بمجرد أن تطأ قدماك أرض قرية الزياتين بالإسكندرية تشم هذه الروائح الكريهة التي تشبه رائحة "الأسماك العفنة" فتقرر الرحيل فورًا، ولكن أهالى هذه القرية لا يملكون خيار الرحيل عن وطنهم الذي لا يعرفون غيره، رغم ما يعانون من مأساة إنسانية وصحية يعيشها مئات الأسر البسيطة داخل القرية المنكوبة "بسبب مصنع لتدوير القمامة الملاصق لمنازل القرية وأراضيها الزراعية"!!. يعيش أهالى قرية الدكتور الزيات "الزياتين" التابعة لحى ثان المنتزه بالإسكندرية، كارثة صحية بكل المقاييس, حيث يحاصرهم التلوث البيئي من كل جانب بسبب مصنع تدوير القمامة الموجود بالقرية؛ مما أدى إلى انتشار أمراض الصدر والكبد بين أهالى القرية، ناهيك عن بوار الأراضى الزراعية المجاورة للمصنع وتراجع المحاصيل الزراعية نتيجة لتلوث المياه الجوفية بسبب مخلفات القمامة التي ترسب السوائل الخطرة إلى الأرض ومنها للمياه الجوفية في باطنها. ولم تنج الحيوانات من تأثير هذه الكارثة فأصيبت المواشي هي الأخرى بالأمراض ونتج عن ذلك قلة إدارارها للألبان، وبالرغم من كارثية كل هذه الأضرار، إلا أن المشكلة لم تتوقف عند هذا الحد، فعندما يأتى المساء تعيش القرية في الظلام الحالك بعد غروب الشمس بسبب تهالك شبكات الإنارة بالطرق إلى جانب الطرق غير الممهدة وخاصة إمام مدرسة محمد متولي الشعراوى التي يحصرها الحشرات والحيوانات الضالة والزواحف والقوارض . كان لفريق صحيفة "الوفد" هذا اللقاء مع أهالى القرية... أشرف نجيب الزيات من أهالى قرية: "نعانى من وجود قطعة أرض مساحتها أكثر من عشرين فدانًا مملوكة للأوقاف والمفروض أنها تحت إشراف الجهات المختصة وهى وزارة الزراعة تم إنشاء مصنع تدوير القمامة الذي يقع على مقربة من القرية والذي لا يفصله عنها سوى 600متر، ورغم أن المصنع هدفه الأساسي تدوير القمامة وخلط العديد من المواد الكيماوية عليها ليحولها بعد ذلك إلى سماد يستخدم في الزراعة، ويزيد من الإنتاج والمحصول ليشق طريقه نحو التصدير، إلا أن ما حدث هو أن المصنع أضر بالأراضى الزراعية والمياه الجوفية داخل هذا المحيط إلى جانب النار المشتعلة دائما بأكوام القمامة والتي تنتج الغازات السامة والروائح الضارة بالصحة. وأضاف الزيات: "المحافظة أنشأت مصنعًا لتجميع القمامة سنة 1996 وهو ما أضر بصحة أهالى المنطقة وبالثروة الحيوانية والسمكية وأضر الأراضى الزراعية حيث إن الرقعة الزراعية المحيطة بالمصنع تم تبويرها بالكامل وأصبحت لا تصلح للزراعة وطالب الزيات – تدخل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لنقل مصنع القمامة من المنطقة السكنية ونقله إلى المدفن الصحي للقمامة بمنطقة برج العرب. ويقول أحمد سليم رئيس مجلس إدارة جمعية الناصرية التعاونية الزراعية –أصبحت منطقة المصنع تمثل خطرًا داهمًا على صحة الأطفال الذين أصيبوا بأمراض الصدر إلى جانب الإصابات بمرض السرطان كما أصبحت الزراعة غير مجدية نتيجة التلوث المنبعث من هذا المصنع "السماد العضوى" لذا نطالب بنقل المصنع ووقف هذا التعدى الصارخ على الإنسان والأراضى الزراعية والثروة الحيوانية التى تأثرت وأصيبت بالأمراض. ويضيف أحمد محمد على سليم، مزارع، من أهالى القرية – قائلًا: "أصبت بمرض الكبد نتيجة تلوث الطعام وضيق بالتنفس بسبب تلوث الهواء بأدخنة أكوام القمامة التى تجمع من مخلفات المستشفيات وتحرق مما يتسبب فى نقل العدوى مشيرًا: "لدى قطعة أرض حوالى 6 أفدنة تم تبويرها إلى جانب إصابة المواشى بالأمراض وأصبحت تنتج القليل من الألبان وإذا أردنا بيع هذه الألبان يرفض المشترى الشراء لأن دخان المصنع يؤثر على رائحة اللبن ويضيف له رائحة كريهة مما عرضنا للإفلاس, وزيادة أعداد البطالة وطالبنا من اللواء طارق المهدى محافظ الإسكندرية نقل المصنع ووعد بحل مشاكلنا ولكن لم يفِ حتى الآن فالمشكلة مازالت قائمة. واستكمل عياد محمد مزارع بالقرية: "هناك 91 مستشفى تحرق مخلفاتها فى مصنع القمامة من ضمنها مخلفات مستشفى صدر المعمورة وطالبنا من اللواء عادل لبيب – المحافظ الأسبق للإسكندرية بنقل مخلفات المستشفيات واستجاب باستبعاد مخلفات مستشفى صدر المعمورة فقط وأصبحت مخلفاتها تحرق داخلها نظرا لأنها مخلفات معدية والآن يتم حرق مخلفات 90 مستشفى داخل المصنع مما يتسبب عنه نقل الأمراض الخطيرة. وطالب - بسرعة نقل المصنع من المنطقة أو دفنها في المدفن الصحي بمنطقة برج العرب بغرب المدينة. ويضيف السيد حسين من أهالى القرية – لدى طفلين أحمد ابني الأكبر عمرة 3 سنوات ... مصاب بمرض الالتهاب الرئوي وحساسية الصدر وابني الصغير محمد يبلغ من العمر عامين ونصف مصاب بحساسية الصدر أيضاً منذ مولده بسبب الأدخنة المتصاعدة من مصنع القمامة. وأكد عاطف سعيد غانم من أهالى القرية أن المسئولين يدعون بأن المصنع تم إنشاؤه قبل المباني السكنية وأن القرية لا توجد على الخريطة وهذا الكلام عار من الصحة تماما حيث إن بحوزتنا خريطة تؤكد إن القرية موجودة منذ عام 1953 أى قبل إنشاء المصنع الذي أنشأ سنة 1996 وما يؤكد هذا الكلام بالإضافة للخريطة شهادات ميلادنا صادرة بعنوان القرية وأعمارنا تتجاوز 50 عاماً. وأشار إلى أن الأهالى تقدموا بعدد من المحاضر ضد مخاطر المصنع برقم 9361 نيابة المنتزه ثان ونطالب المسئولين بنقل المصنع بعيدا عن المنطقة المأهولة بالسكان قبل وفاة أطفالنا وتبوير باقي الأراضى الزراعية بسبب المياه الناتجة عن القمامة وتختلط بالمياه الجوفية وتتسبب في تبوير الأراضى الزراعية. وأضاف - الطالب حسن محمد - أعانى أثناء رحلتي للذهاب من المنزل إلى المدرسة بسبب الطرق غير الممهده والظلام الحالك بالطرقات في المساء بسبب تلف شبكة الإنارة وتهالكها التي جعلت القرية تعيش في الظلام الحالك بعد غروب الشمس .