أعرب نبيل فهمى وزير الخارجية عن أمل مصر فى أن يسعى السودان لمحاولة تنحية المصلحة الخاصة التى يتوقع أن تعود عليه من بناء سد النهضة، فى مقابل تسهيل التوصل إلى اتفاق يحقق مصلحة الدول الثلاث دون الإضرار بأى طرف. قال فهمى، خلال لقاء مع قناة الشروق السودانية: "إن مصر قدرت الجهود التى قامت بها الخرطوم خلال جولات التفاوض الفنية الثلاث لمحاولة التوصل إلى التفاهمات المنشودة". أضاف فهمى: "ما يُقلقنا ويزعجنا فى الوقت ذاته أن أثيوبيا غير راغبة فى تفهم الشواغل والاعتبارات المصرية المشروعة، بل وغير مستعدة للدخول فى أى حوار جاد يضمن تحقيق أهدافها التنموية مع عدم الإضرار بأمن مصر المائى. ولكنى أصدقك القول، فإن مصر لديها أفكار ومقترحات عدة من شأنها أن تسهم فى تقريب وجهات النظر من أجل التوصل إلى اتفاق يحقق مصلحة جميع الأطراف، إلا أن المشكلة تكمن فى أننا لا نجد أمامنا شريكاً جاداً لديه الرغبة والإرادة السياسية للتوصل إلى تلك التفاهمات، ويصر على استكمال البناء دون الالتفات إلى أى اعتبارات، وهو إجراء لا يمكن القبول به أو السكوت عليه". بالنسبة لدور السودان فى اجتماعات الدول الثلاث فى الخرطوم، قال: "مصر تدرك من البداية أن كل دولة من الدول الثلاث (إثيوبيا والسودان ومصر) لها رؤيتها وتقييمها الخاص لهذا المشروع، الذى لا نتوقع أن يكون متطابقاً لأن تلك هى طبيعة الأمور، ولكن هذا لا يعنى أنه لا توجد مسئولية على الدول الثلاث للجلوس سوياً من أجل التوصل إلى تفاهمات مشتركة تحقق المنافع للجميع، وتحول دون وقوع أضرار على أى طرف، وفى الواقع، فإن أياً من الدول الثلاث لا تملك رفاهة التصرف على غير هذا النحو لأسباب فنية واقتصادية وقانونية وسياسية، فدول حوض النيل الشرقى تشترك فى نهر دولى واحد، ولها حقوق وواجبات تجاه التعامل مع هذا النهر، كما أن لها مصالح مشتركة يجب أن تعمل على الحفاظ عليها، وعلاقات تاريخية لا يمكنها التضحية بها". ورداً على سؤال حول تقييم الوزير للعلاقات السودانية المصرية فى أعقاب ثورة 30 يونيو، أشار فهمى إلى أن العلاقات المصرية السودانية لها سمات خاصة وفريدة، لا يجب أن يتم تقييمها وفقاً لمعايير عادية أو نمطية. فهى علاقة جوار جغرافى، وميراث تاريخى، والتحام عضوى بين شعبى وادى النيل، فضلاً عن مصالح مشتركة لا تتأثر بتغير النظم الحاكمة أو الظروف المحيطة. أشار إلى أن الخرطوم كانت المحطة الأولى فى جولاته الخارجية، للتأكيد على خصوصية العلاقة بين البلدين. وأعرب عن اعتقاده أن الزيارة التى قام بها وزير خارجية السودان إلى القاهرة أخيراً، واللقاءات الثلاثة التى جمعت بينهما على مدار الأيام الماضية فى مناسبات مختلفة، تؤكد جميعها أن هناك رغبة مشتركة لدى الطرفين للنهوض بالعلاقات الثنائية إلى مستواها الطبيعى تحقيقاً لتطلعات الشعبين المصرى والسودانى. ورداً على استفسار حول تقييم الوزير لاتفاقيات التعاون الثنائى بين البلدين، وبالتحديد اتفاقيات الحريات الأربع، أوضح أن هناك مصلحة مشتركة للبلدين فى تنفيذ اتفاقيات الحريات الأربع، وإلا لم يكن هناك داعٍ للتوقيع عليها من البداية، وهناك لجان مشتركة قائمة بالفعل تبحث كيفية تنفيذ كل تلك الاتفاقيات، وإزالة المعوقات التى تطرأ على بعضها بين الحين والآخر. وتابع: "من المهم ألا نتعامل مع هذا الموضوع بقدر مبالغ فيه من الحساسية، فلكل دولة شواغلها واعتباراتها الداخلية التى تتغير مع تغير الظروف، ومن المهم فى العلاقات بين الأشقاء، أن يكون هناك تفهم لتلك الاعتبارات والشواغل، ولطبيعة الظروف التى تمر بها كل دولة، وتجنب القفز إلى استنتاجات غير دقيقة وفى غير صالح تحقيق الهدف النهائى المطلوب. وأوضح أن المرحلة المقبلة سوف تشهد انفراجة فى العديد من الموضوعات الثنائية العالقة، وهذا هو ما تم الاتفاق عليه بالفعل خلال اللقاءات الأخيرة مع وزير خارجية السودان. وحول ما إذا كانت مصر لديها إستراتيجية واضحة للتحرك أفريقياً، أجاب وزير الخارجية، قائلا: "بالطبع نحمل رؤية واضحة للتحرك فى أفريقيا، بل وأكثر من ذلك نعمل بشكل مستمر على تطوير هذه الرؤية للتواكب مع العديد من المتغيرات التى تشهدها القارة الإفريقية والعالم من حولها، إفريقيا كانت دوماً فى مقدمة أولويات السياسة الخارجية وإحدى الدوائر الحيوية الرئيسية لدور مصر الخارجى، ولقد أسهمت مصر خلال هذه العقود فى العديد من القضايا المهمة التى ارتبطت باستقلال ومصير الشعوب الإفريقية، وهو ما خلق رصيداً كبيراً لمصر لدى شعوب القارة لاسيما فى دعم حركات التحرر واستقلال الدول الأفريقية وإعانتها على بناء مؤسسات الدولة وامتلاك مقومات الاستقلال الاقتصادى والسياسى. ورداً على سؤال حول العلاقة بين مصر وجنوب السودان، وتقييم مصر للأزمة الحالية فى الجنوب، أوضح الوزير نبيل فهمى أن العلاقة مع جنوب السودان إستراتيجية، وترتبط بمصالح مشتركة وميراث تاريخى من العلاقات، وليس خفياً، أن جنوب السودان يمثل عمقاً إستراتيجياً لمصر، وأن استقرار أوضاعه وسلامه الاجتماعى يُعد جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، انطلاقاً من تلك الفرضية.