بانتخابات رئاسة حزب الوفد، واصل حزب الوفد تأكيده على مبادئه وثوابته التاريخية، فأعلى من شأن ما ينادى به من قيم ديمقراطية حقيقية، شكلت مرتكزات وطنية راسخة، لا ينبغى أن تغيب عن كافة الجهود الرامية إلى بناء دولة ديمقراطية حديثة، تتبنى طموحات الثورة المصرية. والواقع أن جموع أبناء الوفد لم يكن أمامهم خيار آخر أمام ضرورة التعبير عن الموروث الوفدى العريق، عبر تاريخه الطويل، الذى استحق به كونه ضمير الأمة المصرية، حاكمًا كان أو معارضًا. وإذا كان البعض قد حاول تأجيج أدبيات العملية الانتخابية، بما يتخطى الإطار المسموح به وفقًا لتقاليد الوفد وأبنائه، فإن الحرص على عدم انفلات الأمر كان غالبًا، حيث شهدت أحداث وفعاليات الانتخابات كيف اعتلى الوفد صدارة المشهد، وتأخر «الأشخاص» فى مواجهته. وبنجاح تيار وفدى بعينه، لا يمكن الزعم باختفاء كافة التيارات الأخرى؛ فليس الوفد إلا هؤلاء جميعًا، وليس رئيسه إلا رئيسًا للكافة، وحرصه على حمل الأمانة لا يتيح له إلا حشد كافة الجهود الوفدية، دفعًا بالحزب إلى تحقيق آمال أبنائه فى استعادة الحكم الذى ظل لعقود طويلة، لا يغادر الوفد إلا ويعود إليه على أعناق أبناء الوطن، بحثًا عن حياة أفضل. ولقد كان الهم الوطني، هو ما دفع بالوفد نحو التبكير بانتخاباته الرئاسية، حتى يتفرغ الحزب، بكافة قواه ومكوناته، للمشاركة فى حمل المسئولية الوطنية، خاصة ونحن على أعتاب استحقاقات على صلة وثيقة بمستقبل الأجيال القادمة، وقدرة الثورة المصرية على بناء نظام سياسى جديد، ينتمى إلى مبادئها وأهدافها. من هنا، يدرك الوفد أن لا وقت يملكه يمكن إهداره فيما لا يهيئ للحزب موقعه المستحق فى المشهد الوطني؛ وقد باتت المسئولية الوفدية فرض عين على كل وفدي؛ فإذا كانت الإرادة الوفدية الحرة قد حددت مسئولية القيادة، فإن مبادئ وثوابت الوفد لا تُفرق بين مسئولية كافة أبناء الوفد عن حماية وحدة الصف الوفدي. ولعل فى تجربة الوفد الأخيرة، ما يدفع به الوفد عن الأحزاب السياسية، بوصفه كبيرها، فيزيل عنها الكثير من الشوائب التى علقت بها، عمدًا أو عن غير عمد، زاعمة أنها لا تصب فى صالح العملية السياسية الديمقراطية، ولا تنتمى إلى الشارع المصرى بالقدر الكافي، وهى محاولات تهدف إلى تهميش الأحزاب السياسية، والنيل من فعاليتها فى المشهد السياسي، وصولًا إلى تمرير الانتخابات البرلمانية المقبلة بالنظام الفردي، المملوكة أدواته لرموز أنظمة سابقة أسقطتها الإرادة الشعبية الحرة فى الخامس والعشرين من يناير، وفى الثلاثين من يونيو. فليس من شك أن الممارسة الديمقراطية المميزة التى شهدتها تجربة الوفد الأخيرة، تكفى لتتعلق بها الآمال، متطلعة إلى ما يهيئ لنا من أمرنا سبيلًا نحو تجسيد القيم النبيلة التى نادت بها الثورة المصرية، فتشهد الانتخابات الرئاسية المقبلة تنافسًا شريفًا، تعلو فيه المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، دونما تجاوزات تُذكر؛ ما يدفع بنا إلى انتخابات برلمانية تنجح بالفعل فى إجراء عملية فرز وطنى حقيقي، بموجبه يتأكد صدق الرهان على نجاح عملية التحول الديمقراطى الذى تخوضه البلاد. من جانب آخر، كان المناخ الحضارى الذى عم أرجاء بيت الأمة أثناء تجربته الديمقراطية الأخيرة، رسالة وفدية بالغة الدلالة، ما كان جائزًا التشكيك فيها، والخوض فى أغوارها خصمًا من موضوعية ومصداقية الخطاب السياسى اللازم فى المرحلة الراهنة؛ فليس الفائز إلا «الوفد». «الوفد»