أثار قرار رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب بعودة إدارة أصول السينما الي وزارة الثقافة جدلا واسعا بين السينمائيين، الذين أعربوا عن فرحتهم بذلك القرار واستعدادهم للمشاركة في تنفيذه ولكن بشرط وجود جدية في تنفيذ ذلك القرار من جهة الدولة، ومن جانب آخر أحدث القرار أزمة عند بعض الشركات المستفادة من إدارة تلك الأصول، ومنها شركة الصوت والضوء التي أعلن اتحاد عامليها رفضه ذلك القرار في بيان رسمي أعلنوا عن ذلك. عن ذلك القرار ومد صحته وكيفية الاستفادة منه تحدثنا مع بعض المسئولين بوزارة الثقافة عن ذلك الملف وكانت آراءهم: المخرج محمد كامل القليوبي قال: عودة أصول السينما الي وزارة الثقافة أمر طبيعي فهي كانت مغتصبة من قبل شركات وزارة الاستثمار، وهذا مطلب قديم منذ أن كنت في المركز القومي بالسينما وعرضت ذلك علي فاروق حسني وزير الثقافة في ذلك الوقت لدعم الوزارة والنهوض بها. وعن تأخر صدور القرار قال: هناك مثل روسي يقول: «ما يأتي متأخرا خيرا من ألا يأتي أبدا»، فيجب الوقوف بجانب الدولة لتنفيذ القرار، وعودة الأصول الي وزارة الثقافة مرة أخري. أما الناقد طارق الشناوي أحد أعضاء لجنة السينما قال: استرداد أصول السينما هدف عظيم ولكن إذا لم نستخدمها استخداما صحيا ستتحول الي كارثة فالأمر يشبه ببساطة كأرض فضاء يمكن تحولها الي حدائق أو لمقلب للقمامة، خاصة أن وزير الثقافة لم يكن متحمسا من البداية لهذه الفكرة بسبب ضخامة المسئولية التي ستقع علي عاتقه، ولذلك عندما اقترحنا عودة أصول السينما مرة أخري جاء القرار من رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب لأنه يعرف حجم الدخل الذي يمكن أن يدخل الي اقتصاد البلد من هذه الأصول التي تتمثل في دور عرض وأراض ومعامل وستديوهات. وأضاف: لكن أمامنا الكثير من العقبات والإجراءات القانونية التي تحتاج الي قرارات سيادية نتيجة هذا القرار، ومنها موقف الموظفين الذين يعلمون بهذه الأماكن التي تتبع وزارة أخري والنظر لعقود المستأجرين لبعض هذه الأماكن، وغيرها من المشكلات التي تحتاج الي دراسة قانونية وقرارات من مسئولين يستطيعون تنفيذ هذه القرارات بالتوازي مع عمل دراسة لكيفية الاستفادة من ذلك المشروع وتطويره، خاصة أن وزارة الثقافة أثبتت أنها منتج فاشل للسينما، وأكبر دليل علي ذلك فيلم «المسافر» الذي كلف الدولة 22 مليون جنيه ولم تتم مساءلة المسئول عن تلك الكارثة وربما تستطيع لجنة السينما إيجاد حل لعملية الإنتاج. وعن احتواء الأصول علي أفلام عربية تم بيعها الي الخليج قال: السينما المصرية أنتجت ما يقرب من 4 آلاف فيلم ما بين إنتاج حكومي وخاص لأن الدولة أنتجت سينما لمدة 10 أعوام فقط، وهذه الأعمال موجودة في الأرشيف بالمركز القومي للسينما، أما الأعمال التي أنتجها القطاع الخاص تم بيعها للقنوات الخليجية وسبق أن قمنا بطرح تلك المشكلة في بداية التسعينيات عن بيع تاريخنا السينمائي ولكن دون فائدة، فيوجد منها ما فقد أو موجود في باريس مثل فيلم «ياقوت» لنجيب الريحاني أو «الأستاذ برسوم» وغيرها من الأعمال التي لجأنا الي فرنسا للحصول علي نسخة منها في مصر. الدكتور كمال عبدالعزيز مدير المركز القومي للسينما قال: أنا أحد المتحمسين لعودة الأصول الي الدولة مرة أخري، ولكن مع مواجهة المشاكل والعقبات التي ستقابلنا بكل حسم لأن هذه المنشآت أصبحت أماكن خربة ولابد للدولة من محاسبة المتسبب في هذه الأضرار قبل رجوعها خاصة أن هذه الإيجارات تندرج تحت نوع الإيجار التمويلي، أي يجب علي المستأجر تطوير تلك الأماكن والمحافظة عليها، لكننا إذا نظرنا الي الواقع سنجد دار سينما مثل «أوبرا» هي عبارة عن قطعة أرض فقط لأن المقاعد بها مهشمة والشاشة ممزقة والأجهزة التي توجد بها بالية وقديمة لا يمكن استخدامها. وواصل حديثه قائلا: لابد من محاسبة المتسبب في تلك الأمور لأن الدولة عندما قامت بتأجير تلك المنشآت كان لتطويرها وليس استغلالها مثلما يحدث الآن بجانب أن المستأجرين لا يدفعون للدولة الإيجارات المخصصة، لذلك فإنه لا يمكن تحديد موعد محدد للانتهاء من ذلك المشروع لما يتطلبه من إجراءات كثيرة، وأشخاص واعية ومخلصة ودؤوبة لبلدها وعملها. وعنالأفلام المصرية التي ستعود للدولة قال: السينما المصرية أنتجت 4500 فيلم لم يبق منها إلا 159 فيلما في الأرشيف والباقي تم بيعه للمحطات الخليجية، فتم بيع تاريخنا السينمائي الذي يوثق لتاريخنا أمام العالم، فنحن بدأنا إنتاج أول عمل سينمائي بعد السينما العالمية بعام، وكان فيلما بعنوان «زينب» بطولة عزيزة أمير وإخراج محمد كريم فكانت بداية السينما المصرية بطولة سيدة وهذا العمل الذي يحدد نقطة انطلاق السينما المصرية اختفي لا نعرف عنه شيئا. بينما قال الدكتور خالد عبدالجليل مستشار وزير الثقافة: عودة أصول السينما الي وزارة الثقافة هو أحد المطالب التي ناديت بها منذ أيام فاروق حسني، وكان أول من أطلق تلك المبادرة الدكتور محمد كامل القليوبي والباحث الدكتور مجدي عبدالرحمن فتلك الأصول مازالت ملكا لوزارة الثقافة، لكنها تخضع لإدارة وزارة الاستثمار وذلك لأنها تتكون من عدة شركات. وأضاف: حاول الدكتور محمد صابر عرب منذ عدة شهور عودة هذه الأصول بأفضل السبل لإدارتها والاستفادة من استثماراتها فطالب بعمل دراسة جدوي وتقديم المقترحات لعودتها حتي قام المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء بحسم الأمر، وأصدر قراره بتشكيل لجنة مكونة من 3 وزارات هي: الثقافة والتخطيط والاستثمار بجانب شركة الصوت والضوء لبحث إمكانية عودة هذه الأصول لإدارة وزارة الثقافة مرة أخري. وواصل حديثه قائلا: ستناقش اللجنة العقبات التي ستواجهنا لتحقيق ذلك، وتعمل علي إيجاد حلول لها بجانب أنه لدي عدة مقترحات لاستثمار تلك الأصول التي تم جمعها من قصر ثقافة السينما والمركز القومي للسينما ونقابة السينمائيين للوصول لأفضل المقترحات. لأن المكان الصحيح لهذه الأصول هو وزارة الثقافة وليست الاستثمار، فيوجد استثمار ثقافي لابد النظر اليه، فعندما يريد المركز القومي للسينما تصوير مشهد في الحديقة الموجودة أمام المركز الذي تتبعه تطالبه شركة الصوت والضوء بترخيص وإيجار. وعن إدارة هذه الشركات عندما تعود للوزارة قال: سوف يتم تشكيل مجلس للإدارة من السينمائيين، وسيتم التعامل مع الصناعة بمبدأ إدارة الشركات لتجني أرباحا مادية وثقافية، ففي النهاية كل المعوقات نستطيع حلها مادام جميع السينمائيين علي قلب رجل واحد. وأشار الي أن الأصول عبارة عن 4 مجاميع ستديوهات و32 دار عرض سينمائي و159 أصولا فيلمية ملك للدولة ومجموعة من الأراضي والمباني جاري حصرها.