جرح نازف ورمزًا لجرائم الصهيونية التى ما زالت تحرم الناجين منها ولاجئيها فى الضفة الغربية من زيارتها، رغم مرور 66 عاما على مذبحة"دير ياسين"، لكنها لاتزال راسخة فى ذاكرة الفلسطنيين ليست كموقع جغرافى فقط ولكن مجزرة لن تنسها أرض الميعاد . فعجز العرب والتزامهم الصمت، وضعف إمكانيات مجاهدى فلسطين، وتواطؤ العالم لتقديم فلسطين غنيمة على طاولة الكيان الصهيونى، كلها أسباب لن يغفلها التاريخ العربى فى حق الشعب الفلسطينى والتى أدت الى مذبحة "دير ياسين"، بالإضافة إلى سياسة المذابح المروعة التى كانت تتبعها العصابات الصهيونية بحق السكان العزل، والتى أجبرت الكثير من أبناء فلسطين على مغادرة أراضيهم كرها لا كما يروِج المبطلون الصهيانة بأن الفلسطينيين هم من باعوا أراضيهم وقبضوا الثمن طوعًا. فكان قرار بريطانيا بسحب قواتها من فلسطين الفتيل الذى أشعل الاحتقان بين الطرفين، حيث أسفرعن حالة من عدم الاستقرار واشتعال للصراعات المسلحة بين العرب واليهود؛ حيث شن متطوعين فلسطينيين وعرب تحت لواء جيش التحرير العربى هجمات على الطرق المؤدية للمستوطنات اليهودية فى حرب شوارع تقدم خلالها العرب ونجحوا فى قطع الطرق الرئيسية بالقدس. ودفعت حالة الحصار التى شهدتها المستوطنات لتشكيل هجوم مضاد باستخدام العصابات منها “شتيرن والأرجون” والتى شنتا الهجوم على دير ياسين، اعتبار أن القرية صغيرة ومن الممكن السيطرة عليها؛ مما سيعمل على رفع الروح المعنوية اليهودية بعد خيبة أمل اليهود من التقدم العربى على الطرق الرئيسية اليهودية. و دخلت قوات الأرجون من شرق القرية وجنوبها فى فجر 9 إبريل عام 1948م ، ودخلت قوات شتيرن من الشمال ليحاصروا القرية من كل جانب ما عدا الطريق الغربي؛ حتى يفاجئوا السكان وهم نائمون. ولم يكن بالقرية سوى 85 مسلحًا، ولا يملكون إلا أسلحة قديمة يرجع تاريخها إلى الحرب العالمية الأولى.ولكن قوبل الهجوم بالمقاومة فى بادئ الأمر، وهو ما أدَّى إلى مصرع 4 وجرح 40 من المهاجمين الصهاينة. ولمواجهة صمود أهل القرية، استعان الصهيانة بدعم من قوات البالماخ فى أحد المعسكرات بالقرب من القدس، حيث قامت بقصف القرية بمدافع الهاون لتسهيل مهمة المهاجمين، وهكذا أصبحت القرية خالية تماما من أية مقاومة، فقررت قوات الأرجون وشتيرن استخدام أسلوب جديد لقصف القرية بالكامل وهو الديناميت، وهكذا قصفت القرية وتم الاستيلاء عليها عن طريق تفجيرها بيتا بيتا. ولم يكتفى الصهيانية بهذة الانتهاكات فقط ولكن بعد انتهاء المتفجرات لديهم ،قاموا "بتنظيف" المكان من آخر عناصر المقاومة عن طريق القنابل والمدافع الرشاشة، حيث كانوا يطلقون النيران على كل ما يتحرك داخل المنزل من رجال،ونساء، وأطفال، وشيوخ"!، دون مبالاة لحجم الجرائم التى يرتكتبونها فى حق هذا الشعب ، فأوقفوا العشرات من أهل القرية إلى الحوائط وأطلقوا النار عليهم،واستمرت أعمال القتل على مدى يومين. وقامت القوات الصهيونية بعمليات تشويه ، وأُلقى ب 53 من الأطفال الأحياء وراء سور المدينة القديمة، واقتيد 25 من الرجال الأحياء فى حافلات ليطوفوا بهم داخل القدس طواف النصر ، ثم تم إعدامهم رميًا بالرصاص! وألقيت الجثث فى بئر القرية، وأُغلق بابه بإحكام لإخفاء معالم الجريمة. ولم يكن هذا كافيا ليظهر مدى البشاعة والانتقام التى يكنها العدو لتمنع المنظمات العسكرية الصهيونية مبعوث الصليب الأحمر من دخول القرية لأكثر من يوم. حتى يتمكنوا من أخفاء ملامح هذه الجريمة البشعة فقام أفراد الهجانة الذين احتلوا القرية بجمع الجثث الأخرى وتفجيرها لتضليل مندوبى الهيئات الدولية، وللإيحاء بأن الضحايا لقوا حتفهم خلال صدامات مسلحة، وبلغ عدد الضحايا فى هذه المجزرة الصهيونية البشعة 250 إلى 300 شهيد بين رجل وامرأة وأطفال رضع. وتحولت "دير ياسين" إلى بركة دماء ظنت فيها قوات العدو أن العدد الكبير لقتلى المذبحة سيستطيع إخافة القرى العربية الأخرى، ويعمل على تهجيرها طوعًا بدون استنفاذ جهدٍ يهودى وهذا ما حدث بالفعل فتزايدت الحرب الإعلامية العربية اليهودية بعد مذبحة دير ياسين، وتزايدت الهجرة الفلسطينية إلى البلدان العربية المجاورة نتيجة الرعب الذى دبَّ فى نفوس الفلسطينيين من أحداث المذبحة. وأرسل وزير الدفاع الاسرائيلى أنذاك برقية تهنئة إلى قائد الأرجون المحلى بهذا الانتصار العظيم، معتبرًاذلك صناعة للتاريخ فى إسرائيل وكتب بيجين يقول: "إن مذبحة دير ياسين أسهمت مع غيرها من المجازر الأخرى فى تفريغ البلاد من 650 ألف عربي"، وأنه لولا دير ياسين لما قامت إسرائيل. وبعد مذبحة دير ياسين استوطن اليهود القرية، و عبرت الدولة الصهيونية عن فخرها بمذبحة دير ياسين بعد 32 عاما من وقوعها، ففى عام 1980م أعاد اليهود بناء القرية فوق أنقاض المبانى الأصلية، حيث قررت إطلاق أسماء المنظمات الصهيونية على شوارع المستوطنة التى أُقيمت على أطلال دير ياسين . ولاتزال الانتهاكات التى يرتكتبها قوات العدو فى حق الشعب الفلسطينى من أقتحامات ومجازر ، ولكن الى متى سيستمر نزيف الدم ؟ أم أن فلسطين دخلت فى طريق الدم دون رجعة!!!