«الغالي ثمنه فيه».. مؤتمر لابناء المرحلة الإعدادية بإيبارشية طيبة (صور)    «القومي لحقوق الإنسان»: حادث المنوفية يسلط الضوء على ضرورة توفير بيئة عمل آمنة ولائقة للفتيات    سعر الذهب في السعودية اليوم الأحد 29 يونيو 2025    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 29 يونيو 2025 (آخر تحديث)    حادث الطريق الإقليمي والاستراتيجية "صفر"؟!    على باب الوزير    حادث المنوفية.. وزير العمل عن تشغيل فتاتين دون ال15 عاما: سيتم اتخاذ إجراءات ضد صاحب العمل    شهيدان جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي دراجة نارية جنوب لبنان    الحكومة الإيرانية: مقتل 72 امرأة وطفل إثر العدوان الإسرائيلي على البلاد    بنفيكا ضد تشيلسي.. جيمس يفتتح أهداف البلوز فى الدقيقة 64 "فيديو"    إنتر ميلان يحسم صفقة يوان بوني مقابل 26 مليون يورو    وفد من الأزهر والأوقاف لتعزية أهالى فتيات كفر السنابسة بالمنوفية.. صور    الصين تواصل جهود الإغاثة في محافظة رونججيانج المتضررة من الفيضانات    صحة غزة: المنظومة الصحية بالقطاع تنهار.. والجرحى يُعالجون على الأرض    مصر والنمسا تتفقان على مقاربة شاملة للهجرة وتعميق التعاون الثنائي    القيعى: 4 ركلات ترجيح غيرت مصير الأهلى فى الموسم الماضى.. وما تم غباء اصطناعى    كريم رمزي يفجّرها: الأهلي سيتعاقد مع كيليان مبابي في 2029    طنطا يتعاقد مع أحمد الكوهي في صفقه انتقال حر    رونالدو: الدوري السعودي ضمن أفضل 5 دوريات بالعالم    الزمالك يكشف موعد الفصل في قرار اعتزال شيكابالا    تشيلسي يخطف صفقة قوية من بايرن ميونخ    الهلال وذاكرة المواجهات الأوروبية.. محطات لا تُنسى قبل موقعة مانشستر سيتي في مونديال الأندية (أرقام)    «وقعوا في الترعة».. إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بالقليوبية    موعد اعتماد نتيجة الشهادة الإعدادية بمحافظة قنا    امتحن وأنت مطمن.. أقوى مراجعات ليلة الامتحان في الإنجليزي للثانوية العامة    غرف عمليات محافظة كفر الشيخ تتابع حركة الملاحة البحرية والطقس    القبض على 3متهمين بغسل الأموال    سيدة في دعوى خلع: «بخيل ويماطل في الإنفاق على طفلتينا»    تعامل بعنف مع الانفصال.. طارق الشناوي يعلق على اتهام أحمد السقا بضرب طليقته مها الصغير    القبض على عامل يقوم بالحفر والتنقيب عن الآثار داخل منزله بسوهاج    تشويش ذهني ومعلومات جديدة.. برج العقرب اليوم 29 يونيو    المهندس يوسف عمر جودة يحتفل بزفافه على الآنسة بسملة    شارك صحافة من وإلى المواطن    أصوات خارج نطاق الخدمة!!    نشأت الديهي يوجه عتابا لرئيس الوزراء بعد حادث المنوفية: كان عليه تقديم واجب العزاء    أخبار× 24 ساعة.. إعفاء أبناء الشهداء والمصابين بعجز كلى من مصروفات الجامعات    فحص 1250 مواطنا بالمجان ضمن قوافل "حياة كريمة" الطبية بدمياط    كيف تساهم منصة اليخوت في تعزيز السياحة البحرية؟    هيئة الدواء تشارك في مؤتمر الاستثمار الأول في الرعاية الصحية بإفريقيا    إليوت يقود تشكيل منتخب إنجلترا ضد ألمانيا في نهائي كأس أمم أوروبا تحت 21 عامًا    تداول 13 ألف طن و927 شاحنة بضائع متنوعة بموانئ البحر الأحمر    ذكرى 30 يونيو| الشعب الجمهوري بالقليوبية يُكرم أسر الشهداء    محلل سياسي: المصريون انتفضوا فى ثورة 30 يونيو ضد جرائم الإخوان    وزير الخارجية والهجرة يلتقي بالسفراء المنقولين للعمل بالبعثات المصرية في الخارج    بث مباشر.. حفل شيرين عبد الوهاب في ختام «مهرجان موازين»    هل سيدنا الخضر نبي أم ولي؟.. الدكتور عالم أزهري يفجر مفاجأة    «المركزية للانتخابات» بحزب المؤتمر تعقد اجتماعات مع أمانات المحافظات    بحضور محافظي القاهرة والقليوبية.. «الشعب الجمهوري» يُكرم أسر الشهداء في ذكرى 30 يونيو    الموسيقى قبل النوم: قد تخلصك من الأرق    محافظ القليوبية يتفقد مركز الدم المتنقل بشبرا الخيمة - صور    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع مستحضرات التجميل (المكياج)؟    وزير الثقافة: نؤسس لمرحلة جديدة من التطوير المستدام للفرق القومية بمشروع توثيق تراث فرقة رضا    أسفار الحج (6)..الصفا والمروة وزهرة اللوتس    عيبك أولى بالإصلاح من عيوب الآخرين    خبير: ترامب سبب فشل تحجيم إيران نوويًا والوكالة الذرية أداة فى يد واشنطن    وزير التعليم العالي ومحافظ دمياط ورئيس جامعة دمياط يفتتحون ويتفقدون عددًا من المشروعات التعليمية والصحية بجامعة دمياط    قصة كفاح مهندسي مصر من أجل تحقيق حلم.. 8 سنوات تلخص رحلة إنشاء مصيف مطروح.. 25 مليون جنيه تكلفة المشروع    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيد يسين يكتب : الخلافة تتحدى الإمبراطورية!
نشر في الوفد يوم 27 - 04 - 2014


السيد يسين
ليس هناك خلاف بين الباحثين في العلاقات الدولية على أن الولايات المتحدة الأميركية –وعلى وجه الخصوص بعد انهيار الاتحاد السوفياتي– ظهرت على المسرح العالمي باعتبارها الإمبراطورية العالمية التي تتحكم في شؤون العالم، وتنفرد بإصدار القرارات الدولية في مجال الحرب والسلام على السواء، غير مكترثة في ذلك بالأمم المتحدة عموماً وبمجلس الأمن خصوصاً. حدث ذلك بحكم تحول النظام الدولي الثنائي القطبية، وقوامه أثناء الحرب الباردة الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية، إلى نظام أحادي القطبية تنفرد فيه الولايات المتحدة باتخاذ القرار.
وبغض النظر عن التراث النظري الزاخر الذي يحاول التكهّن باضمحلال القوة الأميركية، بالإضافة إلى صعود أقطاب عالمية جديدة مثل الصين وبداية التحول البطيء نحو نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، يمكن القول إن الرمز البارز لعملية اضمحلال القوة الأميركية كان ولا شك الهجوم الإرهابي الذي شنته جماعة من الإرهابيين الذين ينتمون إلى تنظيم القاعدة ضد مراكز القوة الاقتصادية والعسكرية الأميركية في 11 أيلول (سبتمبر) 2001.
وتنظيم القاعدة الإرهابي كما نعرف تقوده جماعة «جهادية» إسلامية تهدف في الواقع إلى تغيير النظام العالمي، وذلك من خلال هزيمة الإمبراطورية الأميركية وإحياء نظام الخلافة الإسلامية، بحيث يتم اختيار خليفة واحد يحكم الكون كله، ويُخضع الأمم والشعوب لحكم الإسلام من خلال تطبيق الشريعة الإسلامية.
ولو طبقنا المنهج التاريخي لعرفنا أن جذر الحلم الوهمي باستعادة الخلافة الإسلامية بدأ بعد سنوات من إلغائها العام 1924، حينما أنشأ حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين، وجعل استعادة الخلافة الإسلامية بل وتوسيعها لتشمل العالم كله هو الهدف الاستراتيجي للجماعة، فقد قرر ذات مرة «إن طبيعة الإسلام أن يقود ولا يقاد وذلك لكي يفرض قوانينه على كل الأمم ويبسط قوته لتشمل العالم كله. ووضع حسن البنا مجموعة من التنظيمات المحكمة لتحقيق هذا الحلم الكبير من خلال تنظيم جماعة الإخوان المسلمين وتربية أعضائها دينياً وعسكرياً تمهيداً ليوم الجهاد العظيم. وهو في سبيل «تقريب» موعد النصر النهائي شكل جهازاً سرياً مهمته اغتيال الخصوم السياسيين من العلمانيين أساساً، باعتبار أن العلمانية، وتعني الفصل بين الدين والدولة، هي الخصم الرئيسي للإسلام.
وقام هذا الجهاز السري بالفعل بمجموعة من الاغتيالات الخطيرة، أبرزها على الإطلاق اغتيال محمود فهمي النقراشى باشا رئيس وزراء مصر في الأربعينيات، وكذلك المستشار «الخازندار» وهو قاضي سبق له الحكم على عدد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين.
وقد ثبت للحكومة المصرية التي كانت تحكم البلاد في هذا الوقت أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية خطرة، فقامت بحلها واعتقلت المئات من أعضائها وتم اغتيال حسن البنا نفسه في ظروف غامضة.
كان هذا الصدام الدامي هو أول هزيمة لجماعة الإخوان المسلمين وهي تسعى للسيطرة على مجمل الفضاء السياسي المصري عن طريق الإرهاب، تمهيداً للنفاذ إلى مختلف بلاد العالم العربي وذلك لغزو العالم وإعلان إحياء الخلافة الإسلامية واختيار خليفة مسلم واحد يحكم العالم.
قد يبدو هذا الحلم الوهمي خيالاً ولكنه يعيش كهدف استراتيجي لدى قادة الإخوان المسلمين. والدليل على ذلك أن مرشد الإخوان المسلمين الحالي الدكتور محمد بديع والذي يحاكم الآن في مصر جنائياً صرح عقب فوز حزب «الحرية والعدالة» التابع للجماعة بالأكثرية في مجلسي الشعب والشورى في مصر، «أنه يبدو أن حلم حسن البنا في استعادة الخلافة الإسلامية بدأ التحقق»، وأضاف: «هذه مجرد خطوة في الطريق حتى نصبح أساتذة العالم!».
وأعترف بأن هذا التصريح الجهول استفزني بشدة فكتبت مقالاً علقت فيه على هذا الكلام المرسل وقلت له «أساتذة العالم نعم ولكن في الجهل!»، وكنت أقصد بذلك أساساً أن هذا الحلم الوهمي باستعادة الخلافة الإسلامية لا يستند إلى أي فهم موضوعي لحقائق العالم المعاصر. فالنظام الدولي الراهن يتكون من دول قومية متعددة لها أنظمتها السياسية الخاصة والتي هي النتاج الطبيعي للتاريخ الاجتماعي الفريد لكل بلد. وهذه الدول تعيش فيها شعوب شتى وأقوام متعددة، وتسودها أديان سماوية أو عقائد دينية مختلفة، كالبوذية وغيرها، فكيف يمكن أن يهبط على الكون خليفة إسلامي واحد لكي يحكم العالم كله، ويفرض على الناس أحكام الشريعة الإسلامية؟
ومن العجيب أن حلم حسن البنا، والذي كان زعيماً سياسياً أساساً ولم يكن فقيهاً دينياً، شاركه فيه من بعد بعض الفقهاء المرموقين، ومن أبرزهم الشيخ يوسف القرضاوي، وهو عضو بارز في جماعة الإخوان المسلمين، والدليل على ذلك أنه نشر مقالاً في التسعينات في تقرير إسلامي عنوانه «الأمة في عام» يدعو فيه إلى إحياء نظام الخلافة.
وقد علقت على أوهامه في مقال لي نشر في جريدة «الأهرام» بتاريخ 1/8/1994 بعنوان «الحركة الإسلامية بين حلم الفقيه وتحليل المؤرخ»، وكنت أقصد بالمؤرخ الأستاذ طارق البشري، ونقدت فيه آراءه نقداً عنيفاً بحكم تجاهلها للواقع العالمي والقطري والمحلي، والجري وراء سراب من التهويمات لا تليق بفقيه محترم ينبغي أن يقرأ الواقع قبل أن يتوه في عالم الأحلام الوهمية!
وقد رد عليّ الشيخ القرضاوي بمقالة نشرها في «الأهرام» بتاريخ 7/8/1994، ودارت بيننا لأسابيع مناظرة نقدية عنيفة، طرحت فيها عليه عدة أسئلة حاسمة فشل فشلاً ذريعاً في الإجابة عنها. وهذه الأسئلة كما سجلتها في مقال لي بالأهرام نشر في 15/8/1994 هي:
- هل سيتولى الخليفة منصبه بالتعيين أم بالانتخاب؟
ولو كان بالتعيين من الذي سيعينه؟ هل هو مجلس المجتهدين الذي اقترح تكوينه الشيخ القرضاوي؟
- ومن له حق الترشح للخلافة؟ وهل لا بد أن يكون من رجال الدين -مع أنه لا كهانة في الإسلام ولا احتكار في معرفة الشريعة- أم أن أي مواطن عادي يمكنه الترشح؟
- وهل سيتم تداول السلطة؟ بمعنى هل سيتغير الخليفة كل فترة زمنية، أم أنه ما دام قد جلس على كرسي الخلافة فلن ينزل منه أبداً؟
ورد علي الشيخ القرضاوي في مقالة أخيرة نشرها في «الأهرام» بتاريخ «2/8/1994» برر فيها عجزه عن الإجابة على أسئلتي المشروعة بقوله إنه لم يكتب بحثاً عن نظام الخلافة أو النظام الإسلامي في الإسلام، وأضاف أنه ليس من حقه أن يحتكر تفاصيل قواعد اختيار الخليفة لنفسه لأنه حق الأمة ممثلة في أهل الحل والعقد!
هروب متعمد من الإجابة، لأن أصحاب الحلم منذ حسن البنا حتى محمد بديع مرشد الإخوان المسلمين الحالي لم يفكروا بعقولهم وإنما ساقتهم أهواءهم والغرور القاتل بأنهم أسمى من غيرهم من بني البشر، ومن حقهم أن يحكموا العالم ولو باستخدام القوة والإرهاب!
لقد ضاعت جماعة الإخوان المسلمين –بعد أن أعلنت عديد من البلاد العربية أنها جماعة إرهابية- في غمار حلمها المستحيل باسترداد الفردوس المفقود والذي يتمثل في عقولهم المشوشة في الخلافة الإسلامية العابرة للقارات وللأمم وللشعوب والثقافات جميعاً!
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.