايضا الجماعة والمجتمع والدولة ثم ترجمته كتاب بردة النبى لرؤى متحدة .وفى كل مؤتمر نحضره كثيرا ما يتم السؤال أين رضوان السيد ؟؟وعنه وحوله يلتقى كم متنوع من الجنسيات والتيارات الفكرية على اختلافها وتباينها ,كلهم ينتظرون فقيها مستنيرا ومفكرا كبيرا من أولئك الذين حفظتهم الذاكرة العربية الاسلامية المعاصرة فهوواحد من الذين يرشدوننا الى هويتنا التى تناضل من أجل ألا تطمس او تمحى فى ظل عالم يسعى الى المجهول .ولاننا مع رضوان السيد لعلنا نعثر على ضالتنا و حكمتنا المنشودة, لذا نطرح سؤالا صعبا من حيث تحديده ودلالاته عندما نسأل عن المشهد العربى الثورى ,الذى أبان عن سقوط أنظمة مستبدة ليدخلنا فى تيه من فوضى الثورة, ليحدد ضيفنا كيفية الخلاص من هذا التيه بعد أن يرسم علامات دالة على الطريق .ومن المشهد الثورى لفوضى الثورة ,نرى أنفسنا مضطرين لنعود الى الوراء قليلا فنسأل أين ذهبت الحداثة مع انسداد أفق الاسلام السياسى.. وهل تراه قد سد بالفعل ؟؟. ماهو مستقبل الإسلام السياسى فى ظل الربيع العربي وهل نحن بحاجة إلى أيديولوجيا بديلة؟؟

كل هذه الاسئلة المحيره حاولنا أن نضعها بين يدى ضيفنا الكبير املا وطمعا فى ان تبدد اجاباته حيرتنا .. لعله الحوار الذى يعيد الينا مرة أخرى صوت فيروز وزمن الحكى ...

باركت إسقاط النظام الاخوانى فى مصر فى 30 يونيو فهل ترى أن المصريين حسموا المعركة الدائرة بين تيارى الدولة المدنية والدولة الثيوقراطية لصالح الدولة الوطنية؟

لنا فيما حصل في مصر ولمصر درسٌ لا ينبغي أن ننساه: في 25 يناير انطلق الشباب، في موجتهم الأولى الغلاّبة، وعندما تهددت الثورة بالتآكُل أطلقوا الموجة الثانية في 30 يونيو 2013. وفي لبنان والعراق وسورية واليمن وليبيا ما أمكن للحركات الاحتجاجية أن تحقّق أهدافها في صَون الأوطان، وإصلاح إدارة الشأن العام، فلنعمل على موجةٍ ثانية وثالثة مثلما فعل المصريون. قال بشار الأسد لأحد أصدقائه اللبنانيين قبل أشهر: يريدونني أن أُسلِّم إليهم البلاد، وأنا مستعدٌّ لتسليمها إليهم كما استلمها والدي عام 1970 .

لماذا اختار المفكرون تعبيرالربيع العربى لوصف الثورات مع أنهم يعرفون أن الربيع هو أكثر الفصول تضليلا فى الجغرافيا العربية ؟ هل يريدونه ربيعا ذا غبار كثيف ليخفى الجرائم كلها .. أم يرون الغبار دليلا على عقم الذهنية العربية على انتاج ثورة حقيقية و ديمقراطية ؟

يا ليته كان غباراً، إنه ربيع الدم الفوار والجارف يا أخي. وما عدتُ أعرف شيئاً عن الأيديولوجيا واختزالاتها. الذي اعرفه أنّ العالم العربي وخلال ثلاث سنوات يوشك أن يفقد نصف مليون قتيل. والقتلةُ هم الحكّام وأجهزتهم الأمنية، وجيوشهم، وإيران وتنظيماتها الطائفية. أريد أن أغيِّر حاكمي الخالد بالتظاهر السلمي، فما شأن الروسي والصيني والإيراني والتركي والإسرائيلي....؟!

هل ترى أن الثورات إسقاط لأنظمة وإحلال أخرى أم أنها بحث عن تغيير جذرى .. وايدولوجيا بديلة؟

أفلست الأنظمة العربية، وأفلست معها الدولة الوطنية العربية منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضي. وجاء مقتل الرئيس السادات، رئيس أكبر دولة عربية شاهداً على ذلك. من الذي قتل السادات؟ الجهاديون الإسلاميون الذين خرجوا من البيئات ذاتِها التي خرج منها العسكريون في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. هؤلاء مضوا- كما كانت توجهات العصر- باتجاه القومية والاشتراكية والتحرير. وأولئك مضوا باتجاه الحلّ الإسلامي بعد سقوط الحلّ الاشتراكي، وتوجَّه الضباط الذين صاروا أنظمةً خالدة للارتماء في أحضان الولايات المتحدة، بعد تراجُع حظوظ الاتحاد السوفيتي في ظروف الحرب الباردة. والطريف فأنّ الأنظمة العربية الرجعية والتقدمية هي التي أرسلت أو سلّمت بإرسال الجهاديين للقتال إلى جانب الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان.المهم أنّ المعارضة أو المعارضات الإسلامية للأنظمة الجمهورية الوراثية، وسواء أكانت جهادية (مثل القاعدة) أوتنظيمية (مثل الإخوان المسلمين) هي التي أبقت الأنظمة العربية على قيد الحياة أو أنها شكّلت مُعادِلاً ومعادلة. فالأنظمة تنقذ نفسها بالانضواء في أحضان الهيمنة، والأمريكيين يعاونونهم في مكافحة المعارضات الإسلامية ضدهم، وهم يعاونون الأمريكيين في كل ما يطلبونه. وهكذا أُضيف انسدادٌ آخر إلى الانسدادات التي تسبب بها فشل الأنظمة في صون المصالح الوطنية والقومية، وفشلها في التنمية، وإلغاؤها للمجال السياسي، وانصرافها للتحالفات الطائفية والفئوية. الانسداد الجديد تمثّل في أنّ أحداً ما اعتبر الإسلامين الجهادي والسياسي بديلاً محتملاً لأنظمة صدام والأسد والقذافي ومبارك وبن علي والبشير.. الخ.

اذن كيف قرأت مشهد هؤلاء الشباب الذين قاموا بالثورات ..هل وجدوا النموذج (الغائب) الذى يبحثون عنه، ومانظرتك المستقبلية لما بحثوا عنه وغاب عنهم ؟

ان خروج الشبان العرب في كل مكانٍ في العام 2011 كان مفاجأةً لجهتين: أنهم ما كانوا من الفئات المسلَّحة أو الأُخرى الإخوانية التنظيمية المتربّصة. وأنهم طرحوا الملفّات الأصلية: الحريات والعدالة ومكافحة الفساد والتداول السلمي على السلطة ودولة الحكم الصالح. والمثال ماكان ثورات العام 1848 والعام 1968، بل ما حدث في أوروبا الشرقية إبّان انهيار الاتحاد السوفيتي. كان المراد إسقاط الأنظمة الأمنية والعسكرية الفاسدة، وماكانت هناك استعدادات للحلول محلَّها من خلال تنظيمات شبابية ثورية. هل كانوا يستطيعون ذلك في تونس ومصر مَثَلاً باعتبار أنّ الجيش الوطني في البلدين منع الاعتداءات الأمنية عليهم، بل واجتمع بممثليهم واستشارهم؟ الذي تبيَّن أنهم ماكانوا مؤهَّلين. ثم إنه ما كانت عندهم فرصة للاستعداد للتداخُل الذي حصل بينهموبين القوى المدنية والسياسية الموجودة، ثم لسرعة استيلاء أحزاب الإسلام السياسي حتى على الشارع. فالعَظَمة في حركات الشباب العربي تمثّلت في شجاعة التحدي بالنزول إلى الشارع وهو الأمر الذي ما جرؤ عليه الإسلاميون الحزبيون ولا الجهاديون. والعَظَمة في طرح الشعارات والأهداف الصحيحة المتعلقة بإصلاح إدارة الشأن العام،ومكافحة الفساد، والحريات، والتداول السلمي للسلطة. وهي كلها قيم العصر والحاضر والمستقبل.

يقول الناقد جورج طرابيشى : إذا لم نخضع الربيع العربى الى قراءة تفكيكية سنهيىء بلداننا وشعوبنا وأنفسنا الى خيبات كبيرة فى إطار أن الربيع العربى كان لابد أن يحدث لأن الأفق كان مسدوداً والآن انفتح .. ولكن كلما انفتح لا ندرى هل ستأتى بعده عاصفة ترابية أم بحر سلام ؟ و مثله يقول الشاعر أدونيس «كنا فى مشكلة النظام.. واليوم أصبحنا أمام مشكلة الثورة «!!.. كيف تقرأ الرؤيتين؟

جورج طرابيشي وأدونيس كلاهما من سورية التي تحدث فيها ملحمةٌ عظيمة منذ ثلاث سنوات. هناك مائتا ألف قتيل وملايين ثمانية أو تسعة من المهجرين بالداخل والخارج. وخراب ما بين 40و50 % من العمران. وهناك جيوش وتنظيمات روسية وإيرانية وعراقية ولبنانية ويمنية وأفغانية تقاتل على الأرض مع نظام الأسد. وهناك مقاتلون عرب وأجانب إلى جانب المعارضة. وهناك كيانات عربية عدة في خطر نتيجة الزلزال السوري مثل لبنان والعراق والأردن. وهذا فضلاً عن تدخلات إيرانيةمسلَّحة وغير مسلَّحة في اليمن والبحرين والكويت. وجهة نظر طرابيشي مختلفة بالطبع عن وجهة نظر أدونيس.طرابيشي يقرُّ بأنّ النظام السوري ما عاد صالحاً للبقاء، لكنّ الثورة بما آلت إليه تعرِّضُ سورية للأخطار. ولو لم يكن طرابيشي سورياً لقلت إنّ ما يقوله هومنطق المثقفين النقديين إزاء حدثٍ بهذه الضخامة والخطورة.إنما لانه مثقفٌ سوريٌّ بارز، فينبغي أن يقول ويفعل أكثر. لا مُساواة بين القاتل والقتيل، ولا بين ممارسات النظام وممارسات المعارضين. الداعشيون مجرمون وإرهابيون. فالقاعدة ومتفرعاتها انشقاقاتٌ في قلب الإسلام السني، ونحن نقاتلهم منذ عقدين وأكثر. والفرق بينهم وبين الإيرانيين أنّ هؤلاء سيطروا من خلال «ولاية الفقيه» على الاتجاه الرئيسي في المذهب الشيعي، ثم أطلقوا تنظيماتهم المذهبية ( التي تدعمها الدولة القومية الإيرانية) للتخريب في المشرق العربي والخليج والعالم الإسلامي. وأسباب دعمهم المعلنة لنظام الأسد تُثير السخرية: الممانعة والمقاومة! يقتلون العرب، ويقولون إنهم يقاومون بذلك إسرائيل وأميركا! أما أدونيس استنكر خروج الناس في التظاهرات من المساجد ..!! إنه لن يذكرهم بالإيجاب إلاّ إذا تركوا المساجد ولم يتجمعوا فيها: أين تريدهم أن يتجمعوا؟ هل في الأغورا الإغريقية الحرة التي تركها لهم الأسد أو القذافي أو صدام أوالبشير؟! ما عرفت أمةٌ من أقلياتها ما عرفته الأمة العربية من الأقليات الذين سودتْهم في ثقافتها وسلطاتها!الاقليات الطائفية والمذهبية والعسكرية والجهوية والتغريبية .

هذا يقودنا الى تشبيه وضع العرب اليوم بالكرة بين أقدام العالم. مع ما يترتب على ذالك من خشية لتفتيت العالم العربى. كما يلوح فى الافق فى سوريا الان ؟

سوريا مهدَّدة بما هو أفظع: بالخراب الكامل والفوضى الكاملة, فالولايات المتحدة ماتدخلت في أي مكان، وانسحبت من كل مكان، وسلّمت العراق وسورية ولبنان منذ العام 2010 لإيران. إنما ورغم مخاوف جورج طرابيشي ومعن بشور ومنير شفيق ومحمد حسنين هيكل وعبد الحكيم عبد الناصر ومحمود بدر لابد من ادانة الاسد وداعش والايرانيين والقاعدة .لقد وضع الإقليميون (الإيرانيون والأتراك وإسرائيل) وبعض القوميين ( العرب والسوريين)، وبقايا اليساريين الإسلامَ (الجهادي والإخواني والإيراني والحماسي) في مواجهة العرب. ويكون علينا العمل بشتّى الوسائل لاستعادة القرار في أوطاننا واستعادة السكينة إلى ديننا ومجتمعاتنا.

فى ضوء ذالك هل يقول الغرب لنا - فى اطار دعمه للاسلام السياسى - هذه بضاعتكم ردت اليكم فتحملوا دمارها, أم أنه نوع جديد من الاستعمار يتحالف مع قوى داخلية ؟

بعد طول تأييدٍ من جانب الولايات المتحدة للأنظمة القائمة، وطول محادثات مع الإخوان، ارتأى الأميركيون وبعض حلفائهم في أوروبا (ألمانيا مثلاً) أن يجربوا الإخوان للخروج من العسكر والجهاديين معاً. لكنّ الشعوب العربية الساعية عبر شبابها إلى الحرية والإصلاح، أبت ذلك، فكان ما كان بمصر وتونس بلدَي الثورات الأولى في العالم العربي.

من اللافت للنظر ايضا ما قلته فى حديثك عن «أن مصطلح الاسلام السياسى ولا حتى مقولة الاسلام دين ودولة يستحق النقاش المستفيض , لولا أن هذه المقولات تحولت الى احزاب وحركات وتنظيمات فى كل الجهات , فتقسمت المجتمعات وتشتت الدول وزالت السكينه والتواد , اللذان كان الاسلام علما عليها بين الديانات حتى وقت قريب « ..ومع هذا الرأى نرانا مضطرين لسؤال عن مستقبل الاسلام السياسى , طالما أنه على مستوى الممارسة له حضور أيا كان نوعه على الساحة السياسيه.؟

سيقى الإسلامان الجهادي والحزبي خطراً على الدين وعلى الدولة. لكنّ الخطر على الدين أكبر من الخطر على الدولة. الخطر الحاضر من طريق الجهاديين لا بد من معالجته بالأمن. أما الخطر الحزبي فهو خطرٌ استراتيجي، ولا تكفي فيه المعالجة الأمنية. لقد فشلت الدول العربية والإسلامية ( ومعها المؤسسات الدينية المستتبعة) في إدارة الملف الديني. وانفجر بين يديها الجهاديون السلفيون، والتنظيميون الحزبيون. ولذلك لا بد من القيام بعملية مزدوجة: إقامة أنظمة للحكم الصالح بحيث ينصرف الجمهور عن أوهام الدولة الدينية- واستعادة المؤسسة الدينية القوية والمستقلة للملفّ الديني، للقيام بأمرين: الوظائف والمهمات الوظائف المتمثلة في قيادة العبادات، والتعليم، والفتوى، والإرشاد العام. والمهمات تكون بالتصدي لعمليات تحويل المفاهيم التي أنجزها الإسلاميون خلال العقود الماضية مثل الحاكمية وتطبيق الشريعة، والإسلام دين ودولة، والشريعة والشرعية. وتحتاج المؤسسة الدينية بالإضافة لإصلاح البنى، إلى نهوض فكري وثقافي لصوغ خطاب جديد لمجتمعاتنا ولعلائقنا بالعالم. بيد أنّ أَوجب الواجبات كما سبق القول تتمثل في إصلاح إدارة الشأن العام، وفكّ الاشتباك بين الدين والدولة صَوناً للدين قبل الدولة!

هذا برنامج ضخم كيف ترى إنجازه؟ وكيف يواجه المذهب الدينى الممارسة الديموقراطية ..وكيف يمكن المقابلة بين الدينى والديموقراطى ؟

لقد شرحتُ ذلك بالتفصيل في كتابي الذي يصدر أواسط شهر أبريل بعنوان: أزمنة التغيير، الدين والدولة والإسلام السياسي والذى سيصدر بعد أسابيع ولنشرح ذلك بإيجاز: وقعت المؤسسة الدينية السنية طوال أكثرمن خمسة عقود في حصار بين الأنظمة من جهة،والأصوليات السلفية والإخوانية من جهةٍ ثانية.وبسبب الاستتباع أو الاستضعاف فقدت المؤسسة الدينية الكثير من حجيتها ومشروعيتها وما استطاعت القيام بالوظائف فضلاً عن المهمات. والذي أراه أنّ الثورات خدمتها وتخدمها. فالأنظمة العسكرية والأمنية الساقطة تحررت في بلدانها المؤسسة أو امتلكت إمكانيات التحرر. بدا الأزهر سليم البنية، وكذلك الزيتونة والقرويين إلى حدٍ ما. المطلوب: إعادة بناء المؤسسات التي انهدمت،وإصلاح المؤسسات القائمة. لا بد من تمكين المؤسسات الدينية من إدارة الملفّ الديني بمعنى رعاية الوظائف الأساسية (العبادات والتعليم والفتوى والإرشاد العام)، والتشارك بكفاءة في المهمات: نقد عمليات تحويل المفاهيم،وإنتاج خطابات أُخرى للعلاقة بالعالم. والمهمات هذه لا تستطيع المؤسسة الدينية القيام بها بمفردها،ولا يمكن إنجازها إلاّ من ضمن نهوض فكري وثقافي عربي وإسلامي.وهناك الشرط السياسي لهذا الإصلاح : قيام أنظمة للحكم الصالح تتولى إدارة الشأن العام.

من خلال رؤية سابقة لك انت ترى أن المواجهة مع الثقافة السائدة لدى شباب وشابات الاخوان والسلفيين المغرر بهم ليس من خلال الضغوط الخارجية أو الداخلية وحدها, بل هناك هذا الوعى الناجم عن تحولات المفاهيم والتى توهم الفتيات والفتيان منذ الصغر بأنهم مكلفون باقامة حكم الله فى الأرض أو استعادة الدين بعد أن ضيعه الغربيون وضيعه أهله؟؟

يواجه العرب تحدياتٍ هائلة على مستوى الدين والفكر والثقافة، وعلى مستوى الحدود والمجتمعات والجيواستراتيجيات. في الدين والفكر الإسلام الثائر موضوعٌ بمجمله في مواجهة العرب والعروبة. وهذا ملفٌّ هائلٌ لا بد من نهوضٍ فكريٍّ وديني لمواجهته، باستعادة الإسلام، وصَون سكينة المجتمعات. والمؤسسات الدينية الناهضة تستطيع القيام بنصيبٍ وافرٍ فيه. لقد بدأ الأزهر المهمة. والمؤسسة الدينية المغربية شديدة الفعالية والحيوية. أما المؤسسات الأخرى فينبغي العمل على إحيائها بعدأن ضربتها الأنظمة الامنية، وضربت حجيتها الأصوليات والإخوانيات.

اتذكر..عندما قامت الثورات العربية خطب «خامنئى « بالعربية ابان ثورة 25ينايروكان انذاك لاشىء فيها للاخوان ولا للجهاديين ولكنه قال ضمن ماقاله انه» يرى فى هذه الثورة مالم يره غيره , فحكم الاسلام قادم رغم المظاهر المختلفة .. وسيكون هناك نظام الاسلام الايرانى هو المثال والقدوة لكل تلك الحركات الثورية « ..وما خيب أرباب الاسلام السياسى ظنه ,فقد استجاب المعزول محمد مرسى والاخوان لاعادة العلاقات مع طهران ولأول مرة نشر الهدوء والسكينة بين حماس واسرائيل , ويمكن القول أن ثمة تنافس محبب بين تركيا وايران للسيطرة والاستحواذ على العالم العربى .. ؟

..ان التحدي الجيواستراتيجي يأتي من إيران وتركيا من الإثنيات والصحويات.نحن محتاجون بعد أن تراكمت التحديات في وجوهنا إلى استمرار الاستقرار والحركة في الخليج بعد تعطُّل النظام العربي، ومحتاجون إلى العودة المصرية. فقد كان نظام مبارك منكمشاً وعاجزاً. وأراد الإخوان تجاوز العروبة والعربية للتحالف مع إيران وتركيا ضد عرب الخليج، وعلى حساب سورية والعراق ولبنان والأردن وفلسطين، حيث تسرح الجارتان وتمرحان. مصر الناهضة الآن بالانتماء العربي والإسلامي والإفريقي تستطيع بالتعاون مع الخليج استعادة بلاد الشام، من التدخل الإيراني والتركي، ومن الفوضى القاسية والمتعملقة، والدم الهادر. ولا ينبغي أن ننسى التضييع والاستنزاف القائم والقادم من السودان ومن غزة وفلسطين. مشهدٌ هائلٌ للفراغ والفوضى والذي تتهافتُ على ملئه إيران وتركيا وروسياوالصين حتى لقد تفوقت على إسرائيل الأفاعيل الإيرانية التى لا تُصدَّقُ لشدة فظاعتها: أنها قتلت وتقتل آلاف الناس في الدول العربية في العراق وسورية ولبنان واليمن- وأنها أشعلت حرباً بين السنة والشيعة بسبب اعتداءاتها الطائفية والمذهبية الفاضحة. ما يجري في سورية والعراق من إبادات لا يمكن الصبر عليه ولا التوسط في إدانته. أستغرب أن يذكر مؤتمر القمة العربية بالكويت فظائع النظام السوري وإسرائيل، ولا يذكر فظائع الإيرانيين.
موقف الاسلام السياسى من القومية بات معروفا .. فهل تحضر القومية فى غياب الاسلام السياسى.. وما هى امكانات الحضور والغياب؟

هناك مجالٌ ثقافيٌّ عربيٌّ شاسع، لكنْ لم تَعُدْ هناك مقولة أو سردية قومية سائدة. الإسلاميون أعداء للعروبة باعتبارها قوميةً علمانيةً تريد الحلول محلَّ الدين. والقوميون السابقون اليومَ قسمان: قسم كانوا قد غادروا العروبة إلى اليسار، وهم ما يزالون هناك بين الاعتزاز بروسيا أو الصين أو حتى الولايات المتحدة بدعوى أو داعية الحريات والديمقراطية. أما القسم الآخر، وهو الذي ما يزال يزعم أنه عربي فهو متشبثٌ بمشنقة صدام حسين، أو بعنف بشار الأسد الطويل العنق أيضاً. وهناك جزء معتبر من هؤلاء دخل من باب الارتزاق على أجندة ولاءات إيران وحسن نصر الله بحجة المقاومة وتحرير فلسطين وما غيَّر من ذلك شيئاً قتل الأسد والمالكي وحزب الله الشعب السوري والعراقي واللبناني. ولذا فإنّ العروبة الأيديولوجية منعدمة، وكذلك الحركات على الأرض. ما عاد هناك أحد يقول بأنه عربي بدون خجل غير بعض الخليجيين. نحن في زمن شعوبي، حيث تبدو الأكثريات إرهابية، والأقليات إمّا مظلومة ينبغي إنصافها، أو منتصرة ينبغي طاعتُها أو ترتكب الأكثرية خيانة! لا بد إذن من إعادة بناء العروبة الثقافية والسياسية التي تكافح الأُصوليات الدينية، والأقلوية، وتعيد العروبة رابطاً جامعاً في مجال إقامة الدولة العربية التي تصون إدارة الشأن العام، وتحفظ التماسك والوحدة بالعدل وحفظ القانون وحقوق المواطنة وواجباتها. وأنا متفائل بما يحصل بتونس ومصر. ولا بد أن تنتهي العسكريات بالسودان والجزائر وسورية بالطبع. ولا بد من صمود في وجه إيران أو تتفكك المجتمعات والدول تحت وطأة الحروب الإيرانية على العرب وأهل السنة. وربما كانت نهاية العسكريات والإيرانيات مفتتحاً لنهوضٍ عربيٍ في التفكير والتدبير.

.. تحدثنا كثيراً عن المشهد السياسي المُقْبض، أين نحن من المشهد الثقافي؟

الواقع أنّ المشهد الثقافي أكثر سلامةً من المشهد السياسي. إنما بعكس كل ما يقال ما أحدثت الثورات ازدهاراً ثقافياً. بل هناك حراك ثقافي زاخر في الخليج والمغرب. وأحسب أنّ ذلك يعود إلى الاستقرار. وفي مصر ولبنان نشرٌ كثير لكنه لا يتّسم بالجودة بشكل عام. وعندي أمل بأجواء ثقافية أفضل بالعراق وسورية إذا تخلصنا من إيران والتسنن والتشيُّع علىحساب العرب والعروبة! إنه مخاضٌ عظيمٌ هذا الذي يشهده الأربعمائة مليون عربي متأخرين عقدين من الزمان عن بقية العالم. ولذلك تختلط المعالم والعلامات، وتكثر التدخلات والتداخلات. وهذا ليس بسبب العولمة، بل بسبب الغياب الطويل للعرب، ومحاولة كل الآخرين السيطرة على بلادهم والحلول محلهم!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.