أكدت مجلة (فورين بوليسى) الأمريكية أن التأثير الأكبر لربيع العربي على القضية الفلسطينية ينبع من تغير الدور المصري فيها من داعم ومساند للمصالح الأمريكية والإسرائيلية إلى مناصر للفلسطينيين، باعتبار ذلك أحد أهم مقتضيات الكرامة المصرية. واضافت المجلة أن لهذا السبب، لن يظهر هذا التأثير بشكل واضح إلا بعد استقرار الأوضاع السياسية في مصر، لكي يصير دعمها للجانب الفلسطيني دعما ً حقيقياً وملموساً. وأوضحت المجلة أنه منذ لحظة تنحى مبارك عن الرئاسة، كان واضحاً أن هناك الكثير من التغييرات ستحدث في سياسة الشرق الأوسط- بما في ذلك بالنسبة للفلسطينيين؛ مشيرة إلى أن مصر بموقعها المركزى، لعبت دوراً كبيراً فى القضية الفلسطينية. ولكن هذا الدور تضاءل بعد الانشقاق الذى حدث بين الرئيس أنور السادات وقادة منظمة التحرير الفلسطينية، عقب اتفاقات كامب ديفيد عام 1978. ولكن في السنوات الأخيرة أصبح مبارك عنصراً أساسياً بالنسبة للجهود الأمريكية والإسرائيلية لتوجيه السياسة الفلسطينية كما يريدون. وأشارت المجلة إلى تغير الأوضاع داخل مصر وأن إسرائيل والولاياتالمتحدة لن يمكنهما الحصول على مساندة القاهرة، كما كان يحدث فى عهد مبارك خاصة إذا حدثت أية أزمة فلسطينية كبرى مثل عملية الرصاص المصبوب على غزة في أواخر عام 2008، التي شنتها إسرائيل على غزة. ولفتت المجلة إلى أن التحدى الأكبر الذى يواجهه المصريون خلال السنوات القليلة المقبلة هو إعادة تعريف الدور الذي ستلعبه القوات المسلحة فى بلادهم. وهناك اعتقاد بأن ميل قادة الجيش لإسرائيل أقل بكثير من ميل مبارك لها، ولكنهم فى الوقت نفسه لديهم أيضاً مصالح مع واشنطن في المجال المدني. وفي المقابل، فإن جميع القوى الرئيسية التي نزلت إلى ميدان التحرير، من اليساريين إلى جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم يأكدون أن دعم القضية الفلسطينية هو أمر مرتبط بالكرامة المصرية. وأوضحت المجلة أن مبارك، ورئيس مخابراته، عمر سليمان، كانت لهما طريقتان رئيسيتان للتأثير المباشر على السياسة الفلسطينية. أولاهما امتلاك مصر نقطة العبور الوحيدة على حدود غزة، والتى أصبحت منذ سنوات الطريق الوحيد الذى يمكن للفلسطينيين من خلاله الخروج إلى العالم الخارجي. وأكدت (فورين بوليسى) أن تحكم القاهرة فى معبر رفح أعطاها قدرة ضخمة على ممارسة الضغط على 1.6 مليون شخص في غزة وكذلك على حماس التي تدير القطاع. بالإضافة إلى ذلك، حصلت مصر فى السنوات الأخيرة على الدعم الكامل من الولاياتالمتحدة وإسرائيل للعب الدور الأساسي في جميع الجهود المبذولة لرأب الصدع بين حماس وفتح. ولكن، كما تقول المجلة، إن مبارك وسليمان تحيزا منذ فترة طويلة لجانب عباس، لذا كان من الطبيعى أن جهود المصالحة التي قام بها سليمان لم تأت بشيء، وظلت الانقسامات بين حركتي فتح وحماس بشكل عميق. لذلك كان لرحيل مبارك وسليمان من السلطة تأثير كبير على الفلسطينيين وبخاصة المحاصرين منذ سنوات داخل قطاع غزة، الذي وصفه الكثيرون بأنه "سجن في الهواء الطلق". وأشارت المجلة إلى تعهد الدبلوماسي المخضرم نبيل العربى، أول وزير خارجية لمصر بعد مبارك، بتغيير الدبلوماسية المصرية، وخاصة فيما يتعلق بقضية فلسطين، وهو ما ظهرت بواكيره بإعلان العربى فى 3 مايو الماضى توقيع اتفاق المصالحة بين فتح وحماس، وكذلك إعلانه عن فتح معبر رفح، وعن عزمه إعادة العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وطهران، وهو ما أثار ضيق أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وكانت النتيجة هى إزاحة العربى وإبعاده بناءً على طلب من المشير محمد حسين طنطاوي، قائد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ليصبح العربى الأمين العام الجديد لجامعة الدول العربية. ويتولى منصب وزير الخارجية محمد العرابي، الذي وصفه بعض المراقبين بأنه أكثر تساهلاً وأقل رغبة فى المواجهة من العربى. وظهر بعد ذلك أن معظم ما تم الإعلان عنه فى شرم الشيخ بشأن معبر رفح لم يحدث. وأكدت المجلة أن هناك العديد من العقبات لا تزال تواجه الدور المصرى فى رفح، وأن هناك العديد من المشاكل الداخلية التى تواجه السلطات المصرية، وتحتاج إلى معالجة مثل الحكم المحلي، والوضع الاقتصادي، والسياسة الخارجية، قبل أن يتمكن المصريون من تحويل انتباههم بسهولة إلى فلسطين على حد قول المجلة.