بمتابعة التشكيلات التنظيمية على وجه العموم للأحزاب المصرية تلاحظ تعاظم وكثرة التشكيلات الصانعة للقرار من أمانات مختلفة للتنظيم بالتعليم والثقافة والصناعة والمالية والتشريعية.. إلخ وكثرت اللجان النوعية الفنية وانتشرت أيضاً فكرة وزارة الظل وتشكيلاتها بالإضافة إلى أمانات المحافظات ومؤتمراتها التى تصل إلى المؤتمر العام أو الجمعية العمومية وبالطبع هناك المكتب التنفيذى أو المكتب السياسى وتشكيلاته من رئيس ونواب وسكرتارية عامة.. وقد ظهر حديثاً اختراع مجلس الحكماء وقد جاء هذا حلاً لمشاكل تراكم الأجيال طبقات بعضها فوق البعض وعدم قدرة الأجيال الأكثر فاعلية على الوجود وإظهار قدراتها على التسيير وصناعة القرار فكان المخرج ازاحة الأجيال الأقدم الي مجالس الحكماء لتقفز الأجيال التى تأخرت فى الإمساك بالقيادة الى المناصب الطبيعية المؤهلة لها... وبالطبع فإن كل هذا هو الركام الطبيعى للجمود البيولوجى للحقبة المباركية...!! كل هذه الأعداد الكبيرة من الأشكال التنفيذية لصناعة القرار هى تعبير عن رغبات التكالب على الأضواء ومراكز القوة والهيمنة والنفوذ فيما خلت مراكز الوحدات الأساسية والبنية التحتية من أى تفاصيل عن تواجدها ونموها وخطوات بنائها وأوكلت هذا للرؤية الفكرية للأمانات الفوقية لتبقى فى برج مرتفع لتقرر نظرياً كيفية الوجود والانتشار فى أحاديث مكررة ومملة لم تعط أبداً إجابة شافية عن كيفية وجود البنية التحتية وتغلغلها وانتشارها فى شعيرات الوطن.. وذلك قصور فاضح فى الرؤية والقدرة على تلمس موطن الخلل فى علاقة الأحزاب بالناس وانتشارها وترسخها... وهذا لا ينطبق على الأحزاب فحسب بل يمتد لكافة التشكيلات المتعلقة بالمجتمع المدنى من نقابات الى جمعيات أهلية وغيرهما والقدرة على التواجد والتعبير عن الناس... عندما عاد الوفد الى الحياة السياسية مرة أخرى بزعامة سراج الدين فقد عاد مصاحباً للهالة التاريخية التى يعنيها الوفد وعبر الأبوية التى كان يمثلها سراج الدين لدى الوفديين فقد كان هو آخر سكرتير عام للوفد فيما قبل «52» وكان أقرب رجالات الوفد الى مصطفى النحاس... وبذهاب سراج الدين جاءت من بعده رئاسات خرجت من النخبة التى أحاطت بالزعيم فلم تستطع أن تملأ الفراغ الذى خلفه وقد عبر نعمان جمعة ذلك قائلاً مضى عصر الزعامة وجاء وقت الرئاسة... لائحة الوفد التى صدرت بعد عودته أعطت للرئيس الكثير والكثير، ولعل هذا كان متناسباً مع ما تمثله أبوية سراج الدين وسكتت اللائحة أيضاً عن فتح تشكيلة الجمعية العمومية لأبوابها للناس وللجماهير الواسعة وذلك أيضاً ربما جاء مناسباً للظروف الأمنية والبوليسية الحاكمة فى ذلك الوقت فى ظل حصار الوفد والحزبية فى مصر... عدل الوفديون لائحة الوفد فى 2006 وأصبحت انتخابات مكتب الشياخة أو القرية حيث يتم اختيارهم بواسطة أعضاء الوفد بالشياخة وبعد ذلك يتم صعود المنتخبين ليختاروا من بينهم المكتب الخاص باللجنة المركزية والذى سوف يكون ممثلاً بكامله فى الجمعية العمومية... هكذا أصبح عضو الوفد قادراً على اختيار مكتب الشياخة وبعد هذا يظل جالساً خارج الإطار لأن المنتخبين من بعد ذلك يتم تصعيد جزء منهم للجمعية العمومية وهؤلاء هم من يتداولون قرارات الوفد عبر جمعيته العمومية أما باقى أعضاء الحزب فقد مارسوا الديمقراطية لمرة واحدة عندما اختاروا أعضاء مكتب الشياخة..!! كى يستطيع عضو الوفد أن يكون مشاركاً ومهتماً لابد أن يشارك فى اختيار مكتب الشياخة وأيضاً مكتب اللجنة المركزية ومكتب المحافظةو اختيار أعضاء الهيئة العليا واختيار رئيس الحزب... عند ذلك سوف يشعر عضو الوفد انه فاعل ومشارك فى كافة المسائل فيستشعر أهمية أن يكون على صلة بالأحداث ومشاركاً جاداً فى صناعة مختلف القرارات. شعور عضو الوفد بجدية مشاركته الخطوة الأولى لانفتاح الوفد الواسع على الناس وأن يصبح الوفد جزءاً من الشارع معبراً عن نبض الناس ومطالبهم و... هنا تكمن أهمية أن يصبح كل عضو بالحزب له صوته الذى يشارك به فى التصويت فى مختلف مستويات الانتخابات بالحزب وأن يكون كل حامل كارنيه له صوته وعند ذلك يكون الوفد طبقاً لتراثه وتاريخه استطاع أن يجعل الحزب جزءاً من الشارع وأن يزيل هذا الحاجز الحائل بين الناس، وبين الحزبية وممارسة دورهم فى صناعة القرار. شعور العضو أنه فاعل ومشارك هو السبيل لأن يكون الحزب هو الشارع ولا يوجد من هو أجدر من الوفد بالإقدام على تلك المبادرة وتعديل اللائحة بما يجعل حق التصويت لكل حامل عضوية ومسدد للاشترك السنوى وتجرى الانتخابات فى المحافظات وقد يسر التصويت الإليكترونى عملية الانتخاب مما يزيل عقبة أين يمكن اجتماع ذلك العدد من الأعضاء... فتح حق التصويت لكل حامل عضوية هو السبيل لأن تصبح الحزبية فى قلب الشارع المصرى.