لا صوت يعلو فوق صوت الصناعة المصرية فى شتى القطاعات بلا استثناء، لا مصلحة تعلو فوق مصالح صناع مصر الذين يلعبون دوراً كبيراً وإيجابياً فى تنمية الاقتصاد القومى وتشغيل الجيوش الجرارة التى تتخرج عاماً بعد الآخر من المدارس والمعاهد والجامعات، ولولا صناع مصر لأعلنت مصر إفلاسها خلال السنوات الأربع العجاف الماضية، وهذه بديهية تشبه بديهيات علم المنطق.. لتذهب أى حكومة لا تساند بقوة صناع وصناعة بلادها إلى الجحيم لأن الصناعة والصناع هما السبب الرئيسى، اتفقنا أم اختلفنا فى الرؤى والتوجهات، هى التى تؤدى إلى وجود دولة مؤسسات قوية. صناعة الصلب ومثلث الرعب تؤكد دراسة متخصصة أعدها جورج متى، رئيس قطاع التسويق بمجموعة العز، أن الاضطرابات السياسية والتدهور الأمنى أديا إلى انكماش السوق المحلية بنسبة وصلت عام 2013 إلى 6.6٪ مع انخفاض فى الاستهلاك من 6.1 مليون طن عام 2012 إلى 5.7 مليون طن خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2013، وتزامن ذلك مع وجود انخفاض شديد فى قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، وهو ما كان له أثره السلبى على التكلفة، خاصة أن ارتفاع سعر الدولار كان بمعدلات أعلى من انخفاض أسعار الخامات، وأكدت الدراسة القيمة التى أعدها خبير التسويق جورج متى، أن مصر أصبحت من أكبر الدول المستوردة لحديد التسليح وسجلت الواردات عام 2009 الكثير من 2.4 مليون طن، وهى آخذة فى الارتفاع عاماً بعد الآخر، وبالنظر إلى المشاكل العنيفة التى تواجهها مصانع الحديد والصلب فى مصر نجد أن على رأسها مشكلة زيادة أسعار الطاقة شاملة أسعار الغاز والكهرباء التى تنقطع بصورة شبه يومية لمدة تصل إلى 6 و7 ساعات تكبد المصانع خسائر فادحة، وتحبس المصانع أنفاسها ترقباً لقيام الحكومة برفع أسعار الغاز لتتخطى ال4 دولارات للمليون وحدة حرارية، وهى السعر السارى فى الوقت الحالى رغم أن الحكومة قامت بإجراء 3 زيادات على أسعار الغاز خلال فترات زمنية قصيرة للغاية. إيقاف الاستيراد.. المخرج الآمن يرى صناع الصلب فى مصر، ومنهم جمال الجارحى، رئيس مجلس إدارة «صلب مصر»، رئيس غرفة الصناعات المعدنية، باتحاد الصناعات، أن الصناعة المحلية تعانى عوامل كثيرة غير منافسة للصناعات الأخرى، ولا يوجد فى مصر مستلزمات إنتاج وتضطر المصانع المحلية لشرائها بالعملة الأجنبية التى يتم تدبيرها من السوق بشق الأنفس إن وجدت. ويؤكد جمال الجارحى أن هناك تدفقاً كبيراً من واردات حديد التسليح من تركياوأوكرانيا والتى أدت العوامل السياسية المضطربة هناك إلى وجود هبوط كبير فى العملة خاصة أوكرانيا، وبالتالى انخفاض عناصر التكلفة ولذا يلجأون إلى التصدير بأسعار مغرقة ومتدنية إلى مصر بكميات كبيرة ينبغى على الدولة التدخل فوراً لإيقافها لفترة محددة ولتكن عامين، خاصة أن مصر لا يوجد فيها مستلزمات إنتاج، وبالتالى لن تستطيع منافسة هذه الدول، ويضيف رئيس غرفة الصناعات المعدنية أن السعر العادل للغاز هو تثبيته عند 4 دولارات للمليون وحدة حرارية لأن الصناعة لن تستطيع تحمل أكثر من ذلك فى ظل الأعباء الشديدة المكبلة بها، والظروف الاستثنائية التى تمر بها البلاد. الموانئ غير مؤهلة ويرى مصدر مسئول بأحد المصانع الكبيرة، أن الموانئ البحرية المصرية غير مؤهلة لعمليات التفريغ والشحن بالمعدلات الكافية وتظل المراكب فترة كبيرة بالموانئ غير قادرة على التفريغ، وتضطر المصانع إلى دفع زيادات على أسعار الشحن يومياً تتراوح من 6 إلى 10 دولارات، وسبق وتقدمنا للحكومة بمقترحات تتضمن السماح لأصحاب مصانع الصلب فى مصر بإنشاء موانئ بحرية خاصة بمصانع الحديد والصلب أسوة بما يحدث فى تركيا، حيث يوجد لكل مصنع حديد تقريباً ميناء بحرى خاص به لتسهيل عمليات الشحن والتفريغ، ويؤكد المصدر أنه فى حالة وجود موانئ بحرية خاصة بمصانع الحديد والصلب والتى تتطلب ظروفاً خاصة جداً للإنتاج دون غيرها من الصناعات الأخرى سيؤدى ذلك إلى وجود صناعة قوية منافسة مع وجود وفرة كبيرة فى العملة الأجنبية التى تشكل ضغوطاً كبيرة على الموازنة العامة للدولة والبنوك مع تحجيم الاستيراد العشوائى. الصناعة ومغازلة «السيسى» أصبح المشير السيسى، المرشح لرئاسة الجمهورية، هو بصيص الأمل الباقى للصناع والصناعة المصرية بعد أن أدار الوزراء المعنيون والحكومات المتعاقبة أصحاب الأيادى المرتعشة من اتخاذ قرارات حازمة وحاسمة تكون محصلتها النهائية خدمة الصناعة والاقتصاد الوطن والمستهلك، يقول أحد أصحاب المصانع نلجأ للمشير السيسى بعد أن أهملنا الوزراء المعنيون وسنطالبه بإيقاف الاستيراد نهائياً لمدة محددة على ألا تقل عن عامين لأن الدولة ومؤسساتها لن تتحمل أكثر من ذلك، فهناك تدفق كبير فى الواردات من السلع الاستفزازية، خاصة الغذائية، وحديد التسليح وكل ذلك يؤدى إلى ضياع العملة الأجنبية وعدم توفرها، الأمر الذى يصيب الصناعة والصناع بالانكسار، وفقدان القدرة على المنافسة وعدم تنمية استثماراتهم وتوفير فرص عمل أكثر للشباب. وشدد المصدر على أن يقتصر الاستيراد على التكنولوجيا المستخدمة فى تشغيل المصانع والمعدات والخامات الضرورية على أن يتزامن ذلك مع تدخل الحكومة بقوة وحسم لضبط منظومة تغيير أسعار الطاقة بما فيها الغاز والكهرباء بصورة عادلة وكشف المصدر عن اتجاه أصحاب مصانع الصلب فى مصر إلى مخاطبة «السيسى» لحل مشاكلهم على أن يتبنى مشروعاً قومياً لحماية الصناعة المصرية باعتبارها طوق النجاة لسفينة الوطن.